إنَّ حاجة الإنسان إلى دينٍ ليست مجرَّد شيء ميكانيكيّ جامد كغيره من أشكال الطّقوس والعادات الفارغة، بل هي حاجة عفويّة طبيعيّة منشؤها النّفس والروح، حيث السّعي الدّائم إلى العبادة والتّوحيد وتعزيز الشّعور بوجود الخالق القدير، الذي يؤمِّن للإنسان السَّعادة والأمان والطّمأنينة القصوى، إذ تستقرّ بذلك نفسه، وتهدأ روحه، ويصبح إنساناً ذا معنًى وقيمة وهدف في الحياة.
فالاعتقاد الدّينيّ التَّوحيديّ يوفِّر للإنسان الفرصة الدَّائمة لمنح البشر الغاية في حياتهم، من خلال توحيد الله حقَّ توحيده، والابتعاد بالتّالي عن مظاهر الشّرك الخفيّ، من عبادة المال والمناصب والأشخاص والعناوين.
لقد ذمَّ الله تعالى المؤمنين المتظاهرين بعنوان الإيمان، بينما هم في الحقيقة يمارسون فعل الشِّرك عبر تقديس مظاهر الدّنيا، بحيث إذا سألتهم: من تعبدون؟ يقولون: (الله)، وهم في أفعالهم لا يوحِّدونه، بل كلّ همّهم ما يحصلون عليه في دنياهم، يقول تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ}[يوسف: 106].
إنَّ الدّين الإسلاميّ الّذي قام على دعامة التوحيد، يريدنا أن ننمِّي شعورنا بالحاجة إلى الله تعالى وحده، فنذكره حقَّ الذّكر، ونعبده حقّ العبادة، ونخلص له حقَّ الإخلاص، ونجعل من رضاه ميزاناً لأعمالنا، ونقيم الحقَّ والعدل مع أنفسنا ومع الآخرين، فلا نناصر ظالماً ولا فئةً تعمل لإثارة الفتن والفوضى والأحقاد، ولا نستغرق في حسابات الذّات، ولا ننسى الله تعالى وحقوقه، فتوحيده يعني التقرّب منه، والتقرّب منه يعني تحمُّل المسؤوليّات تجاه النّفس والناس والحياة، بما يحفظ الكرامة وعزَّة النّفس؛ هذه العزّة التي لا تقوم إلا بتوحيد الله، ولا تتمظهر فعليّاً إلا بممارسة التوحيد.
فالأبعاد العاطفيّة والشّعوريّة الّتي يمنحها التّوحيد للإنسان، تجعله يرتقي دوماً في حياته، وتبعده عن الرّتابة والطقوسيّة الجافّة، والجمود الروحيّ والذهنيّ والفكريّ، حتى يشعر بتجديد الحياة في عروقه كلَّ آن، وتصبح طاقاته أكثر اندفاعاً وإنتاجاً.
ونختم بما قاله المفكِّر الدّكتور علي شريعتي: "إنّ الأبعاد العاطفيَّة لحاجة الإنسان إلى الله، هي حاجته إلى الشّعور بوجود قدرة مطلقة، وملاذ آمن، ومعنى مقدَّس حاكم على الوجود بأسره، وهذه الحاجة لا تؤمّنها لا الثنويّة ولا التّثليث ولا تعدّد الآلهة، بل إنّ هذه المذاهب تنغّص هذه الحاجة على الإنسان، وتصيّر الوجود ميداناً لتضارب هذه القوى المتصارعة.
لقد قامت الديانات الزرادشتية والمزدكية والمانيّة على أساس الثنويّة القديمة، فقد ارتكزت على الإيمان بتعدّد الآلهة، والإسلام هو الدّيانة الوحيدة القائمة على دعامة التّوحيد، والتّوحيد هو الشّكل الوحيد من أشكال العبادة القادرة على أن تمنح العبد يقيناً وطمأنينةً وأملاً والتزاماً، وتعطي الوجود هدفيّةً ومعنى. وبعبارة أخرى، التَّوحيد يستبطن في ذاته كلّ الآثار التي يخلّفها الاعتقاد الدّينيّ في حياة الإنسان ببعديها المادّيّ والمعنويّ".[كتاب: معرفة الإسلام، ص150].
فلنشعر فعلاً بتوحيد الله تعالى، ولنجعله عبادةً حيّةً في أقوالنا وأفعالنا، بما يؤهّلنا لنكون مسلمين لله حقَّ التّسليم، ومؤمنين به حقَّ الإيمان.
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.
إنَّ حاجة الإنسان إلى دينٍ ليست مجرَّد شيء ميكانيكيّ جامد كغيره من أشكال الطّقوس والعادات الفارغة، بل هي حاجة عفويّة طبيعيّة منشؤها النّفس والروح، حيث السّعي الدّائم إلى العبادة والتّوحيد وتعزيز الشّعور بوجود الخالق القدير، الذي يؤمِّن للإنسان السَّعادة والأمان والطّمأنينة القصوى، إذ تستقرّ بذلك نفسه، وتهدأ روحه، ويصبح إنساناً ذا معنًى وقيمة وهدف في الحياة.
فالاعتقاد الدّينيّ التَّوحيديّ يوفِّر للإنسان الفرصة الدَّائمة لمنح البشر الغاية في حياتهم، من خلال توحيد الله حقَّ توحيده، والابتعاد بالتّالي عن مظاهر الشّرك الخفيّ، من عبادة المال والمناصب والأشخاص والعناوين.
لقد ذمَّ الله تعالى المؤمنين المتظاهرين بعنوان الإيمان، بينما هم في الحقيقة يمارسون فعل الشِّرك عبر تقديس مظاهر الدّنيا، بحيث إذا سألتهم: من تعبدون؟ يقولون: (الله)، وهم في أفعالهم لا يوحِّدونه، بل كلّ همّهم ما يحصلون عليه في دنياهم، يقول تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ}[يوسف: 106].
إنَّ الدّين الإسلاميّ الّذي قام على دعامة التوحيد، يريدنا أن ننمِّي شعورنا بالحاجة إلى الله تعالى وحده، فنذكره حقَّ الذّكر، ونعبده حقّ العبادة، ونخلص له حقَّ الإخلاص، ونجعل من رضاه ميزاناً لأعمالنا، ونقيم الحقَّ والعدل مع أنفسنا ومع الآخرين، فلا نناصر ظالماً ولا فئةً تعمل لإثارة الفتن والفوضى والأحقاد، ولا نستغرق في حسابات الذّات، ولا ننسى الله تعالى وحقوقه، فتوحيده يعني التقرّب منه، والتقرّب منه يعني تحمُّل المسؤوليّات تجاه النّفس والناس والحياة، بما يحفظ الكرامة وعزَّة النّفس؛ هذه العزّة التي لا تقوم إلا بتوحيد الله، ولا تتمظهر فعليّاً إلا بممارسة التوحيد.
فالأبعاد العاطفيّة والشّعوريّة الّتي يمنحها التّوحيد للإنسان، تجعله يرتقي دوماً في حياته، وتبعده عن الرّتابة والطقوسيّة الجافّة، والجمود الروحيّ والذهنيّ والفكريّ، حتى يشعر بتجديد الحياة في عروقه كلَّ آن، وتصبح طاقاته أكثر اندفاعاً وإنتاجاً.
ونختم بما قاله المفكِّر الدّكتور علي شريعتي: "إنّ الأبعاد العاطفيَّة لحاجة الإنسان إلى الله، هي حاجته إلى الشّعور بوجود قدرة مطلقة، وملاذ آمن، ومعنى مقدَّس حاكم على الوجود بأسره، وهذه الحاجة لا تؤمّنها لا الثنويّة ولا التّثليث ولا تعدّد الآلهة، بل إنّ هذه المذاهب تنغّص هذه الحاجة على الإنسان، وتصيّر الوجود ميداناً لتضارب هذه القوى المتصارعة.
لقد قامت الديانات الزرادشتية والمزدكية والمانيّة على أساس الثنويّة القديمة، فقد ارتكزت على الإيمان بتعدّد الآلهة، والإسلام هو الدّيانة الوحيدة القائمة على دعامة التّوحيد، والتّوحيد هو الشّكل الوحيد من أشكال العبادة القادرة على أن تمنح العبد يقيناً وطمأنينةً وأملاً والتزاماً، وتعطي الوجود هدفيّةً ومعنى. وبعبارة أخرى، التَّوحيد يستبطن في ذاته كلّ الآثار التي يخلّفها الاعتقاد الدّينيّ في حياة الإنسان ببعديها المادّيّ والمعنويّ".[كتاب: معرفة الإسلام، ص150].
فلنشعر فعلاً بتوحيد الله تعالى، ولنجعله عبادةً حيّةً في أقوالنا وأفعالنا، بما يؤهّلنا لنكون مسلمين لله حقَّ التّسليم، ومؤمنين به حقَّ الإيمان.
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.