محاضرات
10/07/2024

التَّجربةُ الَّتي عاشَها الحسينُ (ع) قبلَ الانطلاق

التَّجربةُ الَّتي عاشَها الحسينُ (ع) قبلَ الانطلاق

درسَ الإمام الحسين (ع) مشكلة أبيه عليّ بن أبي طالب (ع) مع النَّاس الّتي لا تفهم الحقَّ في عناصره الحيويَّة، ولذلك كانت لا تفهم عليّ بن أبي طالب (ع)، وكانت تساوي بينه وبين الآخرين، بل تفضِّل الآخرين عليه.
اختلالُ موازينِ التّقويم
كان الإمام عليّ (ع) يعيش هذه المرارة، لا من ناحية استغراقه في ذاته، كما يفعل بعض النَّاس، بحيث يتأذّى من تفضيل الآخرين عليه، لكن من جهة رؤيته للموازين الحقيقيَّة للتَّقويم. ولذا كان يقول في الخطبة الشَّقشقيَّة، عندما جُعِلَتِ المسألة شورى، وجُعِلَ عليٌّ (ع) أحدها: "جعلَها في جماعةٍ زعمَ أنّي أحدُهُم، فيا للهِ وللشُّورى! متَى اعترضَ الرَّيبُ فيَّ معَ الأوَّلِ منْهم، حتَّى صرْتُ أقرَنَ إلى هذهِ النَّظائرِ؟!". والإمام (ع) لم يقل ذلك احتقاراً، بل من جهة تأصيل القيمة الحقيقيَّة، وهو قال في أوَّل الخطبة: "أما واللهِ لقدْ تقمَّصَها فلانٌ، وإنَّه ليعلمُ أنَّ محلِّي منْها محلُّ القطبِ مِنَ الرَّحى، ينحدرُ عنِّي السَّيلُ، ولا يرقى إليَّ الطَّيرُ".
هكذا كان (ع)، وكان الإمام الحسين (ع) يراقب هذا الموضوع ويدرس الواقع، ولذلك، أخذ نظرة واقعيَّة تماماً. ثمَّ عندما أراد الله لعليٍّ (ع) أن تنتهي حياته بالشَّهادة، رأى الحسين (ع) كيف تقتلُ الأمَّةُ قيادتَها الشَّرعيَّة، من جهة الغباء الثَّقافي الَّذي كان يسيطر على الخوارج، والَّذين كانوا متزمّتين دينيّاً، ولكنَّهم أغبياء ثقافيّاً، لا يفهمون الإسلام، ولكن كما قال أمير المؤمنين (ع): "كأنَّهم لم يسمعوا كلامَ اللهِ حيثُ يقولُ: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[القصص: 83]. بلى، والله لقدْ سمعوها ووعوها، ولكنَّهم حليَتِ الدّنيا في أعينِهِم، وراقَهُم زبرجُها"، تركوا الآخرة وأقبلوا على الدّنيا.
تجربتُهُ معَ الحسنِ (ع)
وعاش الحسين (ع) مع أخيه الإمام الحسن (ع)، بعد أن فُرِضَ عليه الصّلحُ الَّذي لا يمثِّل اعترافاً بشرعيَّة معاوية، ولكن يمثِّل هدنةً من أجل حقن دماء المسلمين، لأنَّ الظّروف لم تكن تساعد على أيّ حركة في مستوى حركة الحسين (ع) الّتي قام بها فيما بعد، ورأى كيف سُمَّ الإمامُ الحسنُ (ع) من قبل معاوية بوسائله المعقَّدة، ورأى كيف أخذ معاويةُ البيعةَ لابنِهِ يزيد بطريقةٍ لم يعهدها المسلمون في كلِّ تاريخهم، عندما وقف بعض الأشخاص من قبل معاوية، وأمسك المال بيد، والسَّيف بيد، وقال: من بايعَ فلهُ هذا، وأشار إلى المال، ومن لم يبايع فله هذا، أي السَّيف.. لم يترك للنَّاس أيَّ خيارٍ لأيِّ مجال.
وهذا هو شأن الطّغاة، وقد عشنا ذلك فيما بعد 11 أيلول، عندما وقف الرَّئيس الأمريكي، وقال إمَّا أن تكونوا معنا وإمَّا مع الإرهاب، نحن الحقّ والآخرون الباطل!.. الفكرة نفسها؛ السَّيف هنا، والمساعدات الماليَّة والعسكريَّة هناك، وكما مشى الكثيرونَ مع معاوية وبايعوا ابنه يزيد، مشى الكثيرون مع أمريكا وحاربوا المسلمين لمصلحة الكافرين والمستكبرين، لأنَّهم أعطوهم مساعدات ماليَّة وسياسيَّة وما إلى ذلك.. التَّاريخ يعيد نفسه.
* من خطبة عاشورائيّة لسماحته، بتاريخ: 16/03/ 2002م.
درسَ الإمام الحسين (ع) مشكلة أبيه عليّ بن أبي طالب (ع) مع النَّاس الّتي لا تفهم الحقَّ في عناصره الحيويَّة، ولذلك كانت لا تفهم عليّ بن أبي طالب (ع)، وكانت تساوي بينه وبين الآخرين، بل تفضِّل الآخرين عليه.
اختلالُ موازينِ التّقويم
كان الإمام عليّ (ع) يعيش هذه المرارة، لا من ناحية استغراقه في ذاته، كما يفعل بعض النَّاس، بحيث يتأذّى من تفضيل الآخرين عليه، لكن من جهة رؤيته للموازين الحقيقيَّة للتَّقويم. ولذا كان يقول في الخطبة الشَّقشقيَّة، عندما جُعِلَتِ المسألة شورى، وجُعِلَ عليٌّ (ع) أحدها: "جعلَها في جماعةٍ زعمَ أنّي أحدُهُم، فيا للهِ وللشُّورى! متَى اعترضَ الرَّيبُ فيَّ معَ الأوَّلِ منْهم، حتَّى صرْتُ أقرَنَ إلى هذهِ النَّظائرِ؟!". والإمام (ع) لم يقل ذلك احتقاراً، بل من جهة تأصيل القيمة الحقيقيَّة، وهو قال في أوَّل الخطبة: "أما واللهِ لقدْ تقمَّصَها فلانٌ، وإنَّه ليعلمُ أنَّ محلِّي منْها محلُّ القطبِ مِنَ الرَّحى، ينحدرُ عنِّي السَّيلُ، ولا يرقى إليَّ الطَّيرُ".
هكذا كان (ع)، وكان الإمام الحسين (ع) يراقب هذا الموضوع ويدرس الواقع، ولذلك، أخذ نظرة واقعيَّة تماماً. ثمَّ عندما أراد الله لعليٍّ (ع) أن تنتهي حياته بالشَّهادة، رأى الحسين (ع) كيف تقتلُ الأمَّةُ قيادتَها الشَّرعيَّة، من جهة الغباء الثَّقافي الَّذي كان يسيطر على الخوارج، والَّذين كانوا متزمّتين دينيّاً، ولكنَّهم أغبياء ثقافيّاً، لا يفهمون الإسلام، ولكن كما قال أمير المؤمنين (ع): "كأنَّهم لم يسمعوا كلامَ اللهِ حيثُ يقولُ: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[القصص: 83]. بلى، والله لقدْ سمعوها ووعوها، ولكنَّهم حليَتِ الدّنيا في أعينِهِم، وراقَهُم زبرجُها"، تركوا الآخرة وأقبلوا على الدّنيا.
تجربتُهُ معَ الحسنِ (ع)
وعاش الحسين (ع) مع أخيه الإمام الحسن (ع)، بعد أن فُرِضَ عليه الصّلحُ الَّذي لا يمثِّل اعترافاً بشرعيَّة معاوية، ولكن يمثِّل هدنةً من أجل حقن دماء المسلمين، لأنَّ الظّروف لم تكن تساعد على أيّ حركة في مستوى حركة الحسين (ع) الّتي قام بها فيما بعد، ورأى كيف سُمَّ الإمامُ الحسنُ (ع) من قبل معاوية بوسائله المعقَّدة، ورأى كيف أخذ معاويةُ البيعةَ لابنِهِ يزيد بطريقةٍ لم يعهدها المسلمون في كلِّ تاريخهم، عندما وقف بعض الأشخاص من قبل معاوية، وأمسك المال بيد، والسَّيف بيد، وقال: من بايعَ فلهُ هذا، وأشار إلى المال، ومن لم يبايع فله هذا، أي السَّيف.. لم يترك للنَّاس أيَّ خيارٍ لأيِّ مجال.
وهذا هو شأن الطّغاة، وقد عشنا ذلك فيما بعد 11 أيلول، عندما وقف الرَّئيس الأمريكي، وقال إمَّا أن تكونوا معنا وإمَّا مع الإرهاب، نحن الحقّ والآخرون الباطل!.. الفكرة نفسها؛ السَّيف هنا، والمساعدات الماليَّة والعسكريَّة هناك، وكما مشى الكثيرونَ مع معاوية وبايعوا ابنه يزيد، مشى الكثيرون مع أمريكا وحاربوا المسلمين لمصلحة الكافرين والمستكبرين، لأنَّهم أعطوهم مساعدات ماليَّة وسياسيَّة وما إلى ذلك.. التَّاريخ يعيد نفسه.
* من خطبة عاشورائيّة لسماحته، بتاريخ: 16/03/ 2002م.
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية