المبحث الأول ـ في الصيغة والشروط للهبة

وفيه أمور:
الأول ـ في تعريفها:
الهبة ـ في الأصل ـ هي: (تمليك عين أو حق تمليكاً طلقاً، منجزاً في حياة الواهب، ببذله مجاناً دون عوض، دون أن يقصد بعمله التقرب إلى الله تعالى)، فخرج بقوله: «طلقاً» الوقف، وخرج بقوله: «منجزاً في حياة الواهب» الوصية، لأنها هبة معلقة على موت الواهب، وخرج بقوله: «دون عوض» البيع ونحوه، وخرج بقيد (عدم قصد التقرب) الصدقة.
هذا، ولا ينافي كونها بدون عوض أن يشترط الواهب على الموهوب له شيئاً في مقابل الهبة، وهي التي يقال لها: (الهبة المعوضة) أو (..المشروطة)، لأن اشتراط العوض فيها أمر طارىء وثانوي غير ملحوظ في أساس المعاملة، وذلك في مقابل غير المعوضة التي قد يطلق عليها: (العطية). كذلك فإن للهبة المعوضة بعض الأحكام الخاصة التي تختلف فيها عن الهبة غير المعوضة والتي سنعرض لها لاحقاً.
الثاني ـ في صيغة العقد:
مسألة 371: الهبة عقد يتحقق بالبذل والعطاء من الطرف الأول، وهو المعبر عنه بـ (الإيجاب)، وبالقبول بذلك البذل والرضا به من الطرف الثاني، وهو المعبر عنه بـ (القبول)، وذلك العقد المشتمل على الإيجاب والقبول يصح بالقول وبالفعل، أما القول فيتحقق بكل لفظ دال عليه، بالعربية الفصحى أو العامية أو بغير العربية من اللغات؛ وأما الفعل فيتحقق الإيجاب فيه بتسليم الواهب العين للموهوب له قاصداً به الهبة، ويتحقق القبول فيه باستلام الموهوب له العين قاصداً قبول الهبة.
الثالث ـ في الشروط:
يعتبر في الهبة توفر أمور نفصِّلها في مسائل على النحو التالي:
1 ـ في الواهب:
مسألة 372: يعتبر في الواهب العقل والقصد والاختيار وعدم الحجر عليه لسفه، وكذا لفلس إذا كان الحجر شاملاً للموهوب، وكذا يشترط فيه البلوغ، فلا تصح هبة الصبي إلا بإذن الولي إن كان في هبة أموال الصبي مصلحة له.
مسألة 373: قد سبق منا القول في مباحث المدخل: «إن المرض لا يمنع من صحة الهبة حتى لو وقعت في مرض الموت ما لم تضر بدَيْن عليه» (أنظر ص 40).
2 ـ في الموهوب له:
مسألة 374: يعتبر في الموهوب له العقل والقصد والاختيار إذا كان هو القابل بنفسه أو بوكيله، وإلاّ قبل عن المجنون وليُّه، وكذا حكم الصبي غير المميز، أما المميز فإن قبوله ـ وقبضه أيضاً ـ صحيح إذا كان بإذن الولي.
3 ـ في المال الموهوب:
مسألة 375: يعتبر في المال الموهوب أن يكون من الأعيان المادية كالدار والنقد والسيارة ونحوها، أو من الحقوق كحق الحضانة أو الاختصاص أو المرور أو استخدام الفضاء أو الاستيراد أو نحوها، فلا يصح الاقتصار على هبة المنفعة بدون العين فإنها هي العارية حينئذ؛ وكذا يشترط في العين الموهوبة أن تكون قابلة للتملك من قبل الموهوب له، فلا تصح هبة عين الخمر أو الخنزير للمسلم؛ أما الدين فإنما تصح هبته لغير مَنْ هو عليه، أما هبته لمن هو عليه فإنه يكون «إبراءً» لا هبة، وله حكم خاص يأتي في باب (الدين). هذا، ولا يشترط في الهبة تسلط الموهوب له على العين والمنفعة معا ومباشرة، بل يصح إبقاء المنفعة تحت سلطة الواهب إلى أجل، وعندها يتملك الموهوب له العين مسلوبة المنفعة.
4 ـ في اشتراط القبض:
مسألة 376: لا يكفي في تحقق الهبـة إنشـاء العقـد، بل لا بد ـ زيادة على ذلك ـ من قبض الموهوب له للعين الموهوبة ووضع يده عليها كي يملكها، فلو مات الواهب بعد العقد وقبل القبض بطل العقد وانفسخ، وانتقل الموهوب إلى ورثة الواهب، فإذا أرادوا إمضاء الهبة لزمهم إنشاء هبة جديدة بينهم وبين الموهوب له؛ كذلك فإنه لو مات الموهوب له لم يقم ورثته مقامه في القبض، فتبطل الهبة ويحتاج تمليكهم العين إلى هبة جديدة.
مسألة 377: يتحقق القبض في المنقول وغير المنقول باستيلاء الموهوب له على الموهوب وصيرورته تحت يده وسلطانه، ومن الواضح اختلاف أشكال القبض باختلاف نوع المال الموهوب، ففي المنقولات كالكتاب والثوب يتحقق القبض بإمساكها وضمها إليه، وفي السيارة أو الدابة بأخذ المفتاح أو بالإمساك باللجام، وفي الأرض بأن يخلّي بينه وبينها؛ هذا، ولكنه لا بد في صحة القبض وشرعيته من تحققه بإذن الواهب ورضاه زيادة على عقد الهبة، وهو بالنسبة لما ليس تحت يد الموهوب له واضح، أما إذا كان تحت يده بمثل العارية أو الإجارة، فإنه لا يحتاج إلى إذن الواهب في إبقائه عنده وضمه إلى أمواله، لعدم انفكاك تمليكه للعين التي عنده عن الإذن ببقائها عنده وضمها إلى أمواله.
مسألة 378: لا تعتبر الفورية في القبض، ولا كونه في مجلس العقد، فيجوز فيه التراخي عن العقد بزمان كثير، كما يجوز تحققه في مجلس آخر غير مجلس العقد؛ ومتى تحقق القبض صحت الهبة وترتبت عليها آثارها من حينه، فإذا كان للموهوب نماء متحقق بعد العقد وقبل القبض، كولد البهيمة أو بيض الطائر، فإنه يكون للواهب لا للموهوب له.
مسألة 379: يقوم الولي مقام الصغير والمجنون في قبض ما وُهِبَ له، ولو وهب الولي أحدهما ما هو في يده كفى ذلك في قبضه له دون حاجة إلى قبض جديد.
مسألة 380: لما كانت الحصة في المشترك المشاع غير متميزة كي يقبضها الموهوب له، فإنه لا بد من أجل الخروج عن إشكال الغصبية من تحقق القبض بإذن الشريك به أو توكيل الموهوب له لذلك الشريك بأن يقبض الحصة الموهوبة نيابة عنه؛ ولكنه لو وضع يده ـ دون إذنه ـ على كامل تلك العين التي له فيها حصة مشاعة ليستفيد منها بالنحو الذي يستفيد منه سائر الشركاء وبالنحو الذي كان يضع فيه الواهب يده عليها قبل الهبة لكفاه ذلك في تحقق القبض ولزوم الهبة رغم كونه آثماً بذلك التصرف.
وفيه أمور:
الأول ـ في تعريفها:
الهبة ـ في الأصل ـ هي: (تمليك عين أو حق تمليكاً طلقاً، منجزاً في حياة الواهب، ببذله مجاناً دون عوض، دون أن يقصد بعمله التقرب إلى الله تعالى)، فخرج بقوله: «طلقاً» الوقف، وخرج بقوله: «منجزاً في حياة الواهب» الوصية، لأنها هبة معلقة على موت الواهب، وخرج بقوله: «دون عوض» البيع ونحوه، وخرج بقيد (عدم قصد التقرب) الصدقة.
هذا، ولا ينافي كونها بدون عوض أن يشترط الواهب على الموهوب له شيئاً في مقابل الهبة، وهي التي يقال لها: (الهبة المعوضة) أو (..المشروطة)، لأن اشتراط العوض فيها أمر طارىء وثانوي غير ملحوظ في أساس المعاملة، وذلك في مقابل غير المعوضة التي قد يطلق عليها: (العطية). كذلك فإن للهبة المعوضة بعض الأحكام الخاصة التي تختلف فيها عن الهبة غير المعوضة والتي سنعرض لها لاحقاً.
الثاني ـ في صيغة العقد:
مسألة 371: الهبة عقد يتحقق بالبذل والعطاء من الطرف الأول، وهو المعبر عنه بـ (الإيجاب)، وبالقبول بذلك البذل والرضا به من الطرف الثاني، وهو المعبر عنه بـ (القبول)، وذلك العقد المشتمل على الإيجاب والقبول يصح بالقول وبالفعل، أما القول فيتحقق بكل لفظ دال عليه، بالعربية الفصحى أو العامية أو بغير العربية من اللغات؛ وأما الفعل فيتحقق الإيجاب فيه بتسليم الواهب العين للموهوب له قاصداً به الهبة، ويتحقق القبول فيه باستلام الموهوب له العين قاصداً قبول الهبة.
الثالث ـ في الشروط:
يعتبر في الهبة توفر أمور نفصِّلها في مسائل على النحو التالي:
1 ـ في الواهب:
مسألة 372: يعتبر في الواهب العقل والقصد والاختيار وعدم الحجر عليه لسفه، وكذا لفلس إذا كان الحجر شاملاً للموهوب، وكذا يشترط فيه البلوغ، فلا تصح هبة الصبي إلا بإذن الولي إن كان في هبة أموال الصبي مصلحة له.
مسألة 373: قد سبق منا القول في مباحث المدخل: «إن المرض لا يمنع من صحة الهبة حتى لو وقعت في مرض الموت ما لم تضر بدَيْن عليه» (أنظر ص 40).
2 ـ في الموهوب له:
مسألة 374: يعتبر في الموهوب له العقل والقصد والاختيار إذا كان هو القابل بنفسه أو بوكيله، وإلاّ قبل عن المجنون وليُّه، وكذا حكم الصبي غير المميز، أما المميز فإن قبوله ـ وقبضه أيضاً ـ صحيح إذا كان بإذن الولي.
3 ـ في المال الموهوب:
مسألة 375: يعتبر في المال الموهوب أن يكون من الأعيان المادية كالدار والنقد والسيارة ونحوها، أو من الحقوق كحق الحضانة أو الاختصاص أو المرور أو استخدام الفضاء أو الاستيراد أو نحوها، فلا يصح الاقتصار على هبة المنفعة بدون العين فإنها هي العارية حينئذ؛ وكذا يشترط في العين الموهوبة أن تكون قابلة للتملك من قبل الموهوب له، فلا تصح هبة عين الخمر أو الخنزير للمسلم؛ أما الدين فإنما تصح هبته لغير مَنْ هو عليه، أما هبته لمن هو عليه فإنه يكون «إبراءً» لا هبة، وله حكم خاص يأتي في باب (الدين). هذا، ولا يشترط في الهبة تسلط الموهوب له على العين والمنفعة معا ومباشرة، بل يصح إبقاء المنفعة تحت سلطة الواهب إلى أجل، وعندها يتملك الموهوب له العين مسلوبة المنفعة.
4 ـ في اشتراط القبض:
مسألة 376: لا يكفي في تحقق الهبـة إنشـاء العقـد، بل لا بد ـ زيادة على ذلك ـ من قبض الموهوب له للعين الموهوبة ووضع يده عليها كي يملكها، فلو مات الواهب بعد العقد وقبل القبض بطل العقد وانفسخ، وانتقل الموهوب إلى ورثة الواهب، فإذا أرادوا إمضاء الهبة لزمهم إنشاء هبة جديدة بينهم وبين الموهوب له؛ كذلك فإنه لو مات الموهوب له لم يقم ورثته مقامه في القبض، فتبطل الهبة ويحتاج تمليكهم العين إلى هبة جديدة.
مسألة 377: يتحقق القبض في المنقول وغير المنقول باستيلاء الموهوب له على الموهوب وصيرورته تحت يده وسلطانه، ومن الواضح اختلاف أشكال القبض باختلاف نوع المال الموهوب، ففي المنقولات كالكتاب والثوب يتحقق القبض بإمساكها وضمها إليه، وفي السيارة أو الدابة بأخذ المفتاح أو بالإمساك باللجام، وفي الأرض بأن يخلّي بينه وبينها؛ هذا، ولكنه لا بد في صحة القبض وشرعيته من تحققه بإذن الواهب ورضاه زيادة على عقد الهبة، وهو بالنسبة لما ليس تحت يد الموهوب له واضح، أما إذا كان تحت يده بمثل العارية أو الإجارة، فإنه لا يحتاج إلى إذن الواهب في إبقائه عنده وضمه إلى أمواله، لعدم انفكاك تمليكه للعين التي عنده عن الإذن ببقائها عنده وضمها إلى أمواله.
مسألة 378: لا تعتبر الفورية في القبض، ولا كونه في مجلس العقد، فيجوز فيه التراخي عن العقد بزمان كثير، كما يجوز تحققه في مجلس آخر غير مجلس العقد؛ ومتى تحقق القبض صحت الهبة وترتبت عليها آثارها من حينه، فإذا كان للموهوب نماء متحقق بعد العقد وقبل القبض، كولد البهيمة أو بيض الطائر، فإنه يكون للواهب لا للموهوب له.
مسألة 379: يقوم الولي مقام الصغير والمجنون في قبض ما وُهِبَ له، ولو وهب الولي أحدهما ما هو في يده كفى ذلك في قبضه له دون حاجة إلى قبض جديد.
مسألة 380: لما كانت الحصة في المشترك المشاع غير متميزة كي يقبضها الموهوب له، فإنه لا بد من أجل الخروج عن إشكال الغصبية من تحقق القبض بإذن الشريك به أو توكيل الموهوب له لذلك الشريك بأن يقبض الحصة الموهوبة نيابة عنه؛ ولكنه لو وضع يده ـ دون إذنه ـ على كامل تلك العين التي له فيها حصة مشاعة ليستفيد منها بالنحو الذي يستفيد منه سائر الشركاء وبالنحو الذي كان يضع فيه الواهب يده عليها قبل الهبة لكفاه ذلك في تحقق القبض ولزوم الهبة رغم كونه آثماً بذلك التصرف.
ص
312
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية