لبس المرأة للنقاب ليس واجباً فضل الله: موقف الرئيس الفرنسي يمثل اضطهاداً للمرأة وقمعاً للحريات |
ردّ سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، في مقابلة صحافية حول الموقف الفرنسي الأخير، وتعليق الرئيس الفرنسي على ما يُطرح لجهة العمل على منع ارتداء المرأة للنقاب في فرنسا، فقال:
إننا، وبالرغم من أنّ رأينا الاجتهادي الفقهي في مسألة وضع النقاب للمرأة، هو أنه من غير الواجب من الناحية الشرعية على المرأة أن تضعه على وجهها، لأن الله سبحانه وتعالى استثنى من مسألة الحجاب ما تحتاجه المرأة في حياتها الخاصة والعامة، ككائن اجتماعي له حاجاته في المجتمع، وهو قوله تعالى: {لا يبدين زينتهنّ إلا ما ظهر منها} إضافةً إلى النصوص الدينية الواردة في تراثنا الإسلامي، كالسنة النبوية.
ولهذا فإننا لا نجد التزاماً عاماً للمرأة المسلمة بارتداء النقاب، ولكننا أمام هذا التعليق الذي أدلى به رئيس جمهورية فرنسا (ساركوزي) على هذه المسألة بطريقة سلبية، نحاول أن نسجّل ملاحظة؛ وهي أن للمرأة كامل الحرية فيما ترتديه، وكما لا يجوز لنا أن نجبرها على أن تضع النقاب على وجهها، فإننا في الوقت نفسه نرى أنها إذا اختارت وضعه لاعتبارات نفسية أو ذاتية أو تقليدية اجتماعية، فإن علينا أن لا نضغط عليها ونقهرها لنمنعها من ممارسة ذلك، لأن لها الحرية في أن تختار ما تريد مما لم يحرمه الله عليها.
إنّ حديث ساركوزي، وكذلك حديث شيراك الذي سبقه، حول منع الفتيات في فرنسا من لبس الحجاب داخل المدارس والجامعات، والمؤسسات الرسمية، وكذلك منع بعض الحكّام المسلمين في تركيا وبعض الدول العربية ارتداء الحجاب في المدارس يمثل اضطهاداً للمرأة وإساءةً إلى إرادتها واختيارها في أن تمارس ما تعتقده فريضة دينية يلزمها الله بها ما دام ذلك لا يسيء إليها وإلى الواقع ولا يمنعها من أن تدخل المجتمع وأن تقوم بالمبادرات وكل الواجبات الاجتماعية في هذا المجال.
ونرى أن هذا الأسلوب يمثل لوناً من ألوان الاضطهاد وقمع الحريات للمرأة، وربما يمنع ذلك بعض النساء المسلمات من دخول الجامعات أو المدارس الثانوية باعتبار المنع الرسمي. إن مسألة الحرية من المسائل المقدسة لدى الإنسان، ومعنى الحرية ينطلق من إرادة الإنسان لا من القوانين التي يفرضها الناس الذين قد تكون لهم وجهات نظر تنطلق من ثقافتهم التي تختلف عن الثقافات الأخرى.
إننا نقول لرئيس جمهورية فرنسا: إنّ عليك أن تدرس المسألة من الناحية الإنسانية في احترام إنسانية المرأة فيما تريد، وفي أن تختار النقاب أو تختار عدم النقاب، لكننا نقول، كما قال ذلك الشاعر عن الواقع الذي يمارسه بعض الناس ضد المرأة:
يا ويح أوعية الصديد هي ليس تملك أن تريد ولا تريد
|