المبحث الأول ـ في زكاة الأنعام

قد قلنا إنَّ الأنعام التي تجب الزكاة فيها هي: الإبل بشتى أصنافها، والبقر، ومنه الجاموس، والغنم، ومنه الماعز. ولا فرق في الجميع بين الذكور والإناث. ولا بُدَّ فيها أن تكون أهلية مُستَأنَسة تعيش مع الإنسان، فلا تجب الزكاة في البقر أو الماعز الوحشي لو أمكن ملكها بالحيازة واجتمعت فيها الشروط قبل أن تصبح أهلية، ولا تجب فيما عدا ذلك من الحيوانات الأهلية، نعم هي مستحبة في إناث الخيل دون غيرها. ولا تجب الزكاة في الأنعام إلاَّ إذا توفرت فيها شروط خاصة، مضافاً للشروط العامة التي سبق ذكرها، وهي أمور:
الأول ـ النصاب:
النصاب مصطلح فقهي، ويُراد به بلوغ المال مقداراً معيناً في الأعيان الزكوية، فهو ـ منضماً إلـى شـروط أخـرى ـ يختلف مقـداره ما بين الأنعـام والغلات والنقدين، وهو في الأنعام تسعة عشر نصاباً موزعة على الأنعام الثلاث كما يلي:
1 ـ نصاب الإبل:
في الإبل اثنا عشر نصاباً، الأول: خمسة جمال وفيها شاة، ثُمَّ عشرة وفيها شاتان، ثُمَّ خمسة عشر وفيها ثلاث شياه، ثُمَّ عشرون وفيها أربع شياه، ثُمَّ خمسة وعشرون وفيها خمس شياه، ثُمَّ ستة وعشرون وفيها من الجمال ناقة تسمى «بنت مخاض»، وهي الداخلة في السنة الثانية، ثُمَّ ستة وثلاثون وفيها بنت لبون، وهي الداخلة في السنة الثالثة، ثُمَّ ستة وأربعون وفيها حقة، وهي الداخلة في السنة الرابعة. ثُمَّ واحد وستون وفيها جذعة، وهي الداخلة في السنة الخامسة، ثُمَّ ستة وسبعون وفيها بنتا لبون. ثُمَّ واحد وتسعون، وفيها حقتان، ثُمَّ مائة وواحد وعشرون فصاعداً بالغاً ما بلغ العدد، وفيها في كلّ خمسين حقة، وفي كلّ أربعين بنت لبون، فإن كان العدد مطابقاً للأربعين، بحيث إذا حسب بالأربعين لـم تكن زيادة ولا نقيصة، عمل على الأربعين كالمائة والستين، وإذا كان مطابقاً للخمسين بالمعنى المتقدّم عمل على الخمسين، كالمائة والخمسين، وإن كان مطابقاً لكلّ منهما، كالمائتين، تخيّر المالك بين العد بالأربعين والخمسين، وإن كان مطابقاً لهما معاً، كالمائتين والستين، عمل عليهما معاً، فيحسب خمسينين وأربع أربعينات، وعلى هذا لا عفو إلاَّ في ما دون العشرة.
مسألة 1034: يختص النصاب السادس من نُصُب الإبل، وهو: ما لو بلغ عدد الجمال ستاً وعشرين، بأنه إذا لـم يكن عنده بنت مخاض أجزأ عنها ابن لبون، وإذا لـم يكن عنده تخيّر في شراء أيهما شاء، أمّا غيره من الأنصبة، سواء كانت كلّها إناثاً أو كلّها ذكوراً أو كانت مختلفة ذكوراً وإناثاً، فإنَّ الواجب عليه دفع الأنثى بالنحو المحدّد لها من السن.
2 ـ نصاب البقر:
في البقر نصابان: الأول: ثلاثون، وفيها تبيع، ولا تجزى التبيعة على الأحوط، وهو ما دخل في السنة الثانية. الثاني: أربعون، وفيها مسنة، وهي الداخلة في السنة الثالثة. وفيما زاد على هذا الحساب، يتعيّن العد بالمطابق الذي لا عفو فيه، فإن طابق الثلاثين لا غير، كالستين عدّ بها، وإن طابق الأربعين لا غير، كالثمانين، عدّ بها، وإن طابقهما معاً، كالسبعين، عدّ بهما معاً، وإن طابق كلا منهما، كالمائة والعشرين، يتخيّر بين العدّ بالثلاثين أو الأربعين، وما بين الأربعين والستين عفو، وكذا يعفى عمّا دون الثلاثين، وعمّا زاد على النصاب من الآحاد إلى التسعة.
3 ـ نصاب الغنم:
في الغنم خمسة نصب: أربعون وفيها شاة، ثُمَّ مائة وإحدى وعشرون وفيها شاتان، ثُمَّ مائتان وواحدة وفيها ثلاث شياه، ثُمَّ ثلاثمائة وواحدة، وفيها: أربع شياه، ثُمَّ أربعمائة، ففي كلّ مائةٍ شاةٌ بالغاً ما بلغ، ولا شيء فيما نقص عن النصاب الأول ولا فيما بين نصابين.
مسألة 1035: يحسب من العدد في النصاب الذكور والإناث، والغنم والماعز تعدّ نوعاً واحداً ولها نصاب واحد، وكذلك البقر والجاموس، والإبل ذات السنام الواحد وذات السنامين، فإنَّ اختلاف الصنف للنوع الواحد لا يستلزم نصاباً خاصاً لكلّ صنف.
مسألة 1036: الشاة التي ذكرنا أنها تُدفع زكاة عن بعض أنصبة الإبل وعن جميع أنصبة الغنم يجزي فيها الذكر والأنثى، سواء كان النصاب كلّه ذكوراً أو إناثاً أو مختلفاً. كذلك يجزي فيها أن تكون من المعز أو من الغنم، سواء كان النصاب كلّه غنماً أو ماعزاً أو مختلفاً. أمّا سِنُّها فالواجب فيه أن تكون قد كمل لها سنة ودخلت في الثانية إن كانت من الغنم، وأن تكون قد كمل لها سنتان ودخلت في الثالثة إن كانت من المعز.
مسألة 1037: ما يدفع زكاة من الأنعام بشتى أنواعها يجب أن يكون شاباً غير هرم، وصحيحاً غير معيب، وسليماً غير مريض، في حال كان جميع النصاب شاباً صحيحاً سليماً، وكذلك إذا كان بعضه جيداً وبعضه رديئاً على الأحوط إن لـم يكن هو الأقوى. أمّا إذا كان كلّه رديئاً، هرماً أو معيباً أو مريضاً، فإنه يجوز الدفع منه، دون أن يُلزَم المكلّف بشراء الجيّد لدفعه زكاة.
مسألة 1038: ما يُدفع زكاة من الشياه وغيرها يجوز أن يكون من نفس الأنعام المزكاة ويجوز من غيرها مما هو من نفس البلد أو من بلد آخر. كذلك يجوز دفع القيمة بدلاً عن الحيوان بما يساوي قيمته من النقد المتداول من الذهب أو الفضة أو الأوراق النقدية أو المعدنية المستحدثة، وكذا لو كان البدل من غير النقد، كما لو دفع قيمة الشاة قمحاً أو قماشاً أو نحوهما. ودفع الحيوان أفضل وأحوط في جميع الحالات.
مسألة 1039: إذا رغب المكلّف في دفع القيمة بدل الحيوان زكاةً فإنَّ المعتبر هو قيمتُه حين دفع الزكاة لا حين وجوبها، وإذا اختلفت القيم باختلاف البلدان فإنَّ الاعتبار بقيمة الحيوان في البلد الذي سوف يدفع فيه لا في بلد النصاب ولا في غيرها، وإن كان الأحوط استحباباً دفع أعلى القيمتين ما بين بلد الدفع وبلد النصاب، فمن كانت ماشيته التي بلغت نصاباً ووجبت فيها الزكاة في «صور» مثلاً، وكانت قيمة الشاة فيها خمسين دولاراً، فأراد دفع الزكاة من شياه عنده في «بعلبك» وكانت قيمتها في بعلبك أربعين دولاراً، فإنه يصح حينئذ دفع القيمة في بعلبك بما يوافق القيمة فيها، وإن كان الأحوط دفعها خمسين بما يوافق بلد النصاب لأنها أعلى وأبرأ للذمة.
مسألة 1040: إذا كانت المواشي المملوكة لشخص واحد متفرقة في أكثر من بلد اعتُبِرتْ مالاً واحداً ولُوحظ النصاب في مجموعها.
مسألة 1041: إذا كان ما عنده من المواشي بمقدار النصاب، فإن كان يخرج الزكاة من غيرها، فإنه تجب عليه الزكاة في كلّ سنة ما لـم يَحدُثْ النقصان، أمّا إذا أخرج الزكاة من نفس النصاب فنقص، أو لـم يكن يدفع الزكاة أصلاً ومضى عليه عدّة سنين والنصاب موجود، فليس عليه إلاَّ زكاة سنة واحدة.
وأمّا إن كان العدد أزيد من النصاب، فإن كان يزكي فإنَّ عليه دفع الزكاة في كلّ سنة حتى تنقص عن الأربعين الذي هو النصاب الأول في الغنم، وإن لـم يكن يزكي فإنَّ عليه دفع زكاة ما مضى من السنين حتى ينقص عن النصاب كذلك.
الثاني ـ أن تكون غير معلوفة:
لا بُدَّ لوجوب الزكاة في الأنعام أن تكون سائمة تعتاش على نبات الأرض وتسرح لطلبه، من دون فرق بين رعيها في المراعي العامة أو في الأراضي المملوكة مما ينبت فيها من الحشيش، وذلك على مدار الحول؛ ولا يؤثر في ذلك علفها ما بين اليوم أو اليومين أو الثلاثة.
فإن علفت هذه المواشي، إمّا بشراء العلف لها، أو بزرعه لها في مراعٍ خاصة، أو بجلب الحشيش المباح لها من البرية مجزوزاً، لـم تجب فيها الزكاة، من دون فرق بين حالة الاضطرار أو الاختيار، ولا بين أن تكون من مال المالك أو من مال غيره، ولا بين ما يكون بإذنه أو من دون إذنه، فإنَّ مجرّد صيرورة هذه المواشي معلوفة، سواء كلّ النصاب أو بعضه، يرفع عنها وجوب الزكاة.
الثالث ـ أن تكون غير عوامل:
المشهور أنه لا بُدَّ في الأنعام أن تكون غير عاملة في مثل الفلاحة ونقل الأحمال أو الأشخاص، على مدار الحول، فإن عملت ولو مدة يسيرة خلال الحول ارتفع عنها وجوب الزكاة، ولكن لا يبعد أن يكون هذا الشرط غير معتبر بنفسه بل بلحاظ أنَّ الغالب في العوامل أن تكون معلوفة، فلو كانت سائمة وجب ـ على الأحوط ـ إخراج الزكاة منها حتى لو كانت عاملة.
الرابع ـ مضي الحول:
وذلك بأن يمر عليها سنة في ملك المالك جامعة لما سبق ذكره من الشروط العامة والخاصة، فإذا اختلت بعض هذه الشروط في بعض السنة سقط وجوب الزكاة فيها.
مسألة 1042: يكفي في صدق انتهاء الحول دخول أول أيام الشهر الثاني عشر، إذ به يستقر وجوب الزكاة على الأنعام التي اكتملت فيها الشروط العامة والخاصة إلى ذلك الحين، فلو فقد بعضها بعد الدخول في الشهر الثاني عشر لـم يرفع ذلك وجوب الزكاة.
