جاءت الأحاديث عن رسول الله (ص) وعن الأئمَّة من أهل البيت (ع) حول بعض هذه العناصر، ونحن في الواقع الَّذي نعيشه، سواء كان في البلاد الإسلاميَّة، أو في البلاد الأخرى، نجد مثل هذه الظّواهر السلبيَّة ونتائجها في الوقت نفسه.
ومن بين الكلمات الَّتي تعالج بعض هذه الظَّواهر، ما ورد عن النبيّ (ص) أنّه قال: "إنَّما أهلَكَ الّذين من قبلكم، أنَّهم كانوا إذا سرق فيهم الشَّريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضّعيف أقاموا عليه الحدّ". ثمَّ يقول (ص): "وأيمَ الله، لو أنّ فاطمة بنت محمَّد سرقت، لقطعت يدها"(1)، والسيّدة فاطمة الزهراء (ع) المعصومة فوق ذلك، وهي أحبّ النَّاس إليه، ولكنَّ النبيَّ (ص) أراد أن يعرّف المسلمين أنَّه ليس في الإسلام محاباة لأحد، مهما كان كبيراً وعظيماً، إذا خالف القانون.
ونقرأ أيضاً في بعض كلمات الإمام عليّ (ع)، وهو يتحدَّث مع بعض عمّاله، كما ورد في (نهج البلاغة): "والله، لو أنَّ الحسن والحسين فعلا مثل ذلك، ما كان لهما عندي هوادة"(2)، يعني أنَّني سوف أعاقبهما كما أعاقبك، لأن قضيّة الخطّ الشرعي، في ما حرَّمه الله تعالى وأحلَّه، لا فرق فيه بين كبير وصغير.
وهذه الكلمة الشَّريفة إنّما تتحدَّث عن واقع الأمم السَّابقة التي كانت تفرّق في تطبيق القانون الَّذي يراد من خلاله تأكيد العدالة بين النَّاس، ليأخذ كلُّ ذي حقٍّ حقّه، وليعاقب الشخص الَّذي ينحرف عن خطِّ العدل فيظلم صاحب الحقّ، مهما كانت صفته وموقعه.
إنَّ النبيّ (ص) كان يقول: "إنَّما أهلك الّذين من قبلكم"، يعني أنَّ الَّذي أسقط حضارات الأمم السَّابقة، "أنَّهم كانوا إذا سرق فيهم الشَّريف تركوه"، والشَّريف هو الشَّخص الذي يتميَّز بموقع اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي متقدِّم، عندما يعيش النَّاس الطبقيَّة الاجتماعيَّة، فيميّزون بين أصحاب الطبقة الرفيعة وأصحاب الطبقة الوضيعة، كانوا إذا سرق فيهم هذا الشَّريف تركوه، سواء كانت سرقته من أموال الأمَّة، كما في الحاكمين أو الموظَّفين الكبار، أو كانت سرقته تتَّصل بالنَّاس من حوله، من الضّعفاء الَّذين قد يأكل أموالهم بالباطل مستغلاً موقعه، فإذا ذهب هذا الضَّعيف ليشكو أمره إلى السّلطة وإلى رجال القانون، لم يعبأوا به، وتركوا هذا السَّارق، لأنَّه فوق القانون. أمَّا "إذا سرق فيهم الضَّعيف"، وربما يكون قد سرق ليأكل أو ليلبس أو ليشتري دواءً لعائلته أو لنفسه، فإنّ كلّ قوَّة القانون تتوجَّه إليه، ويطبَّق عليه القانون بصرامة، فإذا كانت مخالفته للقانون من خلال السَّرق، فإنَّ يده ستقطع تطبيقاً لقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا}[المائدة: 38]، وإذا كان في غير ذلك، فإنَّ القانون يطبَّق عليه بحرفيَّته، وربما يُتشدَّدُ في تطبيق القانون ضدَّه بما يتجاوز حدود القانون استغلالاً لضعفه.
إنَّ الذين يطبِّقون القانون، أو الذين يجلسون في مواقع القضاء ومواقع الحكم، يخشون من سطوة هذا الشَّريف، ولكنهم لا يخشون من سطوة هذا الفقير، وهذا ما يجعل المجتمعات تفقد توازنها، وعندما يتعاظم ذلك في المجتمع، يؤدِّي إلى الهلاك وإلى تدمير المجتمع، لأنَّ ما يقيم المجتمع إنَّما هو المساواة بين النَّاس في الحقوق والواجبات، مما يركّزه القانون هنا وهناك...
(1) سنن الترمذي، الحديث 1430.
(2) بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 42، ص 182.
* من كتاب "النَّدوة"، ج 14.
جاءت الأحاديث عن رسول الله (ص) وعن الأئمَّة من أهل البيت (ع) حول بعض هذه العناصر، ونحن في الواقع الَّذي نعيشه، سواء كان في البلاد الإسلاميَّة، أو في البلاد الأخرى، نجد مثل هذه الظّواهر السلبيَّة ونتائجها في الوقت نفسه.
ومن بين الكلمات الَّتي تعالج بعض هذه الظَّواهر، ما ورد عن النبيّ (ص) أنّه قال: "إنَّما أهلَكَ الّذين من قبلكم، أنَّهم كانوا إذا سرق فيهم الشَّريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضّعيف أقاموا عليه الحدّ". ثمَّ يقول (ص): "وأيمَ الله، لو أنّ فاطمة بنت محمَّد سرقت، لقطعت يدها"(1)، والسيّدة فاطمة الزهراء (ع) المعصومة فوق ذلك، وهي أحبّ النَّاس إليه، ولكنَّ النبيَّ (ص) أراد أن يعرّف المسلمين أنَّه ليس في الإسلام محاباة لأحد، مهما كان كبيراً وعظيماً، إذا خالف القانون.
ونقرأ أيضاً في بعض كلمات الإمام عليّ (ع)، وهو يتحدَّث مع بعض عمّاله، كما ورد في (نهج البلاغة): "والله، لو أنَّ الحسن والحسين فعلا مثل ذلك، ما كان لهما عندي هوادة"(2)، يعني أنَّني سوف أعاقبهما كما أعاقبك، لأن قضيّة الخطّ الشرعي، في ما حرَّمه الله تعالى وأحلَّه، لا فرق فيه بين كبير وصغير.
وهذه الكلمة الشَّريفة إنّما تتحدَّث عن واقع الأمم السَّابقة التي كانت تفرّق في تطبيق القانون الَّذي يراد من خلاله تأكيد العدالة بين النَّاس، ليأخذ كلُّ ذي حقٍّ حقّه، وليعاقب الشخص الَّذي ينحرف عن خطِّ العدل فيظلم صاحب الحقّ، مهما كانت صفته وموقعه.
إنَّ النبيّ (ص) كان يقول: "إنَّما أهلك الّذين من قبلكم"، يعني أنَّ الَّذي أسقط حضارات الأمم السَّابقة، "أنَّهم كانوا إذا سرق فيهم الشَّريف تركوه"، والشَّريف هو الشَّخص الذي يتميَّز بموقع اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي متقدِّم، عندما يعيش النَّاس الطبقيَّة الاجتماعيَّة، فيميّزون بين أصحاب الطبقة الرفيعة وأصحاب الطبقة الوضيعة، كانوا إذا سرق فيهم هذا الشَّريف تركوه، سواء كانت سرقته من أموال الأمَّة، كما في الحاكمين أو الموظَّفين الكبار، أو كانت سرقته تتَّصل بالنَّاس من حوله، من الضّعفاء الَّذين قد يأكل أموالهم بالباطل مستغلاً موقعه، فإذا ذهب هذا الضَّعيف ليشكو أمره إلى السّلطة وإلى رجال القانون، لم يعبأوا به، وتركوا هذا السَّارق، لأنَّه فوق القانون. أمَّا "إذا سرق فيهم الضَّعيف"، وربما يكون قد سرق ليأكل أو ليلبس أو ليشتري دواءً لعائلته أو لنفسه، فإنّ كلّ قوَّة القانون تتوجَّه إليه، ويطبَّق عليه القانون بصرامة، فإذا كانت مخالفته للقانون من خلال السَّرق، فإنَّ يده ستقطع تطبيقاً لقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا}[المائدة: 38]، وإذا كان في غير ذلك، فإنَّ القانون يطبَّق عليه بحرفيَّته، وربما يُتشدَّدُ في تطبيق القانون ضدَّه بما يتجاوز حدود القانون استغلالاً لضعفه.
إنَّ الذين يطبِّقون القانون، أو الذين يجلسون في مواقع القضاء ومواقع الحكم، يخشون من سطوة هذا الشَّريف، ولكنهم لا يخشون من سطوة هذا الفقير، وهذا ما يجعل المجتمعات تفقد توازنها، وعندما يتعاظم ذلك في المجتمع، يؤدِّي إلى الهلاك وإلى تدمير المجتمع، لأنَّ ما يقيم المجتمع إنَّما هو المساواة بين النَّاس في الحقوق والواجبات، مما يركّزه القانون هنا وهناك...
(1) سنن الترمذي، الحديث 1430.
(2) بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 42، ص 182.
* من كتاب "النَّدوة"، ج 14.