أراد الله سبحانه وتعالى للأمَّة كلّها أن تتعامل بالنّصح في علاقاتها الإنسانيَّة، سواء كانت هذه العلاقات علاقات الرأي التي يحتاج فيها الإنسان إلى رأي الآخر، أو في المعاملات، سواء في الزواج، أو في الشَّراكة، أو في التجارة، أو ما أشبه ذلك، أو في العلاقات الاجتماعيَّة التي تنطلق من خلال أوضاع معيَّنة وتعقيدات معيَّنة، وهكذا في المسائل السياسيَّة عندما يريد الناس أن يرتبطوا بخطّ سياسيّ هنا، أو شخصية سياسية هناك ممن يديرون أمور النَّاس، لأنَّ الله أراد للمجتمع أن يستقرّ، وأن يمثِّل وحدةً بين أفراده في جميع أمورهم.
والوحدة في الإسلام ليست مجرَّد حالة شكلية يلتقي الناس فيها في صعيد واحد، ولكنَّها عملية اندماج الأمَّة بعضها مع بعض، بحيث يرى كلّ فرد أنّ مسؤوليَّته عن الأفراد الآخرين كمسؤوليَّته عن نفسه، فكما ينصح لنفسه، عليه أن ينصح لأمَّته، وكما يبتعد عن غشّ نفسه، فعليه أن لا يغشّ أمَّته. وقد اختصر النبيّ (ص) الدين كله في كلمة، إذ روي عنه (ص) أنه سُئل: ما الدّين؟ قال: "الدين النصيحة"، قالوا: لمن؟ قال: "لله ولرسوله ولأئمَّة المسلمين ولعامَّتهم"[1]، أي لجميع المسلمين. ومعنى ذلك، أنَّ النصح للمسلمين هو في خطِّ النصح لله ولرسوله ولأئمَّة المسلمين، فالإنسان الَّذي ينتمي إلى الإسلام، ويعيش في مجتمع مسلم، عليه أن يكون ناصحاً للمسلمين في علاقاتهم، وفي معاملاتهم، وفي سياساتهم، وفي كلِّ أوضاعهم الاجتماعيّة.
وهكذا ورد في حديث النبيّ (ص): "من أصبح لا يهتمّ بأمور المسلمين فليس منهم"[2]، "ومن لم يصبح ويمس ناصحاً لله ولرسوله ولكتابه ولإمامه ولعامّة المسلمين، فليس منهم"[3]، أي أنَّ دخولك في النسيج الإسلامي وفي المجتمع الإسلامي مشروط بأن تكون ناصحاً للمسلمين، لأنَّ الذي يغشّ المسلمين، لا يمكن أن يكون جزءاً من هذا النسيج الحيّ ومن هذه الأمَّة، لأنَّ الغشّ يهدّم الأمَّة ويمزِّق نسيجها الاجتماعي والسياسي والديني.
وهكذا ورد عن النبيّ (ص): "إنَّ أعظم الناس منزلة عند الله يوم القيامة - وكلمة أعظم تعني أقرب الناس إلى الله - أمشاهم في أرضه في النَّصيحة لخلقه"[4]، يعني الَّذي تكون حركته في كلِّ أوضاعه ونشاطاته حركة النّصح، بأن ينصح لكلِّ خلق الله في كلّ أمورهم وقضاياهم، بحيث يعمل على رفع مستواهم وتأكيد وحدتهم وتقوية طاقاتهم وما إلى ذلك.
وفي حديث عن الإمام جعفر الصَّادق (ع) يقول: "عليكم بالنّصح لله في خلقه، فلن تلقاه بعمل أفضل منه"[5]. ويفهم من هذا، أنَّ الجوانب الاجتماعيَّة في الإسلام، والتي تتصل بسلامة الناس وبارتفاع مستواهم، هي من أفضل الأعمال عند الله، والله يعطيه على هذا الأساس المنزلة العليا.
وقد ورد في الحديث عن الإمام الصَّادق (ع): "من استشاره أخوه المؤمن فلم يمحضه النصيحة، سلبه الله لبّه"[6]، سواء كانت الاستشارة في موضوع شخصيّ، أو في المسائل السياسيَّة والاجتماعيَّة وما أشبه ذلك، لأنَّك إذا لم تكن أميناً على إعطاء الرأي النَّاصح حول الشَّخص الذي استشرت حوله، فإنّ الله سبحانه يسلبك هذا الرأي الذي يقصدك النَّاس من أجله، ولذلك يعتبر هذا نوعاً من أنواع الخيانة، لأنَّك لم تنصح من استنصحك.
[2] بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 71، ص 337.
[3] مجمع الزوائد، الهيثمي، ج1، ص87.
[4] الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص 208.
[6] مستدرك سفينة البحار، الشيخ الشاهرودي، ج10، ص 63.
* من خطبة جمعة لسماحته، بتاريخ: 24 جمادى الأخرة 1424هـ/ الموافق: 22 آب 2003م.
أراد الله سبحانه وتعالى للأمَّة كلّها أن تتعامل بالنّصح في علاقاتها الإنسانيَّة، سواء كانت هذه العلاقات علاقات الرأي التي يحتاج فيها الإنسان إلى رأي الآخر، أو في المعاملات، سواء في الزواج، أو في الشَّراكة، أو في التجارة، أو ما أشبه ذلك، أو في العلاقات الاجتماعيَّة التي تنطلق من خلال أوضاع معيَّنة وتعقيدات معيَّنة، وهكذا في المسائل السياسيَّة عندما يريد الناس أن يرتبطوا بخطّ سياسيّ هنا، أو شخصية سياسية هناك ممن يديرون أمور النَّاس، لأنَّ الله أراد للمجتمع أن يستقرّ، وأن يمثِّل وحدةً بين أفراده في جميع أمورهم.
والوحدة في الإسلام ليست مجرَّد حالة شكلية يلتقي الناس فيها في صعيد واحد، ولكنَّها عملية اندماج الأمَّة بعضها مع بعض، بحيث يرى كلّ فرد أنّ مسؤوليَّته عن الأفراد الآخرين كمسؤوليَّته عن نفسه، فكما ينصح لنفسه، عليه أن ينصح لأمَّته، وكما يبتعد عن غشّ نفسه، فعليه أن لا يغشّ أمَّته. وقد اختصر النبيّ (ص) الدين كله في كلمة، إذ روي عنه (ص) أنه سُئل: ما الدّين؟ قال: "الدين النصيحة"، قالوا: لمن؟ قال: "لله ولرسوله ولأئمَّة المسلمين ولعامَّتهم"[1]، أي لجميع المسلمين. ومعنى ذلك، أنَّ النصح للمسلمين هو في خطِّ النصح لله ولرسوله ولأئمَّة المسلمين، فالإنسان الَّذي ينتمي إلى الإسلام، ويعيش في مجتمع مسلم، عليه أن يكون ناصحاً للمسلمين في علاقاتهم، وفي معاملاتهم، وفي سياساتهم، وفي كلِّ أوضاعهم الاجتماعيّة.
وهكذا ورد في حديث النبيّ (ص): "من أصبح لا يهتمّ بأمور المسلمين فليس منهم"[2]، "ومن لم يصبح ويمس ناصحاً لله ولرسوله ولكتابه ولإمامه ولعامّة المسلمين، فليس منهم"[3]، أي أنَّ دخولك في النسيج الإسلامي وفي المجتمع الإسلامي مشروط بأن تكون ناصحاً للمسلمين، لأنَّ الذي يغشّ المسلمين، لا يمكن أن يكون جزءاً من هذا النسيج الحيّ ومن هذه الأمَّة، لأنَّ الغشّ يهدّم الأمَّة ويمزِّق نسيجها الاجتماعي والسياسي والديني.
وهكذا ورد عن النبيّ (ص): "إنَّ أعظم الناس منزلة عند الله يوم القيامة - وكلمة أعظم تعني أقرب الناس إلى الله - أمشاهم في أرضه في النَّصيحة لخلقه"[4]، يعني الَّذي تكون حركته في كلِّ أوضاعه ونشاطاته حركة النّصح، بأن ينصح لكلِّ خلق الله في كلّ أمورهم وقضاياهم، بحيث يعمل على رفع مستواهم وتأكيد وحدتهم وتقوية طاقاتهم وما إلى ذلك.
وفي حديث عن الإمام جعفر الصَّادق (ع) يقول: "عليكم بالنّصح لله في خلقه، فلن تلقاه بعمل أفضل منه"[5]. ويفهم من هذا، أنَّ الجوانب الاجتماعيَّة في الإسلام، والتي تتصل بسلامة الناس وبارتفاع مستواهم، هي من أفضل الأعمال عند الله، والله يعطيه على هذا الأساس المنزلة العليا.
وقد ورد في الحديث عن الإمام الصَّادق (ع): "من استشاره أخوه المؤمن فلم يمحضه النصيحة، سلبه الله لبّه"[6]، سواء كانت الاستشارة في موضوع شخصيّ، أو في المسائل السياسيَّة والاجتماعيَّة وما أشبه ذلك، لأنَّك إذا لم تكن أميناً على إعطاء الرأي النَّاصح حول الشَّخص الذي استشرت حوله، فإنّ الله سبحانه يسلبك هذا الرأي الذي يقصدك النَّاس من أجله، ولذلك يعتبر هذا نوعاً من أنواع الخيانة، لأنَّك لم تنصح من استنصحك.
[2] بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 71، ص 337.
[3] مجمع الزوائد، الهيثمي، ج1، ص87.
[4] الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص 208.
[6] مستدرك سفينة البحار، الشيخ الشاهرودي، ج10، ص 63.
* من خطبة جمعة لسماحته، بتاريخ: 24 جمادى الأخرة 1424هـ/ الموافق: 22 آب 2003م.