الصلاة لها أسلوبان: أحدهما: أن يصلى الإنسان بدون أن يكون لصلاته ارتباط شرعي بصلاة شخص آخر، وتسمى هذه الصلاة "بصلاة المنفرد" وهي التي عرفنا صورتها وأجزاءها وشرائطها فيما تقدّم. وثانيهما: أن يصلي الإنسان ناوياً أن يتخذ من مُصلٍ آخر إماماً له وقدوة في صلاته، فيتابعه في حركاته وركوعه وسجوده وقيامه، وتسمى هذه الصلاة "بصلاة الجماعة"، كما تسمى العلاقة التي تقوم بين هذين المصلين "بالاقتداء"، كذلك يسمى "مقتدياً ومأموماً" والثاني "مقتدى به وإماماً". فالاقتداء إذاً تعبير شرعي عن تلك العلاقة التي ينشئها المأموم بينه وبين الإمام عندما ينوي أن يأتـمّ به ويقتدي بصلاته.
وكلّ من صلاة المأموم وصلاة الإمام أفضل من صلاة المنفرد، لأنهما يؤديان بذلك صلاة الجماعة، وهي من أهم شعائر الإسلام وأعظم المستحبات.
واستحبابها مؤكد نصاً وإجماعاً، بل ثبت هذا الاستحباب بضرورة دين الإسلام وعند جميع المسلمين، وأجرها وثوابها من اللّه تعالى عظيم، وقد يفوق أجر الكثير من الواجبات وجلّ المستحبات، وكلّما ازدادت الجماعة وأعطت مظهراً حقيقياً لتجمع المسلمين والمصلين ارتفعت شأناً وجلت ثواباً.
وهي أفضل ما تكون في الفرائض اليومية، الحاضرة منها والفائتة، وبالخصوص الحاضرة، وبصورة أخص صلاة الصبح والمغرب والعشاء.
وقد تجب صلاة الجماعة على الإنسان لأسباب طارئة:
1 - أن يكون المصلي بطيء النطق، فيضيق وقته عن إدراك ولو ركعة من الصلاة، بنحو لو صلّى مأموماً مع إمام سريع النطق لأدرك ركعة من الصلاة، فيجب عليه في هذه الحالة أن يأتـم.
2 - أن ينذر الصلاة جماعة أو يحلف باللّه على ذلك أو نحو هذا مما يؤدي إلى وجوب طارئ.
3 - أن يكون المكلّف بحاجة إلى تعلّم القراءة، وقد أهمل ذلك حتى حل وقت الصلاة، ولا يسعه فعلاً أن يصلي بصورة منفردة مع الحفاظ على القراءة، ولكن يسعه أن يأتـم ويعول في القراءة على الإمام، فالأفضل له والحالة هذه أن يأتـم.
وفيما يلي نفصّل ما يتعلّق بصلاة الجماعة من أحكام في مباحث عديدة.