هناك مسألة لا يزال البعض يناقشها، حول ما إذا كان الحسين (ع) طالباً للحكم! لأنَّه ربَّما يفهم بعضُ النَّاس خطأً، أنَّ الشَّخصَ عندما يطلبُ الحكمَ، يعني أنَّه يطلبُ سلطة، وإذا طلب السّلطة يعني أنّه يطلب الدّنيا، والإمام الحسين (ع) معصوم، فكيف يطلب الدّنيا والسّلطة؟!
لكنَّ الحسين (ع) يطلبُ الحكم لأنَّ الحكم حقُّه، فهو الإمام الشَّرعيّ، "الحسنُ والحسين إمامانِ قاما أو قعدا"، إن تحرّكا وإن لم يتحرّكا، يطلب السّلطة لإقامة الحقّ، كما قال عليّ (ع)، والحسين (ع) هو ابن عليّ: قال لهم: أنا الحسين بن عليّ... أراد أن يقول لهم أنا سائرٌ في هذا الخطِّ الَّذي سار عليه عليّ (ع) قبلي، وعليّ (ع) هو الَّذي قال لابن عبَّاس وقد رآه يخصف نعله: "ما قيمةُ هذه النَّعل؟"، فهي نعل قديمة جدّاً، فقال ابن عبَّاس: "لا قيمة لها"، فقال (ع): "والله لهيَ أحبُّ إليَّ من إمرتِكم، إلَّا أنْ أُقيمَ حقَّاً، أو أدفعَ باطلاً". أريد الخلافة من أجل إقامة الحقّ ودفع الباطل.
وكان عليّ (ع) في كلِّ ساحة الصِّراع حول الحكم وحول الخلافة، سواء كانت ساحة الصِّراع قبل أن يصير خليفة، أو بعد أن صار خليفة، وبعد أن تحرَّك النَّاكثون والمارقون والقاسطون، كان عليّ يصعِّد آهاته بين يدي الله ويشكو إليه، وكان يقول: "اللَّهمَّ إنَّكَ تعلمُ أنَّه لم يكنْ الَّذي كانَ منَّا منافسةً في سلطانٍ، ولا التماسَ شيءٍ من فضولِ الحطامِ - لا نريد الدنيا ولا المال ولا السّلطان لتلبية نوازع الذات في السّلطة. ماذا تريد يا عليّ بن أبي طالب؟ - ولكن لنردَ المعالمَ من دينِكَ - لكي نؤصِّل معالم الدِّين، ونجعلها تنفتح على كلِّ واقع النَّاس - ونظهرَ الإصلاحَ في بلادِكَ، فيأمنَ المظلومونَ من عبادِكَ، وتقامَ المعطَّلةُ من حدودِكَ". أنا ليس لي شغل بالدّنيا، ولا شغلَ لي بالسّلطة، ولكن أنا أريد أن أؤصِّلَ معالم الدّين كما أصَّله رسول الله (ص)، وأريد أن أظهر الإصلاح كما أظهره الأنبياء، وأريد أن يأمن المظلومون، فلا يظلمهم أحدٌ في المجتمع الإسلاميّ، وأن تقام المعطَّلة من حدودك، يعني أن يطبَّق القانون.. "اللَّهمَّ إنِّي أوَّلُ مَنْ أنابَ، وسمعَ وأجابَ، لم يسبقْني إلَّا رسولُ اللهِ (ص) بالصَّلاة".
لذلك، عندما يقول الحسين (ع): "وننظرُ أيُّنا أحقُّ بالخلافةِ والبيعةِ"، يعني أيّنا الَّذي يقيم حدود الله، أيّنا الَّذي يعمل بالإصلاح في بلاد المسلمين، أيّنا الَّذي يرفع الظّلم عن المظلومين، أيّنا الَّذي يطبِّق القانونَ الإسلاميَّ على الصَّغيرِ والكبيرِ... كانت المسألة عند الحسين (ع) هي هذه.
الحكمُ أساسٌ في الإسلام
ولذلك، مسألة الحكم، أيُّها الأحبَّة، هي مسألةٌ أساسٌ في الإسلام، لأنَّ الإسلام أساساً هو دين ودولة، هو عقيدةٌ ونظام. وإلَّا ما هو الحكم؟! الآن هناك قانون؛ هناك قانون اقتصاديّ، وقانون اجتماعيّ، وقانون أمنيّ، وقانون جزائيّ... والإسلام كذلك، الآن في الفقه الإسلاميّ - واقرأوا الرَّسائل الَّتي يكتبها المراجع - هناك باب العبادات، باب المعاملات، باب الحدود، باب الدّيات، باب القصاص، باب السّياسيات... لكنَّ التخلّف الَّذي عاشه المسلمون، والسَّيطرة الغربيَّة على أذهاننا، جعلَنَا نختزن في أنفسنا الفكرة الغربيَّة أن لا علاقة بين الدِّين والحياة، أنَّ الدِّين ضدّ العلم، وأنَّ الدّين ضدّ السياسة، وضدّ الحياة... والفكر العلماني ماذا يقول؟ يقول نحن لا نقول عن أنفسنا إنَّنا ملحدون، قد نؤمن بالله، ولكن لا تدخلوا الدِّين في حياتنا.
* الخطبة العاشورائيّة لسماحته، بتاريخ: 16/03/ 2002م.
هناك مسألة لا يزال البعض يناقشها، حول ما إذا كان الحسين (ع) طالباً للحكم! لأنَّه ربَّما يفهم بعضُ النَّاس خطأً، أنَّ الشَّخصَ عندما يطلبُ الحكمَ، يعني أنَّه يطلبُ سلطة، وإذا طلب السّلطة يعني أنّه يطلب الدّنيا، والإمام الحسين (ع) معصوم، فكيف يطلب الدّنيا والسّلطة؟!
لكنَّ الحسين (ع) يطلبُ الحكم لأنَّ الحكم حقُّه، فهو الإمام الشَّرعيّ، "الحسنُ والحسين إمامانِ قاما أو قعدا"، إن تحرّكا وإن لم يتحرّكا، يطلب السّلطة لإقامة الحقّ، كما قال عليّ (ع)، والحسين (ع) هو ابن عليّ: قال لهم: أنا الحسين بن عليّ... أراد أن يقول لهم أنا سائرٌ في هذا الخطِّ الَّذي سار عليه عليّ (ع) قبلي، وعليّ (ع) هو الَّذي قال لابن عبَّاس وقد رآه يخصف نعله: "ما قيمةُ هذه النَّعل؟"، فهي نعل قديمة جدّاً، فقال ابن عبَّاس: "لا قيمة لها"، فقال (ع): "والله لهيَ أحبُّ إليَّ من إمرتِكم، إلَّا أنْ أُقيمَ حقَّاً، أو أدفعَ باطلاً". أريد الخلافة من أجل إقامة الحقّ ودفع الباطل.
وكان عليّ (ع) في كلِّ ساحة الصِّراع حول الحكم وحول الخلافة، سواء كانت ساحة الصِّراع قبل أن يصير خليفة، أو بعد أن صار خليفة، وبعد أن تحرَّك النَّاكثون والمارقون والقاسطون، كان عليّ يصعِّد آهاته بين يدي الله ويشكو إليه، وكان يقول: "اللَّهمَّ إنَّكَ تعلمُ أنَّه لم يكنْ الَّذي كانَ منَّا منافسةً في سلطانٍ، ولا التماسَ شيءٍ من فضولِ الحطامِ - لا نريد الدنيا ولا المال ولا السّلطان لتلبية نوازع الذات في السّلطة. ماذا تريد يا عليّ بن أبي طالب؟ - ولكن لنردَ المعالمَ من دينِكَ - لكي نؤصِّل معالم الدِّين، ونجعلها تنفتح على كلِّ واقع النَّاس - ونظهرَ الإصلاحَ في بلادِكَ، فيأمنَ المظلومونَ من عبادِكَ، وتقامَ المعطَّلةُ من حدودِكَ". أنا ليس لي شغل بالدّنيا، ولا شغلَ لي بالسّلطة، ولكن أنا أريد أن أؤصِّلَ معالم الدّين كما أصَّله رسول الله (ص)، وأريد أن أظهر الإصلاح كما أظهره الأنبياء، وأريد أن يأمن المظلومون، فلا يظلمهم أحدٌ في المجتمع الإسلاميّ، وأن تقام المعطَّلة من حدودك، يعني أن يطبَّق القانون.. "اللَّهمَّ إنِّي أوَّلُ مَنْ أنابَ، وسمعَ وأجابَ، لم يسبقْني إلَّا رسولُ اللهِ (ص) بالصَّلاة".
لذلك، عندما يقول الحسين (ع): "وننظرُ أيُّنا أحقُّ بالخلافةِ والبيعةِ"، يعني أيّنا الَّذي يقيم حدود الله، أيّنا الَّذي يعمل بالإصلاح في بلاد المسلمين، أيّنا الَّذي يرفع الظّلم عن المظلومين، أيّنا الَّذي يطبِّق القانونَ الإسلاميَّ على الصَّغيرِ والكبيرِ... كانت المسألة عند الحسين (ع) هي هذه.
الحكمُ أساسٌ في الإسلام
ولذلك، مسألة الحكم، أيُّها الأحبَّة، هي مسألةٌ أساسٌ في الإسلام، لأنَّ الإسلام أساساً هو دين ودولة، هو عقيدةٌ ونظام. وإلَّا ما هو الحكم؟! الآن هناك قانون؛ هناك قانون اقتصاديّ، وقانون اجتماعيّ، وقانون أمنيّ، وقانون جزائيّ... والإسلام كذلك، الآن في الفقه الإسلاميّ - واقرأوا الرَّسائل الَّتي يكتبها المراجع - هناك باب العبادات، باب المعاملات، باب الحدود، باب الدّيات، باب القصاص، باب السّياسيات... لكنَّ التخلّف الَّذي عاشه المسلمون، والسَّيطرة الغربيَّة على أذهاننا، جعلَنَا نختزن في أنفسنا الفكرة الغربيَّة أن لا علاقة بين الدِّين والحياة، أنَّ الدِّين ضدّ العلم، وأنَّ الدّين ضدّ السياسة، وضدّ الحياة... والفكر العلماني ماذا يقول؟ يقول نحن لا نقول عن أنفسنا إنَّنا ملحدون، قد نؤمن بالله، ولكن لا تدخلوا الدِّين في حياتنا.
* الخطبة العاشورائيّة لسماحته، بتاريخ: 16/03/ 2002م.