المبحث الثالث ـ في المطهرات:

المبحث الثالث ـ في المطهرات:
ويُراد بها الأمور التي يترتب على حدوثها طهارة ما عرضت عليه النجاسة الخبثية، مثل اليد المتنجسة بالبول التي يطهرها الماء، أو طهارة ما كان بنفسه من الأعيان النجسة، مثل الكلب الذي يطهر بالتحول إلى تراب مثلاً:
وهي أمور عديدة نبحثها كما يلي:
 الأول ـ الماء:
وهو أهم المطهرات وأسهلها استعمالاً وأفضلها في إزالة النجاسة وأشملها استيعاباً لشتى المتنجسات، وأحكامه كثيرة، إذ يتعلّق بعضها بأحكام الماء نفسه بغض النظر عن التطهير به وعدمه، وبعضها يتعلّق بكيفية التطهير به، لذا فإنَّ تفصيل الأحكام المتعلّقة به يقع في فرعين:
الفرع الأول ـ في أنواع المياه وأحكامها:
ونريد بالماء كلّ جسم سائل، فيشمل الماء بمعناه الكيميائي المصطلح غير المضاف إليه شيء آخر أبداً، وهو الذي يصطلح عليه الفقهاء بـ «الماء المطلق»، كما يشمل الماء المضاف إليه عنصراً آخر، كالملح أو السكر أو الشاي أو نحوها، كما يشمل كلّ سائل يختلف في حقيقته عن الماء، مثل ماء الورد وماء الرمان والنفط ونحوهما، وجميع ذلك يصطلح عليه بـ «الماء المضاف».
ولما كان لكلّ من الماء المطلق والماء المضاف أنواع وأحكام فإنَّ الكلام فيهما يقع تحت هذين العنوانين:
 الأول ـ الماء المطلق:
قد سبق القول أنَّ الماء المطلق هو الماء الصرف النقي غير المختلط بعنصر آخر، وذلك مثل ماء الأنهار والينابيع، ولا ينافي إطلاق الماء عليه اختلاطه بالرواسب والأكدار التي تسبب بياضاً أو احمراراً أو خضرة في لون الماء، إلاَّ إذا كانت من الكثافة بحدّ صار الماء طيناً ووحلاً أو صار مشبعاً بعصارة الحشيش بنحو يخرج عن الإطلاق إلى الإضافة، كذلك فإنَّ ماء البحر يعتبر من الماء المطلق رغم ملوحته ومهما كانت نسبة الملوحة.
والماء المطلق ـ من حيث كميته ـ يكون كثيراً تارة وقليلاً أخرى، فالماء القليل: هو الماء المنقطع عن المنبع أو المجرى أو مساقط المطر والبالغ في وزنه أقل من ثلاثمائـة وسبعة وسبعين كيلو غراماً، وهو مقدار ما اصطلح على تسميته بـ «الكر»، فكلّ ماء كان كذلك وكان دون الكر يكون ماءً قليلا.
وحكم الماء القليل أنه طاهر في نفسه مطهر لغيره، ويتنجس بمجرّد ملاقاته لعين النجاسة أو للمتنجس بها مهما كان مقدارها ضئيلاً، وذلك بالشروط الموجبة للانفعال والتنجس التي سبق ذكرها في كيفية التنجس.
أمّا الماء الكثير: فيُراد به ـ اصطلاحاً ـ أنواع ثلاثة: ماء المطر، والماء الجاري، والراكد البالغ كراً فصاعداً، وتشترك هذه الأنواع الثلاثة في وصف «الاعتصام»، ويُراد به أنه لا يتأثر ولا ينفعل بمجرّد الملاقاة للأعيان النجسة أو المتنجسة ما لـم يتغير بلون النجاسة أو طعمها أو رائحتها، مضافاً لكونه طاهراً في نفسه مطهراً لغيره.
وتفصيل حكم كلّ نوع من أنواع الماء الكثير هو على النحو التالي:
الأول ـ ماء المطر: والمراد به الماء المعروف المتساقط من السّماء، من دون فرق بين المطر الغزير أو الرذاذ الذي يصدق عليه المطر، ولا يشترط في التطهير به وقوعه مباشرة على الشيء المتنجس، بل إنَّ ماء المطر يصدق على الماء المجتمع المتصل بماء المطر المتساقط وإن كان قليلاً دون الكر، وعلى الماء الجاري من الميزاب أو المنحدر من أوراق الشجر حال تساقط ماء المطر على السطح أو الشجر، نعم الماء المتقاطر من شقوق السقف لا يطهر المتنجس الذي تقع عليه هذه القطرات ولا يلحقه حكم ماء المطر.
مسألة 94: يتميّز التطهير بماء المطر بسقوط العصر فيما يجب عصره، كالثياب، وبسقوط التعدّد عمّا يجب التعدّد فيه من الأواني والثياب ونحوها، نعم لا يسقط عن الإناء المتنجس بولوغ الكلب لزوم تعفيره بالتراب.
مسألة 95: يكفي في تحقّق الطهارة بماء المطر جريانُه على الأرض ووصوله إلى الأماكن المتنجسة المسقوف فوقها، كما في شوارع الأزقة أو الأسواق المسقوفة ما دام هذا الماء الجاري القليل متصلاً بالمطر في الخارج.
مسألة 96: ماء المطر الواقع على عين النجاسة، كالغائط أو الدم، إذا جرى إلى الأماكن الطاهرة لا ينجسها ما لـم يكن مصحوباً بأجزاء من النجاسة، وكذلك الحكم لو تقاطر الماء من سقف عليه النجاسة، مع اشتراط استمرار تساقط المطر في الحالتين.
الثاني ـ الماء الجاري: وهو ـ في الغالب ـ الماء النابع من باطن الأرض المندفع منه إلى مسارب فوق الأرض أو تحتها، سواء كان اندفاعه بفوران وقوّة أو كان بنحو الرشح والسيحان، وسواء كان جارياً كماء الأنهار أو راكداً مثل الآبار والعيون التي لا تنقص بالأخذ منها، ولا يشترط في الكمية الخارجة الظاهرة أن تكون كثيرة فوق الكر، بل يكفي في اعتصام الماء كونه نابعاً من أصل ولو كانت الكمية المستخدمة المجتمعة على وجه الأرض قليلة، نعم إذا كان بنحو التقاطر من فوق على الماء القليل المجتمع منه لا يتحقّق به الاعتصام ويبقى الماء على حكم الماء القليل.
ومن الماء الجاري الماء المجتمع من الثلوج أو الأمطار من دون أن يكون له مادة ينبع أو يترشح منها، فيفيض ويجري عن مكانه إلى أماكن أخرى، غير أنه لا بد في اعتصامه من كونه كراً فصاعداً.
مسألة 97: قد نعلم بأنَّ هذا الماء المترشح من باطن الأرض لا يترشح عن مادة، بل إنه عروق تجمعت من ماء المطر أو غيره وتظهر إذا حفرت، فلا يلحقه حكم الماء الجاري، كما أنه لا يكون معتصماً ما لـم يعلم بكونه مقدار كر فصاعداً.
مسألة 98: العيون والأنهار الصغيرة التي تجف في بعض الفصول يلحقها حكم الجاري في زمان نبعها.
مسألة 99: إذا شك في أنَّ هذا الماء القليل له مادة أو لا لـم يحكم عليه بالاعتصام ويتنجس بالملاقاة.
مسألة 100: الماء الراكد، في مثل البرك والأحواض، إذا اتصل بالماء الجاري من خلال الأنابيب أو السواقي أو نحوهما يلحقه حكم الجاري ما دام متصلاً بالماء الجاري.
مسألة 101: يتميّز الماء الجاري بأنه لا يتنجس بالملاقاة لعين النجاسة أو المتنجس بها إلاَّ إذا تغيّر بلون النجاسة أو طعمها أو رائحتها، مضافاً لكونه طاهراً في نفسه ومطهراً لغيره.
مسألة 102: إذا تنجس جانب من الماء الجاري فتغيّر بالنجاسة اختصت النجاسة بالماء المتغيّر دون ما يجاوره مما بقي على نقائه إذا ظلّ متصلاً من أحد الجانبين بالمادة، فلو فرض أنَّ النجاسة غيّرت الماء على تمام عرض المجرى فإنه في هذه الحالة يحكم بطهارة الماء الواقع لجهة النبع لأنه متصل بالمادة ولا يحكم بطهارة القسم الواقع لجهة المصب إذا كان الباقي دون الكر.
الثالث: الماء الراكد البالغ كراً فصاعداً، وذلك مثل ماء البرك والأحواض وآبار الجمع ونحوها، ويُراد به الماء الذي ليس له مادة ينبع أو يجري منها، وهو طاهر في نفسه مطهر لغيره، ولا ينفعل بوقوع النجاسة أو المتنجس فيه إلاَّ إذا تغيّر لونه أو طعمه أو رائحته، ولا فرق فيما بلغ الكر بين ما كان مجتمعاً في موضع واحد وبين ما كان متفرقاً في عدّة أوانٍ أو أحواض متصلة ببعضها مع تساوي سطوحها، فلو اختلفت سطوحها، بأن كان بعض الكر في برميل أعلى في موقعه من البرميل الآخر، فإنَّ نزول الماء من الأعلى في الأسفل يجعل الأسفل بحكم الكر دون الأعلى.
مسألة 103:مقدار الكر بالوزن ثلاثمائة وسبعة وسبعون كيلو غراما، فإن نقص الكر ولو بمقدار يسير عن هذا الوزن لـم يعتبر كراً، ومقداره بالمساحة ما ملأ سبعة وعشرين شبراً مكعباً، أي ثلاثة أشبار طولاً، ومثلها عرضاً، ومثلها عمقاً، فإن اختلف وزن ما في هذه المساحة عن الوزن المذكور كان المعتمد هو الوزن المذكور لا المساحة.
والشبر اسم للمساحة التي تقع ما بين رأس الإصبع الصغرى المسماة بـ «الخنصر» وما بين رأس الإبهام من كف الإنسان المعتدل الكف عند أقصى تفريجٍ لأصابعه عن بعضها.
مسألة 104: لا يتنجس الكر إلاَّ عند تغيره المباشر بلون النجاسة أو طعمها أو رائحتها، فلو تغير طعم ماء الكر بمجاورة النجاسة، كما لو أنتن الماء لمجاورته للميتة، لـم يتنجس في هذه الحالة. كذلك لا يتنجس لو تغير بلون المتنجس، وذلك بمثل الثوب الأحمر الذي يتحلل صباغُه في الماء عند تطهيره من الدم القليل الذي عليه، فإنَّ اصطباغ الماء بالحمرة من الثوب المتنجس لا تجعل الماء الكري نجساً، غير أنه يصير بذلك ماءً مضافاً ويزول اعتصامه حينئذ.
مسألة 105: إذا وقعت في الكر نجاسة توجب تغيره كالدم مثلاً، ولكن منع من ظهور ذلك التغيّر اصطباغ الماء بحمرة الوحل إذ لولاه لظهر لون الدم في الماء، فالحكم هو نجاسة الماء، أمّا إذا منع من ظهور التغيّر كون النجاسة بدون لون أو رائحة، أو منع من نتونة الماء بالجيفة كون الجوّ بارداً بحيث لو كان حاراً لتغيّر، ففي هاتين الحالتين يبقى الماء على طهارته.
مسألة 106: لا يشترط في تنجس الكر بتغيّر لونه بلون النجاسة مساواة لون الماء للون عين النجاسة، فيكفي في مثل الدم الواقع في ماء الكر تغيّره إلى لون الصفرة ليحكم على الكر بالنجاسة، وكذا الأمر في الطعم والرائحة، فيكفي تغيرهما بسبب وقوع النجاسة ولو لـم يكونا من نفس طعم ورائحة النجاسة.
مسألة 107: ماء الكر الموجود في خزان، لو فرض تجمد بعضه فصار ثلجاً لـم يحكم على الماء الباقي بالاعتصام ما دام دون الكر، بل حكمه حكم الماء القليل.
مسألة 108: إذا علم كون الماء كراً ثُمَّ شك في بقائه كذلك يحكم عليه بالكرية، ولو علم كونه غير كرٍ فشك في صيرورته كراً بعد ذلك لـم يحكم عليه بالكرية.
مسألة 109: الماء المجهول حالته السابقة إذا شك في كونه كراً محكوم بعدم الكرية وبعدم طهارة المتنجس الذي يوضع فيه، ولكنه ـ في الوقت نفسه ـ لا يَنجُس بمجرّد ملاقاة النجس أو المتنجس.
مسألة 110: يكفي في تطهير الماء القليل المتنجس مجرّد اتصاله بماء الكر، ولا ضرورة لاستمرار الاتصال به فترة حتى يحصل الامتزاج بين الماء القليل وبين الماء الواصل إليه من ماء الكر، وكذا عند تطهيره بالماء الجاري والنابع وماء المطر، نعم إذا كان القليل متغيراً بالنجاسة فلا بُدَّ من استمرار الاتصال حتى يزول التغيّر وينقى الماء ليطهر.
مسألة 111: الماء الجاري أو النابع إذا تغير ولو بعضه بالنجاسة ثُمَّ زال تغيّره من نفسه حكم عليه بالطهارة، وكذلك الحكم في الماء الراكد الذي تنجس بعضه، فإنه يطهر عند زوال تغيره بنفسه إذا كان القسم غير المتغيّر مقدار كر أو أكثر، وفيما عدا ذلك فإنَّ زوال التغيّر ذاتياً لا يوجب طهارة الماء، وخاصة في الماء القليل.
مسألة 112: ماء الكر المتغيّر بالنجاسة يمكن تطهيره بوصله بالماء الجاري واستمرار ضخه فيه حتى يزول تغيره فيطهر، أو بإلقاء كر عليه، إما دفعة واحدة أو تدريجاً، من دون فرق بين أن يكون الطاهر أعلى أو النجس، نعم في فرض كون النجس أعلى فإنَّ الماء الذي فيه لا يعدّ طاهراً باتصاله بالكر الطاهر الأسفل، ولكن الماء المتنجس النازل من الكر المتنجس الأعلى إلى الكر الطاهر الأسفل محكوم بالطهارة عند نزوله في الكر الطاهر إذا ظلّ الكر الطاهر محتفظاً بخاصية النقاء وعدم التغيّر.
مسألة 113: تثبت الكرية بكلّ ما أفاد العلم أو الاطمئنان، وبشهادة العدلين، بل تثبت بشهادة العدل الواحد والثقة الواحد، وبقول صاحب اليد وإن لـم يكن عادلاً، ومثل الكرية في الإثبات الماء الجاري بأنواعه.
مسألة 114: الماء المستعمل في الطهارة من الحدث الأكبر أو الأصغر طاهر في نفسه مطهر لغيره، فيجوز استعماله مرة ثانية في رفع الحدث الأكبر والأصغر وفي إزالة الخبث والتطهير منه، وكذلك الماء المستعمل في إزالة الخبث، وهو خصوص ماء الغُسالة التي يتعقبها طهارة المحل، فإنها طاهرة في نفسها ومطهرة لغيرها، فيجوز استعمالها في الطهارة من الحدث الأصغر أو الأكبر وفي الطهارة من الخبث، ما عدا ماء الاستنجاء الآتي ذكره.
مسألة 115: المراد بماء الغُسالة الماء المنفصل عند التطهير من الخبث، وحكمها يختلف في حالات:
الأولى: إن لـم يكن التعدّد واجباً وكانت عين النجاسة موجودة، فإنَّ غسالة الغسلة التي تزال بها عين النجاسة محكومة بالنجاسة إن فُصِلَ بينها وبين الغسلة التالية، بينما تعتبر غسالة الغسلة التالية طاهرة، ولما كنّا لا نرى لزوم الفصل بين الغسلة المزيلة للعين والغسلة التالية لها فإنه يمكن أن تكون نفس الغَسلة المزيلة للعين في بدايتها مطهرةً في نهايتها في حال استمرار الصب على المتنجس، وعليه فإنَّ ماء الغسالة في هذا الفرض محكوم بالطهارة. وأمّا إذا لـم تكن عين النجاسة موجودة، بل أزيلت قبل التطهير، فإنه لا إشكال في طهارة ماء الغسالة حينئذ.
الثانية: ما يجب فيه التعدّد لا يحكم إلاَّ بطهارة ماء الغسلة الأخيرة المستلزمة لطهارة العين.
الثالثة: حيث يجب عصر الثوب فإنَّ ماء الغسلة المطهرة طاهر في ذاته، وإن كان الثوب نفسه لا تكتمل طهارته إلاَّ بالعصر.
ولا بُدَّ من الإلفات إلى أنَّ فرض الكلام في طهارة ماء الغسالة إنما هو في صورة عدم عروض نجاسة عليها من الخارج، مثل وقوعها على الأرض المتنجسة، ونحو ذلك.
مسألة 116: ماء الاستنجاء هو خصوص الماء المستخدم في تطهير موضع البول والغائط، وهو طاهر إذا توفرت فيه الشروط التالية:
1 ـ بقاء الماء نقياً غير متغيّر بلون النجاسة أو طعمها أو رائحتها.
2 ـ عدم وجود النجاسة على أطراف مخرج البول أو الغائط.
3 ـ عدم خروج نجاسة أخرى، مثل الدم، مع البول أو الغائط أو منفردة.
4 ـ عدم طروء نجاسة من الخارج، مثل نجاسة الأرض التي يقع عليها ماء الاستنجاء.
5 ـ أن لا ينزل في الماء أجزاء متميزة من نفس الغائط، ولا يضر خروج أجزاء من غير الغائط، مثل الدود أو البذور غير المهضومة.
مسألة 117: لا فرق في طهارة ماء الاستنجاء بين ما كان بالماء الكثير أو القليل، ولا بين ما كان من الغسلة الأولى أو الثانية في فرض وجوب التعدّد، لكنَّه رغم طهارته في نفسه فإنه لا يزيل خبثاً ولا يرفع حدثاً.
 الثاني ـ الماء المضاف:
يُراد بالماء المضاف:
أ ـ الماء النقي الممزوج بعنصر آخر يغير لونه أو طعمه أو رائحته، مثل الماء الممزوج بالسكر أو الملح أو الحبر أو الشاي أو غير ذلك.
ب ـ كلّ عنصر سائل يختلف في حقيقته عن الماء، مثل ماء الورد وعصير البرتقال والرمان والنفط وغير ذلك.
ولا يعدّ ماء البحر، ولا الماء الآسن المائل للخضرة ونتانة الطعم والرائحة، ولا الماء الملون بلون التربة الحمراء أو البيضاء، من الماء المضاف، نعم إذا كثر التراب في الماء فصار وحلاً، أو تكثفت الخضرة في الماء الآسن، بنحو لـم يعد عرفاً ماءً مطلقاً، أصبح بذلك ماءً مضافاً.
مسألة 118: الماء المجهول حالته السابقة إذا شك في كونه ماءً مطلقاً أو مضافاً لـم يحكم عليه بالإطلاق ولا بالإضافة، ولا تجري عليه أحكام الماء المطلق، فلا يرفع الحدث ولا يزيل الخبث، ويتنجس بمجرّد الملاقاة للنجس أو المتنجس، قليلاً كان أو كثيراً.
مسألة 119: الماء المضاف طاهر في نفسه إلاَّ ما نص الشرع على نجاسته كالبول والدم ونحوهما من الأعيان النجسة، وهو غير مطهر لغيره، فلا يرفع حدثاً ولا يزيل خبثاً، وينفعل بمجرّد الملاقاة لعين النجاسة أو المتنجس قليلاً كان أو كثيراً، ولا يقبل التطهير مع بقائه على الإضافة، إلاَّ إذا ألقي في الكر أو اتصل به حتى زالت الإضافة عنه وصار ماءً مطلقاً فإنه يطهر حينئذ عند بقاء الكر على إطلاقه وتحلل الماء المضاف وامتزاجه فيه.
مسألة 120: الماء المضاف المتنجس إذا عولج بطريقة التبخير فصار ماءً مطلقاً يحكم عليه بالطهارة، والحكم كذلك في تبخير الأعيان النجسة مثل البول ونحوه، وكذا المجاري، بشرط انعدام خصائص النجاسة من الماء الجديد المتحول عن البخار واستحالته ماءً.
مسألة 121: المحاليل الطبية التي توضع في الماء، إمّا لتنقية الماء من التلوث أو من أجل التداوي بها، إذا غيرت لون الماء أو طعمه أو رائحته فإنه يخرج بذلك عن الإطلاق إلى الإضافة، وكذا الماء الذي توضع فيه الثياب لإخراج الصابون منها فيتغير بلون الصابون تغييراً كثيفاً، أمّا التغير الطفيف الذي لا يجعل الماء مضافاً بنظر العرف العادي للنّاس، والذي هو المعيار المعتمد في حالة الشك، فإنه لا يضر في إطلاق الماء.
المبحث الثالث ـ في المطهرات:
ويُراد بها الأمور التي يترتب على حدوثها طهارة ما عرضت عليه النجاسة الخبثية، مثل اليد المتنجسة بالبول التي يطهرها الماء، أو طهارة ما كان بنفسه من الأعيان النجسة، مثل الكلب الذي يطهر بالتحول إلى تراب مثلاً:
وهي أمور عديدة نبحثها كما يلي:
 الأول ـ الماء:
وهو أهم المطهرات وأسهلها استعمالاً وأفضلها في إزالة النجاسة وأشملها استيعاباً لشتى المتنجسات، وأحكامه كثيرة، إذ يتعلّق بعضها بأحكام الماء نفسه بغض النظر عن التطهير به وعدمه، وبعضها يتعلّق بكيفية التطهير به، لذا فإنَّ تفصيل الأحكام المتعلّقة به يقع في فرعين:
الفرع الأول ـ في أنواع المياه وأحكامها:
ونريد بالماء كلّ جسم سائل، فيشمل الماء بمعناه الكيميائي المصطلح غير المضاف إليه شيء آخر أبداً، وهو الذي يصطلح عليه الفقهاء بـ «الماء المطلق»، كما يشمل الماء المضاف إليه عنصراً آخر، كالملح أو السكر أو الشاي أو نحوها، كما يشمل كلّ سائل يختلف في حقيقته عن الماء، مثل ماء الورد وماء الرمان والنفط ونحوهما، وجميع ذلك يصطلح عليه بـ «الماء المضاف».
ولما كان لكلّ من الماء المطلق والماء المضاف أنواع وأحكام فإنَّ الكلام فيهما يقع تحت هذين العنوانين:
 الأول ـ الماء المطلق:
قد سبق القول أنَّ الماء المطلق هو الماء الصرف النقي غير المختلط بعنصر آخر، وذلك مثل ماء الأنهار والينابيع، ولا ينافي إطلاق الماء عليه اختلاطه بالرواسب والأكدار التي تسبب بياضاً أو احمراراً أو خضرة في لون الماء، إلاَّ إذا كانت من الكثافة بحدّ صار الماء طيناً ووحلاً أو صار مشبعاً بعصارة الحشيش بنحو يخرج عن الإطلاق إلى الإضافة، كذلك فإنَّ ماء البحر يعتبر من الماء المطلق رغم ملوحته ومهما كانت نسبة الملوحة.
والماء المطلق ـ من حيث كميته ـ يكون كثيراً تارة وقليلاً أخرى، فالماء القليل: هو الماء المنقطع عن المنبع أو المجرى أو مساقط المطر والبالغ في وزنه أقل من ثلاثمائـة وسبعة وسبعين كيلو غراماً، وهو مقدار ما اصطلح على تسميته بـ «الكر»، فكلّ ماء كان كذلك وكان دون الكر يكون ماءً قليلا.
وحكم الماء القليل أنه طاهر في نفسه مطهر لغيره، ويتنجس بمجرّد ملاقاته لعين النجاسة أو للمتنجس بها مهما كان مقدارها ضئيلاً، وذلك بالشروط الموجبة للانفعال والتنجس التي سبق ذكرها في كيفية التنجس.
أمّا الماء الكثير: فيُراد به ـ اصطلاحاً ـ أنواع ثلاثة: ماء المطر، والماء الجاري، والراكد البالغ كراً فصاعداً، وتشترك هذه الأنواع الثلاثة في وصف «الاعتصام»، ويُراد به أنه لا يتأثر ولا ينفعل بمجرّد الملاقاة للأعيان النجسة أو المتنجسة ما لـم يتغير بلون النجاسة أو طعمها أو رائحتها، مضافاً لكونه طاهراً في نفسه مطهراً لغيره.
وتفصيل حكم كلّ نوع من أنواع الماء الكثير هو على النحو التالي:
الأول ـ ماء المطر: والمراد به الماء المعروف المتساقط من السّماء، من دون فرق بين المطر الغزير أو الرذاذ الذي يصدق عليه المطر، ولا يشترط في التطهير به وقوعه مباشرة على الشيء المتنجس، بل إنَّ ماء المطر يصدق على الماء المجتمع المتصل بماء المطر المتساقط وإن كان قليلاً دون الكر، وعلى الماء الجاري من الميزاب أو المنحدر من أوراق الشجر حال تساقط ماء المطر على السطح أو الشجر، نعم الماء المتقاطر من شقوق السقف لا يطهر المتنجس الذي تقع عليه هذه القطرات ولا يلحقه حكم ماء المطر.
مسألة 94: يتميّز التطهير بماء المطر بسقوط العصر فيما يجب عصره، كالثياب، وبسقوط التعدّد عمّا يجب التعدّد فيه من الأواني والثياب ونحوها، نعم لا يسقط عن الإناء المتنجس بولوغ الكلب لزوم تعفيره بالتراب.
مسألة 95: يكفي في تحقّق الطهارة بماء المطر جريانُه على الأرض ووصوله إلى الأماكن المتنجسة المسقوف فوقها، كما في شوارع الأزقة أو الأسواق المسقوفة ما دام هذا الماء الجاري القليل متصلاً بالمطر في الخارج.
مسألة 96: ماء المطر الواقع على عين النجاسة، كالغائط أو الدم، إذا جرى إلى الأماكن الطاهرة لا ينجسها ما لـم يكن مصحوباً بأجزاء من النجاسة، وكذلك الحكم لو تقاطر الماء من سقف عليه النجاسة، مع اشتراط استمرار تساقط المطر في الحالتين.
الثاني ـ الماء الجاري: وهو ـ في الغالب ـ الماء النابع من باطن الأرض المندفع منه إلى مسارب فوق الأرض أو تحتها، سواء كان اندفاعه بفوران وقوّة أو كان بنحو الرشح والسيحان، وسواء كان جارياً كماء الأنهار أو راكداً مثل الآبار والعيون التي لا تنقص بالأخذ منها، ولا يشترط في الكمية الخارجة الظاهرة أن تكون كثيرة فوق الكر، بل يكفي في اعتصام الماء كونه نابعاً من أصل ولو كانت الكمية المستخدمة المجتمعة على وجه الأرض قليلة، نعم إذا كان بنحو التقاطر من فوق على الماء القليل المجتمع منه لا يتحقّق به الاعتصام ويبقى الماء على حكم الماء القليل.
ومن الماء الجاري الماء المجتمع من الثلوج أو الأمطار من دون أن يكون له مادة ينبع أو يترشح منها، فيفيض ويجري عن مكانه إلى أماكن أخرى، غير أنه لا بد في اعتصامه من كونه كراً فصاعداً.
مسألة 97: قد نعلم بأنَّ هذا الماء المترشح من باطن الأرض لا يترشح عن مادة، بل إنه عروق تجمعت من ماء المطر أو غيره وتظهر إذا حفرت، فلا يلحقه حكم الماء الجاري، كما أنه لا يكون معتصماً ما لـم يعلم بكونه مقدار كر فصاعداً.
مسألة 98: العيون والأنهار الصغيرة التي تجف في بعض الفصول يلحقها حكم الجاري في زمان نبعها.
مسألة 99: إذا شك في أنَّ هذا الماء القليل له مادة أو لا لـم يحكم عليه بالاعتصام ويتنجس بالملاقاة.
مسألة 100: الماء الراكد، في مثل البرك والأحواض، إذا اتصل بالماء الجاري من خلال الأنابيب أو السواقي أو نحوهما يلحقه حكم الجاري ما دام متصلاً بالماء الجاري.
مسألة 101: يتميّز الماء الجاري بأنه لا يتنجس بالملاقاة لعين النجاسة أو المتنجس بها إلاَّ إذا تغيّر بلون النجاسة أو طعمها أو رائحتها، مضافاً لكونه طاهراً في نفسه ومطهراً لغيره.
مسألة 102: إذا تنجس جانب من الماء الجاري فتغيّر بالنجاسة اختصت النجاسة بالماء المتغيّر دون ما يجاوره مما بقي على نقائه إذا ظلّ متصلاً من أحد الجانبين بالمادة، فلو فرض أنَّ النجاسة غيّرت الماء على تمام عرض المجرى فإنه في هذه الحالة يحكم بطهارة الماء الواقع لجهة النبع لأنه متصل بالمادة ولا يحكم بطهارة القسم الواقع لجهة المصب إذا كان الباقي دون الكر.
الثالث: الماء الراكد البالغ كراً فصاعداً، وذلك مثل ماء البرك والأحواض وآبار الجمع ونحوها، ويُراد به الماء الذي ليس له مادة ينبع أو يجري منها، وهو طاهر في نفسه مطهر لغيره، ولا ينفعل بوقوع النجاسة أو المتنجس فيه إلاَّ إذا تغيّر لونه أو طعمه أو رائحته، ولا فرق فيما بلغ الكر بين ما كان مجتمعاً في موضع واحد وبين ما كان متفرقاً في عدّة أوانٍ أو أحواض متصلة ببعضها مع تساوي سطوحها، فلو اختلفت سطوحها، بأن كان بعض الكر في برميل أعلى في موقعه من البرميل الآخر، فإنَّ نزول الماء من الأعلى في الأسفل يجعل الأسفل بحكم الكر دون الأعلى.
مسألة 103:مقدار الكر بالوزن ثلاثمائة وسبعة وسبعون كيلو غراما، فإن نقص الكر ولو بمقدار يسير عن هذا الوزن لـم يعتبر كراً، ومقداره بالمساحة ما ملأ سبعة وعشرين شبراً مكعباً، أي ثلاثة أشبار طولاً، ومثلها عرضاً، ومثلها عمقاً، فإن اختلف وزن ما في هذه المساحة عن الوزن المذكور كان المعتمد هو الوزن المذكور لا المساحة.
والشبر اسم للمساحة التي تقع ما بين رأس الإصبع الصغرى المسماة بـ «الخنصر» وما بين رأس الإبهام من كف الإنسان المعتدل الكف عند أقصى تفريجٍ لأصابعه عن بعضها.
مسألة 104: لا يتنجس الكر إلاَّ عند تغيره المباشر بلون النجاسة أو طعمها أو رائحتها، فلو تغير طعم ماء الكر بمجاورة النجاسة، كما لو أنتن الماء لمجاورته للميتة، لـم يتنجس في هذه الحالة. كذلك لا يتنجس لو تغير بلون المتنجس، وذلك بمثل الثوب الأحمر الذي يتحلل صباغُه في الماء عند تطهيره من الدم القليل الذي عليه، فإنَّ اصطباغ الماء بالحمرة من الثوب المتنجس لا تجعل الماء الكري نجساً، غير أنه يصير بذلك ماءً مضافاً ويزول اعتصامه حينئذ.
مسألة 105: إذا وقعت في الكر نجاسة توجب تغيره كالدم مثلاً، ولكن منع من ظهور ذلك التغيّر اصطباغ الماء بحمرة الوحل إذ لولاه لظهر لون الدم في الماء، فالحكم هو نجاسة الماء، أمّا إذا منع من ظهور التغيّر كون النجاسة بدون لون أو رائحة، أو منع من نتونة الماء بالجيفة كون الجوّ بارداً بحيث لو كان حاراً لتغيّر، ففي هاتين الحالتين يبقى الماء على طهارته.
مسألة 106: لا يشترط في تنجس الكر بتغيّر لونه بلون النجاسة مساواة لون الماء للون عين النجاسة، فيكفي في مثل الدم الواقع في ماء الكر تغيّره إلى لون الصفرة ليحكم على الكر بالنجاسة، وكذا الأمر في الطعم والرائحة، فيكفي تغيرهما بسبب وقوع النجاسة ولو لـم يكونا من نفس طعم ورائحة النجاسة.
مسألة 107: ماء الكر الموجود في خزان، لو فرض تجمد بعضه فصار ثلجاً لـم يحكم على الماء الباقي بالاعتصام ما دام دون الكر، بل حكمه حكم الماء القليل.
مسألة 108: إذا علم كون الماء كراً ثُمَّ شك في بقائه كذلك يحكم عليه بالكرية، ولو علم كونه غير كرٍ فشك في صيرورته كراً بعد ذلك لـم يحكم عليه بالكرية.
مسألة 109: الماء المجهول حالته السابقة إذا شك في كونه كراً محكوم بعدم الكرية وبعدم طهارة المتنجس الذي يوضع فيه، ولكنه ـ في الوقت نفسه ـ لا يَنجُس بمجرّد ملاقاة النجس أو المتنجس.
مسألة 110: يكفي في تطهير الماء القليل المتنجس مجرّد اتصاله بماء الكر، ولا ضرورة لاستمرار الاتصال به فترة حتى يحصل الامتزاج بين الماء القليل وبين الماء الواصل إليه من ماء الكر، وكذا عند تطهيره بالماء الجاري والنابع وماء المطر، نعم إذا كان القليل متغيراً بالنجاسة فلا بُدَّ من استمرار الاتصال حتى يزول التغيّر وينقى الماء ليطهر.
مسألة 111: الماء الجاري أو النابع إذا تغير ولو بعضه بالنجاسة ثُمَّ زال تغيّره من نفسه حكم عليه بالطهارة، وكذلك الحكم في الماء الراكد الذي تنجس بعضه، فإنه يطهر عند زوال تغيره بنفسه إذا كان القسم غير المتغيّر مقدار كر أو أكثر، وفيما عدا ذلك فإنَّ زوال التغيّر ذاتياً لا يوجب طهارة الماء، وخاصة في الماء القليل.
مسألة 112: ماء الكر المتغيّر بالنجاسة يمكن تطهيره بوصله بالماء الجاري واستمرار ضخه فيه حتى يزول تغيره فيطهر، أو بإلقاء كر عليه، إما دفعة واحدة أو تدريجاً، من دون فرق بين أن يكون الطاهر أعلى أو النجس، نعم في فرض كون النجس أعلى فإنَّ الماء الذي فيه لا يعدّ طاهراً باتصاله بالكر الطاهر الأسفل، ولكن الماء المتنجس النازل من الكر المتنجس الأعلى إلى الكر الطاهر الأسفل محكوم بالطهارة عند نزوله في الكر الطاهر إذا ظلّ الكر الطاهر محتفظاً بخاصية النقاء وعدم التغيّر.
مسألة 113: تثبت الكرية بكلّ ما أفاد العلم أو الاطمئنان، وبشهادة العدلين، بل تثبت بشهادة العدل الواحد والثقة الواحد، وبقول صاحب اليد وإن لـم يكن عادلاً، ومثل الكرية في الإثبات الماء الجاري بأنواعه.
مسألة 114: الماء المستعمل في الطهارة من الحدث الأكبر أو الأصغر طاهر في نفسه مطهر لغيره، فيجوز استعماله مرة ثانية في رفع الحدث الأكبر والأصغر وفي إزالة الخبث والتطهير منه، وكذلك الماء المستعمل في إزالة الخبث، وهو خصوص ماء الغُسالة التي يتعقبها طهارة المحل، فإنها طاهرة في نفسها ومطهرة لغيرها، فيجوز استعمالها في الطهارة من الحدث الأصغر أو الأكبر وفي الطهارة من الخبث، ما عدا ماء الاستنجاء الآتي ذكره.
مسألة 115: المراد بماء الغُسالة الماء المنفصل عند التطهير من الخبث، وحكمها يختلف في حالات:
الأولى: إن لـم يكن التعدّد واجباً وكانت عين النجاسة موجودة، فإنَّ غسالة الغسلة التي تزال بها عين النجاسة محكومة بالنجاسة إن فُصِلَ بينها وبين الغسلة التالية، بينما تعتبر غسالة الغسلة التالية طاهرة، ولما كنّا لا نرى لزوم الفصل بين الغسلة المزيلة للعين والغسلة التالية لها فإنه يمكن أن تكون نفس الغَسلة المزيلة للعين في بدايتها مطهرةً في نهايتها في حال استمرار الصب على المتنجس، وعليه فإنَّ ماء الغسالة في هذا الفرض محكوم بالطهارة. وأمّا إذا لـم تكن عين النجاسة موجودة، بل أزيلت قبل التطهير، فإنه لا إشكال في طهارة ماء الغسالة حينئذ.
الثانية: ما يجب فيه التعدّد لا يحكم إلاَّ بطهارة ماء الغسلة الأخيرة المستلزمة لطهارة العين.
الثالثة: حيث يجب عصر الثوب فإنَّ ماء الغسلة المطهرة طاهر في ذاته، وإن كان الثوب نفسه لا تكتمل طهارته إلاَّ بالعصر.
ولا بُدَّ من الإلفات إلى أنَّ فرض الكلام في طهارة ماء الغسالة إنما هو في صورة عدم عروض نجاسة عليها من الخارج، مثل وقوعها على الأرض المتنجسة، ونحو ذلك.
مسألة 116: ماء الاستنجاء هو خصوص الماء المستخدم في تطهير موضع البول والغائط، وهو طاهر إذا توفرت فيه الشروط التالية:
1 ـ بقاء الماء نقياً غير متغيّر بلون النجاسة أو طعمها أو رائحتها.
2 ـ عدم وجود النجاسة على أطراف مخرج البول أو الغائط.
3 ـ عدم خروج نجاسة أخرى، مثل الدم، مع البول أو الغائط أو منفردة.
4 ـ عدم طروء نجاسة من الخارج، مثل نجاسة الأرض التي يقع عليها ماء الاستنجاء.
5 ـ أن لا ينزل في الماء أجزاء متميزة من نفس الغائط، ولا يضر خروج أجزاء من غير الغائط، مثل الدود أو البذور غير المهضومة.
مسألة 117: لا فرق في طهارة ماء الاستنجاء بين ما كان بالماء الكثير أو القليل، ولا بين ما كان من الغسلة الأولى أو الثانية في فرض وجوب التعدّد، لكنَّه رغم طهارته في نفسه فإنه لا يزيل خبثاً ولا يرفع حدثاً.
 الثاني ـ الماء المضاف:
يُراد بالماء المضاف:
أ ـ الماء النقي الممزوج بعنصر آخر يغير لونه أو طعمه أو رائحته، مثل الماء الممزوج بالسكر أو الملح أو الحبر أو الشاي أو غير ذلك.
ب ـ كلّ عنصر سائل يختلف في حقيقته عن الماء، مثل ماء الورد وعصير البرتقال والرمان والنفط وغير ذلك.
ولا يعدّ ماء البحر، ولا الماء الآسن المائل للخضرة ونتانة الطعم والرائحة، ولا الماء الملون بلون التربة الحمراء أو البيضاء، من الماء المضاف، نعم إذا كثر التراب في الماء فصار وحلاً، أو تكثفت الخضرة في الماء الآسن، بنحو لـم يعد عرفاً ماءً مطلقاً، أصبح بذلك ماءً مضافاً.
مسألة 118: الماء المجهول حالته السابقة إذا شك في كونه ماءً مطلقاً أو مضافاً لـم يحكم عليه بالإطلاق ولا بالإضافة، ولا تجري عليه أحكام الماء المطلق، فلا يرفع الحدث ولا يزيل الخبث، ويتنجس بمجرّد الملاقاة للنجس أو المتنجس، قليلاً كان أو كثيراً.
مسألة 119: الماء المضاف طاهر في نفسه إلاَّ ما نص الشرع على نجاسته كالبول والدم ونحوهما من الأعيان النجسة، وهو غير مطهر لغيره، فلا يرفع حدثاً ولا يزيل خبثاً، وينفعل بمجرّد الملاقاة لعين النجاسة أو المتنجس قليلاً كان أو كثيراً، ولا يقبل التطهير مع بقائه على الإضافة، إلاَّ إذا ألقي في الكر أو اتصل به حتى زالت الإضافة عنه وصار ماءً مطلقاً فإنه يطهر حينئذ عند بقاء الكر على إطلاقه وتحلل الماء المضاف وامتزاجه فيه.
مسألة 120: الماء المضاف المتنجس إذا عولج بطريقة التبخير فصار ماءً مطلقاً يحكم عليه بالطهارة، والحكم كذلك في تبخير الأعيان النجسة مثل البول ونحوه، وكذا المجاري، بشرط انعدام خصائص النجاسة من الماء الجديد المتحول عن البخار واستحالته ماءً.
مسألة 121: المحاليل الطبية التي توضع في الماء، إمّا لتنقية الماء من التلوث أو من أجل التداوي بها، إذا غيرت لون الماء أو طعمه أو رائحته فإنه يخرج بذلك عن الإطلاق إلى الإضافة، وكذا الماء الذي توضع فيه الثياب لإخراج الصابون منها فيتغير بلون الصابون تغييراً كثيفاً، أمّا التغير الطفيف الذي لا يجعل الماء مضافاً بنظر العرف العادي للنّاس، والذي هو المعيار المعتمد في حالة الشك، فإنه لا يضر في إطلاق الماء.
ص
10
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية