نريد بالزواج المؤقت ما اشتهر بــ (زواج المتعة)، ويسمّى أيضاً بــ(الزواج المنقطع)، وهو الذي يُنَص في عقده على مدة معينة للزواج وينتهي بمجرد انتهائها دون طلاق؛ وذلك في قبال (الزواج الدائم) الذي يخلو عقده من ذكر مدة معينة، حتى لو كان في نيتهما أن يفترقا بعد مدة، والذي لا ينتهي إلا بالطلاق. ورغم اتفاق المسلمين على تشريعه والعمل به في زمن النبي(ص)، فإن استمرار حليته وجواز العمل عليه قد أثارا جدلاً عنيفاً وحواراً واسعاً بين الصحابة والتابعين في العصر الإسلامي الأول ثم بين سائر علماء المسلمين في العصور التالية، وحتى يومنا هذا. وقد أجمع أئمـة أهل البيت(ع) ـ واقتدى بهم جميع الفقهاء السائرين على نهجهم ـ على حلية زواج المتعة واستمرارها منذ زمن النبي(ص)، وظل القول بحليته والعمل به مستمريـن إلى يومنـا هـذا، بل إننا ـ وكلما توالت العصور ـ نرى دواعي الحلية تتعاضد وأهدافها تتجلى وتتأكد.
ثم إن الزواج المؤقت لا يختلف في جوهره ولا في الكثير من أحكامه عن الـزواج الدائـم، فهـو ـ كما الـزواج الدائـم ـ عقد زواج قائـم علـى القصـد والاختيار والتراضي وعلى نفس الشروط المعتبرة في الزوجين، وتترتب عليه آثار الزواج من المهر والقرابة بالمصاهرة والنسب والرضاع، وآثار القرابة من النفقة والولاية والحضانة للولد، وكذا التوارث بين غير الزوجين من الآباء والأبناء وغيرهم من الأقارب، وصلة الرحم، وهو علاقة زوجية يمكن إعلانها وإخضاعها لقوانين إجرائية لتنظيمها وتوظيفها في خدمة استقرار المجتمع وحفظه من الانحراف وتعزيز سعادة أفراده.
لذا فإن معظم الأحكام التي ذكرناها في الفصول الثلاثة المتقدمة تجري بنفس النحو والتفصيل في الزواج بنوعية ـ المؤقت منه والدائم ـ، نعم، يختص الزواج المؤقت بعدة أحكام ترجع إلى التوقيت والنفقة والمفارقة والعِدَّة، وهي الأحكام التي مَيَّزته عن الزواج الدائم، وجعلته متوافقاً ومنسجماً مع الهدف المراد منه، وهو ـ على ما يبـدو لنا ـ التخفيف من تبعات العلاقة الزوجية الدائمة عند إلحاح الغريزة الجنسية واستبدالها بعلاقة شرعية ذات تبعات أقل، وذلك حيث لا يتيسر للمكلف ـ غالبـاً ـ إقامة علاقة زوجية دائمة ولا تأسيس حياة أسرية مستقرة. هذا، ولكنَّ حلية المتعة غير مقيدة بالعجز عن الزواج الدائم، ولا بعدم اكتفاء الرجل بزوجته الدائمة، بل تصح من كل رجل، متزوجاً كان أو عازباً، وإن كان الأفضل للمستغني بالزواج الدائم أن يستعفف عن الزواج المؤقت.
وفيما يلي نستعرض ما يتميز به الزواج المؤقت عن الزواج الدائم في عدة عناوين على النحو التالي: