بعدما قدّمنا الحديث عن إجارة النفس وعمّا يلحقها من بحوث مناسبة، فإنه لا ينبغي ترك هذا الباب دون التحدث عن إجارة الأعيان، وإنما جعلناها (خاتمة) فلأن فصول هذا الباب قد هدفت إلى معالجة وبيان أحكام (الجهد) أو العمل الإنساني المبذول لحيازة ثروات الطبيعة وتملكها، وبعد ملكية "العامل" للأعيان الناتجة عن جهده المبذول نراه "يؤجر" تلك الأعيان ليستفيد من ثمرة منفعتها، فاقتضى هذا الوضع الطبيعي أن نؤخر مبحث "إجارة الأعيان" ليكون بمثابة الخاتمة لهذا الباب وملحقاً به.
ثم إنّ إجارة النفس وإن كانت تختلف عن إجارة العين في قسم معتدٍّ به من الأحكام، غير أن موارد الاتفاق بينهما كثيرة، وخاصة في ما يرجع إلى شروط المتعاقدين وصيغة التعاقد وأحكام البطلان والفسخ إجمالاً، لذا فإننا سوف نذكر هنا موارد الاختلاف التي تختص بإجارة الأعيان، بينما نحيل موارد الاتفاق بينهما على ما ورد في مباحث إجارة النفس السابقة، ومنها، بل وفي طليعتها، صيغة العقد وشروط المتعاقدين وخصائص العقد وأحكامه من جهة اللزوم والفسخ إجمالاً، فإن ما ذكر منها في مبحث إجارة النفس يجري في إجارة العين بجميع تفاصيله، سوى أنه لا بد من تبديل ألفاظ صيغة العقد بما يتناسب مع العين التي يراد إيجارها؛ أما ما عدا ذلك فإننا نتناوله في مباحث متعددة: