استشارة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا امرأة متزوجة وموظفة في الوقت نفسه، وزوجي موظف أيضاً ولدينا عدة أطفال. المشكلة أن زوجي يجبرني على مشاركته في مصاريف المنزل والأولاد، مع العلم بأنه لا يصرف عليَّ، بل أتحمل مصاريفي الشخصية من راتبي، وأتكفَّل بالمستلزمات الشخصية لأبنائي، بينما ينفق هو المال لشراء المأكل والمشرب ومواد التنظيف، ولا يتحمّل مسؤولية باقي الاحتياجات من ملبس وترفيه.
لقد ضقت ذرعاً من هذا الوضع، لأنني لا أستطيع أن أدخّر لنفسي مبلغاً ينفعني فيما بعد، وأشعر بأنني كالأرملة أو المطلقة. تحدَّثت إليه مراراً ليظهر لي مشاعر الحبّ والرومانسيَّة، ولكنَّه يعبّر لي عن الحب بالجنس، فهذا هو مفهومه له. أرجو إفادتي بمشورتكم.
وجواب..
تعتبر مسألة وجوب النفقة على الزوج من بديهيات الشرع الإسلامي، حيث يجب عليه أن يتحمل كامل نفقات الزوجة والمنزل والأولاد، ويشمل ذلك مصاريف الزوجة الخاصة بالسكن والأثاث والأكل والشرب اللباس والعلاج والتنقل والزينة وتقديمات الضيافة الخاصة بضيوفها، من دون أن يحل له إنقاص شيء منها، ولو فرض أنه عجز عن ذلك كلياً أو جزئياً، فإن النفقة تبقى ديناً في ذمته إلى آخر العمر إن لم تسامحه بها. وكما يجب عليه الإنفاق على زوجته، فإنه يجب عليه أن ينفق على أولاده في جميع ما يحتاجون إليه ما دام قادراً على الإنفاق عليهم.
وأما الزوجة، فلا يجب عليها شيء من النفقة على نفسها، مهما كانت غنية وقادرة على ذلك. أما أولادها، فيجب عليها الإنفاق عليهم عند عجز الوالد وقدرتها، فحيث يكون الزوج قادراً على الإنفاق على أولاده، لا تتحمل الأم شيئاً من نفقتهم.
وعلى هذا الأساس، فإنه لا يجوز للرجل أن يتهرب من هذا الواجب، اتكالاً منه على كون زوجته عاملة منتجة، كما لا يجوز له أن يحرجها لتشاركه في مصاريف المنزل إن لم يكن بتمام رضاها ورغبتها، رغم أن مثل هذه المشاركة قد صارت شائعة ومتعارفة، إذ ثمة فرق كبير بين إجبار الزوجة على المساهمة في نفقات المنزل والأولاد، وبين قيامها بذلك حباً بزوجها وعن طيب نفس. ويعتبر الزوج في حالة الإكراه ظالماً وغاصباً لمالها، ويجب عليه أن يترك ذلك ويتوب عنه ويعوض زوجته ما أخذه منها، بل ويعوضها أيضاً مقدار النفقة التي حرمها منها.
وكما قلت يا أختي، فإضافةً إلى أن الزوج تهرب من القيام بواجب النفقة، فإنه لا يبدي لها الشكر على ما تقدمه، ولا يظهر لها الاهتمام المناسب، ولا يعطيها من أخلاقه ما يعوضها عن تضحياتها أمامه وفضلها عليه.
إن علينا معاشر الرجال أن نتقي الله تعالى في مال الزوجة، وأن نتورع عنه، وأن نعتبرها ومالها أمانة عندنا، فلا نستحل شيئاً من مالها بدون رضاها، وأن نحرص على كرامتها، فلا نهينها ولا نؤذيها في قول أو عمل، وأن نذكر دائماً ما قاله سيدنا ومولانا الإمام علي(ع): "ما زال رسول الله(ص) يوصينا بالمرأة حتى ظننا أنه لا ينبغي طلاقها"، وأن نذكر أيضاً قول النبي(ص): "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهله"، وأن نجعلها هذه الوصايا منهاجاً نعتمده في علاقتنا بزوجاتنا، وأن نكون منصفين ومقدرين لما يقمن به من جهد في تربية الأبناء وخدمة المنزل والمشاركة في نفقاته.
ومن جهة أخرى، فإن ما تنتجه الزوجة هو لها كله، ويحق لها أن تدخر منه ما تشاء، وأن تهب منه لمن تشاء، وخصوصاً أهلها، ولا يحق لزوجها أن يمنعها من ذلك، إلا أن تشاوره وتشركه في أمورها، فعليه أن يخلص لها في النصيحة.
***
مرسلة الاستشارة: ...
المجيب عن الاستشارة: الشّيخ محسن عطوي، عالم دين وباحث ومؤلف، عضو المكتب الشّرعي في مؤسّسة العلامة المرجع السيّد محمَّد حسين فضل الله(رض).
التاريخ: 2 نيسان 2013م.
نوع الاستشارة: اجتماعية.
استشارة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا امرأة متزوجة وموظفة في الوقت نفسه، وزوجي موظف أيضاً ولدينا عدة أطفال. المشكلة أن زوجي يجبرني على مشاركته في مصاريف المنزل والأولاد، مع العلم بأنه لا يصرف عليَّ، بل أتحمل مصاريفي الشخصية من راتبي، وأتكفَّل بالمستلزمات الشخصية لأبنائي، بينما ينفق هو المال لشراء المأكل والمشرب ومواد التنظيف، ولا يتحمّل مسؤولية باقي الاحتياجات من ملبس وترفيه.
لقد ضقت ذرعاً من هذا الوضع، لأنني لا أستطيع أن أدخّر لنفسي مبلغاً ينفعني فيما بعد، وأشعر بأنني كالأرملة أو المطلقة. تحدَّثت إليه مراراً ليظهر لي مشاعر الحبّ والرومانسيَّة، ولكنَّه يعبّر لي عن الحب بالجنس، فهذا هو مفهومه له. أرجو إفادتي بمشورتكم.
وجواب..
تعتبر مسألة وجوب النفقة على الزوج من بديهيات الشرع الإسلامي، حيث يجب عليه أن يتحمل كامل نفقات الزوجة والمنزل والأولاد، ويشمل ذلك مصاريف الزوجة الخاصة بالسكن والأثاث والأكل والشرب اللباس والعلاج والتنقل والزينة وتقديمات الضيافة الخاصة بضيوفها، من دون أن يحل له إنقاص شيء منها، ولو فرض أنه عجز عن ذلك كلياً أو جزئياً، فإن النفقة تبقى ديناً في ذمته إلى آخر العمر إن لم تسامحه بها. وكما يجب عليه الإنفاق على زوجته، فإنه يجب عليه أن ينفق على أولاده في جميع ما يحتاجون إليه ما دام قادراً على الإنفاق عليهم.
وأما الزوجة، فلا يجب عليها شيء من النفقة على نفسها، مهما كانت غنية وقادرة على ذلك. أما أولادها، فيجب عليها الإنفاق عليهم عند عجز الوالد وقدرتها، فحيث يكون الزوج قادراً على الإنفاق على أولاده، لا تتحمل الأم شيئاً من نفقتهم.
وعلى هذا الأساس، فإنه لا يجوز للرجل أن يتهرب من هذا الواجب، اتكالاً منه على كون زوجته عاملة منتجة، كما لا يجوز له أن يحرجها لتشاركه في مصاريف المنزل إن لم يكن بتمام رضاها ورغبتها، رغم أن مثل هذه المشاركة قد صارت شائعة ومتعارفة، إذ ثمة فرق كبير بين إجبار الزوجة على المساهمة في نفقات المنزل والأولاد، وبين قيامها بذلك حباً بزوجها وعن طيب نفس. ويعتبر الزوج في حالة الإكراه ظالماً وغاصباً لمالها، ويجب عليه أن يترك ذلك ويتوب عنه ويعوض زوجته ما أخذه منها، بل ويعوضها أيضاً مقدار النفقة التي حرمها منها.
وكما قلت يا أختي، فإضافةً إلى أن الزوج تهرب من القيام بواجب النفقة، فإنه لا يبدي لها الشكر على ما تقدمه، ولا يظهر لها الاهتمام المناسب، ولا يعطيها من أخلاقه ما يعوضها عن تضحياتها أمامه وفضلها عليه.
إن علينا معاشر الرجال أن نتقي الله تعالى في مال الزوجة، وأن نتورع عنه، وأن نعتبرها ومالها أمانة عندنا، فلا نستحل شيئاً من مالها بدون رضاها، وأن نحرص على كرامتها، فلا نهينها ولا نؤذيها في قول أو عمل، وأن نذكر دائماً ما قاله سيدنا ومولانا الإمام علي(ع): "ما زال رسول الله(ص) يوصينا بالمرأة حتى ظننا أنه لا ينبغي طلاقها"، وأن نذكر أيضاً قول النبي(ص): "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهله"، وأن نجعلها هذه الوصايا منهاجاً نعتمده في علاقتنا بزوجاتنا، وأن نكون منصفين ومقدرين لما يقمن به من جهد في تربية الأبناء وخدمة المنزل والمشاركة في نفقاته.
ومن جهة أخرى، فإن ما تنتجه الزوجة هو لها كله، ويحق لها أن تدخر منه ما تشاء، وأن تهب منه لمن تشاء، وخصوصاً أهلها، ولا يحق لزوجها أن يمنعها من ذلك، إلا أن تشاوره وتشركه في أمورها، فعليه أن يخلص لها في النصيحة.
***
مرسلة الاستشارة: ...
المجيب عن الاستشارة: الشّيخ محسن عطوي، عالم دين وباحث ومؤلف، عضو المكتب الشّرعي في مؤسّسة العلامة المرجع السيّد محمَّد حسين فضل الله(رض).
التاريخ: 2 نيسان 2013م.
نوع الاستشارة: اجتماعية.