(الجعالة) مأخوذة من فعل (جَعَل) له على كذا، أي قدّر له أجراً عليه؛ وهي في الفقه (إيقاع) يراد به: (الإعلان عن التعهد والالتزام بإعطاء شيء ـ أو بالقيام بعمل ـ لكل من يقوم بعمل معين لذلك المتعهد)، وذلك كأن يقول من أضاع سيارته: "من وجد سيارتي فله علي ثوب"، فيكون مراد ذلك الجاعل المتعهِّد تحقُق رغبته من أي فاعل كان مقابل شيء يقدَّم له يسمى "جَعْلاً" في الفقه، ولك أن تسميه "أجرة" أو "جائزة" في لغة العصر؛ فهنا عدة عناصر:
الجاعل: وهو المتعهِّد الراغب بتحقق العمل، وهو حسب المثال فاقد السيارة.
العامل: وهو الذي قام بالعمل، وهو حسب المثال واجد السيارة.
الجَعْلُ: وهو "ما" تعهد الجاعل بإعطائه للعامل، عملاً كان ما تعهد به أو مالاً، نقداً أو عيناً.
فالجعالة ـ إذاً ـ تشتمل على عنصر استخدام الغير الذي هو قوام الإجارة، ولكنها ـ رغم ذلك ـ تختلف عنها بأن الإجارة "عقد" يحتاج إلى الإيجاب والقبول بينما تعتبر الجعالة "إيقاعاً" يُكتفى فيه بمجرد أن يعلن الجاعل عنها لأي فاعل، دون حاجة لتعيين طرف آخر يقع الجعل عليه، فضلاً عن أنها لا تحتاج إلى موافقته أيضاً ولو كان معيناً، إذ هي تختلف في ذلك عن غيرها من الإيقاعات، كالطلاق ونحوه، حيث لا بد من تعيين من سيقع عليه الطلاق؛ ويترتب على ذلك أن (العامل) ـ المعلوم أو المجهول ـ ليس ملزماً في الجعالة بالسعي والعمل لتنفيذ رغبة الجاعل، بخلاف (الإجارة)؛ كذلك فإن الجعالة إذا اتجهت إلى فاعل معين لم تنشغل ذمة الجاعل بشيء من الجعل للعامل قبل تحقق المطلوب منه بتمامه، وهو هنا ـ بحسب المثال ـ إيجاد السيارة الضائعة، وهذا أيضاً بخلاف الإجارة، فإن المستأجِر فيها يصبح مشغول الذمة بالأجرة للأجير من حين العقد وقبل قيام الأجير بالعمل.
فالجعالة ـ إذاً ـ إيقاع يختلف عن الإجارة في هذه الأمور، مضافاً لاختلافها عنها في أمور أخرى في الشروط والأحكام تظهر من المقارنة بينهما.