نبقى مع كلام أمير المؤمنين وإمام المتَّقين عليّ بن أبي طالب(ع) في نهج البلاغة، حيث ينقل لنا واقع الأحداث وما جرى معه، ويوصّف الأحوال الَّتي وصل إليها المسلمون، وكيف نهض(ع) كي يقيم الحقّ، ويزهق الباطل، ويرفع كلمة التّوحيد، ويعلّمنا معنى الصّبر والعطاء والعبادة.
يقول(ع): "أَلاَ وإنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ جَمَعَ حِزْبَهُ، وَاسْتَجْلَبَ خَيْلَهُ وَرَجِلَهُ، وإِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتي، مَا لَبَّسْتُ عَلَى نَفْسِي، وَلاَ لُبِّسَ عَلَيَّ.وَأيْمُ اللهِ، لأفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ! لا يَصْدِرُونَ عَنْهُ، وَلاَ يَعُودُونَ إِلَيْهِ".
والمعنى أنَّ الشَّيطان وأزلامه وجنوده قد جمعوا أمرهم على نصرة الباطل، في إشارةٍ منه إلى ما جرى في موقعة الجمل وموقعة صفِّين، ففي الموقعين، جمع القوم أمرهم وتخاذلوا عن نصرة الحقّ وأهله.
ويتابع(ع): "وإِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتي، مَا لَبَّسْتُ عَلَى نَفْسِي، وَلاَ لُبِّسَ عَلَيَّ". يلفت الأمير إلى ثبات يقينه، وعمق إيمانه، ونفاذ بصيرته الّتي غذَّاها بعقله وسقاها من روحه وقلبه، حتى أضحت مرآةً لحكمة الله وفضله ونعمه عليه، فكانت لديه البصيرة التي أيَّدها الله وسدَّد خطاها لتمييز الصَّحيح من السَّقيم، وهداها لنشر الفضيلة والعلم والحكمة على النَّاس.
هذه البصيرة ترعرعت في أحضان الرّسول(ص)، ويقول ابن أبي الحديد: "كلّ ضالٍّ عن الهداية، فإمَّا أن يضلّ من تلقاء نفسه، وإمَّا بإضلال غيره له"، وكلٌّ من هذين لا يصدق في حقّ الإمام(ع)، لأنّ البصيرة التي كانت معه في عهد الرّسول الأكرم(ص)، هي هي ما تغيَّرت ولا تبدَّلت.
"وَأيْمُ اللهِ، لأفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ! لاَ يَصْدِرُونَ عَنْهُ، وَلاَ يَعُودُونَ إِلَيْهِ"، فالإمام(ع) يتوعَّد الشَّيطان وجنوده بتلقينهم دروساً لن ينسوها، وأقلّه أن يذوقوا الموت المحتَّم، وألا يعودوا إلى القتال ثانية أو يفكِّروا فيه.
ويضيف الإمام(ع): "تَزُولُ الجِبَالُ وَلاَ تَزلْ! عضَّ عَلَى نَاجِذِكَ، أَعِرِ اللهَ جُمجُمَتَكَ، تِدْ في الاْرْضِ قَدَمَكَ، ارْمِ بِبَصَرِكَ أَقْصَى القَوْمِ وَغُضَّ بَصَرَكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِ اللهِ سُبْحَانَهُ".
هذه من وصايا الأمير(ع) عندما أعطى الرّاية يوم الجمل لولده محمَّد بن الحنفيّة، الّذي كان من الأتقياء الصّابرين، حيث يوصيه بأن يكون قويَّ الإيمان بالله والثّقة بنصره، وقويَّ الإرادة والعزيمة، صلباً لا يضعف ولا يلين، فمن يعر الله جمجمته، ويخرج مجاهداً محتسباً في سبيل الله تعالى، فقد وقع أجره على الله.
نتعلَّم من كلام الأمير(ع) كيف نكون من حزب الله الغالب في وجه حزب الشّيطان المخادع والماكر، من خلال نفاذ البصائر، وتنقية الفطرة من كلِّ ما يلوّثها، وتهذيبها وتربيتها على الإخلاص لله وحده، والتوكّل عليه، والثِّقة بتأييده وتسديده، وعدم خداع النَّفس بالأماني الواهية عبر تزيين الأهواء لها والانجرار وراء الرَّغبات والشَّهوات، وعدم السَّماح لشياطين الإنس والجنّ من الخارج بالتّسلّل إلى النّفس وخداعها، بغية إسقاط المناعة لديها، وإيقاعها في حبائلهم.
اليوم، أمام تنوّع الإغراءات، وسهولة بلوغ الشَّهوات، علينا مسؤوليَّة كبيرة في حماية أولادنا من الشّرور والرّذائل والمعاصي، فتربيتهم على حفظ أنفسهم، وتعويدهم على فعل الحسنات والتزام الحقّ والصِّدق وطاعة الله، من الوسائل الّتي تحصّن بصائرهم، بعد أن بات البعض غارقاً في عوالم الشَّهوات والنّزوات والمصالح، وبعيداً كلّ البعد عن المساهمة في إراحة الحياة من المشاكل والتَّعقيدات.
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.
نبقى مع كلام أمير المؤمنين وإمام المتَّقين عليّ بن أبي طالب(ع) في نهج البلاغة، حيث ينقل لنا واقع الأحداث وما جرى معه، ويوصّف الأحوال الَّتي وصل إليها المسلمون، وكيف نهض(ع) كي يقيم الحقّ، ويزهق الباطل، ويرفع كلمة التّوحيد، ويعلّمنا معنى الصّبر والعطاء والعبادة.
يقول(ع): "أَلاَ وإنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ جَمَعَ حِزْبَهُ، وَاسْتَجْلَبَ خَيْلَهُ وَرَجِلَهُ، وإِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتي، مَا لَبَّسْتُ عَلَى نَفْسِي، وَلاَ لُبِّسَ عَلَيَّ.وَأيْمُ اللهِ، لأفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ! لا يَصْدِرُونَ عَنْهُ، وَلاَ يَعُودُونَ إِلَيْهِ".
والمعنى أنَّ الشَّيطان وأزلامه وجنوده قد جمعوا أمرهم على نصرة الباطل، في إشارةٍ منه إلى ما جرى في موقعة الجمل وموقعة صفِّين، ففي الموقعين، جمع القوم أمرهم وتخاذلوا عن نصرة الحقّ وأهله.
ويتابع(ع): "وإِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتي، مَا لَبَّسْتُ عَلَى نَفْسِي، وَلاَ لُبِّسَ عَلَيَّ". يلفت الأمير إلى ثبات يقينه، وعمق إيمانه، ونفاذ بصيرته الّتي غذَّاها بعقله وسقاها من روحه وقلبه، حتى أضحت مرآةً لحكمة الله وفضله ونعمه عليه، فكانت لديه البصيرة التي أيَّدها الله وسدَّد خطاها لتمييز الصَّحيح من السَّقيم، وهداها لنشر الفضيلة والعلم والحكمة على النَّاس.
هذه البصيرة ترعرعت في أحضان الرّسول(ص)، ويقول ابن أبي الحديد: "كلّ ضالٍّ عن الهداية، فإمَّا أن يضلّ من تلقاء نفسه، وإمَّا بإضلال غيره له"، وكلٌّ من هذين لا يصدق في حقّ الإمام(ع)، لأنّ البصيرة التي كانت معه في عهد الرّسول الأكرم(ص)، هي هي ما تغيَّرت ولا تبدَّلت.
"وَأيْمُ اللهِ، لأفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ! لاَ يَصْدِرُونَ عَنْهُ، وَلاَ يَعُودُونَ إِلَيْهِ"، فالإمام(ع) يتوعَّد الشَّيطان وجنوده بتلقينهم دروساً لن ينسوها، وأقلّه أن يذوقوا الموت المحتَّم، وألا يعودوا إلى القتال ثانية أو يفكِّروا فيه.
ويضيف الإمام(ع): "تَزُولُ الجِبَالُ وَلاَ تَزلْ! عضَّ عَلَى نَاجِذِكَ، أَعِرِ اللهَ جُمجُمَتَكَ، تِدْ في الاْرْضِ قَدَمَكَ، ارْمِ بِبَصَرِكَ أَقْصَى القَوْمِ وَغُضَّ بَصَرَكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِ اللهِ سُبْحَانَهُ".
هذه من وصايا الأمير(ع) عندما أعطى الرّاية يوم الجمل لولده محمَّد بن الحنفيّة، الّذي كان من الأتقياء الصّابرين، حيث يوصيه بأن يكون قويَّ الإيمان بالله والثّقة بنصره، وقويَّ الإرادة والعزيمة، صلباً لا يضعف ولا يلين، فمن يعر الله جمجمته، ويخرج مجاهداً محتسباً في سبيل الله تعالى، فقد وقع أجره على الله.
نتعلَّم من كلام الأمير(ع) كيف نكون من حزب الله الغالب في وجه حزب الشّيطان المخادع والماكر، من خلال نفاذ البصائر، وتنقية الفطرة من كلِّ ما يلوّثها، وتهذيبها وتربيتها على الإخلاص لله وحده، والتوكّل عليه، والثِّقة بتأييده وتسديده، وعدم خداع النَّفس بالأماني الواهية عبر تزيين الأهواء لها والانجرار وراء الرَّغبات والشَّهوات، وعدم السَّماح لشياطين الإنس والجنّ من الخارج بالتّسلّل إلى النّفس وخداعها، بغية إسقاط المناعة لديها، وإيقاعها في حبائلهم.
اليوم، أمام تنوّع الإغراءات، وسهولة بلوغ الشَّهوات، علينا مسؤوليَّة كبيرة في حماية أولادنا من الشّرور والرّذائل والمعاصي، فتربيتهم على حفظ أنفسهم، وتعويدهم على فعل الحسنات والتزام الحقّ والصِّدق وطاعة الله، من الوسائل الّتي تحصّن بصائرهم، بعد أن بات البعض غارقاً في عوالم الشَّهوات والنّزوات والمصالح، وبعيداً كلّ البعد عن المساهمة في إراحة الحياة من المشاكل والتَّعقيدات.
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.