الفصل الثاني: في العمرة المفردة
تقدّم أن العمرة المفردة واجبة على من كانت وظيفته الإفراد أو القران مرّة واحدة في العمر كالحجّ، وأمّا من كانت وظيفته التَّمتُّع فلا يجب عليه الإتيان بالعمرة المفردة حتى لو استطاع لها ولم يستطع لحجّ التَّمتُّع، وأمّا من أتى بحجّ التَّمتُّع فلا يجب عليه الإتيان بالعمرة المفردة جزماً. نعم، العمرة المفردة مستحبّة على كل حال.
هذا، وقد تكون العمرة المفردة واجبة لمن أراد دخول مكَّة، وقد تجب بالنذر أو باليمين أو بالعهد.
وهنا بعض من أحكام العمرة المفردة نذكره في مسائل:
م ـ 315: وجوب العمرة المفردة بالنسبة للقريب عند الاستطاعة لها فوري - على الأحوط وجوباً - كما مرّ في الحجّ، حتى لو لم يستطع للحجّ.
م ـ 316: يُستحبّ الإتيان بالعمرة المفردة في كلّ شهر من شهور العام، ولا يُعتبر الفصل بين عمرة وأخرى بثلاثين يوماً، وإن كان الأفضل أن لا يأتي بأكثر من عمرة واحدة في الشهر القمري الواحد، وذلك في خصوص ما إذا كان يريد الإتيان بالعمرتين عن نفسه أو أن يأتي بهما عن شخص آخر، وأمّا إذا كانت إحدى العمرتين عن نفسه والأخرى عن غيره، أو كانت إحداهما عن شخص والأخرى عن آخر، فلا إشكال في جواز الإتيان بعمرتين في الشهر الواحد.
م ـ 317: أفضلية عدم الإتيان بعمرتين في شهر قمري واحد لا تعتبر فيما إذا كانت إحدى العمرتين مفردة والأخرى عمرة التَّمتُّع، فمن اعتمر عمرة مفردة جاز له الإتيان بعمرة التَّمتُّع بعدها، ولو كانت في نفس الشهر، وكذلك الحال فيمن انتهى من حجّ التَّمتُّع فيجوز له الإتيان بعمرة مفردة حتى لو أحرم لعمرة التَّمتُّع في ذي الحجّة وأراد الإتيان بالمفردة في ذلك الشهر.
م ـ 318: لا يجوز - على الأحوط وجوباً - الإتيان بالعمرة المفردة بين عمرة التَّمتُّع وحجّه.
م ـ 319: مكان الإحرام للعمرة المفردة يكون على الشكل التالي:
أ - أن يكون في مكَّة، كأن يكون قد انتهى من الحجّ وأراد الإتيان بعمرة مفردة أو كان في مكَّة لا للحجّ، فإنّه يُحرم من أحد مواقيت أدنى الحلّ، كالجعرانة والحديبية والتنعيم.
ب - أن يكون خارج مكَّة، ولم يكن طريقه على أحد المواقيت التي مرّت في عمرة التَّمتُّع، كذي الحليفة والجحفة وغيرهما، فإنّه يمكنه الإحرام من أدنى الحلّ كذلك.
ت - أن يكون خارج مكَّة وكان طريقه يمرّ بأحد المواقيت التي مرّت لعمرة التَّمتُّع، فإنّه يحرم للعمرة المفردة من الميقات الذي يكون طريقه عليه، فإن عصى ولم يحرم منها أمكنه أن يحرم من أدنى الحلّ ويصحّ منه وإن كان آثماً.
م ـ 320: قدّ تقدّم في أحكام الحرم أنّه لا يجوز أن يدخل أحد مكَّة إلا محرماً، فإذا كان إحرامه للحجّ في وقته، كأن أحرم لعمرة التَّمتُّع أو لحجّ الإفراد أو القران فلا مشكلة، ولكنه إذا أراد الدخول في غير أشهر الحجّ - أو لغير الحجّ - فإنّه لا بد أن يحرم لعمرة مفردة.
هذا، وقد ذكرنا سابقاً أنّه لا يجب الإحرام لدخول مكَّة من صنفين من الناس:
أ - من يتكرّر دخوله وخروجه، بحسب ما تفرضه عليه طبيعة عمله، كساعي البريد أو المسؤول عن تأمين البضائع من خارج منطقة الحرم إلى داخلها أو بالعكس.
ب - من يريد دخول مكَّة من خارج الحرم في الشهر الذي خرج فيه، سواء كان من أهلها، فلم يكن خروجه مسبوقاً بإحرام، أو كان من غير أهلها وأراد دخولها في الشهر الذي أحلّ فيه من إحرامٍ سابقٍ بعد قضاء نُسُكه، كمن أحرم في رجب مثلاً للعمرة المفردة فإنّه يجوز له الخروج والدخول بلا إحرام بعد إحلاله من عمرته طوال شهر رجب، حتى إذا أراد الدخول في شعبان - بعد أن يكون قد خرج في رجب - لزمه عمرة مفردة، وهكذا. وكذلك إذا أحلّ من إحرامه للحجّ في شهر ذي الحجّة، فإنّه يجوز له الدخول والخروج طوال ذلك الشهر من دون إحرام.
م ـ 321: من استقرّ الحجّ في ذمّته من أعوام سابقة ولم يحجّ جاز له أن يعتمر عمرة مفردة في غير أشهر الحجّ، إلا إذا أوجب ذلك عدم قدرته على أداء حجّه الواجب، فلا يجوز حينئذٍ. هذا بالنسبة لمن كان فرضه التَّمتُّع، وأمّا من كان فرضه الإفراد فإنّه يجب عليه الإتيان بالعمرة المفردة كواجب مستقل حين الاستطاعة إليها، فإذا أدّاها كان له حكم ما تقدّم في المسألة.
م ـ 322: إذا كان لدى المكلّف مال، ولم يكن الحجّ مستقرّاً في ذمّته، وأراد الإتيان بعمرة مفردة جاز له ذلك إلّا إذا أدّى صرف المال في العمرة إلى عدم قدرته على الحجّ في حينه، ولو كان اعتماره المذكور في غير أشهر الحجّ.
م ـ 323: المكلّف الذي حجّ حجّة الإسلام وأفرغ ذمّته منها - أو الذي لم يكن مستطيعاً للحج -، إذا أراد الدخول في أشهر الحجّ لا يتحتّم عليه الحجّ، بل يمكنه أن يدخل مكَّة بعمرة مفردة فقط. نعم، إذا بدا له الحجّ بعد الإتيان بالعمرة المفردة ـ حال وجوده في مكَّة ـ جاز له ذلك حتى لو أراد حجّ التَّمتُّع، فيقلب عمرته ويصح منه.
م ـ 324: تشترك العمرة المفردة مع عمرة التَّمتُّع في أعمالها وشروطها - في غير ما تقدّم -، وتفترق عنها في أمور:
أ - أن طواف النساء جزء واجب من العمرة المفردة على الأحوط وجوباً، وليس كذلك في عمرة التَّمتُّع. نعم، الأفضل الإتيان به برجاء المطلوبية في عمرة التَّمتُّع.
ب - أن عمرة التَّمتُّع لا تقع إلا في أشهر الحجّ، وهي شوال وذو القعدة وذو الحجّة، وتصح العمرة المفردة في جميع الشهور، وأفضلها شهر رجب.
ت - ينحصر الإحلال من الإحرام في عمرة التَّمتُّع بالتقصير، وأمّا في العمرة المفردة فالإحلال من إحرامها - للرجال - كما يكون بالتقصير يكون بالحلق كذلك، بل هو أفضل من التقصير. وأمّا النساء فيتعيّن عليهن التقصير مطلقاً.
ث - يجب أن تقع عمرة التَّمتُّع والحجّ في سنة واحدة، وليس الأمر كذلك في العمرة المفردة، كما تقدّم في الفصل الأول من هذا الباب.
ج - أن من جامع في العمرة المفردة عالماً عامداً قبل الفراغ من السعي فسدت عمرته بلا إشكال، وأمّا من جامع امرأته في عمرة التَّمتُّع لم تفسد، وإن كان الأفضل إعادتها قبل الحجّ مع الإمكان، وإلا أعادها في العام القابل مع الحجّ.
الفصل الثاني: في العمرة المفردة
تقدّم أن العمرة المفردة واجبة على من كانت وظيفته الإفراد أو القران مرّة واحدة في العمر كالحجّ، وأمّا من كانت وظيفته التَّمتُّع فلا يجب عليه الإتيان بالعمرة المفردة حتى لو استطاع لها ولم يستطع لحجّ التَّمتُّع، وأمّا من أتى بحجّ التَّمتُّع فلا يجب عليه الإتيان بالعمرة المفردة جزماً. نعم، العمرة المفردة مستحبّة على كل حال.
هذا، وقد تكون العمرة المفردة واجبة لمن أراد دخول مكَّة، وقد تجب بالنذر أو باليمين أو بالعهد.
وهنا بعض من أحكام العمرة المفردة نذكره في مسائل:
م ـ 315: وجوب العمرة المفردة بالنسبة للقريب عند الاستطاعة لها فوري - على الأحوط وجوباً - كما مرّ في الحجّ، حتى لو لم يستطع للحجّ.
م ـ 316: يُستحبّ الإتيان بالعمرة المفردة في كلّ شهر من شهور العام، ولا يُعتبر الفصل بين عمرة وأخرى بثلاثين يوماً، وإن كان الأفضل أن لا يأتي بأكثر من عمرة واحدة في الشهر القمري الواحد، وذلك في خصوص ما إذا كان يريد الإتيان بالعمرتين عن نفسه أو أن يأتي بهما عن شخص آخر، وأمّا إذا كانت إحدى العمرتين عن نفسه والأخرى عن غيره، أو كانت إحداهما عن شخص والأخرى عن آخر، فلا إشكال في جواز الإتيان بعمرتين في الشهر الواحد.
م ـ 317: أفضلية عدم الإتيان بعمرتين في شهر قمري واحد لا تعتبر فيما إذا كانت إحدى العمرتين مفردة والأخرى عمرة التَّمتُّع، فمن اعتمر عمرة مفردة جاز له الإتيان بعمرة التَّمتُّع بعدها، ولو كانت في نفس الشهر، وكذلك الحال فيمن انتهى من حجّ التَّمتُّع فيجوز له الإتيان بعمرة مفردة حتى لو أحرم لعمرة التَّمتُّع في ذي الحجّة وأراد الإتيان بالمفردة في ذلك الشهر.
م ـ 318: لا يجوز - على الأحوط وجوباً - الإتيان بالعمرة المفردة بين عمرة التَّمتُّع وحجّه.
م ـ 319: مكان الإحرام للعمرة المفردة يكون على الشكل التالي:
أ - أن يكون في مكَّة، كأن يكون قد انتهى من الحجّ وأراد الإتيان بعمرة مفردة أو كان في مكَّة لا للحجّ، فإنّه يُحرم من أحد مواقيت أدنى الحلّ، كالجعرانة والحديبية والتنعيم.
ب - أن يكون خارج مكَّة، ولم يكن طريقه على أحد المواقيت التي مرّت في عمرة التَّمتُّع، كذي الحليفة والجحفة وغيرهما، فإنّه يمكنه الإحرام من أدنى الحلّ كذلك.
ت - أن يكون خارج مكَّة وكان طريقه يمرّ بأحد المواقيت التي مرّت لعمرة التَّمتُّع، فإنّه يحرم للعمرة المفردة من الميقات الذي يكون طريقه عليه، فإن عصى ولم يحرم منها أمكنه أن يحرم من أدنى الحلّ ويصحّ منه وإن كان آثماً.
م ـ 320: قدّ تقدّم في أحكام الحرم أنّه لا يجوز أن يدخل أحد مكَّة إلا محرماً، فإذا كان إحرامه للحجّ في وقته، كأن أحرم لعمرة التَّمتُّع أو لحجّ الإفراد أو القران فلا مشكلة، ولكنه إذا أراد الدخول في غير أشهر الحجّ - أو لغير الحجّ - فإنّه لا بد أن يحرم لعمرة مفردة.
هذا، وقد ذكرنا سابقاً أنّه لا يجب الإحرام لدخول مكَّة من صنفين من الناس:
أ - من يتكرّر دخوله وخروجه، بحسب ما تفرضه عليه طبيعة عمله، كساعي البريد أو المسؤول عن تأمين البضائع من خارج منطقة الحرم إلى داخلها أو بالعكس.
ب - من يريد دخول مكَّة من خارج الحرم في الشهر الذي خرج فيه، سواء كان من أهلها، فلم يكن خروجه مسبوقاً بإحرام، أو كان من غير أهلها وأراد دخولها في الشهر الذي أحلّ فيه من إحرامٍ سابقٍ بعد قضاء نُسُكه، كمن أحرم في رجب مثلاً للعمرة المفردة فإنّه يجوز له الخروج والدخول بلا إحرام بعد إحلاله من عمرته طوال شهر رجب، حتى إذا أراد الدخول في شعبان - بعد أن يكون قد خرج في رجب - لزمه عمرة مفردة، وهكذا. وكذلك إذا أحلّ من إحرامه للحجّ في شهر ذي الحجّة، فإنّه يجوز له الدخول والخروج طوال ذلك الشهر من دون إحرام.
م ـ 321: من استقرّ الحجّ في ذمّته من أعوام سابقة ولم يحجّ جاز له أن يعتمر عمرة مفردة في غير أشهر الحجّ، إلا إذا أوجب ذلك عدم قدرته على أداء حجّه الواجب، فلا يجوز حينئذٍ. هذا بالنسبة لمن كان فرضه التَّمتُّع، وأمّا من كان فرضه الإفراد فإنّه يجب عليه الإتيان بالعمرة المفردة كواجب مستقل حين الاستطاعة إليها، فإذا أدّاها كان له حكم ما تقدّم في المسألة.
م ـ 322: إذا كان لدى المكلّف مال، ولم يكن الحجّ مستقرّاً في ذمّته، وأراد الإتيان بعمرة مفردة جاز له ذلك إلّا إذا أدّى صرف المال في العمرة إلى عدم قدرته على الحجّ في حينه، ولو كان اعتماره المذكور في غير أشهر الحجّ.
م ـ 323: المكلّف الذي حجّ حجّة الإسلام وأفرغ ذمّته منها - أو الذي لم يكن مستطيعاً للحج -، إذا أراد الدخول في أشهر الحجّ لا يتحتّم عليه الحجّ، بل يمكنه أن يدخل مكَّة بعمرة مفردة فقط. نعم، إذا بدا له الحجّ بعد الإتيان بالعمرة المفردة ـ حال وجوده في مكَّة ـ جاز له ذلك حتى لو أراد حجّ التَّمتُّع، فيقلب عمرته ويصح منه.
م ـ 324: تشترك العمرة المفردة مع عمرة التَّمتُّع في أعمالها وشروطها - في غير ما تقدّم -، وتفترق عنها في أمور:
أ - أن طواف النساء جزء واجب من العمرة المفردة على الأحوط وجوباً، وليس كذلك في عمرة التَّمتُّع. نعم، الأفضل الإتيان به برجاء المطلوبية في عمرة التَّمتُّع.
ب - أن عمرة التَّمتُّع لا تقع إلا في أشهر الحجّ، وهي شوال وذو القعدة وذو الحجّة، وتصح العمرة المفردة في جميع الشهور، وأفضلها شهر رجب.
ت - ينحصر الإحلال من الإحرام في عمرة التَّمتُّع بالتقصير، وأمّا في العمرة المفردة فالإحلال من إحرامها - للرجال - كما يكون بالتقصير يكون بالحلق كذلك، بل هو أفضل من التقصير. وأمّا النساء فيتعيّن عليهن التقصير مطلقاً.
ث - يجب أن تقع عمرة التَّمتُّع والحجّ في سنة واحدة، وليس الأمر كذلك في العمرة المفردة، كما تقدّم في الفصل الأول من هذا الباب.
ج - أن من جامع في العمرة المفردة عالماً عامداً قبل الفراغ من السعي فسدت عمرته بلا إشكال، وأمّا من جامع امرأته في عمرة التَّمتُّع لم تفسد، وإن كان الأفضل إعادتها قبل الحجّ مع الإمكان، وإلا أعادها في العام القابل مع الحجّ.