وتفصيل أحكامه يقع في عناوين:
في من يجب تغسيله:
وفيه مسائل:
مسألة 436: يجب تغسيل كلّ ميت مسلم، ذكراً كان أو أنثى، صغيراً أو كبيراً، عاقلاً أو مجنوناً، أمّا السقط فإن تـمّ له أربعة أشهر غسل وكفن، وإلاَّ لف بخرقة ودفن من دون تغسيل.
مسألة 437: لا يجوز تغسيل الكافر ولا تكفينه، سواء في ذلك أصناف الكفار المتعددة، من الكتابي الذمي والحربي والوثني والمشرك والغلاة والنواصب والخوارج والمرتد الفطري أو الملي قبل التوبة.
مسألة 438: طفل الكافر يلحق به وطفل المسلم يلحق بالمسلم، وكذلك من جنّ في صغره واستمر به الجنون، فإنه إذا ولد من مسلم لحق به، وإن ولد من كافر لحق به، أمّا من عرض له الجنون في مرحلة التمييز قبيل البلوغ بعدما تفتح وعيه ونضجت مداركه، فإنه بعد البلوغ إذا وصف وبين بعض مفاهيم وعقائد وأحكام الإسلام وصفاً إجمالياً أُلحق بالمسلمين، وإن وصف الكفر أُلحق بالكافرين. وابن الزنا من المسلم مسلم ومن الكافر كافر. أمّا الطفل اللقيط في بلاد الكفار التي ليس فيها مسلمون فهو محكوم بالكفر، وإن كان فيها مسلمون يحتمل تولده منهم فهو مسلم، وكذا يحكم بإسلام لقيط دار الإسلام ولو كان فيها كفار.
في شروط المغسِّل:
تجب المماثلة بين الغاسل والميت في أمرين:
الأمر الأول: المماثلة في الذكورة والأنوثة، فلا يجوز تغسيل الذكر البالغ للأنثى البالغة ولا العكس، حتى لو لـم يستلزم النظر أو اللمس، ويستثنى من ذلك أمور:
1 ـ غير البالغ، فإنَّ الظاهر ـ في غير المحارم ـ جواز تغسيل الرجال للأطفال من الإناث غير البالغات ممن كان يجوز له النظر إليهن حال الحياة، وجواز تغسيل الإناث للذكور غير المميزين من الأطفال ممن كان يجوز لهن النظر إليهم في حال الحياة. ولا فرق في ذلك بين ما لو كان الطفل مجرّداً من ثيابه أو مع ثيابه، وبين ما لو استلزم النظر إلى العورة أو لـم يستلزم، ولكن الأحوط استحباباً الاقتصار في ذلك على ما لو كان الطفل في سن الثلاث.
2 ـ المحارم، فإنه لا تجب المماثلة بين المحارم، فيجوز للمرأة أن تغسل الرّجل من محارمها، كما يجوز للرّجل أن يغسل المرأة من محارمه، ولا فرق في المحارم بين من كان من جهة النسب، كالأم والأخ، أو كان من جهة السبب، كالمصاهرة والرضاع، مثل أب الزوج وأم الزوجة، ومثل الأم والأخ من الرضاع. وفي كلّ الحالات لا بُدَّ من ستر عورة الميت من المحارم، سواء لمن يماثله في الذكورة والأنوثة أو لمن لا يماثله، لأنه لا يجوز نظر المَحْرَم إلى عورة أحد من محارمه، حياً وميتاً، من الأقرباء أو الأصهار.
3 ـ الزوج والزوجة، فإنَّ الزوج أولى بزوجته في جميع الشؤون المتعلّقة بالميت، فيجوز له تغسيلها إذا ماتت وبالعكس، ولا يجب فيه ستر العورة.
مسألة 439: إذا اشتبه الميت فلم يعلم أذكر هو أو أنثى، فلا يبعد الرجوع إلى القرعة، والأحوط استحباباً أن يغسله كلّ من الذكر والأنثى من وراء الثياب، فإن كانت الثياب سميكة لا ينفذ منها الماء يرفع الثوب ويلقى من تحته الماء مع المحافظة على الستر، وإن كان رقيقاً ينفذ منه الماء بكثرة كفى إلقاء الماء على تلك الثياب من دون رفع.
مسألة 440: لا فرق في الزوجة بين المعقود عليها بالدائم أو بالمؤقت، والمطلقة بحكم الأجنبية إلاَّ الرجعية فإنها بحكم الزوجة خلال عدتها، فإن انقضت عدتها زالت الزوجية بينهما.
الأمر الثاني: تجب المماثلة بين الغاسل والميت في الإسلام، فلا يجوز ولا يصح أن يغسل المسلم إلاَّ مسلمٌ مثلُه، ولا يضر تغسيل المخالف للميت الإثني عشري حتى مع وجود المماثل.
مسألة 441: مع فقد المماثل في الدين يجوز للكافر الكتابي أن يغسل المسلم، ولا دليل على اعتبار النية، بمعنى قصد القربة، في فرض تغسيل الكافر، فيصح بدونها، كذلك فإنه لا يضر ذلك بطهارة بدن الميت المسلم بناءً لرأينا في طهارة الكافر.
مسألة 442: إذا فقد المماثل في الذكورة والأنوثة حتى من أهل الكتاب سقط الغسل، ولكن إذا أمكن تيميمه من دون لمس وجب ذلك.
مسألة 443: قد سبق القول أنه يشترط العقل في المغسل، وأمّا غير البالغ فإنه إن كان مميِّزاً صح غسله، وإلاَّ لـم يصح.
في كيفية الغسل:
لا بُدَّ من توفر الشروط التي سبق ذكرها في الوضوء والغسل، من طهارة الماء وإطلاقه وإباحته، وطهارة أعضاء الجسد من النجاسة الخبثية العارضة، وإزالة الحاجب، والترتيب، والتمكن من استعمال الماء، وغير ذلك، ما عدا شرط المباشرة فإنه ساقط في الميت بداهة، وكذا الموالاة فإنها غير واجبة فيه كغيره من الأغسال. هذا ولا بُدَّ فيه من نية التقرب إلى الله تعالى.
وهنا مسائل:
مسألة 444: يجب تغسيل الميت ثلاثة أغسال مرتباً بينها على النحو التالي:
الأول: بالماء المخلوط بفتات أوراق نبات السدر، وهو الشجر المعروف المذكور في القرآن الكريم.
الثاني: بالماء المخلوط بالكافور.
الثالث: بالماء الصرف القراح الذي لـم يختلط بشيء.
مسألة 445: لا يصح في غسل الميت رمس تمام الجسد في ماء السدر مثلاً أو غيره، بل لا بُدَّ فيه من الترتيب، وذلك بغسل الرأس والرقبة أولاً، ثُمَّ تمام الجانب الأيمن، ثُمَّ تمام الجانب الأيسر، والأحوط وجوباً في العورة غسلها مع كلّ جانب، وذلك خلافاً للكيفية التي ذكرناها في غسل الجنابة وغيرها، ولا ينافي الترتيب رمس كلّ عضو منه على حدة، ولو تعذر الترتيبي يغسل على نحو الارتماس ثُمَّ يضمّ إليه تيمم واحد بدلاً عن الأغسال الثلاثة، وإن كان الأحوط استحباباً تيميمه بدلاً عن كلّ غسل مرة.
مسألة 446: لا تجب إزالة النجاسة قبل مباشرة الغسل عن جسد الميت، بل تجوز الإزالة خلال الغسل، بصبة مستقلة أو بصبة الغسل نفسها، كما ذكر في أحكام التطهير، ولا ينافي صحة التطهير بصبة الغسل كون الماء مخلوطاً بالسدر ما دام الماء مطلقاً غير مضاف.
مسألة 447: يجب الالتفات عند خلط الماء بالسدر أو الكافور أن لا يصل في كثرته إلى حد يخرج به الماء عن الإطلاق، فيكفي أن يصدق عرفاً أن الماء مخلوط بالسدر أو بالكافور من دون ضرورة لتحديد مقدار معين لهما.
مسألة 448: إذا مات الحاجُّ أو المعتمرُ في حال الإحرام لـم يُجعل الكافور في ماء غسله الثاني، بل يستبدل بالماء القراح، إلا أن يكون موته بعد انتهائه من طواف الحج أو العمرة.
مسألة 449: إذا فقد السدر أو الكافور أو هما معاً غُسّل الميت بالماء القراح ناوياً به البدلية عن المتعذر، ففي فرض فقدانهما معاً يغسل الميت ثلاثة أغسال بالماء القراح، فينوي بالأول كونه بدلاً عن الغسل بماء السدر، وبالثاني كونه بدلاً عن الغسل بماء الكافور، ويغسله الغسل الثالث بنيته العادية، والأحوط استحباباً إضافة تيمم واحد عن الغسلين الأولين، وأحوط منه ضمّ تيممين، عن كلّ غسل تيمم.
مسألة 450: إذا مات الإنسان على جنابة أو حيض لـم يجب تخصيصه بالغسل من أحدهما، بل يغني غسل الميت عنهما.
مسألة 451: لا يشترط برد جسد الميت للمباشرة بغسله، بل تصح المباشرة بالغسل قبل برده.
مسألة 452: ينجس جسد الميت بالموت ولا يطهر إلاَّ بعد اكتمال الأغسال الثلاثة، ولو فرض أنه غسل من وراء الثياب، فإنَّ بقاء الثياب عليه وتنجسها ببدن الميت لا يضر بصحة الغسل، إذ الظاهر أنَّ اشتراط طهارة الأعضاء من غير هذه الناحية. فإذا تمت الأغسال طهرت هذه الثياب بالتبعية كما تطهر بها دكة التغسيل، وذلك بالشروط المعتبرة في التبعية وفي تطهير الثوب مما تقدّم في المطهرات.
مسألة 453: إذا خرج من الميت بول أو مني أثناء تغسيله أو بعده لـم تجب إعادة الغسل، بل يُكتفى بإزالة النجاسة وتطهير موضعها، وكذلك لو عرضت النجاسة على بدنه، كالدم ونحوه.
مسألة 454: إذا لـم يمكن تغسيل الميت لفقد الماء ونحوه وجب تيميم الميت مرة واحدة عن الأغسال الثلاثة، وإن كان الاحتياط بتيميمه ثلاث مرات بدلاً عن الأغسال الثلاثة مما لا ينبغي تركه، وتجب نية البدلية عن الغسل، ويكفي التيمم بيد الحي، وإن كان التيمم بيد الميت أحوط استحباباً.
وإذا أمكن الغسل بعد التيمم وقبل الدفن بطل التيمم ووجب الغسل، وإذا أمكن الغسل بعد الدفن لـم يجز نبش القبر وإخراج الجثة لتغسيلها، وما وقع صحيح ومجزٍ إلا أن تُخرَج الجثة لسبب من الأسباب فإن الأحوط وجوباً تغسيلها حينئذ، وإذا غسلت بعد إخراجها وجبت إعادة التحنيط والتكفين والصلاة عليها ثُمَّ دفنها. ويجري نفس الحكم في حال فقدان السدر أو الكافور أو فقدهما معاً وتغسيله بدونهما.
مسألة 455: لا بد من تأخير تغسيل الميت الجريح أو المصدوم حتى يتوقف نزف الدم من جراحه، فإذا لـم يمكن ذلك أجري الماء عليه بالطريقة التي يستوعب فيها المحل ولو لحظة لإبعاد الدم عن موضع النزف وصدق غسله اللازم، فإذا خرج الدم بعد ذلك لـم يضر في صحة الغسل، وإن لزم تطهير الموضع أو شده برباط لمنع تدفق الدم مرة ثانية.
مسألة 456: إذا تفسخ جسد الميت وأنتن وتحرج المسلمون من تغسيله.. بل من تيميمه أحياناً، لـم يسقط وجوب الغسل أو التيمم ما دام ممكناً، إلاَّ في الحرج الشديد الذي يشقّ تحمله على جميع المكلفين.
مسألة 457: تجري أحكام الجبيرة السابقة في غسل الميت كما في غيره من الأغسال، فيجب نزع الجبيرة ومعالجة الأمر بالنحو الممكن وتغسيله، وحيث لا يمكن نزع الجبيرة يجب تغسيله والمسح على الجبيرة، والأحوط وجوباً إضافة التيمم إليه، إلاَّ أن تكون الجبيرة في أعضاء التيمم فيُكتفى بالغسل.
مسألة 458: إذا دفن الميت بلا غسل، أو تبين بعد الدفن بطلان غسله وجب نبشه وتغسيله، ولو بعد مضي فترة طويلة وصيرورته عظاماً، إذا لـم يلزم منه هتك حرمته، وإلاَّ لـم يجز النبش، وحيث ينبش ويغسل فلا بُدَّ من تكفينه وتحنيطه والصلاة عليه مجدداً قبل دفنه.
مسألة 459: في الحوادث التي تسبب تشوهاً في الجثة بحيث لـم يعد ممكناً تمييز اليدين والوجه، فمع تعذر الغسل يسقط وجوب التيمم، لأنه لا موضوع له.
في آداب غسل الميت:
قد ذكر الفقهاء عدداً من الآداب التي تستحسن مراعاتها حين التغسيل، منها المستحب ومنها المكروه، فالمستحب منها أمور:
ـ أن يجعل على مكان عالٍ مثل الدكة أو السرير، وينبغي أن يكون موضع رأسه أعلى من موضع رجليه.
ـ أن يكون تحت الظلال، وأفضله السقف.
ـ أن يجرّد من ثيابه وتستر عورته حتى عمن يحل له النظر إليها.
ـ أن تُليَّن أصابعه ومفاصله برفق إذا كانت متيبسة، إلاَّ إذا تعسر ذلك.
ـ غَسل يدي الميت قبل الغُسل إلى نصف الذراع في كلّ غُسل ثلاث مرات.
ـ غَسل رأسه برغوة السدر، وكذلك غسل القبل والدبر بالسدر ثلاث مرات قبل التغسيل.
ـ أن يبدأ في كلّ غسل من الأغسال الثلاثة بالطرف الأيمن من رأسه.
ـ أن يقف الغاسل إلى جانبه الأيمن.
ـ غسل الغاسل يديه إلى المرفقين، بل إلى المنكبين، ثلاث مرات قبل كلّ غسل.
ـ أن يُمِرَّ بيده عند صب الماء على جسد الميت، ولا يكتفي بصب الماء إلا مع خوف تناثر اللحم.
ـ تنشيفه بعد الفراغ بثوب نظيف.
ـ أن يغسل كلّ عضو منه ثلاث مرات في كلّ غسل من الأغسال الثلاثة.
ـ أن يكون الغاسل مشغولاً بذكر الله تعالى واستغفاره عند التغسيل.
والمكروه منها أمور:
1 ـ إقعاده حال الغسل.
2 ـ جعل الغاسل إياه بين رجليه، وكذا التخطي من فوقه.
3 ـ حلق رأسه وعانته، وقص شاربيه، ونتف شعر إبطيه، وقص أظافره وتمشيط شعره، وتخليل ظفره.
4 ـ إرسال ماء غسالته إلى البالوعة أو بيت الخلاء، بل يستحب تخصيصها بمصرف خاص.
وتفصيل أحكامه يقع في عناوين:
في من يجب تغسيله:
وفيه مسائل:
مسألة 436: يجب تغسيل كلّ ميت مسلم، ذكراً كان أو أنثى، صغيراً أو كبيراً، عاقلاً أو مجنوناً، أمّا السقط فإن تـمّ له أربعة أشهر غسل وكفن، وإلاَّ لف بخرقة ودفن من دون تغسيل.
مسألة 437: لا يجوز تغسيل الكافر ولا تكفينه، سواء في ذلك أصناف الكفار المتعددة، من الكتابي الذمي والحربي والوثني والمشرك والغلاة والنواصب والخوارج والمرتد الفطري أو الملي قبل التوبة.
مسألة 438: طفل الكافر يلحق به وطفل المسلم يلحق بالمسلم، وكذلك من جنّ في صغره واستمر به الجنون، فإنه إذا ولد من مسلم لحق به، وإن ولد من كافر لحق به، أمّا من عرض له الجنون في مرحلة التمييز قبيل البلوغ بعدما تفتح وعيه ونضجت مداركه، فإنه بعد البلوغ إذا وصف وبين بعض مفاهيم وعقائد وأحكام الإسلام وصفاً إجمالياً أُلحق بالمسلمين، وإن وصف الكفر أُلحق بالكافرين. وابن الزنا من المسلم مسلم ومن الكافر كافر. أمّا الطفل اللقيط في بلاد الكفار التي ليس فيها مسلمون فهو محكوم بالكفر، وإن كان فيها مسلمون يحتمل تولده منهم فهو مسلم، وكذا يحكم بإسلام لقيط دار الإسلام ولو كان فيها كفار.
في شروط المغسِّل:
تجب المماثلة بين الغاسل والميت في أمرين:
الأمر الأول: المماثلة في الذكورة والأنوثة، فلا يجوز تغسيل الذكر البالغ للأنثى البالغة ولا العكس، حتى لو لـم يستلزم النظر أو اللمس، ويستثنى من ذلك أمور:
1 ـ غير البالغ، فإنَّ الظاهر ـ في غير المحارم ـ جواز تغسيل الرجال للأطفال من الإناث غير البالغات ممن كان يجوز له النظر إليهن حال الحياة، وجواز تغسيل الإناث للذكور غير المميزين من الأطفال ممن كان يجوز لهن النظر إليهم في حال الحياة. ولا فرق في ذلك بين ما لو كان الطفل مجرّداً من ثيابه أو مع ثيابه، وبين ما لو استلزم النظر إلى العورة أو لـم يستلزم، ولكن الأحوط استحباباً الاقتصار في ذلك على ما لو كان الطفل في سن الثلاث.
2 ـ المحارم، فإنه لا تجب المماثلة بين المحارم، فيجوز للمرأة أن تغسل الرّجل من محارمها، كما يجوز للرّجل أن يغسل المرأة من محارمه، ولا فرق في المحارم بين من كان من جهة النسب، كالأم والأخ، أو كان من جهة السبب، كالمصاهرة والرضاع، مثل أب الزوج وأم الزوجة، ومثل الأم والأخ من الرضاع. وفي كلّ الحالات لا بُدَّ من ستر عورة الميت من المحارم، سواء لمن يماثله في الذكورة والأنوثة أو لمن لا يماثله، لأنه لا يجوز نظر المَحْرَم إلى عورة أحد من محارمه، حياً وميتاً، من الأقرباء أو الأصهار.
3 ـ الزوج والزوجة، فإنَّ الزوج أولى بزوجته في جميع الشؤون المتعلّقة بالميت، فيجوز له تغسيلها إذا ماتت وبالعكس، ولا يجب فيه ستر العورة.
مسألة 439: إذا اشتبه الميت فلم يعلم أذكر هو أو أنثى، فلا يبعد الرجوع إلى القرعة، والأحوط استحباباً أن يغسله كلّ من الذكر والأنثى من وراء الثياب، فإن كانت الثياب سميكة لا ينفذ منها الماء يرفع الثوب ويلقى من تحته الماء مع المحافظة على الستر، وإن كان رقيقاً ينفذ منه الماء بكثرة كفى إلقاء الماء على تلك الثياب من دون رفع.
مسألة 440: لا فرق في الزوجة بين المعقود عليها بالدائم أو بالمؤقت، والمطلقة بحكم الأجنبية إلاَّ الرجعية فإنها بحكم الزوجة خلال عدتها، فإن انقضت عدتها زالت الزوجية بينهما.
الأمر الثاني: تجب المماثلة بين الغاسل والميت في الإسلام، فلا يجوز ولا يصح أن يغسل المسلم إلاَّ مسلمٌ مثلُه، ولا يضر تغسيل المخالف للميت الإثني عشري حتى مع وجود المماثل.
مسألة 441: مع فقد المماثل في الدين يجوز للكافر الكتابي أن يغسل المسلم، ولا دليل على اعتبار النية، بمعنى قصد القربة، في فرض تغسيل الكافر، فيصح بدونها، كذلك فإنه لا يضر ذلك بطهارة بدن الميت المسلم بناءً لرأينا في طهارة الكافر.
مسألة 442: إذا فقد المماثل في الذكورة والأنوثة حتى من أهل الكتاب سقط الغسل، ولكن إذا أمكن تيميمه من دون لمس وجب ذلك.
مسألة 443: قد سبق القول أنه يشترط العقل في المغسل، وأمّا غير البالغ فإنه إن كان مميِّزاً صح غسله، وإلاَّ لـم يصح.
في كيفية الغسل:
لا بُدَّ من توفر الشروط التي سبق ذكرها في الوضوء والغسل، من طهارة الماء وإطلاقه وإباحته، وطهارة أعضاء الجسد من النجاسة الخبثية العارضة، وإزالة الحاجب، والترتيب، والتمكن من استعمال الماء، وغير ذلك، ما عدا شرط المباشرة فإنه ساقط في الميت بداهة، وكذا الموالاة فإنها غير واجبة فيه كغيره من الأغسال. هذا ولا بُدَّ فيه من نية التقرب إلى الله تعالى.
وهنا مسائل:
مسألة 444: يجب تغسيل الميت ثلاثة أغسال مرتباً بينها على النحو التالي:
الأول: بالماء المخلوط بفتات أوراق نبات السدر، وهو الشجر المعروف المذكور في القرآن الكريم.
الثاني: بالماء المخلوط بالكافور.
الثالث: بالماء الصرف القراح الذي لـم يختلط بشيء.
مسألة 445: لا يصح في غسل الميت رمس تمام الجسد في ماء السدر مثلاً أو غيره، بل لا بُدَّ فيه من الترتيب، وذلك بغسل الرأس والرقبة أولاً، ثُمَّ تمام الجانب الأيمن، ثُمَّ تمام الجانب الأيسر، والأحوط وجوباً في العورة غسلها مع كلّ جانب، وذلك خلافاً للكيفية التي ذكرناها في غسل الجنابة وغيرها، ولا ينافي الترتيب رمس كلّ عضو منه على حدة، ولو تعذر الترتيبي يغسل على نحو الارتماس ثُمَّ يضمّ إليه تيمم واحد بدلاً عن الأغسال الثلاثة، وإن كان الأحوط استحباباً تيميمه بدلاً عن كلّ غسل مرة.
مسألة 446: لا تجب إزالة النجاسة قبل مباشرة الغسل عن جسد الميت، بل تجوز الإزالة خلال الغسل، بصبة مستقلة أو بصبة الغسل نفسها، كما ذكر في أحكام التطهير، ولا ينافي صحة التطهير بصبة الغسل كون الماء مخلوطاً بالسدر ما دام الماء مطلقاً غير مضاف.
مسألة 447: يجب الالتفات عند خلط الماء بالسدر أو الكافور أن لا يصل في كثرته إلى حد يخرج به الماء عن الإطلاق، فيكفي أن يصدق عرفاً أن الماء مخلوط بالسدر أو بالكافور من دون ضرورة لتحديد مقدار معين لهما.
مسألة 448: إذا مات الحاجُّ أو المعتمرُ في حال الإحرام لـم يُجعل الكافور في ماء غسله الثاني، بل يستبدل بالماء القراح، إلا أن يكون موته بعد انتهائه من طواف الحج أو العمرة.
مسألة 449: إذا فقد السدر أو الكافور أو هما معاً غُسّل الميت بالماء القراح ناوياً به البدلية عن المتعذر، ففي فرض فقدانهما معاً يغسل الميت ثلاثة أغسال بالماء القراح، فينوي بالأول كونه بدلاً عن الغسل بماء السدر، وبالثاني كونه بدلاً عن الغسل بماء الكافور، ويغسله الغسل الثالث بنيته العادية، والأحوط استحباباً إضافة تيمم واحد عن الغسلين الأولين، وأحوط منه ضمّ تيممين، عن كلّ غسل تيمم.
مسألة 450: إذا مات الإنسان على جنابة أو حيض لـم يجب تخصيصه بالغسل من أحدهما، بل يغني غسل الميت عنهما.
مسألة 451: لا يشترط برد جسد الميت للمباشرة بغسله، بل تصح المباشرة بالغسل قبل برده.
مسألة 452: ينجس جسد الميت بالموت ولا يطهر إلاَّ بعد اكتمال الأغسال الثلاثة، ولو فرض أنه غسل من وراء الثياب، فإنَّ بقاء الثياب عليه وتنجسها ببدن الميت لا يضر بصحة الغسل، إذ الظاهر أنَّ اشتراط طهارة الأعضاء من غير هذه الناحية. فإذا تمت الأغسال طهرت هذه الثياب بالتبعية كما تطهر بها دكة التغسيل، وذلك بالشروط المعتبرة في التبعية وفي تطهير الثوب مما تقدّم في المطهرات.
مسألة 453: إذا خرج من الميت بول أو مني أثناء تغسيله أو بعده لـم تجب إعادة الغسل، بل يُكتفى بإزالة النجاسة وتطهير موضعها، وكذلك لو عرضت النجاسة على بدنه، كالدم ونحوه.
مسألة 454: إذا لـم يمكن تغسيل الميت لفقد الماء ونحوه وجب تيميم الميت مرة واحدة عن الأغسال الثلاثة، وإن كان الاحتياط بتيميمه ثلاث مرات بدلاً عن الأغسال الثلاثة مما لا ينبغي تركه، وتجب نية البدلية عن الغسل، ويكفي التيمم بيد الحي، وإن كان التيمم بيد الميت أحوط استحباباً.
وإذا أمكن الغسل بعد التيمم وقبل الدفن بطل التيمم ووجب الغسل، وإذا أمكن الغسل بعد الدفن لـم يجز نبش القبر وإخراج الجثة لتغسيلها، وما وقع صحيح ومجزٍ إلا أن تُخرَج الجثة لسبب من الأسباب فإن الأحوط وجوباً تغسيلها حينئذ، وإذا غسلت بعد إخراجها وجبت إعادة التحنيط والتكفين والصلاة عليها ثُمَّ دفنها. ويجري نفس الحكم في حال فقدان السدر أو الكافور أو فقدهما معاً وتغسيله بدونهما.
مسألة 455: لا بد من تأخير تغسيل الميت الجريح أو المصدوم حتى يتوقف نزف الدم من جراحه، فإذا لـم يمكن ذلك أجري الماء عليه بالطريقة التي يستوعب فيها المحل ولو لحظة لإبعاد الدم عن موضع النزف وصدق غسله اللازم، فإذا خرج الدم بعد ذلك لـم يضر في صحة الغسل، وإن لزم تطهير الموضع أو شده برباط لمنع تدفق الدم مرة ثانية.
مسألة 456: إذا تفسخ جسد الميت وأنتن وتحرج المسلمون من تغسيله.. بل من تيميمه أحياناً، لـم يسقط وجوب الغسل أو التيمم ما دام ممكناً، إلاَّ في الحرج الشديد الذي يشقّ تحمله على جميع المكلفين.
مسألة 457: تجري أحكام الجبيرة السابقة في غسل الميت كما في غيره من الأغسال، فيجب نزع الجبيرة ومعالجة الأمر بالنحو الممكن وتغسيله، وحيث لا يمكن نزع الجبيرة يجب تغسيله والمسح على الجبيرة، والأحوط وجوباً إضافة التيمم إليه، إلاَّ أن تكون الجبيرة في أعضاء التيمم فيُكتفى بالغسل.
مسألة 458: إذا دفن الميت بلا غسل، أو تبين بعد الدفن بطلان غسله وجب نبشه وتغسيله، ولو بعد مضي فترة طويلة وصيرورته عظاماً، إذا لـم يلزم منه هتك حرمته، وإلاَّ لـم يجز النبش، وحيث ينبش ويغسل فلا بُدَّ من تكفينه وتحنيطه والصلاة عليه مجدداً قبل دفنه.
مسألة 459: في الحوادث التي تسبب تشوهاً في الجثة بحيث لـم يعد ممكناً تمييز اليدين والوجه، فمع تعذر الغسل يسقط وجوب التيمم، لأنه لا موضوع له.
في آداب غسل الميت:
قد ذكر الفقهاء عدداً من الآداب التي تستحسن مراعاتها حين التغسيل، منها المستحب ومنها المكروه، فالمستحب منها أمور:
ـ أن يجعل على مكان عالٍ مثل الدكة أو السرير، وينبغي أن يكون موضع رأسه أعلى من موضع رجليه.
ـ أن يكون تحت الظلال، وأفضله السقف.
ـ أن يجرّد من ثيابه وتستر عورته حتى عمن يحل له النظر إليها.
ـ أن تُليَّن أصابعه ومفاصله برفق إذا كانت متيبسة، إلاَّ إذا تعسر ذلك.
ـ غَسل يدي الميت قبل الغُسل إلى نصف الذراع في كلّ غُسل ثلاث مرات.
ـ غَسل رأسه برغوة السدر، وكذلك غسل القبل والدبر بالسدر ثلاث مرات قبل التغسيل.
ـ أن يبدأ في كلّ غسل من الأغسال الثلاثة بالطرف الأيمن من رأسه.
ـ أن يقف الغاسل إلى جانبه الأيمن.
ـ غسل الغاسل يديه إلى المرفقين، بل إلى المنكبين، ثلاث مرات قبل كلّ غسل.
ـ أن يُمِرَّ بيده عند صب الماء على جسد الميت، ولا يكتفي بصب الماء إلا مع خوف تناثر اللحم.
ـ تنشيفه بعد الفراغ بثوب نظيف.
ـ أن يغسل كلّ عضو منه ثلاث مرات في كلّ غسل من الأغسال الثلاثة.
ـ أن يكون الغاسل مشغولاً بذكر الله تعالى واستغفاره عند التغسيل.
والمكروه منها أمور:
1 ـ إقعاده حال الغسل.
2 ـ جعل الغاسل إياه بين رجليه، وكذا التخطي من فوقه.
3 ـ حلق رأسه وعانته، وقص شاربيه، ونتف شعر إبطيه، وقص أظافره وتمشيط شعره، وتخليل ظفره.
4 ـ إرسال ماء غسالته إلى البالوعة أو بيت الخلاء، بل يستحب تخصيصها بمصرف خاص.