أمّا بداية الحول الجديد فإنها لا تحسب إلاَّ بعد انقضاء آخر يوم من الشهر الثاني عشر وبداية أول يوم من الشهر التالي له.
مسألة 1043: من المعلوم أنَّ الماشية معرضة للزيادة أثناء الحول، وذلك إمّا بتناسلها أو بشراء ماشية جديدة أو بما أشبه ذلك، فكيف يتعاطى المالك مع هذه الزيادة من جهة احتساب الحول لها؟ وجواباً على ذلك نقول:
إنَّ الصور المحتملة لهذه الحالة أربع:
الأولى: أن تكون الزيادة بمقدار العفو الواقع بين نصابين، وذلك كما لو كان عنده أربعون شاة فاستجد عنده أربعون أخرى، فهنا لا شيء عليه في هذه الزيادة سوى ما كان واجباً على النصاب الأول.
الثانية: أن تكون الزيادة بمقدار نصاب مستقل جديد، كما لو كان عنده خمسة من الإبل، فاستجدت خمسة أخرى، فهنا يَحسِب لهذا المستجد حولاً خاصاً به من لحظة وجوده.
الثالثة: أن تكون الزيادة نصاباً مستقلاً ومكملاً للنصاب اللاحق، وذلك كما لو كان عنده عشرون من الإبل فولدت ستة، فالست وعشرون هي نصاب مستقل من جهة، ويكتمل بها النصاب الذي بعد العشرين، وهو الخمس والعشرون، من جهة أخرى، فلا بُدَّ من اعتبار حول خاص لهذا النصاب الجديد غير حول العشرين.
الرابعة: أن يكون مكملاً لنصاب آخر، وذلك كما لو كان عنده ثلاثون من البقر فزادت إحدى عشرة، حيث بها يكتمل النصاب الثاني وهو الأربعون وتزيد واحدة، فهنا ينتظر حتى ينتهي حول النصاب الأول، ثُمَّ يبدأ حول جديد لهما معاً.
هذا ولا إشكال في انطباق هذه الصور وأحكامها على ما لو كانت الزيادة ناتجة من تناسل الماشية، ولا يؤثر على لحوق نفس الأحكام بها كونها في فترة الرضاع التي تمنع من تحقّق شرط كونها سائمة ما دامت ليس لها قابلية الرعي، إذ إنه بمجرّد ولادته يلحق بأمه في عَدِّهِ من الأعيان الزكوية وملاحظة انطباق الشروط عليه، كما أنَّ الحول بالنسبة لهذه السِّخال المرتضعة يبدأ منذ تولدها بغض النظر عن كون إمهاتها سائمة أو معلوفة.
مسألة 1044: إذا تعلّقت الزكاة بالماشية فنقلها المكلّف عن ملكه بالبيع ونحوه قبل إخراج الزكاة منها، فإنَّ الزكاة تبقى واجبة على المالك الأول، ولم يجز للمالك الجديد التصرّف بمقدار الزكاة من تلك الماشية قبل إخراج الزكاة منها، فإن أخرجها المالك من مال آخر أو من عين المال وأرجع بدلها فبها، وإلاَّ أخرجها المالك الجديد ورجع على المالك الأول بمقدار الزكاة، وفي حال عدم إخراجهما لها فإنَّ للحاكم الشرعي أن يرجع على المالك الجديد فيرجع هو على المالك الأول.
مسألة 1045: بما أنَّ وجوب الزكاة مرهون بتوفر الشروط فإنَّ من السهل على المكلّف الإخلال بهذه الشروط والتهرّب من دفع الزكاة، وهو أمر جائز شرعاً وإن كان غير مستحسن من المؤمن الذي يرجو رحمة ربِّه تعالى ورضوانه، فإنَّ الحرص على الطاعة والإصرار عليها أفضل وأجدى من التهرّب منها، ولو في غير معصية، عند يقينه بالثواب العظيم المعدِّ له.
قد قلنا إنَّ الأنعام التي تجب الزكاة فيها هي: الإبل بشتى أصنافها، والبقر، ومنه الجاموس، والغنم، ومنه الماعز. ولا فرق في الجميع بين الذكور والإناث. ولا بُدَّ فيها أن تكون أهلية مُستَأنَسة تعيش مع الإنسان، فلا تجب الزكاة في البقر أو الماعز الوحشي لو أمكن ملكها بالحيازة واجتمعت فيها الشروط قبل أن تصبح أهلية، ولا تجب فيما عدا ذلك من الحيوانات الأهلية، نعم هي مستحبة في إناث الخيل دون غيرها. ولا تجب الزكاة في الأنعام إلاَّ إذا توفرت فيها شروط خاصة، مضافاً للشروط العامة التي سبق ذكرها، وهي أمور:
الأول ـ النصاب:
النصاب مصطلح فقهي، ويُراد به بلوغ المال مقداراً معيناً في الأعيان الزكوية، فهو ـ منضماً إلـى شـروط أخـرى ـ يختلف مقـداره ما بين الأنعـام والغلات والنقدين، وهو في الأنعام تسعة عشر نصاباً موزعة على الأنعام الثلاث كما يلي:
1 ـ نصاب الإبل:
في الإبل اثنا عشر نصاباً، الأول: خمسة جمال وفيها شاة، ثُمَّ عشرة وفيها شاتان، ثُمَّ خمسة عشر وفيها ثلاث شياه، ثُمَّ عشرون وفيها أربع شياه، ثُمَّ خمسة وعشرون وفيها خمس شياه، ثُمَّ ستة وعشرون وفيها من الجمال ناقة تسمى «بنت مخاض»، وهي الداخلة في السنة الثانية، ثُمَّ ستة وثلاثون وفيها بنت لبون، وهي الداخلة في السنة الثالثة، ثُمَّ ستة وأربعون وفيها حقة، وهي الداخلة في السنة الرابعة. ثُمَّ واحد وستون وفيها جذعة، وهي الداخلة في السنة الخامسة، ثُمَّ ستة وسبعون وفيها بنتا لبون. ثُمَّ واحد وتسعون، وفيها حقتان، ثُمَّ مائة وواحد وعشرون فصاعداً بالغاً ما بلغ العدد، وفيها في كلّ خمسين حقة، وفي كلّ أربعين بنت لبون، فإن كان العدد مطابقاً للأربعين، بحيث إذا حسب بالأربعين لـم تكن زيادة ولا نقيصة، عمل على الأربعين كالمائة والستين، وإذا كان مطابقاً للخمسين بالمعنى المتقدّم عمل على الخمسين، كالمائة والخمسين، وإن كان مطابقاً لكلّ منهما، كالمائتين، تخيّر المالك بين العد بالأربعين والخمسين، وإن كان مطابقاً لهما معاً، كالمائتين والستين، عمل عليهما معاً، فيحسب خمسينين وأربع أربعينات، وعلى هذا لا عفو إلاَّ في ما دون العشرة.
مسألة 1034: يختص النصاب السادس من نُصُب الإبل، وهو: ما لو بلغ عدد الجمال ستاً وعشرين، بأنه إذا لـم يكن عنده بنت مخاض أجزأ عنها ابن لبون، وإذا لـم يكن عنده تخيّر في شراء أيهما شاء، أمّا غيره من الأنصبة، سواء كانت كلّها إناثاً أو كلّها ذكوراً أو كانت مختلفة ذكوراً وإناثاً، فإنَّ الواجب عليه دفع الأنثى بالنحو المحدّد لها من السن.
2 ـ نصاب البقر:
في البقر نصابان: الأول: ثلاثون، وفيها تبيع، ولا تجزى التبيعة على الأحوط، وهو ما دخل في السنة الثانية. الثاني: أربعون، وفيها مسنة، وهي الداخلة في السنة الثالثة. وفيما زاد على هذا الحساب، يتعيّن العد بالمطابق الذي لا عفو فيه، فإن طابق الثلاثين لا غير، كالستين عدّ بها، وإن طابق الأربعين لا غير، كالثمانين، عدّ بها، وإن طابقهما معاً، كالسبعين، عدّ بهما معاً، وإن طابق كلا منهما، كالمائة والعشرين، يتخيّر بين العدّ بالثلاثين أو الأربعين، وما بين الأربعين والستين عفو، وكذا يعفى عمّا دون الثلاثين، وعمّا زاد على النصاب من الآحاد إلى التسعة.
3 ـ نصاب الغنم:
في الغنم خمسة نصب: أربعون وفيها شاة، ثُمَّ مائة وإحدى وعشرون وفيها شاتان، ثُمَّ مائتان وواحدة وفيها ثلاث شياه، ثُمَّ ثلاثمائة وواحدة، وفيها: أربع شياه، ثُمَّ أربعمائة، ففي كلّ مائةٍ شاةٌ بالغاً ما بلغ، ولا شيء فيما نقص عن النصاب الأول ولا فيما بين نصابين.
مسألة 1035: يحسب من العدد في النصاب الذكور والإناث، والغنم والماعز تعدّ نوعاً واحداً ولها نصاب واحد، وكذلك البقر والجاموس، والإبل ذات السنام الواحد وذات السنامين، فإنَّ اختلاف الصنف للنوع الواحد لا يستلزم نصاباً خاصاً لكلّ صنف.
مسألة 1036: الشاة التي ذكرنا أنها تُدفع زكاة عن بعض أنصبة الإبل وعن جميع أنصبة الغنم يجزي فيها الذكر والأنثى، سواء كان النصاب كلّه ذكوراً أو إناثاً أو مختلفاً. كذلك يجزي فيها أن تكون من المعز أو من الغنم، سواء كان النصاب كلّه غنماً أو ماعزاً أو مختلفاً. أمّا سِنُّها فالواجب فيه أن تكون قد كمل لها سنة ودخلت في الثانية إن كانت من الغنم، وأن تكون قد كمل لها سنتان ودخلت في الثالثة إن كانت من المعز.
مسألة 1037: ما يدفع زكاة من الأنعام بشتى أنواعها يجب أن يكون شاباً غير هرم، وصحيحاً غير معيب، وسليماً غير مريض، في حال كان جميع النصاب شاباً صحيحاً سليماً، وكذلك إذا كان بعضه جيداً وبعضه رديئاً على الأحوط إن لـم يكن هو الأقوى. أمّا إذا كان كلّه رديئاً، هرماً أو معيباً أو مريضاً، فإنه يجوز الدفع منه، دون أن يُلزَم المكلّف بشراء الجيّد لدفعه زكاة.
مسألة 1038: ما يُدفع زكاة من الشياه وغيرها يجوز أن يكون من نفس الأنعام المزكاة ويجوز من غيرها مما هو من نفس البلد أو من بلد آخر. كذلك يجوز دفع القيمة بدلاً عن الحيوان بما يساوي قيمته من النقد المتداول من الذهب أو الفضة أو الأوراق النقدية أو المعدنية المستحدثة، وكذا لو كان البدل من غير النقد، كما لو دفع قيمة الشاة قمحاً أو قماشاً أو نحوهما. ودفع الحيوان أفضل وأحوط في جميع الحالات.
مسألة 1039: إذا رغب المكلّف في دفع القيمة بدل الحيوان زكاةً فإنَّ المعتبر هو قيمتُه حين دفع الزكاة لا حين وجوبها، وإذا اختلفت القيم باختلاف البلدان فإنَّ الاعتبار بقيمة الحيوان في البلد الذي سوف يدفع فيه لا في بلد النصاب ولا في غيرها، وإن كان الأحوط استحباباً دفع أعلى القيمتين ما بين بلد الدفع وبلد النصاب، فمن كانت ماشيته التي بلغت نصاباً ووجبت فيها الزكاة في «صور» مثلاً، وكانت قيمة الشاة فيها خمسين دولاراً، فأراد دفع الزكاة من شياه عنده في «بعلبك» وكانت قيمتها في بعلبك أربعين دولاراً، فإنه يصح حينئذ دفع القيمة في بعلبك بما يوافق القيمة فيها، وإن كان الأحوط دفعها خمسين بما يوافق بلد النصاب لأنها أعلى وأبرأ للذمة.
مسألة 1040: إذا كانت المواشي المملوكة لشخص واحد متفرقة في أكثر من بلد اعتُبِرتْ مالاً واحداً ولُوحظ النصاب في مجموعها.
مسألة 1041: إذا كان ما عنده من المواشي بمقدار النصاب، فإن كان يخرج الزكاة من غيرها، فإنه تجب عليه الزكاة في كلّ سنة ما لـم يَحدُثْ النقصان، أمّا إذا أخرج الزكاة من نفس النصاب فنقص، أو لـم يكن يدفع الزكاة أصلاً ومضى عليه عدّة سنين والنصاب موجود، فليس عليه إلاَّ زكاة سنة واحدة.
وأمّا إن كان العدد أزيد من النصاب، فإن كان يزكي فإنَّ عليه دفع الزكاة في كلّ سنة حتى تنقص عن الأربعين الذي هو النصاب الأول في الغنم، وإن لـم يكن يزكي فإنَّ عليه دفع زكاة ما مضى من السنين حتى ينقص عن النصاب كذلك.
الثاني ـ أن تكون غير معلوفة:
لا بُدَّ لوجوب الزكاة في الأنعام أن تكون سائمة تعتاش على نبات الأرض وتسرح لطلبه، من دون فرق بين رعيها في المراعي العامة أو في الأراضي المملوكة مما ينبت فيها من الحشيش، وذلك على مدار الحول؛ ولا يؤثر في ذلك علفها ما بين اليوم أو اليومين أو الثلاثة.
فإن علفت هذه المواشي، إمّا بشراء العلف لها، أو بزرعه لها في مراعٍ خاصة، أو بجلب الحشيش المباح لها من البرية مجزوزاً، لـم تجب فيها الزكاة، من دون فرق بين حالة الاضطرار أو الاختيار، ولا بين أن تكون من مال المالك أو من مال غيره، ولا بين ما يكون بإذنه أو من دون إذنه، فإنَّ مجرّد صيرورة هذه المواشي معلوفة، سواء كلّ النصاب أو بعضه، يرفع عنها وجوب الزكاة.
الثالث ـ أن تكون غير عوامل:
المشهور أنه لا بُدَّ في الأنعام أن تكون غير عاملة في مثل الفلاحة ونقل الأحمال أو الأشخاص، على مدار الحول، فإن عملت ولو مدة يسيرة خلال الحول ارتفع عنها وجوب الزكاة، ولكن لا يبعد أن يكون هذا الشرط غير معتبر بنفسه بل بلحاظ أنَّ الغالب في العوامل أن تكون معلوفة، فلو كانت سائمة وجب ـ على الأحوط ـ إخراج الزكاة منها حتى لو كانت عاملة.
الرابع ـ مضي الحول:
وذلك بأن يمر عليها سنة في ملك المالك جامعة لما سبق ذكره من الشروط العامة والخاصة، فإذا اختلت بعض هذه الشروط في بعض السنة سقط وجوب الزكاة فيها.
مسألة 1042: يكفي في صدق انتهاء الحول دخول أول أيام الشهر الثاني عشر، إذ به يستقر وجوب الزكاة على الأنعام التي اكتملت فيها الشروط العامة والخاصة إلى ذلك الحين، فلو فقد بعضها بعد الدخول في الشهر الثاني عشر لـم يرفع ذلك وجوب الزكاة.
أمّا بداية الحول الجديد فإنها لا تحسب إلاَّ بعد انقضاء آخر يوم من الشهر الثاني عشر وبداية أول يوم من الشهر التالي له.
مسألة 1043: من المعلوم أنَّ الماشية معرضة للزيادة أثناء الحول، وذلك إمّا بتناسلها أو بشراء ماشية جديدة أو بما أشبه ذلك، فكيف يتعاطى المالك مع هذه الزيادة من جهة احتساب الحول لها؟ وجواباً على ذلك نقول:
إنَّ الصور المحتملة لهذه الحالة أربع:
الأولى: أن تكون الزيادة بمقدار العفو الواقع بين نصابين، وذلك كما لو كان عنده أربعون شاة فاستجد عنده أربعون أخرى، فهنا لا شيء عليه في هذه الزيادة سوى ما كان واجباً على النصاب الأول.
الثانية: أن تكون الزيادة بمقدار نصاب مستقل جديد، كما لو كان عنده خمسة من الإبل، فاستجدت خمسة أخرى، فهنا يَحسِب لهذا المستجد حولاً خاصاً به من لحظة وجوده.
الثالثة: أن تكون الزيادة نصاباً مستقلاً ومكملاً للنصاب اللاحق، وذلك كما لو كان عنده عشرون من الإبل فولدت ستة، فالست وعشرون هي نصاب مستقل من جهة، ويكتمل بها النصاب الذي بعد العشرين، وهو الخمس والعشرون، من جهة أخرى، فلا بُدَّ من اعتبار حول خاص لهذا النصاب الجديد غير حول العشرين.
الرابعة: أن يكون مكملاً لنصاب آخر، وذلك كما لو كان عنده ثلاثون من البقر فزادت إحدى عشرة، حيث بها يكتمل النصاب الثاني وهو الأربعون وتزيد واحدة، فهنا ينتظر حتى ينتهي حول النصاب الأول، ثُمَّ يبدأ حول جديد لهما معاً.
هذا ولا إشكال في انطباق هذه الصور وأحكامها على ما لو كانت الزيادة ناتجة من تناسل الماشية، ولا يؤثر على لحوق نفس الأحكام بها كونها في فترة الرضاع التي تمنع من تحقّق شرط كونها سائمة ما دامت ليس لها قابلية الرعي، إذ إنه بمجرّد ولادته يلحق بأمه في عَدِّهِ من الأعيان الزكوية وملاحظة انطباق الشروط عليه، كما أنَّ الحول بالنسبة لهذه السِّخال المرتضعة يبدأ منذ تولدها بغض النظر عن كون إمهاتها سائمة أو معلوفة.
مسألة 1044: إذا تعلّقت الزكاة بالماشية فنقلها المكلّف عن ملكه بالبيع ونحوه قبل إخراج الزكاة منها، فإنَّ الزكاة تبقى واجبة على المالك الأول، ولم يجز للمالك الجديد التصرّف بمقدار الزكاة من تلك الماشية قبل إخراج الزكاة منها، فإن أخرجها المالك من مال آخر أو من عين المال وأرجع بدلها فبها، وإلاَّ أخرجها المالك الجديد ورجع على المالك الأول بمقدار الزكاة، وفي حال عدم إخراجهما لها فإنَّ للحاكم الشرعي أن يرجع على المالك الجديد فيرجع هو على المالك الأول.
مسألة 1045: بما أنَّ وجوب الزكاة مرهون بتوفر الشروط فإنَّ من السهل على المكلّف الإخلال بهذه الشروط والتهرّب من دفع الزكاة، وهو أمر جائز شرعاً وإن كان غير مستحسن من المؤمن الذي يرجو رحمة ربِّه تعالى ورضوانه، فإنَّ الحرص على الطاعة والإصرار عليها أفضل وأجدى من التهرّب منها، ولو في غير معصية، عند يقينه بالثواب العظيم المعدِّ له.
ص
489
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية