الإيمان تطهير والصَّلاة تنزيه

الإيمان تطهير والصَّلاة تنزيه

في خطبةٍ لسيّدة نساء العالمين(ع)، أمام المهاجرين والأنصار في مسجد رسول الله(ص)، تشير الزّهراء(ع) إلى قيمتين كبيرتين لا بدَّ من حياطتهما بكلّ رعاية، وتجذيرهما في الشّخصيَّة، عبر الالتزام والفعل والنيّة الصَّادقة، فهي تقول أوّلاً في إشارة إلى القيمة الأولى:

"فجعل الإيمان تطهيراً لكم من الشِّرك"، فالله تعالى أراد لعباده أن يعيشوا جوَّ الإيمان، لما فيه من طهارةٍ لهم من دنس الشّرك الَّذي يوقعهم في انحرافٍ خطيرٍ على مستوى العقيدة، وعلى مستوى الفكر، وعلى مستوى السّلوك، فالمؤمن بالله هو المطهِّر في نفسه وفي وجوده وحركته، وهو الّذي يعرف غايته في الحياة، ويسير وراء طلب الآخرة، سعياً إلى القرب من الله تعالى والفوز برضاه.. أمّا المشرك، فيعيش حالة القذارة المعنويّة والرّوحيّة، ويتخبّط في غيِّه، فهو أعمى البصر والبصيرة، وقد خسِر دنياه وآخرته، ولا غاية له ولا هدف يحيا لأجله، ويبقى في سقوطٍ وانحدار دائمين.

إنَّ المؤمن بالله يكون قلبه في حياة مستمرَّة، ويكون دائم الإحساس بنبضات الخير والطّمأنينة، ويكون عقله دائم النَّشاط والحركة والوعي، فيما المشرك يعيش الضَّياع والانغلاق وضيق الأفق والسَّطحيَّة والتخلّف، فلا قلبه ولا عقله في حياةٍ فعليَّة طالما هو بعيد عن رحمة الله.

وتقول السيّدة الزّهراء(ع) في إشارة إلى القيمة الثّانية:

"والصَّلاة تنزيهاً لكم عن الكِبَر"، فالصّلاة هي المعراج الحقيقيّ للمؤمن، وهي خير تعبيرٍ عن مدى إيمانه وتوحيده وإخلاصه لربِّه، بما تعنيه من قيمةٍ روحيّةٍ وأخلاقيّةٍ تجسّد عمق الارتباط والمحبّة والتّفاعل الحيّ مع الخالق، بحيث تجعل المؤمن في غاية التّواضع والعبوديّة والتّسليم لله تعالى، إذ يشعر بأنّه أمام إلهٍ عظيمٍ لا حدَّ لقدرته ومشيئته، وبأنّه ذو إرادة حرّة وصاحب قيمة.

ويعلّق سماحة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله على ما تقدَّم بقوله: "فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشّرك"، لأنَّ الإيمان يمثّل توحيد الله الَّذي يوحي للإنسان بالنّظرة الصّافية إلى الكون كلّه، وهو لا يمنحك الإحساس بوحدانيّة الخالق فحسب، ولكنّه يمنحك الإحساس بوحدانيّة السرّ الذي يرتكز الكون كلّه عليه...

وهنا، فإنَّ الإنسان عندما يؤمن بتوحيد الله، لا يعيش الازدواجيَّة في التوجّه، ولا في العبادة، ولا في الطّاعة، ولا في النظرة إلى الكون هنا وهناك، بل إنّه يعيش الوحدة في ربّه وفي ذاته وفي الوجود كلّه، ليشعر بأنّها تمثِّل الانسجام بين الخالق والمخلوق...".

"والصَّلاة تنزيهاً لكم عن الكِبَر"، وهنا تتحدَّث فاطمة الزهراء(ع) عن الصَّلاة، من حيث إنَّها وسيلة من وسائل إحساس الإنسان بحجم ذاته أمام ربِّه، وإحساسه بحجم ذاته أمام النّاس الَّذين يعيش معهم، وأمام الوجود الَّذي يتحرّك فيه، كما أنّه يمارس بشكل طبيعيّ هذا التّواضع أمام الله عندما يقف بين يديه في موقف إسلامٍ مطلقٍ له: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}[الأنعام: 162ـ 163]". [كتاب "النّدوة"، ج 5، ص 252 ـ 254].

فالمسؤوليَّة كبيرة علينا في ظلِّ الضّغوطات والإغراءات المتنوّعة والكثيرة، لجهة تحصين إيماننا، وتعزيز إحساسنا بعلاقتنا بربِّنا، وتأكيدها أكثر، والاهتمام بمعاني الصّلاة، والالتزام بمداليلها وأخلاقيّاتها، وإرشاد أجيالنا إلى أهميّة الحفاظ عليها وعلى العلاقة الصّادقة مع الله تعالى، كي يكونوا من المهتدين.

*إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنما عن وجهة نظر صاحبها.

في خطبةٍ لسيّدة نساء العالمين(ع)، أمام المهاجرين والأنصار في مسجد رسول الله(ص)، تشير الزّهراء(ع) إلى قيمتين كبيرتين لا بدَّ من حياطتهما بكلّ رعاية، وتجذيرهما في الشّخصيَّة، عبر الالتزام والفعل والنيّة الصَّادقة، فهي تقول أوّلاً في إشارة إلى القيمة الأولى:

"فجعل الإيمان تطهيراً لكم من الشِّرك"، فالله تعالى أراد لعباده أن يعيشوا جوَّ الإيمان، لما فيه من طهارةٍ لهم من دنس الشّرك الَّذي يوقعهم في انحرافٍ خطيرٍ على مستوى العقيدة، وعلى مستوى الفكر، وعلى مستوى السّلوك، فالمؤمن بالله هو المطهِّر في نفسه وفي وجوده وحركته، وهو الّذي يعرف غايته في الحياة، ويسير وراء طلب الآخرة، سعياً إلى القرب من الله تعالى والفوز برضاه.. أمّا المشرك، فيعيش حالة القذارة المعنويّة والرّوحيّة، ويتخبّط في غيِّه، فهو أعمى البصر والبصيرة، وقد خسِر دنياه وآخرته، ولا غاية له ولا هدف يحيا لأجله، ويبقى في سقوطٍ وانحدار دائمين.

إنَّ المؤمن بالله يكون قلبه في حياة مستمرَّة، ويكون دائم الإحساس بنبضات الخير والطّمأنينة، ويكون عقله دائم النَّشاط والحركة والوعي، فيما المشرك يعيش الضَّياع والانغلاق وضيق الأفق والسَّطحيَّة والتخلّف، فلا قلبه ولا عقله في حياةٍ فعليَّة طالما هو بعيد عن رحمة الله.

وتقول السيّدة الزّهراء(ع) في إشارة إلى القيمة الثّانية:

"والصَّلاة تنزيهاً لكم عن الكِبَر"، فالصّلاة هي المعراج الحقيقيّ للمؤمن، وهي خير تعبيرٍ عن مدى إيمانه وتوحيده وإخلاصه لربِّه، بما تعنيه من قيمةٍ روحيّةٍ وأخلاقيّةٍ تجسّد عمق الارتباط والمحبّة والتّفاعل الحيّ مع الخالق، بحيث تجعل المؤمن في غاية التّواضع والعبوديّة والتّسليم لله تعالى، إذ يشعر بأنّه أمام إلهٍ عظيمٍ لا حدَّ لقدرته ومشيئته، وبأنّه ذو إرادة حرّة وصاحب قيمة.

ويعلّق سماحة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله على ما تقدَّم بقوله: "فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشّرك"، لأنَّ الإيمان يمثّل توحيد الله الَّذي يوحي للإنسان بالنّظرة الصّافية إلى الكون كلّه، وهو لا يمنحك الإحساس بوحدانيّة الخالق فحسب، ولكنّه يمنحك الإحساس بوحدانيّة السرّ الذي يرتكز الكون كلّه عليه...

وهنا، فإنَّ الإنسان عندما يؤمن بتوحيد الله، لا يعيش الازدواجيَّة في التوجّه، ولا في العبادة، ولا في الطّاعة، ولا في النظرة إلى الكون هنا وهناك، بل إنّه يعيش الوحدة في ربّه وفي ذاته وفي الوجود كلّه، ليشعر بأنّها تمثِّل الانسجام بين الخالق والمخلوق...".

"والصَّلاة تنزيهاً لكم عن الكِبَر"، وهنا تتحدَّث فاطمة الزهراء(ع) عن الصَّلاة، من حيث إنَّها وسيلة من وسائل إحساس الإنسان بحجم ذاته أمام ربِّه، وإحساسه بحجم ذاته أمام النّاس الَّذين يعيش معهم، وأمام الوجود الَّذي يتحرّك فيه، كما أنّه يمارس بشكل طبيعيّ هذا التّواضع أمام الله عندما يقف بين يديه في موقف إسلامٍ مطلقٍ له: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}[الأنعام: 162ـ 163]". [كتاب "النّدوة"، ج 5، ص 252 ـ 254].

فالمسؤوليَّة كبيرة علينا في ظلِّ الضّغوطات والإغراءات المتنوّعة والكثيرة، لجهة تحصين إيماننا، وتعزيز إحساسنا بعلاقتنا بربِّنا، وتأكيدها أكثر، والاهتمام بمعاني الصّلاة، والالتزام بمداليلها وأخلاقيّاتها، وإرشاد أجيالنا إلى أهميّة الحفاظ عليها وعلى العلاقة الصّادقة مع الله تعالى، كي يكونوا من المهتدين.

*إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية