لا تنفصل الصلاة في فضلها وصحتها عن المكان الذي تُؤدى فيه، وهو يشتمل على أحكام كثيرة نفصلها تحت العناوين التالية:
إباحة المكان:
وفيه مسائل:
مسألة 587: يشترط في صحة الصلاة أن يكون موضع سجود المصلي الذي يضع فيه مساجده السبعة مباحاً غير مغصوب، سواء في ذلك الفريضة أو النافلة، وإنما يلزم هذا الشرط عندما يباشر المصلي نفس الأرض المغصوبة، فلو كان يصلي على طاولة موضوعة فوق الأرض، أو كانت الأرض مبلطة ببلاط مباح لـم يضر ذلك بصحة الصلاة، وكذلك تبطل الصلاة فيما لو كانت الأرض مباحة ولكن كان البلاط أو الحصير الذي يصلي عليه مغصوباً، فإن لـم يباشر المغصوب حين سجوده، كأن كان يصلي من قيام مومياً للسجود لـم تشترط الإباحة في موضع وقوفه، وكذلك لا تشترط إباحة الفضاء الذي يصلي تحته، بل تجوز الصلاة تحت مثل الخيمة أو السقف المغصوبين.
مسألة 588: لا فرق في المغصوب بين مغصوب العين، كمثل الدار المملوكة للغير، وبين مغصوب المنفعة، كما في الدار المملوكة له المؤجرة للغير، ولا بين ما تعلّق به حقّ ينافيه مطلق التصرّف به، كما في الرهن ونحوه، كذلك فإنَّ المغصوب يشمل العين الموقوفة إذا تصرّف بها بما ينافي العنوان والحدود الموقوفة عليها، سواء في ذلك الوقف الخاص أو العام، كذلك فإنَّ الشريك وإن كان مالكاً لجزء من العين أو المنفعة غير أنه لا يجوز له الصلاة في المكان المشترك إلاَّ بإذن سائر الشركاء. ويلحق بذلك المال المجهول مالكه، كالأرض والدار، فإنه لا تجوز الصلاة فيه إلاَّ بإذن الحاكم الشرعي.
مسألة 589: يجب الاقتصار حين العمل بمقتضى الإذن على الحدود المرسومة له، فمن أُذن له بالصلاة في مكان أو غرفة من الدار، لا يجوز له الصلاة في غيرها، وهكذا.
مسألة 590: قد تستولي الدولة على ملك خاص وتحوله إلى منتزه أو ملعب، وقد تبني عليه مدرسة أو مؤسسة، فإذا أحرزنا إعراض المالكين عنه، بحيث لـم يعد ممكناً من خلال الوضع الجديد الطارئ عوده إلى المالك، لا سيما مع تعويض الدولة للمالك بمالٍ وقبوله به، خصوصاً إذا كان مساوياً للثمن الحقيقي أو أكثر منه، فإنه يجوز ـ حينئذ ـ التصرّف فيه بسائر التصرّفات، ومنها الصلاة. أمّا إذا لـم يحرز ذلك، أو علم عدم رضا المالكين بالوضع الجديد، فإنه لا يجوز التصرّف فيه إلاَّ بإذنهم، فإن لـم يكن المالك معروفاً جرى عليه حكم مجهول المالك، ومرجعه الحاكم الشرعي.
مسألة 591: المشاعات المعدودة حريماً للبلد إذا استولى عليها الأهالي بإذن الحاكم الشرعي يحكم بصحة صلاتهم فيها.
مسألة 592: من حبس مكاناً في المسجد لصلاته لـم يجز لغيره أخذه منه، فإن أخذه أثـم ولكن لا تبطل صلاته فيه.
مسألة 593: المكان المتنازع على ملكيته تجوز الصلاة فيه بإذن من هو تحت يده، إلاَّ أن يعلم أنه ليس هو المالك.
مسألة 594: لو كانت بعض أجزاء الدار مغصوبة، كالإسمنت الذي ثبتت به الأحجار، أو الأبواب أو نحوها، لـم يؤثر ذلك في صحة الصلاة إلاَّ أن يكون السجود عليه.
مسألة 595: يعرف رضا المالك بإذنه الصريح وسماحه لغيره بالصلاة في ملكه، غير أنه يمكن إحراز الرضا بأمور أخرى أقل صراحة ووضوحاً، منها إحرازه بالقرائن الدالة على الرضا التي تعرف من نوع العلاقة القائمة بينه وبين المالك، ومنها ما يصطلح على تسميته بـ (الفحوى)، وهي عبارة عن العلم برضا المالك بالتصرّف بالأقوى والأشدّ من أنواع التصرّفات، كالإذن بالنوم في داره والأكل والاستحمام، فيفهم منه الرضا بالأضعف والأقل أهمية، كالوضوء والصلاة. ومنها إحراز رضا المالك بالتوابع بعدما كان قد أذن بالأصل، كأن يأذن له بالتواجد في بيته فيعلم منه الإذن بالصلاة ونحوها من أعمال المتواجد التي لا بُدَّ من صدورها منه عادة.
مسألة 596: الأراضي المملوكة الشاسعة تجوز الصلاة فيها ولو لـم يعلم رضا المالك، بل حتى لو علم كراهته، أو كان صغيراً أو مجنوناً. أمّا غير الشاسعة فإن لـم يكن لها سور جازت الصلاة فيها مع عدم إحراز الرضا، والأحوط وجوباً التجنب عنها مع ظنّ الكراهة أو كون المالك صغيراً أو مجنوناً، وإن كان لها سور كمثل ما يوضع حولها من شريط أو حيطان لها باب مقفل أو نحوه، بحيث يعلم منه عدم رغبة المالك بدخولها لـم يجز تخطي ذلك السور والدخول إليها والصلاة فيها، وهذا بخلاف مالها سور من بعض الجهات أو كلّها، مع إبقاء منفذ مفتوح لها، بنحو يكون المراد من السور حفظ تراب الأرض أو رسم حدودها.
مسألة 597: إنما تبطل الصلاة بالمغصوب مع العلم بالغصبية والحرمة والتعمد لذلك، حتى مع جهله بفساد الصلاة. أمّا في صورة الجهل، بالغصب أو بالحرمة، فالصلاة صحيحة، وكذا تصح في حال النسيان إلاَّ أن يكون الناسي هو الغاصب فتبطل صلاته. وكذا تصح الصلاة في المكان المغصوب في حالات الضرورة، لبرد أو لحبس ونحوهما، بشرط استيعاب العذر لتمام الوقت، وإلاَّ وجب التأخير إلى حين ارتفاع العذر.
في أمور أخرى:
وفيه مسائل:
مسألة 598: الأقوى جواز صلاة المرأة إلى جانب الرّجل أو تقدّمها عليه، ولكن الأفضل ـ بل هو الأحوط استحباباً ـ الفصل بينهما بمقدار مسافة شبر أو ذراع أو عشرة أذرع، أو بفاصل مثل الجدار ونحوه، ولا فرق في ذلك بين المرأة الأجنبية وغيرها، كالزوجة أو المحارم.
مسألة 599: الظاهر جواز استدبار قبر المعصوم y في نفسه حين الصلاة، إلا أن يستلزم هتك حرمته، وهو أمر عرفي قد يختلف باختلاف البلدان والمجتمعات، وهو وإن حرم بعنوان الهتك لكنَّه لا يوجب بطلان الصلاة. وإذا جاز الاستدبار جازت المساواة بطريق الأولى وصحت الصلاة. أمّا الصلاة في جوف الكعبة فهي جائزة في الصلاة الواجبة أو المستحبة.
مسألة 600: الأظهر صحة الصلاة في المكان الذي يحرم التواجد فيه، إمّا لضرر على النفس أو الجسد، كشدّة الحر ونحوه، أو لتحقّق عنوان الهتك فيه، كالمكان الذي يلعب فيه القمار أو يشرب فيه الخمر، فالصلاة في مثله صحيحة وإن أثـم الفاعل بالمكث فيه لغير ضرورة أو حرج.
مسألة 601: لا تجوز الصلاة في مثل السفينة في حال سيرها أو وقوفها مع اضطرابها وتأرجحها بفعل اشتداد الموج إذا وصل إلى حدّ لا يتمكن معه من القيام أو الركوع أو السجود، أمّا إذا وصل إلى حدّ تفوت معه الطمأنينة فالحكم بالمنع من الصلاة فيها مبني على الاحتياط الذي لا ينبغي تركه، أمّا الارتجاج اليسير الذي لا يؤدي إلى ذلك فلا يمنع من صحة الصلاة فيها، سواء كانت سائرة أو واقفة، وكذا حكم الطائرة والسيارة ونحوهما. وهذا كلّه في حال الاختيار، أمّا في حال الاضطرار لعدم التمكّن من أداء الصلاة خارج السفينة أو السيارة أو نحوهما، ولو من أجل ضيق الوقت عن إدراكها خارجها، فلا مانع من الصلاة فيها مع مراعاة الاستقبال وأقل قدر من الاضطراب، وذلك كأن يدور المصلي لمراعاة الاستقبال كلّما انحرفت السفينة عن اتجاه القبلة، ونحو ذلك. نعم إذا فرض أنه دار أمر المسافر بين الصلاة في السفينة التي ينقصها الاستقرار والاستقبال معاً أو الاستقبال وحده، وبين التأخير حتى يتوقف فيدرك ركعة من الصلاة مع سائر الشروط وجب عليه في هاتين الحالتين اختيار التأخير، أمّا إذا كان ينقصها الاستقرار فقط فالواجب عليه هو الصلاة في السفينة.
مسألة 602: قد يحل وقت الفريضة على مسافر قبل موعد انطلاق السفينة مثلاً، والسفر يمتد إلى حين انتهاء الوقت، ففي هذه الحالة تجب المبادرة إلى الصلاة قبل ركوبه إن وسعها الوقت المتبقي للانطلاق إذا لـم يكن قادراً على الصلاة في السفينة باستقبال أو استقرار؛ والمسافر في مثل السيارة يلزمه أن يطلب توقفها ـ إذا أمكن ذلك ـ من أجل أداء الصلاة بشروطها.
مسألة 603: لا يشترط الاستقرار في مكان أداء النافلة، وقد سبق القول أنه يجوز الإتيان بها من جلوس في حال الاختيار، اللّهم إلاَّ أن يكون الاضطراب بحدّ لا يقدر معه على الجلوس فيعتبر فيها الاستقرار حينئذ.
في أحكام المساجد:
مسألة 604: تستحب الصلاة في المسجد، من دون فرق بين مساجد المسلمين وطوائفهم، وأفضل المساجد أربعة المسجد الحرام ومسجد النبيّ w والمسجد الأقصى ومسجد الكوفة، وأفضل الأربعة المسجد الأول ثُمَّ الثاني، وقد وردت روايات بفضل مساجد أخرى مذكورة في مظانها، كمسجد الخيف في منى، ومسجد قبا، ومسجد السهلة في الكوفة، وغيرها.
مسألة 605: لا فرق في استحباب الصلاة في المسجد بين الرجال والنساء، وأمّا ما ورد من استحباب صلاة المرأة في بيتها، فالظاهر أنَّ الملحوظ فيه جانب الستر، فقد جاء في الحديث عن الإمام الصادق y قال: «صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في الدار».
وأمّا كون الصلاة في البيت أفضل من الصلاة في المسجد فلم أجده إلاَّ بسند ضعيـف، وقـد يستفـاد من بعض الأحاديث الضعيفة، مثل الوارد عن النبيّ w أنه قال: «صلاة المرأة وحدها في بيتها كفضل صلاتها في الجمع خمساً وعشرين درجة»، قد يستفاد منه أن الله تعالى يعطيها ثواب ذلك رعاية لها وملاحظة للخصوصيات الناتجة عن ارتباطها الغالب بأمور البيت وشؤونه. ولو فرض ثبوت هذا الحديث وصحته، فإنَّ الذي نستقربه بضميمة أمور أخرى، أنَّ فضل الصلاة في البيت ليس مطلقاً، وذلك بملاحظة أنَّ صلاة المرأة في المسجد جماعة، أو للحصول على الحالة الروحية في مجالس الدعاء، أو للاستماع لأحاديث الوعظ والإرشاد، أو نحو ذلك مما لا يتسنى لها في بيتها تجعل صلاتها وحضورها في المسجد أفضل من الصلاة في البيت، لا سيما مع مراعاة الستر، بل قد يكون واجباً متعيناً عليها في بعض الحالات، إذ لا تخفى حاجة المرأة إلى هذه الأمور كحاجة الرّجل إليها، كما أنَّ كتب السيرة قد تحدّثت عن صلاة النساء جماعة مع الرسول w في المسجد.
مسألة 606: لا تجوز مخالفة التعليمات الصادرة من ولي المسجد الخاص، أو من الولي العام كالحاكم الشرعي، إذا كانت تتصل بتنظيم شؤون العبادة أو الوعظ أو الجلوس فيه، لأنه لا يحقّ للنّاس التصرّف بالأوقاف، ومنها المساجد، إلا برضا أوليائها، فإن ذلك هو مقتضى قانون الولاية عليها.
مسألة 607: لا يجوز الكلام أو رفع الصوت أو القيام بأي عمل يضر بالمصلين في عباداتهم أو دعائهم، بنحو يعطل تحقيق الغاية التي جرى عليها الوقف، لأنَّ المسجد أوقف للعبادة وذكر الله تعالى، لا للكلام اللاهي أو العابث، أمّا إذا لـم يضر بالمصلين فلا يحرم، ولكن لا ينبغي للمؤمنين ممارسة ذلك لأنه لا يتناسب مع الأجواء الروحية للمسجد.
مسألة 608: يستحب إعمار المساجد وإحياؤها بالتردّد إليها والتواجد فيها، وفي مقابل ذلك يكره تعطيل المساجد. وقد ورد في الحديث الشريف: «من مشى إلى مسجد من مساجد الله فله بكلّ خطوة خطاها حتى يرجع إلى منزله عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات». كما ورد: «لا صلاة لجار المسجد إلاَّ في المسجد»، كما ورد في الخبر: «ثلاثة يشكون إلى الله تعالى: مسجد خراب لا يصلى فيه، وعالم بين جهال، ومصحف معلّق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه».
مسألة 609: تستحب الصلاة في مشاهد الأئمة i، بل قيل إنها أفضل من المساجد، وقد روي أنَّ الصلاة عند عليّ y بمائتي ألف صلاة.
مسألة 610: يحرم تنجيس المساجد وبنائها وفراشها وسائر آلاتها التي تعدّ جزءً من البناء كالأبواب والشبابيك، بل يحرم إدخال النجاسة العينية غير المتعدية إليه إذا لزم من ذلك هتك حرمة المسجد، مثل وضع العذرة والميتة، ولا بأس به مع عدم الهتك، ولا سيما فيما لا يعتدّ به لكونه من توابع الداخل. مثل أن يدخل الإنسان وعلى ثوبه أو بدنه دم لجرح أو قرح أو نحو ذلك.
وإذا تنجس المسجد، بما في ذلك جدرانه وسقفه وأبوابه، وجب تطهيره وجوباً كفائياً على كلّ من علم بنجاسته، ولا يختص ذلك بمن سبب النجاسة وأحدثها وإن كان أكثر مسؤولية عن ذلك من غيره، وتجب المبادرة إلى التطهير مقدماً له على الصلاة مع سعة وقتها، ومع ضيق الوقت يصلي ثُمَّ يبادر إلى إزالة النجاسة وتطهير الموضع المتنجس.
أمّا مثل الحصير والسجاد المفروش فيه ونحوهما من الأثاث والآلات الموضوعة في المسجد فإنها، وإن حرم تنجسها، لا يجب تطهيرها إلاَّ إذا كان بقاؤها على النجاسة موجباً لعدم الانتفاع بها في الصلاة، أو استلزم تنجيس ثياب المصلين أو أبدانهم بنحو ينافي غرض الواقف ولا يرضى به، فيجب تطهيرها ـ حينئذ ـ بشرط عدم تضرر الحصير بالتطهير وفساده، فإن استلزم الفساد ففي جواز تطهيره أو قطع الموضع النجس منه إشكال، ولا يبعد أن يُراعَى في ذلك ما هو الأصلح للمسجد وآلاته، لاختلاف ذلك باختلاف الموارد والحالات، نعم إذا كان بقاؤه على النجاسة موجباً للهتك وجب رفعه بما هو الأقل ضرراً من الأمرين.
مسألة 611: إذا توقف تطهير المسجد على تخريب شيء منه وجب تطهيره إذا كان التخريب يسيراً لا يعتد به، وأمّا إذا كان التخريب مضراً بالوقف فالأقوى عدم جوازه حتى فيما إذا وجد باذل لتعميره، نعم إذا كان بقاؤه على النجاسة موجباً للهتك وجب التخريب بمقدار يرتفع به الهتك.
مسألة 612: إذا توقف تطهير المسجد على بذل مال يسير لا يضر بذله بحال المسبِّب ولا يكون حرجاً عليه وجب بذله، وإذا امتنع المسبِّب عن التطهير، فطهره غيره وبذل مالاً من أجل ذلك بإذن الحاكم الشرعي، جاز له أن يطالب المسبِّب بالتعويض عمّا أنفقه، كذلك فإنَّ من صار سبباً لتنجيس المسجد يكون ضامناً لنقصان قيمته بالتطهير إذا عدّ ذلك عيباً عرفاً.
مسألة 613: إذا توقف تطهير المسجد على تنجس بعض المواضع الطاهرة وجب إذا كان يطهر بعد ذلك.
مسألة 614: إذا لـم يتمكن الإنسان من تطهير المسجد، وكان بقاؤه على النجاسة مستلزماً للهتك وجب عليه إعلام غيره إذا احتمل حصول التطهير بإعلامه.
مسألة 615: لا يجوز تنجيس المسجد الذي صار خراباً وإن كان لا يصلي فيه أحد ما دام يصدق عليه عنوان (المسجد) عرفاً، ويجب تطهيره إذا تنجس.
مسألة 616: إذا علم إجمالاً بنجاسة أحد المسجدين، أو أحد المكانين من مسجد وجب تطهيرهما.
مسألة 617: إذا تغيّر عنوان المسجد بأن غصب وجعل طريقاً، أو دكاناً، أو نحو ذلك، فالأظهر عدم حرمة تنجيسه وعدم وجوب تطهيره، وإن كان الاحتياط لا ينبغي تركه. وأمّا معابد الكفّار فالأظهر عدم كونها محكومة بأحكام المساجد، نعم إذا اتخذت مسجداً، بأن يتملكها ولي الأمر ثُمَّ يجعلها مسجداً، فإنه يجري عليها جميع أحكام المسجد.
مسألة 618: يلحق بالمساجد المصحف الشريف، والمشاهد المشرفة، والضرائح المقدسة، والتربة الحسينية، بل تربة الرسول w وسائر الأئمة i المأخوذة للتبرك من نفس حرم القبر الشريف، لا من أرض المقام ولا من أرض البلد المدفون بها. فيحرم تنجيسها إذا كان يوجب إهانتها وهتك حرمتها، وتجب إزالة النجاسة عنها لإعادة الحرمة والاعتبار لها.
مسألة 619: قد ذكر العلماء كراهة الصلاة في الأماكن غير النظيفة، كزرائب الماشية ونحوها، وفي الطريق إذا لـم تؤثر على حركة المرور، فإن أضرت بالمارة حرمت الصلاة فيها؛ وأن يكون أمامه نار موقدة، أو تمثال ذو روح، أو مصحف مفتوح، أو أي كتاب غيره، والصلاة على القبر، وفي المقبرة، أو أمامه قبر إلا قبر المعصوم، أو بين قبرين، وفي هذين الأخيرين ترتفع الكراهة مع وجود الحائل أو البعد عشرة أذرع، وأن يكون أمامه إنسان مواجه له. وأمور غير ذلك مذكورة في كتب الحديث.
لا تنفصل الصلاة في فضلها وصحتها عن المكان الذي تُؤدى فيه، وهو يشتمل على أحكام كثيرة نفصلها تحت العناوين التالية:
إباحة المكان:
وفيه مسائل:
مسألة 587: يشترط في صحة الصلاة أن يكون موضع سجود المصلي الذي يضع فيه مساجده السبعة مباحاً غير مغصوب، سواء في ذلك الفريضة أو النافلة، وإنما يلزم هذا الشرط عندما يباشر المصلي نفس الأرض المغصوبة، فلو كان يصلي على طاولة موضوعة فوق الأرض، أو كانت الأرض مبلطة ببلاط مباح لـم يضر ذلك بصحة الصلاة، وكذلك تبطل الصلاة فيما لو كانت الأرض مباحة ولكن كان البلاط أو الحصير الذي يصلي عليه مغصوباً، فإن لـم يباشر المغصوب حين سجوده، كأن كان يصلي من قيام مومياً للسجود لـم تشترط الإباحة في موضع وقوفه، وكذلك لا تشترط إباحة الفضاء الذي يصلي تحته، بل تجوز الصلاة تحت مثل الخيمة أو السقف المغصوبين.
مسألة 588: لا فرق في المغصوب بين مغصوب العين، كمثل الدار المملوكة للغير، وبين مغصوب المنفعة، كما في الدار المملوكة له المؤجرة للغير، ولا بين ما تعلّق به حقّ ينافيه مطلق التصرّف به، كما في الرهن ونحوه، كذلك فإنَّ المغصوب يشمل العين الموقوفة إذا تصرّف بها بما ينافي العنوان والحدود الموقوفة عليها، سواء في ذلك الوقف الخاص أو العام، كذلك فإنَّ الشريك وإن كان مالكاً لجزء من العين أو المنفعة غير أنه لا يجوز له الصلاة في المكان المشترك إلاَّ بإذن سائر الشركاء. ويلحق بذلك المال المجهول مالكه، كالأرض والدار، فإنه لا تجوز الصلاة فيه إلاَّ بإذن الحاكم الشرعي.
مسألة 589: يجب الاقتصار حين العمل بمقتضى الإذن على الحدود المرسومة له، فمن أُذن له بالصلاة في مكان أو غرفة من الدار، لا يجوز له الصلاة في غيرها، وهكذا.
مسألة 590: قد تستولي الدولة على ملك خاص وتحوله إلى منتزه أو ملعب، وقد تبني عليه مدرسة أو مؤسسة، فإذا أحرزنا إعراض المالكين عنه، بحيث لـم يعد ممكناً من خلال الوضع الجديد الطارئ عوده إلى المالك، لا سيما مع تعويض الدولة للمالك بمالٍ وقبوله به، خصوصاً إذا كان مساوياً للثمن الحقيقي أو أكثر منه، فإنه يجوز ـ حينئذ ـ التصرّف فيه بسائر التصرّفات، ومنها الصلاة. أمّا إذا لـم يحرز ذلك، أو علم عدم رضا المالكين بالوضع الجديد، فإنه لا يجوز التصرّف فيه إلاَّ بإذنهم، فإن لـم يكن المالك معروفاً جرى عليه حكم مجهول المالك، ومرجعه الحاكم الشرعي.
مسألة 591: المشاعات المعدودة حريماً للبلد إذا استولى عليها الأهالي بإذن الحاكم الشرعي يحكم بصحة صلاتهم فيها.
مسألة 592: من حبس مكاناً في المسجد لصلاته لـم يجز لغيره أخذه منه، فإن أخذه أثـم ولكن لا تبطل صلاته فيه.
مسألة 593: المكان المتنازع على ملكيته تجوز الصلاة فيه بإذن من هو تحت يده، إلاَّ أن يعلم أنه ليس هو المالك.
مسألة 594: لو كانت بعض أجزاء الدار مغصوبة، كالإسمنت الذي ثبتت به الأحجار، أو الأبواب أو نحوها، لـم يؤثر ذلك في صحة الصلاة إلاَّ أن يكون السجود عليه.
مسألة 595: يعرف رضا المالك بإذنه الصريح وسماحه لغيره بالصلاة في ملكه، غير أنه يمكن إحراز الرضا بأمور أخرى أقل صراحة ووضوحاً، منها إحرازه بالقرائن الدالة على الرضا التي تعرف من نوع العلاقة القائمة بينه وبين المالك، ومنها ما يصطلح على تسميته بـ (الفحوى)، وهي عبارة عن العلم برضا المالك بالتصرّف بالأقوى والأشدّ من أنواع التصرّفات، كالإذن بالنوم في داره والأكل والاستحمام، فيفهم منه الرضا بالأضعف والأقل أهمية، كالوضوء والصلاة. ومنها إحراز رضا المالك بالتوابع بعدما كان قد أذن بالأصل، كأن يأذن له بالتواجد في بيته فيعلم منه الإذن بالصلاة ونحوها من أعمال المتواجد التي لا بُدَّ من صدورها منه عادة.
مسألة 596: الأراضي المملوكة الشاسعة تجوز الصلاة فيها ولو لـم يعلم رضا المالك، بل حتى لو علم كراهته، أو كان صغيراً أو مجنوناً. أمّا غير الشاسعة فإن لـم يكن لها سور جازت الصلاة فيها مع عدم إحراز الرضا، والأحوط وجوباً التجنب عنها مع ظنّ الكراهة أو كون المالك صغيراً أو مجنوناً، وإن كان لها سور كمثل ما يوضع حولها من شريط أو حيطان لها باب مقفل أو نحوه، بحيث يعلم منه عدم رغبة المالك بدخولها لـم يجز تخطي ذلك السور والدخول إليها والصلاة فيها، وهذا بخلاف مالها سور من بعض الجهات أو كلّها، مع إبقاء منفذ مفتوح لها، بنحو يكون المراد من السور حفظ تراب الأرض أو رسم حدودها.
مسألة 597: إنما تبطل الصلاة بالمغصوب مع العلم بالغصبية والحرمة والتعمد لذلك، حتى مع جهله بفساد الصلاة. أمّا في صورة الجهل، بالغصب أو بالحرمة، فالصلاة صحيحة، وكذا تصح في حال النسيان إلاَّ أن يكون الناسي هو الغاصب فتبطل صلاته. وكذا تصح الصلاة في المكان المغصوب في حالات الضرورة، لبرد أو لحبس ونحوهما، بشرط استيعاب العذر لتمام الوقت، وإلاَّ وجب التأخير إلى حين ارتفاع العذر.
في أمور أخرى:
وفيه مسائل:
مسألة 598: الأقوى جواز صلاة المرأة إلى جانب الرّجل أو تقدّمها عليه، ولكن الأفضل ـ بل هو الأحوط استحباباً ـ الفصل بينهما بمقدار مسافة شبر أو ذراع أو عشرة أذرع، أو بفاصل مثل الجدار ونحوه، ولا فرق في ذلك بين المرأة الأجنبية وغيرها، كالزوجة أو المحارم.
مسألة 599: الظاهر جواز استدبار قبر المعصوم y في نفسه حين الصلاة، إلا أن يستلزم هتك حرمته، وهو أمر عرفي قد يختلف باختلاف البلدان والمجتمعات، وهو وإن حرم بعنوان الهتك لكنَّه لا يوجب بطلان الصلاة. وإذا جاز الاستدبار جازت المساواة بطريق الأولى وصحت الصلاة. أمّا الصلاة في جوف الكعبة فهي جائزة في الصلاة الواجبة أو المستحبة.
مسألة 600: الأظهر صحة الصلاة في المكان الذي يحرم التواجد فيه، إمّا لضرر على النفس أو الجسد، كشدّة الحر ونحوه، أو لتحقّق عنوان الهتك فيه، كالمكان الذي يلعب فيه القمار أو يشرب فيه الخمر، فالصلاة في مثله صحيحة وإن أثـم الفاعل بالمكث فيه لغير ضرورة أو حرج.
مسألة 601: لا تجوز الصلاة في مثل السفينة في حال سيرها أو وقوفها مع اضطرابها وتأرجحها بفعل اشتداد الموج إذا وصل إلى حدّ لا يتمكن معه من القيام أو الركوع أو السجود، أمّا إذا وصل إلى حدّ تفوت معه الطمأنينة فالحكم بالمنع من الصلاة فيها مبني على الاحتياط الذي لا ينبغي تركه، أمّا الارتجاج اليسير الذي لا يؤدي إلى ذلك فلا يمنع من صحة الصلاة فيها، سواء كانت سائرة أو واقفة، وكذا حكم الطائرة والسيارة ونحوهما. وهذا كلّه في حال الاختيار، أمّا في حال الاضطرار لعدم التمكّن من أداء الصلاة خارج السفينة أو السيارة أو نحوهما، ولو من أجل ضيق الوقت عن إدراكها خارجها، فلا مانع من الصلاة فيها مع مراعاة الاستقبال وأقل قدر من الاضطراب، وذلك كأن يدور المصلي لمراعاة الاستقبال كلّما انحرفت السفينة عن اتجاه القبلة، ونحو ذلك. نعم إذا فرض أنه دار أمر المسافر بين الصلاة في السفينة التي ينقصها الاستقرار والاستقبال معاً أو الاستقبال وحده، وبين التأخير حتى يتوقف فيدرك ركعة من الصلاة مع سائر الشروط وجب عليه في هاتين الحالتين اختيار التأخير، أمّا إذا كان ينقصها الاستقرار فقط فالواجب عليه هو الصلاة في السفينة.
مسألة 602: قد يحل وقت الفريضة على مسافر قبل موعد انطلاق السفينة مثلاً، والسفر يمتد إلى حين انتهاء الوقت، ففي هذه الحالة تجب المبادرة إلى الصلاة قبل ركوبه إن وسعها الوقت المتبقي للانطلاق إذا لـم يكن قادراً على الصلاة في السفينة باستقبال أو استقرار؛ والمسافر في مثل السيارة يلزمه أن يطلب توقفها ـ إذا أمكن ذلك ـ من أجل أداء الصلاة بشروطها.
مسألة 603: لا يشترط الاستقرار في مكان أداء النافلة، وقد سبق القول أنه يجوز الإتيان بها من جلوس في حال الاختيار، اللّهم إلاَّ أن يكون الاضطراب بحدّ لا يقدر معه على الجلوس فيعتبر فيها الاستقرار حينئذ.
في أحكام المساجد:
مسألة 604: تستحب الصلاة في المسجد، من دون فرق بين مساجد المسلمين وطوائفهم، وأفضل المساجد أربعة المسجد الحرام ومسجد النبيّ w والمسجد الأقصى ومسجد الكوفة، وأفضل الأربعة المسجد الأول ثُمَّ الثاني، وقد وردت روايات بفضل مساجد أخرى مذكورة في مظانها، كمسجد الخيف في منى، ومسجد قبا، ومسجد السهلة في الكوفة، وغيرها.
مسألة 605: لا فرق في استحباب الصلاة في المسجد بين الرجال والنساء، وأمّا ما ورد من استحباب صلاة المرأة في بيتها، فالظاهر أنَّ الملحوظ فيه جانب الستر، فقد جاء في الحديث عن الإمام الصادق y قال: «صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في الدار».
وأمّا كون الصلاة في البيت أفضل من الصلاة في المسجد فلم أجده إلاَّ بسند ضعيـف، وقـد يستفـاد من بعض الأحاديث الضعيفة، مثل الوارد عن النبيّ w أنه قال: «صلاة المرأة وحدها في بيتها كفضل صلاتها في الجمع خمساً وعشرين درجة»، قد يستفاد منه أن الله تعالى يعطيها ثواب ذلك رعاية لها وملاحظة للخصوصيات الناتجة عن ارتباطها الغالب بأمور البيت وشؤونه. ولو فرض ثبوت هذا الحديث وصحته، فإنَّ الذي نستقربه بضميمة أمور أخرى، أنَّ فضل الصلاة في البيت ليس مطلقاً، وذلك بملاحظة أنَّ صلاة المرأة في المسجد جماعة، أو للحصول على الحالة الروحية في مجالس الدعاء، أو للاستماع لأحاديث الوعظ والإرشاد، أو نحو ذلك مما لا يتسنى لها في بيتها تجعل صلاتها وحضورها في المسجد أفضل من الصلاة في البيت، لا سيما مع مراعاة الستر، بل قد يكون واجباً متعيناً عليها في بعض الحالات، إذ لا تخفى حاجة المرأة إلى هذه الأمور كحاجة الرّجل إليها، كما أنَّ كتب السيرة قد تحدّثت عن صلاة النساء جماعة مع الرسول w في المسجد.
مسألة 606: لا تجوز مخالفة التعليمات الصادرة من ولي المسجد الخاص، أو من الولي العام كالحاكم الشرعي، إذا كانت تتصل بتنظيم شؤون العبادة أو الوعظ أو الجلوس فيه، لأنه لا يحقّ للنّاس التصرّف بالأوقاف، ومنها المساجد، إلا برضا أوليائها، فإن ذلك هو مقتضى قانون الولاية عليها.
مسألة 607: لا يجوز الكلام أو رفع الصوت أو القيام بأي عمل يضر بالمصلين في عباداتهم أو دعائهم، بنحو يعطل تحقيق الغاية التي جرى عليها الوقف، لأنَّ المسجد أوقف للعبادة وذكر الله تعالى، لا للكلام اللاهي أو العابث، أمّا إذا لـم يضر بالمصلين فلا يحرم، ولكن لا ينبغي للمؤمنين ممارسة ذلك لأنه لا يتناسب مع الأجواء الروحية للمسجد.
مسألة 608: يستحب إعمار المساجد وإحياؤها بالتردّد إليها والتواجد فيها، وفي مقابل ذلك يكره تعطيل المساجد. وقد ورد في الحديث الشريف: «من مشى إلى مسجد من مساجد الله فله بكلّ خطوة خطاها حتى يرجع إلى منزله عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات». كما ورد: «لا صلاة لجار المسجد إلاَّ في المسجد»، كما ورد في الخبر: «ثلاثة يشكون إلى الله تعالى: مسجد خراب لا يصلى فيه، وعالم بين جهال، ومصحف معلّق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه».
مسألة 609: تستحب الصلاة في مشاهد الأئمة i، بل قيل إنها أفضل من المساجد، وقد روي أنَّ الصلاة عند عليّ y بمائتي ألف صلاة.
مسألة 610: يحرم تنجيس المساجد وبنائها وفراشها وسائر آلاتها التي تعدّ جزءً من البناء كالأبواب والشبابيك، بل يحرم إدخال النجاسة العينية غير المتعدية إليه إذا لزم من ذلك هتك حرمة المسجد، مثل وضع العذرة والميتة، ولا بأس به مع عدم الهتك، ولا سيما فيما لا يعتدّ به لكونه من توابع الداخل. مثل أن يدخل الإنسان وعلى ثوبه أو بدنه دم لجرح أو قرح أو نحو ذلك.
وإذا تنجس المسجد، بما في ذلك جدرانه وسقفه وأبوابه، وجب تطهيره وجوباً كفائياً على كلّ من علم بنجاسته، ولا يختص ذلك بمن سبب النجاسة وأحدثها وإن كان أكثر مسؤولية عن ذلك من غيره، وتجب المبادرة إلى التطهير مقدماً له على الصلاة مع سعة وقتها، ومع ضيق الوقت يصلي ثُمَّ يبادر إلى إزالة النجاسة وتطهير الموضع المتنجس.
أمّا مثل الحصير والسجاد المفروش فيه ونحوهما من الأثاث والآلات الموضوعة في المسجد فإنها، وإن حرم تنجسها، لا يجب تطهيرها إلاَّ إذا كان بقاؤها على النجاسة موجباً لعدم الانتفاع بها في الصلاة، أو استلزم تنجيس ثياب المصلين أو أبدانهم بنحو ينافي غرض الواقف ولا يرضى به، فيجب تطهيرها ـ حينئذ ـ بشرط عدم تضرر الحصير بالتطهير وفساده، فإن استلزم الفساد ففي جواز تطهيره أو قطع الموضع النجس منه إشكال، ولا يبعد أن يُراعَى في ذلك ما هو الأصلح للمسجد وآلاته، لاختلاف ذلك باختلاف الموارد والحالات، نعم إذا كان بقاؤه على النجاسة موجباً للهتك وجب رفعه بما هو الأقل ضرراً من الأمرين.
مسألة 611: إذا توقف تطهير المسجد على تخريب شيء منه وجب تطهيره إذا كان التخريب يسيراً لا يعتد به، وأمّا إذا كان التخريب مضراً بالوقف فالأقوى عدم جوازه حتى فيما إذا وجد باذل لتعميره، نعم إذا كان بقاؤه على النجاسة موجباً للهتك وجب التخريب بمقدار يرتفع به الهتك.
مسألة 612: إذا توقف تطهير المسجد على بذل مال يسير لا يضر بذله بحال المسبِّب ولا يكون حرجاً عليه وجب بذله، وإذا امتنع المسبِّب عن التطهير، فطهره غيره وبذل مالاً من أجل ذلك بإذن الحاكم الشرعي، جاز له أن يطالب المسبِّب بالتعويض عمّا أنفقه، كذلك فإنَّ من صار سبباً لتنجيس المسجد يكون ضامناً لنقصان قيمته بالتطهير إذا عدّ ذلك عيباً عرفاً.
مسألة 613: إذا توقف تطهير المسجد على تنجس بعض المواضع الطاهرة وجب إذا كان يطهر بعد ذلك.
مسألة 614: إذا لـم يتمكن الإنسان من تطهير المسجد، وكان بقاؤه على النجاسة مستلزماً للهتك وجب عليه إعلام غيره إذا احتمل حصول التطهير بإعلامه.
مسألة 615: لا يجوز تنجيس المسجد الذي صار خراباً وإن كان لا يصلي فيه أحد ما دام يصدق عليه عنوان (المسجد) عرفاً، ويجب تطهيره إذا تنجس.
مسألة 616: إذا علم إجمالاً بنجاسة أحد المسجدين، أو أحد المكانين من مسجد وجب تطهيرهما.
مسألة 617: إذا تغيّر عنوان المسجد بأن غصب وجعل طريقاً، أو دكاناً، أو نحو ذلك، فالأظهر عدم حرمة تنجيسه وعدم وجوب تطهيره، وإن كان الاحتياط لا ينبغي تركه. وأمّا معابد الكفّار فالأظهر عدم كونها محكومة بأحكام المساجد، نعم إذا اتخذت مسجداً، بأن يتملكها ولي الأمر ثُمَّ يجعلها مسجداً، فإنه يجري عليها جميع أحكام المسجد.
مسألة 618: يلحق بالمساجد المصحف الشريف، والمشاهد المشرفة، والضرائح المقدسة، والتربة الحسينية، بل تربة الرسول w وسائر الأئمة i المأخوذة للتبرك من نفس حرم القبر الشريف، لا من أرض المقام ولا من أرض البلد المدفون بها. فيحرم تنجيسها إذا كان يوجب إهانتها وهتك حرمتها، وتجب إزالة النجاسة عنها لإعادة الحرمة والاعتبار لها.
مسألة 619: قد ذكر العلماء كراهة الصلاة في الأماكن غير النظيفة، كزرائب الماشية ونحوها، وفي الطريق إذا لـم تؤثر على حركة المرور، فإن أضرت بالمارة حرمت الصلاة فيها؛ وأن يكون أمامه نار موقدة، أو تمثال ذو روح، أو مصحف مفتوح، أو أي كتاب غيره، والصلاة على القبر، وفي المقبرة، أو أمامه قبر إلا قبر المعصوم، أو بين قبرين، وفي هذين الأخيرين ترتفع الكراهة مع وجود الحائل أو البعد عشرة أذرع، وأن يكون أمامه إنسان مواجه له. وأمور غير ذلك مذكورة في كتب الحديث.