ونريد به بيان أحكام الرضاع من حيث كونه سبباً في نشوء قرابة بنحو خاص بين عدد من الأفراد، وبيان أثر هذه القرابة مقارنة مع قرابة المصاهرة والنسب، وذلك على قاعدة كون الرضاع أثراً من آثار العلاقة الزوجية إجمالاً؛ وقد استحسنا ذكره هنا بدلاً عن ذكره في فصل صفات الزوجين، لأننا لم نهدف هناك ـ منهجياً ـ إلى أكثر من تعداد الأشخاص الذين لا يجوز التزوج منهم من الأقرباء، أما ما هي القرابة وما هي أصنافها وبماذا يمتاز كل صنف عن الآخر، وما هي حقوق أفراد كل صنف بعضهم على البعض الآخر، فإنه بحث آخر له علاقة بآثار العلاقة الزوجية، لا بصفات الزوجين، فاقتضى ذلك تأخير أحكام الرضاع إلى هذا الفصل. وفيما يلي نستعرض أحكام الرضاع في مسائل:
ـ (الرضاع) هو: (قيام المرأة بإرضاع طفلٍ حليبَها)، ولا تتحقّق به القرابة إلا إذا وقع موافقاً لما يعتبر فيه من الشروط شرعاً، فتقع به القرابة وتترتب عليها آثارها الخاصة بها في دائرة معينة، على ما سنبيِّنه.
ـ لا يترتب على قرابة الرضاع سوى (المَحْرَمية) في الزواج ولواحقها، دون غيرها من آثار القرابة النَّسَبية، غير أن دائرة هذه المحرمية أضيق في الرضاع منها في النسب، كما يتبين من المقارنة بين مسائلهما التي ذكرناها في فصل صفات الزوجين. ومرادنا بــ (محرمية الزواج ولواحقها) هو: حرمة التزوج من أفراد معينين من الأقارب الرضاعيين، مع ما يترتب على ذلك من جواز النظر إلى ما عدا العورة منهم وكذا جواز لمسه. أما سائر الآثار، وهي التوارث والولاية والحضانة والإنفاق وبر الوالدين وصلة الرحم وغير ذلك، فإنه من آثار قرابة النسب، لا قرابة الرضاع.
ـ يشترط في الرضاع الموجب لنشر الحرمة أمور: