نظريّة المرجع فضل الله حول دولة الإنسان

نظريّة المرجع فضل الله حول دولة الإنسان

مداخلة البروفسور سليم دكَّاش

 نظريّة المرجع فضل الله حول دولة الإنسان

عندما كنت أُقلّب صفحات كتاب سماحة السيّد العلامة محمد حسين فضل الله (رضي الله عنه) "في آفاق الحوار الإسلامي المسيحي"، وقع نظري على جملة مفيدة يقول فيها السيّد: "عندما تحدّثتُ عن دولة الإنسان.. تحدّثت عنها على أساس الواقع الموجود في لبنان، فقلتُ: إننا إذا لم نستطع أن نؤسّس دولة الإسلام في لبنان، فعلى الأقلّ أن نلتقي عند دولة الإنسان"([1]). ويشرح فضيلته هذه النّظرية فيُضيف: إنّ مسوّغ وجود هذه الدّولة، دولة الإنسان، "أن لا تكون حقوق الإنسان وواجباته خاضعةً للتّقسيم الطائفي، بل أن تكون إنسانيّة الإنسان التي تمثّل معنى مواطنيّته، هي الأساس في الواقع كحلّ جزئيّ لا كبديل"([2]).

في هذا الطّرح، يعلن سماحته عن خياراته: إنّه مع تأسيس دولة الإسلام في لبنان، وهو في مثاليّته مع هذا الهدف، إلا أنّه أمام الواقع اللبناني، وفي واقعيّته، يفضّل مخرجاً فكريّاً آخر، هو دولة الإنسان المبنيّة على إنسانيّة الإنسان، وعلى الانفتاح الإنساني، وهي مقولات مرتبطة بالحالة اللّبنانيّة، إلا أنّها أبعد وأعمق من هذه الحالة.. فما هو سرّ هذا التوجّه الفكري الاجتماعي الّذي يجعل، عند العلاّمة فضل الله، إنسانيَّة الإنسان، مقولة أساسيّة لها أبعادها على الأصعدة الدينيّة والاجتماعيّة والسياسيّة؟ انطلاقاً من هذه الثّابتة الفكرية، أحدِّد منهجي في توضيحها وإسنادها عبر ثلاث نقاط أساسيّة:

أوّلاً: ما هي الأسباب والمنطلقات التي أدَّت وتؤدِّي إلى بلورة فكرة دولة الإنسان وإنسانيّة الإنسان كانفتاحٍ على الآخر والبناء عليه ومعه للمواطنيّة؟

ثانياً:ما هي نتائج هذا التصوّر على الواقع؟ وما هو التّغيير الّذي يتحقَّق عبر تحقيق هذه المقولات؟

ثالثاً: كيف نستثمر اليوم هذا التّفكير في الانفتاح الإنساني كما صاغه العلاّمة فضل الله؟:

أوّلاً المنطلقات ـ أو الواقع ـ هي على ثلاثة أنواع:

أ ـ إن طرح إنسانيّة الإنسان بتعبيرٍ فلسفيّ، ودولة الإنسان بتعبيرٍ اجتماعيّ سياسيّ عند سماحة السيّد، هو مرتبط، قبل النّظر إلى الواقع اللّبناني، بمبنى فقهيّ وفكريّ يقول التالي: إنه يؤكّد مع الكثير من الفقهاء والمفكّرين بطهارة الإنسان عامّة، وبطهارة الإنسان الفطرية، حيث يُعلن أنّ هذه الطهارة لا يدنّسها شيء على المستوى المادّي، فالإنسان إذا ما بقي على نقائه وطهارته الروحيّة والفطريّة، يسهُل اللّقاء معه على القيم الإيجابيّة، وخصوصاً إذا كان يؤمن بأحد الكتب السماويّة.

يقول: "إني لم أجد دليلاً شرعيّاً ثابتاً على نجاسة أحد.. وأنا مستعدّ أن أناقش أي مجتهد حول هذا الموضوع".. ويضيف: "أنا حينما أقول إنّ المشرك طاهر والملحد طاهر والبوذي طاهر والكتابي طاهر.. فلأنّني لم أجد هناك أيّ دليل على نجاسة الإنسان".. وبالعودة إلى الآية الكريمة: {إنّما المشركون نجَسٌ} فالمناقشة تُظهر أنّ المراد هو النّجاسة المعنويّة وليست الماديّة، وبالتّالي، لا دليل على النجاسة، حيث يجمع العلماء "أنَّ الأصل هو الطهارة".. فمن مهمّات الدين ليست تنجيس النّاس أو الحطّ من شأنهم، وإنما أعمالهم وأفكارهم ومواقفهم هي التي تحدِّد مكانتهم وقيمتهم في الحياة.

وهكذا، فإنَّ العلامة يوسِّع دائرة الإنسان الطّاهر والمحبّ للآخر، لتشمل الدَّائرة الأوسع، وهي دائرة الإنسانيّة الشّاملة، بحيث يستطيع أيّ إنسان أن يدخل في علاقة إيجابيّة مع أيّ إنسان آخر، وأن ينفتح عليه باسم إنسانيّته، بما أنّ أيّ إنسانٍ هو مفطور على رؤية الآخر من زاوية أنّه قرينٌ له لا عدوّ، وهذا ما يعدّ انقلاباً بالمفهوم السّائد أنّ الإنسان المتديّن هو في علاقة فوقيّة أو عدائية مع الإنسان الآخر المختلف له.

ب ـ المنطلق الثاني، هو رؤيته لمعنى الوطن والمواطنة، وهي رؤية مفهوميّة متجدّدة جريئة.. فهو يقول: "إنّ قيمة الأرض أو الوطن هي بمقدار ما تؤمِّن للإنسان من فسحة للسّكن المادّيّ أو الرّوحيّ، وبمقدار ما تستطيع أن تعطيه من حريةٍ تمكِّنه من تقديم فكره للآخرين، وتؤهِّله لصياغة مستقبلٍ رائدٍ لنفسه ولبلده"، مشيراً إلى قول للإمام عليّ: "ليس بلد أولى بك من بلد، خير البلاد ما حملك"، أي بمعنى "ما حمل فكرك، وأعطاك الحريّة في تأدية واجباتك ونيل حقوقك"([3]). فموجز القول، قيمة الوطن تكمن في حفظ إنسانيّة الإنسان، "فإذا كانت المواطنة تنطلق من معنى الانتماء إلى الوطن، وما يترتّب على هذا الانتماء من التزاماتٍ متبادلةٍ في ما يقدّمه الإنسان من نفسه للأرض التي حملته واتّسعت لمتطلّباته وحاجاته الجسدية والفكرية وغيرها، وما يترتّب على السّلطة التي تتحمّل المسؤوليّة عن صون هذه الأرض من مسؤوليّات حيال هذا الانسان، فإنّ الالتزام هنا يكبر عن أن يكون احتضاناً للأرض في معناها المادّيّ، لينطلق في الأبعاد التي تجسّدها الأرض في كلّ العناوين التي تحملها كلمة وطن".

ج ـ لماذا دولة الإنسان التي تتضمّن إنسانيّة الإنسان وانفتاح الإنسان على الآخر؟ لأنها البديل الواعي والشرعي للعصبيّات والأنانيّات، تلك النوازع الهدَّامة للأفراد والمجتمعات، وهناك فرق بين الالتزام والعصبيّة، حيث هنالك "فرق بين أن نلتزم بفكرٍ أو خطٍّ أو بقيادة، وبين أن نتعصَّب، الالتزام فعل إيمان.. بينما العصبيّة فعل جاهليّة، وقد تؤدّي بصاحبها إلى المهالك: "ولو عصيت لهويت" ([4]).

فالعصبيّة تغلق الإنسان على نفسه، فلا يرى سوى مصالحه الآنيّة والفرديّة، وتمنعه من إنتاج إنسانيّته الباطنة على الآخرين، ووإنتاج الخير للنّاس كلّ النّاس. العصبيّة هي الوجه الآخر للتقسيم الطائفي في لبنان.. يقول: "إنّ مشكلتنا في لبنان، هي أنّ النظام الطائفي والذهنيّة الطائفيّة تمنع الإنسان من التفكير في الواقع السياسي والثقافي بطريقة منفتحة، أي بطريقةٍ يمكن أن يتبنّى فيها اللّبناني فكراً منفتحاً وشاملاً"، ويُضيف منتقداً الحوار عندما يكون فقط على مستوى اللّقاء الطّائفي: "إنّ الحوارات الطائفيّة أوجدت في قلب كلّ إنسان حاجزاً، بحيث يحاول أن يُفسِّر الأمور تفسيراً على مستوى الطائفيّة"([5]).

ثانياً: ما هي انعكاسات هذه الرّؤية الإنسانيّة وانفتاحها على الواقع؟

أ ـ الانعكاس الأوّل الذي نستشعره، هو أنّ دولة الإنسان المبنيّة على إنسانيّة الإنسان المحرّرة من العصبيّة والطائفيّة إلى حدٍّ معيّن، تستقدم إلى حضنها كلّ القِيَم الدينيّة المشتركة التي يؤمن بها اللّبنانيون على مختلف انتماءاتهم الطائفيّة والمذهبيّة، فيصبح الإنسان كما يقول: ساحةً واسعة، فيستجلب ـ مختاراً ـ الأفكار الشّاملة الإنسانيّة، ومنها أيضاً أفكار الإسلام والمسيحيّة، إذ إنَّ الأديان كلّها متّفقة على هذه القيم، فلا نسمح للسياسة والسياسيّين وأصحاب النّمط الواحد بأن يتحكّموا بالمصير، بل نشدِّد على أن يتقبّل الناس تلك القيم الّتي دعوا إليها كلّ الأديان، فيعيشوا بإنسانيّتهم من دون عقد طائفيّة، وفي طليعة القيم، قيمة الانفتاح على النّاس، وهي قيمة تنادي بها كلّ الأديان.. فيقول سماحته: "كن ابن نفسك وابن عشيرتك وابن طائفتك، ولكن لا تجعل هذه الأمور سجناً تسجن فيه ذاتك، بل عش في دائرة، واترك فيها باباً ينفتح على النّاس".

ب ـ الانعكاس الثّاني الّذي يدعو إليه في مفهوم إنسانيّة الإنسان، يكمن في حتميّة التّجاوز مع الآخرين، فإن أنت انفتحت على النّاس، فهناك غاية إنسانيّة من ذلك، والغاية هي أن تحاورهم ويحاوروك، وتتفاهم معهم ويتفاهموا معك، لتكتشف خطأك من خلال ذلك، أو يكتشف النّاس خطأهم.. من هذا المنطلق، لا يرى علاّمتنا الدّعوة في لبنان إلى التّعايش أو العيش المشترك شعاراً سياسيّاً يطرح في ظلّ ظروف سياسيّة معيّنة ليُسحَب لاحقاً، بل هو دينٌ يدين به، وأيّ قيمة إسلاميّة هي قيمة لا يُقتصر في عطائها وإحسانها على المسلمين، بل تمتدّ على المسلمين وغير المسلمين.

ج ـ الانعكاس الثّالث هو على الإسلام نفسه بما يخصّ الإنسان، حيث إنّ على الدّين تربية المؤمن على "الوعي والفهم والقدرة والحريّة"، ليستطيع تحقيق أهدافه الأساسيّة الّتي هي أهداف الحياة، إلى جانب تحريك "القيم الروحيّة الّتي تبني للإنسان إنسانيّته، فلا تتجمّد حياته عند حدود حاجاته"، أكانت مادية أم معنويّة أم نفسيّة، "بل تتحرّك إلى البعيد البعيد، كما يقول، في نطاق القضايا الكبيرة من أهدافه"، الّتي هي أهداف الإسلام نفسه، وخصوصاً تلك الّتي تتطلّب المزيد من التّضحية والإيمان والجهاد عندما يتعلَّق الأمر بالتضحية من أجل الله، ومن أجل تحريك الفكر نحو الخير والحقّ والعدل، بحيث يعمل على أن يجمع بفكره العناصر الّتي يستطيع من خلالها أن ينتج فكر الحقّ وفكر الخير وفكر العدل، وأن يفتح فكره على الآفاق الّتي تُبيِّن له إنسانيّته، وتعمِّق له إحساسه بمسؤوليّته.

في هذا الإطار، يفرّق العلاّمة" في موضوع العلاقات بين الأديان والحضارات، بين العداوة والاختلاف.. فحيال الحضارة الغربيّة الماديّة، لا يصحّ أن نتحدَّث عن عداوةٍ بينها وبين الإسلام، بل عن اختلافٍ عميقٍ في التوجّه والنّظر إلى الإنسان، حيث إنَّ الغرب مع الإيجابيَّات الّتي يحملها، يحصر مفهومه في دائرة الإنسان والحياة.. أمام هذا الواقع، يدعو العلاّمة الإسلام، وكذلك المسيحيّة، اللّذين يرفضان "إعطاء الحرية التي تُسقط المسألة الأخلاقيّة"، إلى ثورة ثقافيّة وروحيّة واجتماعيّة قبل الثّورة السياسيّة، من أجل الانفتاح على المفاهيم الدينية والروحية حول الإنسان الّذي كرّمه الله في بني آدم، وأسبغ عليه هذا الحقّ في الزّود عنه وعن كرامته.

ثالثاً: كيف نستثمر اليوم فكر السيِّد العلاّمة في موضوع الانفتاح الإنسانيّ؟

في خضمِّ الأحداث، وأمام الانحطاط الفكريِّ العميق الَّذي أصاب عالمنا العربيّ والإسلاميّ، يبرز فكر العلاّمة بوجهٍ صريحٍ، فكراً مناوئاً لذلك التوجّه الّذي يصيب من الإنسان مقتلاً، حيث تُدمِّر آلة الحرب العسكريّة النَّاس بالعشرات والمئات، وتجرف جرفاً الحضارة البشريّة بأبهى معالمها، وتردّ الإنسان إلى جاهليَّة الفناء والزَّوال.. وبالأكثر من ذلك، إنها ترسم صورة الإنسان في عالمنا بأنّه عدوّ الإنسان الآخر، فتتمزَّق تلك الصّورة التي رسمها العلاّمة عن الإنسان المتكامل مع الإنسان الآخر، فيصبح كما يقول: "العالَمُ ليس حجماً من الجبال والسّهول، بل هو المعنى الّذي تعنيه حركة الفكر وحركة الواقع في كلِّ ما يغني للإنسان تجربته، وفي كلِّ ما يعطي الحياة قوّتها وامتدادها".

والدّين في هذا يفسِّر الكون ويعطيه معنى الوحدة المركزيّة.. وأقول هنا، من دون الابتعاد عن فكر الإمام، إنَّ التَّسييس الشَّامل لكلِّ شيءٍ، بمعنى السَّعي إلى السّلطة بكلّ الوسائل، ولكلّ حركةٍ في الوجود وللدِّين في مختلف مظاهره، إنما يشلّ قدرة الإنسان على الوعي لرسالة الدّين، وهكذا يتعطّل الفكر وتعمّ الفوضى في المجتمع والنّاس.

نستثمر إيجاباً فكر العلامة السيّد فضل الله في الانفتاح الإنساني وإنسانيّة الإنسان التي معناها الخروج من الجهل، عندما نعطي الفكر الدّيني والاجتماعي والإنساني، وحتى السياسي، المكانة والمساحة الّتي يستحقّها، والّتي نحن بحاجةٍ ماسّةٍ إليها اليوم للمساعدة في الخروج من المحنة والأزمة الخانقة التي نعيشها، فالفكر هو ذلك العقل الفعّال الوسيط بين النصّ والواقع، بين الإنسان في اختلافه مع الإنسان، بين سياسةٍ وسياسة، بين تناقضٍ وآخر، بين دينٍ وآخر، بين إلحادٍ ودين.. إنّه فكرٌ روحيّ في عمقه، توجيهيّ في نبرته وشكله، إنّه فكرٌ يدعو إلى التّعالي، إلى رؤية الأمور رؤية شاملة، بدل الانغلاق في الجزئيّات.

يُستثمَر هذا الفكر، أعني قدرة العقل في العطاء، في التربية، حيث يتعلّم الإنسان أن يربط عقله بإرادته بهدف تحقيق ذاته لا الفرديّة فقط، بل الاجتماعيّة أيضاً، فيكون مسؤولاً عن نفسه أوّلاً، وعن الآخرين أخيراً.. في حركيّة التربية هذه، على المربّي "ملاحقة التّجارب التي عاشها ويعيشها في حياته، ثم يقرأ ما أنتجته عقول الآخرين، ويدخل في عمليّة حوار مع الآخرين، حتى يصنع من عقله قوّةً تنطلق من تجربته الخاصّة ومن تجارب الآخرين"([6]).

هو هذا الفكر بحسب العلامة الّذي في علاقته الوثيقة بالإرادة، يقدر أن يكون واقعياً، وإلا استسلم للخيال وللأجواء الخياليّة، وما تفرزه من مشاريع واهية يدفع الإنسان ثمنها باهظاً.. إنّه الفكر التربويّ الّذي يعلّم أنّ الخلاف بين النّاس، وإن كان شاسعاً، لا يفسد في الودّ قضية..

في التربية الوطنيّة، يتألّق فكر العلامة، حيث يتعلّم النّشء الجديد أنّ المواطنة هي الأساس في علاقة الإنسان بنظام الحكم وبالدّولة، بصرف النّظر عن الخصوصيّات الأخرى الدينيّة أو العرقيّة أو السياسيّة.. "فالإنسان يتساوى مع مواطنه الآخر في المواطنيّة، وما يترتّب عليها من حقوق وواجبات"([7]). وإذا أردنا أن نؤسِّس لدولة الإنسان في لبنان، دولة الأخوَّة والتّسامح والتّعاون، للوصول إلى دولة المؤسّسات، فليتعلَّم الطالب والتّلميذ على القيَم المشتركة، وعلى الفهم المشترك، بحيث يكون هذا الوطن مساحة خيرٍ لجميع أبنائه، بما لا يتعارض مع جوهر الأديان.

أيّها الأحبّاء، لو كان سماحة العلامة بيننا اليوم، وهو صاحب العقل والعاطفة، لكانت دمعته سخيّةً ساخنةً على واقعنا الّذي نسيَ أنّ الإنسان هو قيمة كبرى في عين الله عزّ وجلّ، مع ذلك، نبقى أقوياء بطاقة فكر العلاّمة، وبقوّة الكثير من الأمثلة والنّماذج التي تُعلي من شأن الإنسان المنفتح على الآخر، ومنها مؤسسات المبرّات.

[مداخلة ألقاها في "المؤتمر الفكري الثّاني: أنسنة الدّين في فكر المرجع الرَّاحل السيِّد محمّد حسين فضل الله(رض)"، بتاريخ: 7-10-2015].


([1]) الندوة، م.س، ج1، ص:558.

([2]) الندوة، م.س، ج1، ص:558.

([3]) اللواء، عدد:765، 9/6/2005.

([4]) بحار الأنوار، ج:22، رواية:19، باب:1، ص:467.

([5]) الندوة، م.س، ج:1، ص:558.

([6]) للإنسان والحياة، م.س، ص:387.

([7]) اللّواء، م.س، 9/6/2005.

مداخلة البروفسور سليم دكَّاش

 نظريّة المرجع فضل الله حول دولة الإنسان

عندما كنت أُقلّب صفحات كتاب سماحة السيّد العلامة محمد حسين فضل الله (رضي الله عنه) "في آفاق الحوار الإسلامي المسيحي"، وقع نظري على جملة مفيدة يقول فيها السيّد: "عندما تحدّثتُ عن دولة الإنسان.. تحدّثت عنها على أساس الواقع الموجود في لبنان، فقلتُ: إننا إذا لم نستطع أن نؤسّس دولة الإسلام في لبنان، فعلى الأقلّ أن نلتقي عند دولة الإنسان"([1]). ويشرح فضيلته هذه النّظرية فيُضيف: إنّ مسوّغ وجود هذه الدّولة، دولة الإنسان، "أن لا تكون حقوق الإنسان وواجباته خاضعةً للتّقسيم الطائفي، بل أن تكون إنسانيّة الإنسان التي تمثّل معنى مواطنيّته، هي الأساس في الواقع كحلّ جزئيّ لا كبديل"([2]).

في هذا الطّرح، يعلن سماحته عن خياراته: إنّه مع تأسيس دولة الإسلام في لبنان، وهو في مثاليّته مع هذا الهدف، إلا أنّه أمام الواقع اللبناني، وفي واقعيّته، يفضّل مخرجاً فكريّاً آخر، هو دولة الإنسان المبنيّة على إنسانيّة الإنسان، وعلى الانفتاح الإنساني، وهي مقولات مرتبطة بالحالة اللّبنانيّة، إلا أنّها أبعد وأعمق من هذه الحالة.. فما هو سرّ هذا التوجّه الفكري الاجتماعي الّذي يجعل، عند العلاّمة فضل الله، إنسانيَّة الإنسان، مقولة أساسيّة لها أبعادها على الأصعدة الدينيّة والاجتماعيّة والسياسيّة؟ انطلاقاً من هذه الثّابتة الفكرية، أحدِّد منهجي في توضيحها وإسنادها عبر ثلاث نقاط أساسيّة:

أوّلاً: ما هي الأسباب والمنطلقات التي أدَّت وتؤدِّي إلى بلورة فكرة دولة الإنسان وإنسانيّة الإنسان كانفتاحٍ على الآخر والبناء عليه ومعه للمواطنيّة؟

ثانياً:ما هي نتائج هذا التصوّر على الواقع؟ وما هو التّغيير الّذي يتحقَّق عبر تحقيق هذه المقولات؟

ثالثاً: كيف نستثمر اليوم هذا التّفكير في الانفتاح الإنساني كما صاغه العلاّمة فضل الله؟:

أوّلاً المنطلقات ـ أو الواقع ـ هي على ثلاثة أنواع:

أ ـ إن طرح إنسانيّة الإنسان بتعبيرٍ فلسفيّ، ودولة الإنسان بتعبيرٍ اجتماعيّ سياسيّ عند سماحة السيّد، هو مرتبط، قبل النّظر إلى الواقع اللّبناني، بمبنى فقهيّ وفكريّ يقول التالي: إنه يؤكّد مع الكثير من الفقهاء والمفكّرين بطهارة الإنسان عامّة، وبطهارة الإنسان الفطرية، حيث يُعلن أنّ هذه الطهارة لا يدنّسها شيء على المستوى المادّي، فالإنسان إذا ما بقي على نقائه وطهارته الروحيّة والفطريّة، يسهُل اللّقاء معه على القيم الإيجابيّة، وخصوصاً إذا كان يؤمن بأحد الكتب السماويّة.

يقول: "إني لم أجد دليلاً شرعيّاً ثابتاً على نجاسة أحد.. وأنا مستعدّ أن أناقش أي مجتهد حول هذا الموضوع".. ويضيف: "أنا حينما أقول إنّ المشرك طاهر والملحد طاهر والبوذي طاهر والكتابي طاهر.. فلأنّني لم أجد هناك أيّ دليل على نجاسة الإنسان".. وبالعودة إلى الآية الكريمة: {إنّما المشركون نجَسٌ} فالمناقشة تُظهر أنّ المراد هو النّجاسة المعنويّة وليست الماديّة، وبالتّالي، لا دليل على النجاسة، حيث يجمع العلماء "أنَّ الأصل هو الطهارة".. فمن مهمّات الدين ليست تنجيس النّاس أو الحطّ من شأنهم، وإنما أعمالهم وأفكارهم ومواقفهم هي التي تحدِّد مكانتهم وقيمتهم في الحياة.

وهكذا، فإنَّ العلامة يوسِّع دائرة الإنسان الطّاهر والمحبّ للآخر، لتشمل الدَّائرة الأوسع، وهي دائرة الإنسانيّة الشّاملة، بحيث يستطيع أيّ إنسان أن يدخل في علاقة إيجابيّة مع أيّ إنسان آخر، وأن ينفتح عليه باسم إنسانيّته، بما أنّ أيّ إنسانٍ هو مفطور على رؤية الآخر من زاوية أنّه قرينٌ له لا عدوّ، وهذا ما يعدّ انقلاباً بالمفهوم السّائد أنّ الإنسان المتديّن هو في علاقة فوقيّة أو عدائية مع الإنسان الآخر المختلف له.

ب ـ المنطلق الثاني، هو رؤيته لمعنى الوطن والمواطنة، وهي رؤية مفهوميّة متجدّدة جريئة.. فهو يقول: "إنّ قيمة الأرض أو الوطن هي بمقدار ما تؤمِّن للإنسان من فسحة للسّكن المادّيّ أو الرّوحيّ، وبمقدار ما تستطيع أن تعطيه من حريةٍ تمكِّنه من تقديم فكره للآخرين، وتؤهِّله لصياغة مستقبلٍ رائدٍ لنفسه ولبلده"، مشيراً إلى قول للإمام عليّ: "ليس بلد أولى بك من بلد، خير البلاد ما حملك"، أي بمعنى "ما حمل فكرك، وأعطاك الحريّة في تأدية واجباتك ونيل حقوقك"([3]). فموجز القول، قيمة الوطن تكمن في حفظ إنسانيّة الإنسان، "فإذا كانت المواطنة تنطلق من معنى الانتماء إلى الوطن، وما يترتّب على هذا الانتماء من التزاماتٍ متبادلةٍ في ما يقدّمه الإنسان من نفسه للأرض التي حملته واتّسعت لمتطلّباته وحاجاته الجسدية والفكرية وغيرها، وما يترتّب على السّلطة التي تتحمّل المسؤوليّة عن صون هذه الأرض من مسؤوليّات حيال هذا الانسان، فإنّ الالتزام هنا يكبر عن أن يكون احتضاناً للأرض في معناها المادّيّ، لينطلق في الأبعاد التي تجسّدها الأرض في كلّ العناوين التي تحملها كلمة وطن".

ج ـ لماذا دولة الإنسان التي تتضمّن إنسانيّة الإنسان وانفتاح الإنسان على الآخر؟ لأنها البديل الواعي والشرعي للعصبيّات والأنانيّات، تلك النوازع الهدَّامة للأفراد والمجتمعات، وهناك فرق بين الالتزام والعصبيّة، حيث هنالك "فرق بين أن نلتزم بفكرٍ أو خطٍّ أو بقيادة، وبين أن نتعصَّب، الالتزام فعل إيمان.. بينما العصبيّة فعل جاهليّة، وقد تؤدّي بصاحبها إلى المهالك: "ولو عصيت لهويت" ([4]).

فالعصبيّة تغلق الإنسان على نفسه، فلا يرى سوى مصالحه الآنيّة والفرديّة، وتمنعه من إنتاج إنسانيّته الباطنة على الآخرين، ووإنتاج الخير للنّاس كلّ النّاس. العصبيّة هي الوجه الآخر للتقسيم الطائفي في لبنان.. يقول: "إنّ مشكلتنا في لبنان، هي أنّ النظام الطائفي والذهنيّة الطائفيّة تمنع الإنسان من التفكير في الواقع السياسي والثقافي بطريقة منفتحة، أي بطريقةٍ يمكن أن يتبنّى فيها اللّبناني فكراً منفتحاً وشاملاً"، ويُضيف منتقداً الحوار عندما يكون فقط على مستوى اللّقاء الطّائفي: "إنّ الحوارات الطائفيّة أوجدت في قلب كلّ إنسان حاجزاً، بحيث يحاول أن يُفسِّر الأمور تفسيراً على مستوى الطائفيّة"([5]).

ثانياً: ما هي انعكاسات هذه الرّؤية الإنسانيّة وانفتاحها على الواقع؟

أ ـ الانعكاس الأوّل الذي نستشعره، هو أنّ دولة الإنسان المبنيّة على إنسانيّة الإنسان المحرّرة من العصبيّة والطائفيّة إلى حدٍّ معيّن، تستقدم إلى حضنها كلّ القِيَم الدينيّة المشتركة التي يؤمن بها اللّبنانيون على مختلف انتماءاتهم الطائفيّة والمذهبيّة، فيصبح الإنسان كما يقول: ساحةً واسعة، فيستجلب ـ مختاراً ـ الأفكار الشّاملة الإنسانيّة، ومنها أيضاً أفكار الإسلام والمسيحيّة، إذ إنَّ الأديان كلّها متّفقة على هذه القيم، فلا نسمح للسياسة والسياسيّين وأصحاب النّمط الواحد بأن يتحكّموا بالمصير، بل نشدِّد على أن يتقبّل الناس تلك القيم الّتي دعوا إليها كلّ الأديان، فيعيشوا بإنسانيّتهم من دون عقد طائفيّة، وفي طليعة القيم، قيمة الانفتاح على النّاس، وهي قيمة تنادي بها كلّ الأديان.. فيقول سماحته: "كن ابن نفسك وابن عشيرتك وابن طائفتك، ولكن لا تجعل هذه الأمور سجناً تسجن فيه ذاتك، بل عش في دائرة، واترك فيها باباً ينفتح على النّاس".

ب ـ الانعكاس الثّاني الّذي يدعو إليه في مفهوم إنسانيّة الإنسان، يكمن في حتميّة التّجاوز مع الآخرين، فإن أنت انفتحت على النّاس، فهناك غاية إنسانيّة من ذلك، والغاية هي أن تحاورهم ويحاوروك، وتتفاهم معهم ويتفاهموا معك، لتكتشف خطأك من خلال ذلك، أو يكتشف النّاس خطأهم.. من هذا المنطلق، لا يرى علاّمتنا الدّعوة في لبنان إلى التّعايش أو العيش المشترك شعاراً سياسيّاً يطرح في ظلّ ظروف سياسيّة معيّنة ليُسحَب لاحقاً، بل هو دينٌ يدين به، وأيّ قيمة إسلاميّة هي قيمة لا يُقتصر في عطائها وإحسانها على المسلمين، بل تمتدّ على المسلمين وغير المسلمين.

ج ـ الانعكاس الثّالث هو على الإسلام نفسه بما يخصّ الإنسان، حيث إنّ على الدّين تربية المؤمن على "الوعي والفهم والقدرة والحريّة"، ليستطيع تحقيق أهدافه الأساسيّة الّتي هي أهداف الحياة، إلى جانب تحريك "القيم الروحيّة الّتي تبني للإنسان إنسانيّته، فلا تتجمّد حياته عند حدود حاجاته"، أكانت مادية أم معنويّة أم نفسيّة، "بل تتحرّك إلى البعيد البعيد، كما يقول، في نطاق القضايا الكبيرة من أهدافه"، الّتي هي أهداف الإسلام نفسه، وخصوصاً تلك الّتي تتطلّب المزيد من التّضحية والإيمان والجهاد عندما يتعلَّق الأمر بالتضحية من أجل الله، ومن أجل تحريك الفكر نحو الخير والحقّ والعدل، بحيث يعمل على أن يجمع بفكره العناصر الّتي يستطيع من خلالها أن ينتج فكر الحقّ وفكر الخير وفكر العدل، وأن يفتح فكره على الآفاق الّتي تُبيِّن له إنسانيّته، وتعمِّق له إحساسه بمسؤوليّته.

في هذا الإطار، يفرّق العلاّمة" في موضوع العلاقات بين الأديان والحضارات، بين العداوة والاختلاف.. فحيال الحضارة الغربيّة الماديّة، لا يصحّ أن نتحدَّث عن عداوةٍ بينها وبين الإسلام، بل عن اختلافٍ عميقٍ في التوجّه والنّظر إلى الإنسان، حيث إنَّ الغرب مع الإيجابيَّات الّتي يحملها، يحصر مفهومه في دائرة الإنسان والحياة.. أمام هذا الواقع، يدعو العلاّمة الإسلام، وكذلك المسيحيّة، اللّذين يرفضان "إعطاء الحرية التي تُسقط المسألة الأخلاقيّة"، إلى ثورة ثقافيّة وروحيّة واجتماعيّة قبل الثّورة السياسيّة، من أجل الانفتاح على المفاهيم الدينية والروحية حول الإنسان الّذي كرّمه الله في بني آدم، وأسبغ عليه هذا الحقّ في الزّود عنه وعن كرامته.

ثالثاً: كيف نستثمر اليوم فكر السيِّد العلاّمة في موضوع الانفتاح الإنسانيّ؟

في خضمِّ الأحداث، وأمام الانحطاط الفكريِّ العميق الَّذي أصاب عالمنا العربيّ والإسلاميّ، يبرز فكر العلاّمة بوجهٍ صريحٍ، فكراً مناوئاً لذلك التوجّه الّذي يصيب من الإنسان مقتلاً، حيث تُدمِّر آلة الحرب العسكريّة النَّاس بالعشرات والمئات، وتجرف جرفاً الحضارة البشريّة بأبهى معالمها، وتردّ الإنسان إلى جاهليَّة الفناء والزَّوال.. وبالأكثر من ذلك، إنها ترسم صورة الإنسان في عالمنا بأنّه عدوّ الإنسان الآخر، فتتمزَّق تلك الصّورة التي رسمها العلاّمة عن الإنسان المتكامل مع الإنسان الآخر، فيصبح كما يقول: "العالَمُ ليس حجماً من الجبال والسّهول، بل هو المعنى الّذي تعنيه حركة الفكر وحركة الواقع في كلِّ ما يغني للإنسان تجربته، وفي كلِّ ما يعطي الحياة قوّتها وامتدادها".

والدّين في هذا يفسِّر الكون ويعطيه معنى الوحدة المركزيّة.. وأقول هنا، من دون الابتعاد عن فكر الإمام، إنَّ التَّسييس الشَّامل لكلِّ شيءٍ، بمعنى السَّعي إلى السّلطة بكلّ الوسائل، ولكلّ حركةٍ في الوجود وللدِّين في مختلف مظاهره، إنما يشلّ قدرة الإنسان على الوعي لرسالة الدّين، وهكذا يتعطّل الفكر وتعمّ الفوضى في المجتمع والنّاس.

نستثمر إيجاباً فكر العلامة السيّد فضل الله في الانفتاح الإنساني وإنسانيّة الإنسان التي معناها الخروج من الجهل، عندما نعطي الفكر الدّيني والاجتماعي والإنساني، وحتى السياسي، المكانة والمساحة الّتي يستحقّها، والّتي نحن بحاجةٍ ماسّةٍ إليها اليوم للمساعدة في الخروج من المحنة والأزمة الخانقة التي نعيشها، فالفكر هو ذلك العقل الفعّال الوسيط بين النصّ والواقع، بين الإنسان في اختلافه مع الإنسان، بين سياسةٍ وسياسة، بين تناقضٍ وآخر، بين دينٍ وآخر، بين إلحادٍ ودين.. إنّه فكرٌ روحيّ في عمقه، توجيهيّ في نبرته وشكله، إنّه فكرٌ يدعو إلى التّعالي، إلى رؤية الأمور رؤية شاملة، بدل الانغلاق في الجزئيّات.

يُستثمَر هذا الفكر، أعني قدرة العقل في العطاء، في التربية، حيث يتعلّم الإنسان أن يربط عقله بإرادته بهدف تحقيق ذاته لا الفرديّة فقط، بل الاجتماعيّة أيضاً، فيكون مسؤولاً عن نفسه أوّلاً، وعن الآخرين أخيراً.. في حركيّة التربية هذه، على المربّي "ملاحقة التّجارب التي عاشها ويعيشها في حياته، ثم يقرأ ما أنتجته عقول الآخرين، ويدخل في عمليّة حوار مع الآخرين، حتى يصنع من عقله قوّةً تنطلق من تجربته الخاصّة ومن تجارب الآخرين"([6]).

هو هذا الفكر بحسب العلامة الّذي في علاقته الوثيقة بالإرادة، يقدر أن يكون واقعياً، وإلا استسلم للخيال وللأجواء الخياليّة، وما تفرزه من مشاريع واهية يدفع الإنسان ثمنها باهظاً.. إنّه الفكر التربويّ الّذي يعلّم أنّ الخلاف بين النّاس، وإن كان شاسعاً، لا يفسد في الودّ قضية..

في التربية الوطنيّة، يتألّق فكر العلامة، حيث يتعلّم النّشء الجديد أنّ المواطنة هي الأساس في علاقة الإنسان بنظام الحكم وبالدّولة، بصرف النّظر عن الخصوصيّات الأخرى الدينيّة أو العرقيّة أو السياسيّة.. "فالإنسان يتساوى مع مواطنه الآخر في المواطنيّة، وما يترتّب عليها من حقوق وواجبات"([7]). وإذا أردنا أن نؤسِّس لدولة الإنسان في لبنان، دولة الأخوَّة والتّسامح والتّعاون، للوصول إلى دولة المؤسّسات، فليتعلَّم الطالب والتّلميذ على القيَم المشتركة، وعلى الفهم المشترك، بحيث يكون هذا الوطن مساحة خيرٍ لجميع أبنائه، بما لا يتعارض مع جوهر الأديان.

أيّها الأحبّاء، لو كان سماحة العلامة بيننا اليوم، وهو صاحب العقل والعاطفة، لكانت دمعته سخيّةً ساخنةً على واقعنا الّذي نسيَ أنّ الإنسان هو قيمة كبرى في عين الله عزّ وجلّ، مع ذلك، نبقى أقوياء بطاقة فكر العلاّمة، وبقوّة الكثير من الأمثلة والنّماذج التي تُعلي من شأن الإنسان المنفتح على الآخر، ومنها مؤسسات المبرّات.

[مداخلة ألقاها في "المؤتمر الفكري الثّاني: أنسنة الدّين في فكر المرجع الرَّاحل السيِّد محمّد حسين فضل الله(رض)"، بتاريخ: 7-10-2015].


([1]) الندوة، م.س، ج1، ص:558.

([2]) الندوة، م.س، ج1، ص:558.

([3]) اللواء، عدد:765، 9/6/2005.

([4]) بحار الأنوار، ج:22، رواية:19، باب:1، ص:467.

([5]) الندوة، م.س، ج:1، ص:558.

([6]) للإنسان والحياة، م.س، ص:387.

([7]) اللّواء، م.س، 9/6/2005.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية