الغرور.. مرض نفسي يستدعي العلاج!

الغرور.. مرض نفسي يستدعي العلاج!

استشارة..

السلام عليكم.

أنا شابّ ثلاثيني، ملتزم ومتديّن. مشكلتي أنني مغرور، وأشعر بأنني أفضل من الآخرين، على الرغم من أنني لست كذلك. هذه الصّفة تدمّر حياتي وتزعزع علاقتي بالناس. جهدت مراراً لأتخلَّص منها، ولكن من دون جدوى. فما هو الحل؟ وهل سياحسبني الله على غروري؟

وجواب..

في كلّ إنسان صفات حسنة وأخرى سيّئة. وبعض الصّفات السيّئة خطيرة ومضرة، مثل الغضب والحسد والقسوة والتكبّر، وهي تزعج الآخرين الذي يعيشون مع هذا الإنسان أو يتواصلون معه في العمل أو الدراسة وغيرهما، وخصوصاً أنَّ الإنسان اجتماعي بطبعه، ولا يمكنه اعتزال الناس والعيش منفرداً.

هذا الواقع مؤسف ويعاني منه بعض الناس، فتظهر آثاره عليهم خلافات وشقاء وأمراضاً نفسية، وما يؤسف أكثر هو عدم مبالاة الكثيرين منهم بمحاسبة أنفسهم، وعدم الاعتراف بعيوبهم، واستمرارهم في التصرف الخاطئ، بحجَّة صعوبة تغيير أنفسهم، أو عدم الرغبة في تهذيب أنفسهم، تكاسلاً منهم عن مجاهدتها والسمو بها في مدارج الكمال، واستهانة بمعاناة من حولهم من أقارب وأصدقاء جراء تصرّفاتهم الخاطئة.

وهنا نلاحظ أنَّ الإسلام بآدابه الرفيعة، دعا المؤمن إلى محاسبة نفسه ومراقبتها ورصد عيوبها، وخصوصاً أنه غير معصوم وعرضة للأخطاء، ونفسه ميالة إلى السوء بطبيعتها. وشدد عليه الاعتراف بهذا الواقع، ومواجهته ورفضه، سواء كان سببه حالة نفسيَّة أو عاملاً خارجياً، بل أكَّد أيضاً قدرة الإنسان على الوصول إلى أعلى درجات الرفض الَّذي يتجلى بكره الشرّ والسّوء والفساد ومحاربته له باللسان واليد، والتحول إلى داعية من دعاة الخير المجاهدين من أجله.

أما صفة الغرور التي ذكرت في رسالتك أنك تعاني منها، ولا تستطيع مواجهتها ونزعها من نفسك، رغم أنك بذلت عدة محاولات، فهي أيضاً ليست عصيَّة على المعالجة، وخصوصاً أنَّك مدرك سوءها وآثارها الضارة على شخصيتك، وراغب في علاجها. وأوّل خطوات العلاج هو أن تعيش حالة التواضع، والإقرار بأن ثمة آخرين كثيرين هم أفضل منك، على الأقل في بعض الجوانب، وحاول حين لقائك بهم، أن تبحث عما يتمايزون به عنك، لا عما تتمايز أنت عنهم.

والخطوة الثانية: عليك أن تتظاهر بالتواضع للناس، بأن تسبقهم في إلقاء السلام، والابتسام في وجههم، وأن تبادرهم بالمصافحة، وأن تجلس في مجلس متواضع، كما أن عليك أن تمشي بوقار وأن يكون نظرك إلى الأرض.

والخطوة الثالثة: عليك أن لا تمدح نفسك أمام الآخرين، وإن اضطررت إلى الحديث عن نفسك، فتجنب مدحها، بل تجنب التحدّث بضمير المتكلم، وإذا مدحك أحد فارفض كلامه في ذهنك، وقل كما علَّمنا أئمَّة أهل البيت(ع): "اللهم اجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون".

وأخيراً، فإنك مع الالتزام بهذه الأمور ستتغيَّر حالتك، ولو فرض أنك بقيت تشعر بالغرور في نفسك، فلا إثم عليك ما دام مجرد شعور ذهني لا يصاحبه تصرفات مغرورة، وعليك صرف ذهنك عن التفكير فيما يثير هذه الحالة في داخلك، والاستغفار بشكلٍ دائم.

***

مرسل الاستشارة: علي.

المجيب عن الاستشارة: الشّيخ محسن عطوي، عالم دين وباحث ومؤلف، عضو المكتب الشّرعي في مؤسّسة العلامة المرجع السيّد محمَّد حسين فضل الله(رض).

التاريخ: 6 حزيران 2013م.

نوع الاستشارة: اجتماعية.

استشارة..

السلام عليكم.

أنا شابّ ثلاثيني، ملتزم ومتديّن. مشكلتي أنني مغرور، وأشعر بأنني أفضل من الآخرين، على الرغم من أنني لست كذلك. هذه الصّفة تدمّر حياتي وتزعزع علاقتي بالناس. جهدت مراراً لأتخلَّص منها، ولكن من دون جدوى. فما هو الحل؟ وهل سياحسبني الله على غروري؟

وجواب..

في كلّ إنسان صفات حسنة وأخرى سيّئة. وبعض الصّفات السيّئة خطيرة ومضرة، مثل الغضب والحسد والقسوة والتكبّر، وهي تزعج الآخرين الذي يعيشون مع هذا الإنسان أو يتواصلون معه في العمل أو الدراسة وغيرهما، وخصوصاً أنَّ الإنسان اجتماعي بطبعه، ولا يمكنه اعتزال الناس والعيش منفرداً.

هذا الواقع مؤسف ويعاني منه بعض الناس، فتظهر آثاره عليهم خلافات وشقاء وأمراضاً نفسية، وما يؤسف أكثر هو عدم مبالاة الكثيرين منهم بمحاسبة أنفسهم، وعدم الاعتراف بعيوبهم، واستمرارهم في التصرف الخاطئ، بحجَّة صعوبة تغيير أنفسهم، أو عدم الرغبة في تهذيب أنفسهم، تكاسلاً منهم عن مجاهدتها والسمو بها في مدارج الكمال، واستهانة بمعاناة من حولهم من أقارب وأصدقاء جراء تصرّفاتهم الخاطئة.

وهنا نلاحظ أنَّ الإسلام بآدابه الرفيعة، دعا المؤمن إلى محاسبة نفسه ومراقبتها ورصد عيوبها، وخصوصاً أنه غير معصوم وعرضة للأخطاء، ونفسه ميالة إلى السوء بطبيعتها. وشدد عليه الاعتراف بهذا الواقع، ومواجهته ورفضه، سواء كان سببه حالة نفسيَّة أو عاملاً خارجياً، بل أكَّد أيضاً قدرة الإنسان على الوصول إلى أعلى درجات الرفض الَّذي يتجلى بكره الشرّ والسّوء والفساد ومحاربته له باللسان واليد، والتحول إلى داعية من دعاة الخير المجاهدين من أجله.

أما صفة الغرور التي ذكرت في رسالتك أنك تعاني منها، ولا تستطيع مواجهتها ونزعها من نفسك، رغم أنك بذلت عدة محاولات، فهي أيضاً ليست عصيَّة على المعالجة، وخصوصاً أنَّك مدرك سوءها وآثارها الضارة على شخصيتك، وراغب في علاجها. وأوّل خطوات العلاج هو أن تعيش حالة التواضع، والإقرار بأن ثمة آخرين كثيرين هم أفضل منك، على الأقل في بعض الجوانب، وحاول حين لقائك بهم، أن تبحث عما يتمايزون به عنك، لا عما تتمايز أنت عنهم.

والخطوة الثانية: عليك أن تتظاهر بالتواضع للناس، بأن تسبقهم في إلقاء السلام، والابتسام في وجههم، وأن تبادرهم بالمصافحة، وأن تجلس في مجلس متواضع، كما أن عليك أن تمشي بوقار وأن يكون نظرك إلى الأرض.

والخطوة الثالثة: عليك أن لا تمدح نفسك أمام الآخرين، وإن اضطررت إلى الحديث عن نفسك، فتجنب مدحها، بل تجنب التحدّث بضمير المتكلم، وإذا مدحك أحد فارفض كلامه في ذهنك، وقل كما علَّمنا أئمَّة أهل البيت(ع): "اللهم اجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون".

وأخيراً، فإنك مع الالتزام بهذه الأمور ستتغيَّر حالتك، ولو فرض أنك بقيت تشعر بالغرور في نفسك، فلا إثم عليك ما دام مجرد شعور ذهني لا يصاحبه تصرفات مغرورة، وعليك صرف ذهنك عن التفكير فيما يثير هذه الحالة في داخلك، والاستغفار بشكلٍ دائم.

***

مرسل الاستشارة: علي.

المجيب عن الاستشارة: الشّيخ محسن عطوي، عالم دين وباحث ومؤلف، عضو المكتب الشّرعي في مؤسّسة العلامة المرجع السيّد محمَّد حسين فضل الله(رض).

التاريخ: 6 حزيران 2013م.

نوع الاستشارة: اجتماعية.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية