يشتد حرص الدائن على ضمان دينه كلما عظم مقداره وخيف من عدم وفاء المدين به، لفلس أو غيبة أو غيرهما، ورغم ما وفره عصرنا هذا للدائن من إجراءات للإستيثاق من الوفاء بدينه فإن الحاجة ما تزال قائمة لما جرى الناس عليه منذ القدم من ضمانات عقدية كان يُستوثق بها من الوفاء بالدين، هي ـ على ما يبدو ـ أشد فعالية وأكثر ضماناً من غيرها، وهي الضمانات التي تعرض لها الفقهاء المسلمون وبحثوها تحت عناوين ثلاثة هي: الرهن والكفالة والضمان.
ورغم أنها تهدف ـ جميعها ـ إلى الاستيثاق من وفاء المدين بدينه، فإن لكل واحد منها خاصية يمتاز بها في الوصول إلى الهدف؛ فالرهن يتقوم بكون الوثيقة فيه مالاً يجعل تحت يد الدائن ليأخذ منه دينه عند عجز المدين عن الوفاء؛ والضمان يتقوم بجعل شخصٍ ذلك الدين في ذمته بدلاً عن المدين؛ والكفالة ـ قديماً ـ تتقوم بتعهد شخص بإحضار المدين إلى الدائن ليوفيه دينه؛ ولكن قد غلب استخدام هذا العنوان ـ في زماننا ـ بتعهد شخص وفاء دين المدين عند عجزه عنه؛ وهي عقود ثلاثة يشتمل كل منها على فروع وتفاصيل كثيرة نذكرها في فصول ثلاثة.