محاضرات
08/08/2023

صدق الإيمانِ و اقترانُهُ بالعمل

 الإيمانِ و اقترانُهُ بالعمل

لا بُدَّ لكلّ رابطة فكريَّة أو عاطفيَّة من مخطَّط عملي تنفيذي، يجسِّد الفكرة في عمل، والعاطفة في حركة، لأنَّ ذلك هو شرط واقعيَّة الفكرة، وحيويَّة العاطفة، فلولاها لكانت العمليَّة كلّها خيالاً أو حلماً يعيش في الضَّباب.

ولذلك حاول الإسلام أن يُعطي الفكرة أو العاطفة دورها العمليّ، في ميزان القيمة الدينيَّة، وفي مجال التخطيط الواقعي، فلم تعد مجرَّد شيء يعيش في الفكر، أو يرقد في الشّعور، دون أن يتعدَّاه أو يتجاوزه.

وقد أكثر القرآن الكريـم من الحديث عن الإيمان ومقارنته بالعمل، باعتباره المظهر الوحيد لصدق الإيمان وواقعيَّته في داخل الذَّات، حتى إنَّنا نرى كثيراً من الآيات والأحاديث الدينيَّة الَّتي تعبّر عن التمرّد العمليّ بأنَّه كفر، لتساوي الكفر العقيدي، والإيمان المجرَّد عن العمل، في النَّتائج الواقعيَّة، لأنَّهما يمثّلان وجهين من وجوه الانحراف العملي عن الخطِّ المستقيم، فإذا اتحد الواقع فيهما، لـم يبقَ لتعدّدهما الذاتي أيّ قيمة حركيَّة أو اجتماعيَّة.

فمن الآيات الكريمة التي سارت في هذا الاتجاه، [قوله تعالى]: {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }[آل عمران: 97].

ومن الأحاديث الشَّريفة، ما ورد في حديث الإمام جعفر الصَّادق (ع) عن وجوه الكفر:

"الوجه الرَّابع من الكفر: ترك ما أمر الله عزَّ وجلَّ به، وهو قول الله عزَّ وجلّ: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَىٰ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ}، فكفرهم بترك ما أمر عزَّ وجلّ به ونسبهم إلى الإيمان، ولـم يقبله منهم، ولـم ينفعه عنده، فقال: {فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }[البقرة: 84 – 85]"[1].

ونلاحظ في بعض الآيات، الاتجاه إلى التَّنديد بالكافرين، من حيث انتهاء الكفر إلى الانحراف العملي، ما يجعل خطورته العمليَّة امتداداً لخطورته الفكريَّة في حياة النَّاس، فتبدأ في الحديث عن الانحرافات من حيث إنَّها مظهر من مظاهر الكفر، كما في قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ}[الماعون: 1-3].

وفي ضوء ذلك، ركَّز الإسلام القوّة الاجتماعيَّة على قاعدة التماسك الاجتماعي، من خلال الالتزام بالمسؤوليَّات العامّة والخاصَّة كمظهر من مظاهر الترابط الفكري والعاطفي.

[1]  الكافي، الشّيخ الكليني، ج2، ص 390.

المصدر:  كتاب "الإسلام ومنطق القوَّة".

لا بُدَّ لكلّ رابطة فكريَّة أو عاطفيَّة من مخطَّط عملي تنفيذي، يجسِّد الفكرة في عمل، والعاطفة في حركة، لأنَّ ذلك هو شرط واقعيَّة الفكرة، وحيويَّة العاطفة، فلولاها لكانت العمليَّة كلّها خيالاً أو حلماً يعيش في الضَّباب.

ولذلك حاول الإسلام أن يُعطي الفكرة أو العاطفة دورها العمليّ، في ميزان القيمة الدينيَّة، وفي مجال التخطيط الواقعي، فلم تعد مجرَّد شيء يعيش في الفكر، أو يرقد في الشّعور، دون أن يتعدَّاه أو يتجاوزه.

وقد أكثر القرآن الكريـم من الحديث عن الإيمان ومقارنته بالعمل، باعتباره المظهر الوحيد لصدق الإيمان وواقعيَّته في داخل الذَّات، حتى إنَّنا نرى كثيراً من الآيات والأحاديث الدينيَّة الَّتي تعبّر عن التمرّد العمليّ بأنَّه كفر، لتساوي الكفر العقيدي، والإيمان المجرَّد عن العمل، في النَّتائج الواقعيَّة، لأنَّهما يمثّلان وجهين من وجوه الانحراف العملي عن الخطِّ المستقيم، فإذا اتحد الواقع فيهما، لـم يبقَ لتعدّدهما الذاتي أيّ قيمة حركيَّة أو اجتماعيَّة.

فمن الآيات الكريمة التي سارت في هذا الاتجاه، [قوله تعالى]: {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }[آل عمران: 97].

ومن الأحاديث الشَّريفة، ما ورد في حديث الإمام جعفر الصَّادق (ع) عن وجوه الكفر:

"الوجه الرَّابع من الكفر: ترك ما أمر الله عزَّ وجلَّ به، وهو قول الله عزَّ وجلّ: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَىٰ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ}، فكفرهم بترك ما أمر عزَّ وجلّ به ونسبهم إلى الإيمان، ولـم يقبله منهم، ولـم ينفعه عنده، فقال: {فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }[البقرة: 84 – 85]"[1].

ونلاحظ في بعض الآيات، الاتجاه إلى التَّنديد بالكافرين، من حيث انتهاء الكفر إلى الانحراف العملي، ما يجعل خطورته العمليَّة امتداداً لخطورته الفكريَّة في حياة النَّاس، فتبدأ في الحديث عن الانحرافات من حيث إنَّها مظهر من مظاهر الكفر، كما في قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ}[الماعون: 1-3].

وفي ضوء ذلك، ركَّز الإسلام القوّة الاجتماعيَّة على قاعدة التماسك الاجتماعي، من خلال الالتزام بالمسؤوليَّات العامّة والخاصَّة كمظهر من مظاهر الترابط الفكري والعاطفي.

[1]  الكافي، الشّيخ الكليني، ج2، ص 390.

المصدر:  كتاب "الإسلام ومنطق القوَّة".
اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير