فضل الله: الشيعة لا يملكون وسائل السيطرة على العالم العربي كثير من الفقهاء يدرسون علاقة الرجل والمرأة من ناحية ذكورية لا إنسانية

فضل الله: الشيعة لا يملكون وسائل السيطرة على العالم العربي  كثير من الفقهاء يدرسون علاقة الرجل والمرأة من ناحية ذكورية لا إنسانية

فضل الله: الشيعة لا يملكون وسائل السيطرة على العالم العربي


كثير من الفقهاء يدرسون علاقة الرجل والمرأة من ناحية ذكورية لا إنسانية


يثير العلاّمة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، الجدل في الأفكار التي يطرحها، الديني منها والسياسي.

كما أنه جريء في طرح فتاوى تواكب تطورات العصر بغير تهيّب إلا من الله سبحانه كما يردِّد دائماً.

صحيفة "أوان" الإلكترونية الكويتية، حاورت العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، حول القضايا الأساسية التي ترسم ملامح المشهد السياسي في لبنان والمنطقة. وهذا نص الحوار:

المشهد السياسي في المنطقة


س: انطلاقا مما نشهده على الساحتين المحلية والإقليمية، نلاحظ سعياً لدى كل الأطراف، سواء كانوا قوى سياسية على الصعيد اللبناني، أو على الصعيد الإقليمي، إلى محاورة أميركا أو التفاهم معها لدرء مخاطرها. كيف تقرأ سماحتك هذا المشهد؟

ج: عندما ندرس تركيبة الإنسان السياسي اللبناني، نلاحظ أن الشخصانية هي التي تحكم طريقته في إدارة الأمور في خطوط التفكير، بحيث تكون علاقاته الخارجية في خدمة حالته الشخصية في هذا المجال، ولذلك فإننا نلاحظ أن العلاقات الخارجية، سواء كانت إقليمية أو دولية، تستطيع أن تضغط ضغطاً متحركاً على هذا الشخص أو ذاك، مستغلةً الجانب الشخصي الذي يحكم اختياراته السياسية في هذا المجال. لذلك، فإنني لا أعتبر أن هناك علاقات دولية أو إقليمية لشخص، بل هناك علاقات شخصية تحاول أن تحصل على تفعيل موقعها من خلال هذه العلاقات.

أما بالنسبة إلى الجانب الدولي، فمن الطبيعي جداً أنه خاضع لمصالحه الاستراتيجية في هذا المجال، وهو ما نسمعه من أمريكا التي تتحدث دائماً عن مصالحها الاستراتيجية، حتى إنها عندما احتلت العراق كانت تتحدث عن أنها تريد المحافظة على مصالحها الاستراتيجية، سواء كان ذلك على مستوى مصالحها الاقتصادية في العراق، أو لجهة اعتبار العراق ممراً للضغط على الدول المجاورة التي تريد أميركا أن تستغلها، لتصل من خلالها إلى العمل على حماية مصالحها الاستراتيجية.

أما بالنسبة إلى الموقف الأوروبي، فإننا نجد أن الدولة الأوروبية الوحيدة التي تتحرك من أجل أن يكون لها نفوذ مستمر في لبنان، هي فرنسا، التي ترى أن لها تاريخاً في لبنان يؤكد نفوذها في المنطقة، إذ لا نفوذ لها في العالمين العربي والإسلامي. ولذلك، فإن فرنسا تحاول أن تتدخل في الشؤون اللبنانية لمصلحة المحافظة على نفوذها السياسي في لبنان. وهي على استعداد لأن ترضخ للسياسة الأميركية التي أصبحت السياسة الأقوى في إدارة الشأن اللبناني، بطريقة وبأخرى، في هذه المرحلة على الأقل.
   

العلاقات الدولية والإقليمية للشخص


هي علاقات تحاول أن تستفيد من هذه العلاقات في تفعيل موقعها


 

أما بالنسبة إلى الدول الإقليمية، كسوريا وإيران، فإنها تعمل على أساس ما يحفظ لها مصالحها ووجودها، وسياستها من الضغوط الأميركية في حركتها في لبنان، لتكون المسألة مسألة صراع سياسي بين الإدارة الأميركية وبين هذه الدول، وهذا ما نلاحظه في الفريق الذي تستخدمه أميركا لحماية مصالحها، أو لتنفيذ سياستها في لبنان في مقابل المعارضة، كما أنها تحاول أن تجعل من لبنان الساحة التي تحرّك بها مصالحها الاستراتيجية، وتعتبر أن لبنان يدخل في مسألة الأمن القومي الأميركي، كما صرّح الرئيس بوش. وعندما ندرس المسألة السورية، فإننا نرى أن سوريا تخشى من المؤامرات التي تُصنع في لبنان من أجل الإضرار بنظامها وسياستها وغير ذلك.

سياسة المحاور

س: بكل موضوعية، نرى أن كل طرف يُخضع قراءته السياسية لهذا المشهد السياسي والإقليمي والدولي وفقاً لمصالحه وفهمه السياسي، وتحالفاته وقناعاته، فالبعض يرى في السياسة الأميركية في لبنان نوعاً من المؤامرة على سوريا، والبعض الآخر يراها إنقاذاً له. هل يجوز لأطراف دولية وإقليمية مثل سوريا وإيران ما لا يجوز لطرف محلي مثل وليد جنبلاط في مسألة التحاور مع أميركا؟
   

الدول الإقليمية كسوريا وإيران تعمل على أساس ما يحفظ مصالحها ووجودها


ويحفظ سياستها من الضغوط الأمريكية


 

ج: هناك فرق بين العلاقات الشخصية لسياسي هنا وسياسي هناك، وبين علاقات الدول بعضها ببعض، لأن مثل هذه العلاقات لا تنطلق من منطلقات استراتيجية كبرى يمكن أن تتحرك في اتجاه القضايا الحيوية المصيرية سلباً أو إيجاباً بالنسبة إلى لبنان. ولذلك فإننا عندما ندرس الشخصيات اللبنانية في علاقاتها بأميركا، نلاحظ أن هناك نوعاً من التبعية التي ربما يحاول أصحابها أن يمنحوها بعض مساحيق التجميل من خلال تعبيرهم عنها بأنها تنطلق من حالة وطنية، وأن علاقاتهم بأميركا هي علاقة صداقات دولية.

أما بالنسبة إلى علاقة أميركا بالمنطقة، فإننا نلاحظ أن أميركا تمثّل دولة كبرى تعمل على أساس أن تكون امبراطورية العالم، بحيث يكون لها دور سياسي واقتصادي وأمني في أي مكان في العالم. ولذلك فإنها تخطط للتدخل بشكل وبآخر في أي موقع من المواقع التي تستطيع النفاذ إليها في هذا المقام. ففي مسألة الصراع بين أميركا وإيران، سواء كان ذلك من خلال الملف النووي الإيراني، أو من خلال طبيعة السياسة الإيرانية في حركتها السلبية تجاه أميركا، نرى أن أميركا تعمل على أن تضغط على إيران بشكل وبآخر، من خلال استغلال الملف النووي، لإقرار العقوبات الاقتصادية في مجلس الأمن عليها من جهة، أو من خلال تهديدها المتكرّر بالحرب من جهة أخرى.

أما سوريا، فإن هناك مشكلتين لأميركا معها: المشكلة الأولى، تتمثل في علاقة سوريا بالعراق، واتهام أمريكا لها بأنها تسهّل عملية دخول المتطرفين إلى العراق للعبث بأمنه بشكل وبآخر. والمشكلة الثانية، هي أن أمريكا تعتقد بأن سورية تتدخل في الشؤون اللبنانية. ولذلك فإن الجدل الأميركي ـ الإيراني ـ السوري ينطلق من خلال علاقة هاتين الدولتين ببعض القضايا الحيوية الحساسة في استراتيجية أميركا في لبنان والمنطقة.

أما الأشخاص، فإنني أعتقد أن دورهم هو أن يتلقوا التعليمات، سواء من السفير الأميركي، أو من خلال بعض المسؤولين الأمريكيين الذين يزورون لبنان من وقت لآخر، لذلك لا نجد أن هناك موقع قوة يمكن أن يكون موقعاً لبنانياً مستقلاً حراً في هذا المجال.
   

العلاقات الشخصية للسياسيين لا تنطلق من منطلقات استراتيجية


تتحرك في اتجاه القضايا المصيرية


انفـراج

س: رغم اشتداد الأزمة والتوتر السياسي بين سوريا وإيران من جهة، والولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى، فإننا نلحظ بعض منافذ الانفتاح أو الانفراج بينهما؟

 

ج: من الطبيعي جداً أن إيران دولة تبحث عن مصالحها، بمعنى أن إيران لا تنطلق في علاقتها مع أمريكا على قاعدة العداوة، تماماً كما هي العداوات بين الأشخاص، بحيث تعيش حالةً من الحقد الذاتي الذي لا يمكن أن يصل إلى أي نتيجة من الانفتاح، لكن المسألة هي أن هناك تجاذباً بين إيران وأميركا في قضايا الصراع التي تحاول أميركا أن تنفذ من خلاله إلى إيران، لتضغط عليها في بعض القضايا الحساسة، كالملف النووي، وقضية تدخل إيران في العراق، وما إلى ذلك. كما إن إيران تحاول أن تنفذ إلى داخل السياسة الأميركية من أجل أن تخفف من الضغط الأميركي عليها من جهة، والعمل على فتح نافذة للحوار بينها وبين أميركا من جهة أخرى، كما عندما حدثت بعض الانفراجات بينهما في المسألة الأفغانية، وهذا ما نلاحظه الآن في العلاقة بينهما فيما يتعلق بالمسألة الأفغانية، فهي علاقة جيدة جداً، بالرغم من سيطرة أميركا على أفغانستان، وذلك من جهة أن هناك خطوطاً تحكم هذه العلاقات بالطريقة التي تبتعد فيها عن التشنج الحاد في هذا المقام.

وهكذا نجد أن إيران تحاول أن تستفيد من حاجة أميركا إليها في المسألة العراقية، حيث تعرض عليها أمريكا بين وقت وآخر مفاوضات لجعلها تبتعد عن التدخل العسكري من خلال تشجيعها المقاومة، وخصوصاً المقاومة الشيعية. لذلك فإنني أتصوّر أن قضية العلاقات بين الدول هي علاقات متحركة، وليست علاقات جامدة مغلقة.

  

إيران دولة إسلامية تعتبر أن أمريكا دولة تتحرك ضد مصلحة المستضعفين في العالم


علاقات ومصالح

س: هل إنّ العقائد تخضع لميزان المصالح؟

ج: إنّ إيران دولة إسلامية، وتعتبر أن أميركا دولة تتحرك ضد مصلحة المستضعفين في العالم، لكنها في الوقت نفسه دولة تحافظ على مصالحها. وعلى ضوء هذا، فإنها لا تعتبر نفسها عندما تفتح الأفق بينها وبين أميركا، بأنها قدّمت تنازلاً، أو أنها سقطت استراتيجياً، ولكنها تعتبر أن هناك علاقات دولية تماماً ككل العلاقات الدولية الأخرى، التي تعطي فيها لأميركا شيئاً لا يمثل خطورة على استراتيجيتها، كما تعطيها أميركا أيضاً ما لا يؤثر على مجمل سياستها.

العرب بين كماشتين

س: من خلال هذه الصورة، هل بات العرب أسرى الخوف من إيران القوية من جهة، وأميركا المتنفّذة تاريخياً من جهة أخرى؟

ج: الآن، عندما ندرس الخطاب الأميركي الموجّه إلى العرب، نلاحظ أنه قائم على أساس تخويف العرب، ولاسيما الخليجيين منهم، أو الذين يُطلق عليهم اسم العرب المعتدلين، تخويفهم من إيران، على أساس اتهامها بتضييع القنبلة النووية، ولكن إيران عملت ولا تزال تعمل على تأكيد العلاقات الثنائية بينها وبين أكثر من دولة عربية، كما في العلاقات الثنائية مع مصر، ومع الأردن، أو في علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي التي وصلت إلى القمة بحضور الرئيس نجاد لمؤتمر قمة دول مجلس التعاون الخليجي، حيث قدّم أطروحةً واسعةً من الناحية الاقتصادية والأمنية. وأنا أعتقد أن أميركا تحاول أن تخوّف دول الخليج بإيران، وتتحدث عن ضرورة أن يكون عندهم مظلة أمنية، استعداداً لمواجهة الخطر الإيراني، وفي المقابل تقدّم إسرائيل للعرب كداعية سلام، وأنها لا تمثل أي خطر على جيرانها وعلى العرب.

   

الخطاب الأمريكي قائم على أساس تخويف العرب من إيران


يقظة شيعية

س: هل الخوف العربي من إيران لأنها تسعى إلى إحداث ما يسمى يقظة شيعية في الشارع العربي كما يقال؟

ج: أنا لا أتصوّر إن إيران تملك أن تقوم بثورة مذهبية، بحيث تستقطب العالم العربي كله في المسألة المذهبية، لكن من الطبيعي جداً أن في إيران جهات ثقافية علمائية تهتم بإيصال الفكر الشيعي إلى أكبر قدر ممكن من الناس، سواء في العالم العربي أو في غير العالم العربي. كما قد نجد إلى جانب ذلك، أن في العالم العربي، وخصوصاً في بعض دول الخليج، ولاسيما في رابطة العالم الإسلامي، نجد أن هناك جهات علمائية وثقافية تكفيرية تحاول أن تحارب التشيّع، حتى في البلدان التي يكثر فيها الشيعة من مواطنيها، أي الشيعة العرب، كما نلاحظ أن الضجة التي أُثيرت حول أن هناك تخطيطاً لتشييع السُنة في العالم العربي، لم تقابل بضجة حول تنصير المسلمين في العالم كله، من خلال أجهزة التبشير المسيحي في هذا المجال، أو بضجة حول الأجهزة اليهودية التي تحاول أن تُشوّه صورة الإسلام، لأن المسألة تنطلق من حالة تخلّف إسلامي في العالم العربي، سواء عند بعض الشيعة، أو عند بعض السُنة. لكنني أعتقد أن ما يتحدث عنه البعض، وخصوصاً في بعض مواقع العالم الإسلامي السُني، هو زوبعة في فنجان.

حركة سياسية

س: هل يعني ذلك أنّه لا يوجد سعي إلى إيجاد حركة سياسية محض شيعية في العالم العربي لها مصالح مختلفة عن الواقع العربي؟

  

  إيران لا تملك أن تقوم بثورة مذهبية، بحيث تستقطب العالم العربي


 

ج: الشيعة لا يملكون الوسائل التي يستطيعون من خلالها السيطرة على العالم العربي، ولكنهم قد يفكّرون في أن يكون لهم دور إسلامي في هذا العالم العربي، باعتبار أن لهم وجوداً في أكثر من منطقة عربية. ولذلك فإنهم يطلبون من العرب الآخرين أن يحترموا وجودهم، سواء كان وجوداً سياسياً أو ثقافياً، ويطلبون منهم في القضايا التي يختلف فيها السُنة والشيعة، الدخول في حوار موضوعي عقلاني يمكن أن يُصحِّح بعض ما لدى الشيعة والسنّة من أخطاء في هذا المجال، خصوصاً أنّ الجهات التكفيرية تحاول إثارة المسألة كما لو كان الشيعة كفرة أو مرتدين أو ما أشبه ذلك، وهذا ما نلاحظه في بعض الدول العربية الآن، حتى في تلك التي تتحدث عن أنها تحارب الإرهاب، لأن الإرهاب دخل في مفاصلها الشعبية والسياسية وما إلى ذلك.

 

 

 

فتوى العنف

س: الفتوى التي أصدرتموها في مسألة السماح للمرأة باستخدام العنف في ما لو قوبلت بالعنف من زوجها، وردّة الفعل التي أُثيرت حولها على الساحة الكويتية تحديداً، ما هو تعليقك على ما قرأت من ردود فعل؟

ج: عندما ندرس ردود الفعل، نجد أن هناك نوعاً من سوء الفهم للفتوى، لأنهم كانوا يتحدثون عن الأحاديث النبوية التي تؤكد ضرورة احترام المرأة لزوجها، كما في الحديث الذي يقول: إنه لو جاز السجود لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها، أو في إثارة قضية النفوذ، وأن الإسلام شّرع ضرب المرأة عندما تتمرد على الحق الزوجي الذي التزمت به في عقد الزواج، ولكن فتوانا لم تكن تتناول هذه المسألة.
   

الشيعة يفكرون في أن يكون لهم دور إسلامي في العالم العربي


باعتبار تواجدهم في المنطقة العربية


نحن نعرف أن مسألة الضرب في حال النشوز، هي من المسائل القرآنية الواضحة بعد الوعظ والهجران في المضاجع، أي الضرب غير المبرح، أو الضرب الإيحائي التأديبي. ولكن المورد الذي تحدثت فيه هو العنف، والمقصود بالعنف، هو أن ينطلق الزوج من حالة نفسية معقّدة ضد زوجته، ولاسيما من خلال الذهنية التي ربما يتربى عليها الكثيرون، من أن للزوج الحق في أن يمارس العنف ضد الزوجة بأقل قدر ممكن من عدم الراحة أو ما أشبه ذلك.

كنت أتحدث أنه لو فرضنا أن الزوج أراد أن يمارس العنف الدامي ضد زوجته، ولم يكن هناك أحد في البيت غيرهما، فهل تتركه يدميها؟ لو أراد أن يكسر رجلها أو أراد أن يفقأ عينها، وأن يكسر رأسها وما إلى ذلك من الأمور، فهل الإسلام يمنع المرأة من الرد على زوجها للدفاع عن نفسها؟ والله يقول: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} (البقرة:194). أما الأحاديث الواردة عن النبي(ص) فتنطلق من طبيعة ما ينبغي أن تكون عليه العلاقة الزوجية، باعتبار أن الله سبحانه وتعالى يقول: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمة} (الروم:21). فالمسألة هي، هل للزوجة أن تدافع عن نفسها أمام العنف الوحشي الذي لا أساس له، والذي لا يرتبط بقضية النفوذ الذي جعله الإسلام مجرّد حالة تأديبية أقرب إلى الإيحاء منها إلى الواقع؟

أما قضية القوامة، فإننا نعتقد أنها ترتبط بالعقد الزوجي، وأن القوامة مختصة بحالة الزواج وليست مُطلقة. فالمرأة إنسان مستقل من الناحية القانونية والاقتصادية، وفي مسألة زواجها، كما إن الرجل مستقل في ذلك.

أما القوامة الزوجية، فهي بمعنى الإدارة، لأن الرجل هو الذي يتحمل مسؤولية إدارة البيت الزوجي، وهو الذي يتحمل مسؤولية الإنفاق، وهناك بعض الخصائص الموجودة في تكوين الرجل وفي تكوين المرأة، تفرض أن تكون الإدارة للرجل من دون المرأة...

لذلك، أنا أؤكد أن كل إنسان له حق الدفاع عن نفسه، سواء كان العنف بين رجل وامرأة، أو رجل ورجل، أو بين امرأة وامرأة، عندما يعتدي أحدهم على الآخر من دون أي حق في هذا المقام، لأن الله أكد ذلك. فللمرأة الحق في الدفاع عن نفسها، ولكن الله أكد أن لصاحب الحق التنازل عن حقه، وذلك قوله تعالى: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}، {وأن تعفوا أقرب للتقوى} (البقرة:237)، {ولئن صبرتم لهو خير للصابرين} (النحل:126).

أما بالنسبة إلى من يقول إنّ عليها أن ترفع أمرها إلى الحاكم لكي يطلقها، فنقول لهم: عندما يكونان في البيت وحدهما، ولا يمكن للحاكم أن يتواجد بينهما، ماذا تفعل؟ وخصوصاً أنّ الفتوى لدى أكثر فقهاء السُنة والشيعة، هي أنه يُمنع على المرأة أن تخرج من بيت زوجها من غير إذنه، ما يعني أن الزواج يمثل سجناً مؤبداً، من حفلة الزواج إلى القبر.

إنني أدعو إلى أن تُدرس قضايا علاقة الرجل والمرأة من الناحية الإسلامية، الإنسانية، ولكنني ألاحظ أن كثيراً من الفقهاء ينطلقون فيها من ناحية ذكورية، لا من ناحية إنسانية.
   

الفتوى تتناول مسألة هل للزوجة أن تدافع عن نفسها أمام العنف الوحشي لزوجها


والذي لا يرتبط بقضية النفوذ الذي جعله الإسلام مجرد حالة تأديبية


بيروت ـ منى سكرية

مقابلة مع موقع صحيفة "أوان" الإلكترونية، 18-1-2008م

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 9 محرم 1429 هـ  الموافق: 18/01/2008 م

فضل الله: الشيعة لا يملكون وسائل السيطرة على العالم العربي


كثير من الفقهاء يدرسون علاقة الرجل والمرأة من ناحية ذكورية لا إنسانية


يثير العلاّمة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، الجدل في الأفكار التي يطرحها، الديني منها والسياسي.

كما أنه جريء في طرح فتاوى تواكب تطورات العصر بغير تهيّب إلا من الله سبحانه كما يردِّد دائماً.

صحيفة "أوان" الإلكترونية الكويتية، حاورت العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، حول القضايا الأساسية التي ترسم ملامح المشهد السياسي في لبنان والمنطقة. وهذا نص الحوار:

المشهد السياسي في المنطقة


س: انطلاقا مما نشهده على الساحتين المحلية والإقليمية، نلاحظ سعياً لدى كل الأطراف، سواء كانوا قوى سياسية على الصعيد اللبناني، أو على الصعيد الإقليمي، إلى محاورة أميركا أو التفاهم معها لدرء مخاطرها. كيف تقرأ سماحتك هذا المشهد؟

ج: عندما ندرس تركيبة الإنسان السياسي اللبناني، نلاحظ أن الشخصانية هي التي تحكم طريقته في إدارة الأمور في خطوط التفكير، بحيث تكون علاقاته الخارجية في خدمة حالته الشخصية في هذا المجال، ولذلك فإننا نلاحظ أن العلاقات الخارجية، سواء كانت إقليمية أو دولية، تستطيع أن تضغط ضغطاً متحركاً على هذا الشخص أو ذاك، مستغلةً الجانب الشخصي الذي يحكم اختياراته السياسية في هذا المجال. لذلك، فإنني لا أعتبر أن هناك علاقات دولية أو إقليمية لشخص، بل هناك علاقات شخصية تحاول أن تحصل على تفعيل موقعها من خلال هذه العلاقات.

أما بالنسبة إلى الجانب الدولي، فمن الطبيعي جداً أنه خاضع لمصالحه الاستراتيجية في هذا المجال، وهو ما نسمعه من أمريكا التي تتحدث دائماً عن مصالحها الاستراتيجية، حتى إنها عندما احتلت العراق كانت تتحدث عن أنها تريد المحافظة على مصالحها الاستراتيجية، سواء كان ذلك على مستوى مصالحها الاقتصادية في العراق، أو لجهة اعتبار العراق ممراً للضغط على الدول المجاورة التي تريد أميركا أن تستغلها، لتصل من خلالها إلى العمل على حماية مصالحها الاستراتيجية.

أما بالنسبة إلى الموقف الأوروبي، فإننا نجد أن الدولة الأوروبية الوحيدة التي تتحرك من أجل أن يكون لها نفوذ مستمر في لبنان، هي فرنسا، التي ترى أن لها تاريخاً في لبنان يؤكد نفوذها في المنطقة، إذ لا نفوذ لها في العالمين العربي والإسلامي. ولذلك، فإن فرنسا تحاول أن تتدخل في الشؤون اللبنانية لمصلحة المحافظة على نفوذها السياسي في لبنان. وهي على استعداد لأن ترضخ للسياسة الأميركية التي أصبحت السياسة الأقوى في إدارة الشأن اللبناني، بطريقة وبأخرى، في هذه المرحلة على الأقل.
   

العلاقات الدولية والإقليمية للشخص


هي علاقات تحاول أن تستفيد من هذه العلاقات في تفعيل موقعها


 

أما بالنسبة إلى الدول الإقليمية، كسوريا وإيران، فإنها تعمل على أساس ما يحفظ لها مصالحها ووجودها، وسياستها من الضغوط الأميركية في حركتها في لبنان، لتكون المسألة مسألة صراع سياسي بين الإدارة الأميركية وبين هذه الدول، وهذا ما نلاحظه في الفريق الذي تستخدمه أميركا لحماية مصالحها، أو لتنفيذ سياستها في لبنان في مقابل المعارضة، كما أنها تحاول أن تجعل من لبنان الساحة التي تحرّك بها مصالحها الاستراتيجية، وتعتبر أن لبنان يدخل في مسألة الأمن القومي الأميركي، كما صرّح الرئيس بوش. وعندما ندرس المسألة السورية، فإننا نرى أن سوريا تخشى من المؤامرات التي تُصنع في لبنان من أجل الإضرار بنظامها وسياستها وغير ذلك.

سياسة المحاور

س: بكل موضوعية، نرى أن كل طرف يُخضع قراءته السياسية لهذا المشهد السياسي والإقليمي والدولي وفقاً لمصالحه وفهمه السياسي، وتحالفاته وقناعاته، فالبعض يرى في السياسة الأميركية في لبنان نوعاً من المؤامرة على سوريا، والبعض الآخر يراها إنقاذاً له. هل يجوز لأطراف دولية وإقليمية مثل سوريا وإيران ما لا يجوز لطرف محلي مثل وليد جنبلاط في مسألة التحاور مع أميركا؟
   

الدول الإقليمية كسوريا وإيران تعمل على أساس ما يحفظ مصالحها ووجودها


ويحفظ سياستها من الضغوط الأمريكية


 

ج: هناك فرق بين العلاقات الشخصية لسياسي هنا وسياسي هناك، وبين علاقات الدول بعضها ببعض، لأن مثل هذه العلاقات لا تنطلق من منطلقات استراتيجية كبرى يمكن أن تتحرك في اتجاه القضايا الحيوية المصيرية سلباً أو إيجاباً بالنسبة إلى لبنان. ولذلك فإننا عندما ندرس الشخصيات اللبنانية في علاقاتها بأميركا، نلاحظ أن هناك نوعاً من التبعية التي ربما يحاول أصحابها أن يمنحوها بعض مساحيق التجميل من خلال تعبيرهم عنها بأنها تنطلق من حالة وطنية، وأن علاقاتهم بأميركا هي علاقة صداقات دولية.

أما بالنسبة إلى علاقة أميركا بالمنطقة، فإننا نلاحظ أن أميركا تمثّل دولة كبرى تعمل على أساس أن تكون امبراطورية العالم، بحيث يكون لها دور سياسي واقتصادي وأمني في أي مكان في العالم. ولذلك فإنها تخطط للتدخل بشكل وبآخر في أي موقع من المواقع التي تستطيع النفاذ إليها في هذا المقام. ففي مسألة الصراع بين أميركا وإيران، سواء كان ذلك من خلال الملف النووي الإيراني، أو من خلال طبيعة السياسة الإيرانية في حركتها السلبية تجاه أميركا، نرى أن أميركا تعمل على أن تضغط على إيران بشكل وبآخر، من خلال استغلال الملف النووي، لإقرار العقوبات الاقتصادية في مجلس الأمن عليها من جهة، أو من خلال تهديدها المتكرّر بالحرب من جهة أخرى.

أما سوريا، فإن هناك مشكلتين لأميركا معها: المشكلة الأولى، تتمثل في علاقة سوريا بالعراق، واتهام أمريكا لها بأنها تسهّل عملية دخول المتطرفين إلى العراق للعبث بأمنه بشكل وبآخر. والمشكلة الثانية، هي أن أمريكا تعتقد بأن سورية تتدخل في الشؤون اللبنانية. ولذلك فإن الجدل الأميركي ـ الإيراني ـ السوري ينطلق من خلال علاقة هاتين الدولتين ببعض القضايا الحيوية الحساسة في استراتيجية أميركا في لبنان والمنطقة.

أما الأشخاص، فإنني أعتقد أن دورهم هو أن يتلقوا التعليمات، سواء من السفير الأميركي، أو من خلال بعض المسؤولين الأمريكيين الذين يزورون لبنان من وقت لآخر، لذلك لا نجد أن هناك موقع قوة يمكن أن يكون موقعاً لبنانياً مستقلاً حراً في هذا المجال.
   

العلاقات الشخصية للسياسيين لا تنطلق من منطلقات استراتيجية


تتحرك في اتجاه القضايا المصيرية


انفـراج

س: رغم اشتداد الأزمة والتوتر السياسي بين سوريا وإيران من جهة، والولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى، فإننا نلحظ بعض منافذ الانفتاح أو الانفراج بينهما؟

 

ج: من الطبيعي جداً أن إيران دولة تبحث عن مصالحها، بمعنى أن إيران لا تنطلق في علاقتها مع أمريكا على قاعدة العداوة، تماماً كما هي العداوات بين الأشخاص، بحيث تعيش حالةً من الحقد الذاتي الذي لا يمكن أن يصل إلى أي نتيجة من الانفتاح، لكن المسألة هي أن هناك تجاذباً بين إيران وأميركا في قضايا الصراع التي تحاول أميركا أن تنفذ من خلاله إلى إيران، لتضغط عليها في بعض القضايا الحساسة، كالملف النووي، وقضية تدخل إيران في العراق، وما إلى ذلك. كما إن إيران تحاول أن تنفذ إلى داخل السياسة الأميركية من أجل أن تخفف من الضغط الأميركي عليها من جهة، والعمل على فتح نافذة للحوار بينها وبين أميركا من جهة أخرى، كما عندما حدثت بعض الانفراجات بينهما في المسألة الأفغانية، وهذا ما نلاحظه الآن في العلاقة بينهما فيما يتعلق بالمسألة الأفغانية، فهي علاقة جيدة جداً، بالرغم من سيطرة أميركا على أفغانستان، وذلك من جهة أن هناك خطوطاً تحكم هذه العلاقات بالطريقة التي تبتعد فيها عن التشنج الحاد في هذا المقام.

وهكذا نجد أن إيران تحاول أن تستفيد من حاجة أميركا إليها في المسألة العراقية، حيث تعرض عليها أمريكا بين وقت وآخر مفاوضات لجعلها تبتعد عن التدخل العسكري من خلال تشجيعها المقاومة، وخصوصاً المقاومة الشيعية. لذلك فإنني أتصوّر أن قضية العلاقات بين الدول هي علاقات متحركة، وليست علاقات جامدة مغلقة.

  

إيران دولة إسلامية تعتبر أن أمريكا دولة تتحرك ضد مصلحة المستضعفين في العالم


علاقات ومصالح

س: هل إنّ العقائد تخضع لميزان المصالح؟

ج: إنّ إيران دولة إسلامية، وتعتبر أن أميركا دولة تتحرك ضد مصلحة المستضعفين في العالم، لكنها في الوقت نفسه دولة تحافظ على مصالحها. وعلى ضوء هذا، فإنها لا تعتبر نفسها عندما تفتح الأفق بينها وبين أميركا، بأنها قدّمت تنازلاً، أو أنها سقطت استراتيجياً، ولكنها تعتبر أن هناك علاقات دولية تماماً ككل العلاقات الدولية الأخرى، التي تعطي فيها لأميركا شيئاً لا يمثل خطورة على استراتيجيتها، كما تعطيها أميركا أيضاً ما لا يؤثر على مجمل سياستها.

العرب بين كماشتين

س: من خلال هذه الصورة، هل بات العرب أسرى الخوف من إيران القوية من جهة، وأميركا المتنفّذة تاريخياً من جهة أخرى؟

ج: الآن، عندما ندرس الخطاب الأميركي الموجّه إلى العرب، نلاحظ أنه قائم على أساس تخويف العرب، ولاسيما الخليجيين منهم، أو الذين يُطلق عليهم اسم العرب المعتدلين، تخويفهم من إيران، على أساس اتهامها بتضييع القنبلة النووية، ولكن إيران عملت ولا تزال تعمل على تأكيد العلاقات الثنائية بينها وبين أكثر من دولة عربية، كما في العلاقات الثنائية مع مصر، ومع الأردن، أو في علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي التي وصلت إلى القمة بحضور الرئيس نجاد لمؤتمر قمة دول مجلس التعاون الخليجي، حيث قدّم أطروحةً واسعةً من الناحية الاقتصادية والأمنية. وأنا أعتقد أن أميركا تحاول أن تخوّف دول الخليج بإيران، وتتحدث عن ضرورة أن يكون عندهم مظلة أمنية، استعداداً لمواجهة الخطر الإيراني، وفي المقابل تقدّم إسرائيل للعرب كداعية سلام، وأنها لا تمثل أي خطر على جيرانها وعلى العرب.

   

الخطاب الأمريكي قائم على أساس تخويف العرب من إيران


يقظة شيعية

س: هل الخوف العربي من إيران لأنها تسعى إلى إحداث ما يسمى يقظة شيعية في الشارع العربي كما يقال؟

ج: أنا لا أتصوّر إن إيران تملك أن تقوم بثورة مذهبية، بحيث تستقطب العالم العربي كله في المسألة المذهبية، لكن من الطبيعي جداً أن في إيران جهات ثقافية علمائية تهتم بإيصال الفكر الشيعي إلى أكبر قدر ممكن من الناس، سواء في العالم العربي أو في غير العالم العربي. كما قد نجد إلى جانب ذلك، أن في العالم العربي، وخصوصاً في بعض دول الخليج، ولاسيما في رابطة العالم الإسلامي، نجد أن هناك جهات علمائية وثقافية تكفيرية تحاول أن تحارب التشيّع، حتى في البلدان التي يكثر فيها الشيعة من مواطنيها، أي الشيعة العرب، كما نلاحظ أن الضجة التي أُثيرت حول أن هناك تخطيطاً لتشييع السُنة في العالم العربي، لم تقابل بضجة حول تنصير المسلمين في العالم كله، من خلال أجهزة التبشير المسيحي في هذا المجال، أو بضجة حول الأجهزة اليهودية التي تحاول أن تُشوّه صورة الإسلام، لأن المسألة تنطلق من حالة تخلّف إسلامي في العالم العربي، سواء عند بعض الشيعة، أو عند بعض السُنة. لكنني أعتقد أن ما يتحدث عنه البعض، وخصوصاً في بعض مواقع العالم الإسلامي السُني، هو زوبعة في فنجان.

حركة سياسية

س: هل يعني ذلك أنّه لا يوجد سعي إلى إيجاد حركة سياسية محض شيعية في العالم العربي لها مصالح مختلفة عن الواقع العربي؟

  

  إيران لا تملك أن تقوم بثورة مذهبية، بحيث تستقطب العالم العربي


 

ج: الشيعة لا يملكون الوسائل التي يستطيعون من خلالها السيطرة على العالم العربي، ولكنهم قد يفكّرون في أن يكون لهم دور إسلامي في هذا العالم العربي، باعتبار أن لهم وجوداً في أكثر من منطقة عربية. ولذلك فإنهم يطلبون من العرب الآخرين أن يحترموا وجودهم، سواء كان وجوداً سياسياً أو ثقافياً، ويطلبون منهم في القضايا التي يختلف فيها السُنة والشيعة، الدخول في حوار موضوعي عقلاني يمكن أن يُصحِّح بعض ما لدى الشيعة والسنّة من أخطاء في هذا المجال، خصوصاً أنّ الجهات التكفيرية تحاول إثارة المسألة كما لو كان الشيعة كفرة أو مرتدين أو ما أشبه ذلك، وهذا ما نلاحظه في بعض الدول العربية الآن، حتى في تلك التي تتحدث عن أنها تحارب الإرهاب، لأن الإرهاب دخل في مفاصلها الشعبية والسياسية وما إلى ذلك.

 

 

 

فتوى العنف

س: الفتوى التي أصدرتموها في مسألة السماح للمرأة باستخدام العنف في ما لو قوبلت بالعنف من زوجها، وردّة الفعل التي أُثيرت حولها على الساحة الكويتية تحديداً، ما هو تعليقك على ما قرأت من ردود فعل؟

ج: عندما ندرس ردود الفعل، نجد أن هناك نوعاً من سوء الفهم للفتوى، لأنهم كانوا يتحدثون عن الأحاديث النبوية التي تؤكد ضرورة احترام المرأة لزوجها، كما في الحديث الذي يقول: إنه لو جاز السجود لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها، أو في إثارة قضية النفوذ، وأن الإسلام شّرع ضرب المرأة عندما تتمرد على الحق الزوجي الذي التزمت به في عقد الزواج، ولكن فتوانا لم تكن تتناول هذه المسألة.
   

الشيعة يفكرون في أن يكون لهم دور إسلامي في العالم العربي


باعتبار تواجدهم في المنطقة العربية


نحن نعرف أن مسألة الضرب في حال النشوز، هي من المسائل القرآنية الواضحة بعد الوعظ والهجران في المضاجع، أي الضرب غير المبرح، أو الضرب الإيحائي التأديبي. ولكن المورد الذي تحدثت فيه هو العنف، والمقصود بالعنف، هو أن ينطلق الزوج من حالة نفسية معقّدة ضد زوجته، ولاسيما من خلال الذهنية التي ربما يتربى عليها الكثيرون، من أن للزوج الحق في أن يمارس العنف ضد الزوجة بأقل قدر ممكن من عدم الراحة أو ما أشبه ذلك.

كنت أتحدث أنه لو فرضنا أن الزوج أراد أن يمارس العنف الدامي ضد زوجته، ولم يكن هناك أحد في البيت غيرهما، فهل تتركه يدميها؟ لو أراد أن يكسر رجلها أو أراد أن يفقأ عينها، وأن يكسر رأسها وما إلى ذلك من الأمور، فهل الإسلام يمنع المرأة من الرد على زوجها للدفاع عن نفسها؟ والله يقول: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} (البقرة:194). أما الأحاديث الواردة عن النبي(ص) فتنطلق من طبيعة ما ينبغي أن تكون عليه العلاقة الزوجية، باعتبار أن الله سبحانه وتعالى يقول: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمة} (الروم:21). فالمسألة هي، هل للزوجة أن تدافع عن نفسها أمام العنف الوحشي الذي لا أساس له، والذي لا يرتبط بقضية النفوذ الذي جعله الإسلام مجرّد حالة تأديبية أقرب إلى الإيحاء منها إلى الواقع؟

أما قضية القوامة، فإننا نعتقد أنها ترتبط بالعقد الزوجي، وأن القوامة مختصة بحالة الزواج وليست مُطلقة. فالمرأة إنسان مستقل من الناحية القانونية والاقتصادية، وفي مسألة زواجها، كما إن الرجل مستقل في ذلك.

أما القوامة الزوجية، فهي بمعنى الإدارة، لأن الرجل هو الذي يتحمل مسؤولية إدارة البيت الزوجي، وهو الذي يتحمل مسؤولية الإنفاق، وهناك بعض الخصائص الموجودة في تكوين الرجل وفي تكوين المرأة، تفرض أن تكون الإدارة للرجل من دون المرأة...

لذلك، أنا أؤكد أن كل إنسان له حق الدفاع عن نفسه، سواء كان العنف بين رجل وامرأة، أو رجل ورجل، أو بين امرأة وامرأة، عندما يعتدي أحدهم على الآخر من دون أي حق في هذا المقام، لأن الله أكد ذلك. فللمرأة الحق في الدفاع عن نفسها، ولكن الله أكد أن لصاحب الحق التنازل عن حقه، وذلك قوله تعالى: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}، {وأن تعفوا أقرب للتقوى} (البقرة:237)، {ولئن صبرتم لهو خير للصابرين} (النحل:126).

أما بالنسبة إلى من يقول إنّ عليها أن ترفع أمرها إلى الحاكم لكي يطلقها، فنقول لهم: عندما يكونان في البيت وحدهما، ولا يمكن للحاكم أن يتواجد بينهما، ماذا تفعل؟ وخصوصاً أنّ الفتوى لدى أكثر فقهاء السُنة والشيعة، هي أنه يُمنع على المرأة أن تخرج من بيت زوجها من غير إذنه، ما يعني أن الزواج يمثل سجناً مؤبداً، من حفلة الزواج إلى القبر.

إنني أدعو إلى أن تُدرس قضايا علاقة الرجل والمرأة من الناحية الإسلامية، الإنسانية، ولكنني ألاحظ أن كثيراً من الفقهاء ينطلقون فيها من ناحية ذكورية، لا من ناحية إنسانية.
   

الفتوى تتناول مسألة هل للزوجة أن تدافع عن نفسها أمام العنف الوحشي لزوجها


والذي لا يرتبط بقضية النفوذ الذي جعله الإسلام مجرد حالة تأديبية


بيروت ـ منى سكرية

مقابلة مع موقع صحيفة "أوان" الإلكترونية، 18-1-2008م

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 9 محرم 1429 هـ  الموافق: 18/01/2008 م
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية