السّقف الزّمني الّذي حدّده الأميركيّون للتّفاوض هو سقفٌ زمنيّ إسرائيليّ فضل الله يحذّر من خطورة المواقف الأميركيّة ضدّ إيران والعالم الإسلامي |
دعا العلامة المرجع، السيّد محمّد حسين فضل الله، القيادة الإسلاميّة في إيران، إلى عدم الرضوخ للابتزاز الأميركيّ في مسألة التّفاوض مع الأميركيّين، مشيراً إلى أنّ السّقف الزّمني الذي حدّده الأميركيّون للتفاوض مع إيران هو سقف زمني إسرائيليّ، وأجندة إسرائيليّة جرى تحديدها من قبل المسؤولين الإسرائيليّين سابقاً، داعياً الشّعب الإيراني والقوى الحيّة في الأمّة إلى الوقوف مع إيران، لأنّ نجاح المحاور الاستكباريّة في ابتزاز إيران سيؤدّي إلى مضاعفة الضّغوط على الأمّة في كلّ مواقعها الحيّة.
أدلى سماحته بتصريحٍ تناول فيه التّهديدات الأميركيّة الأخيرة لإيران، وجاء في تصريحه:
إنّ الإصرار الأميركيّ على استفزاز إيران والتّعاطي معها بعقليّة الهيمنة الإمبراطورية في مسألة الملفّ النوويّ، ليس من شأنه أن يخدم التوجّهات العالميّة التي انطلقت من أكثر من موقع داعيةً إلى حلّ هذا الملفّ بالطرق الدبلوماسيّة، وهو على كلّ حال لن يخدم المصالح الأميركيّة نفسها، إذا كانت الإدارة الأميركيّة الديمقراطية تفكّر في إتباع أساليب جديدة للتّعاطي مع العالم الإسلاميّ.
ولذلك فالمسألة هنا لا تتصل بإيران وحدها، بل تتّصل بقوة الأمة وعزّتها وتوحّدها خلف قضاياها الأساسيّة، ولأن المحاور الدولية الاستكبارية إذا نجحت في ابتزازها وتهديداتها فسوف تضاعف من حجم ضغوطها واعتداءاتها لتطاول مواقع العزة والكرامة في الأمة كلها.
إنّنا نعرف أنّ الذي يدفع الأميركيّين إلى لغة الاستعلاء في مسألة الحوار والتّفاوض مع إيران، وإلى تحديد سقف زمني لذلك، هي إسرائيل، التي تحدّث مسؤولوها قبل أشهر عن ضرورة أن تقوم واشنطن بتحديد مهلة زمنية لا تتعدى نهاية العام الميلادي الحالي في مسألة التفاوض مع إيران حول ملفّها النوويّ السّلمي، قبل أن يتحدّث الناطق باسم البيت الأبيض قبل أيّام معلناً الالتزام، غير المباشر، بهذه المهلة.
ولقد بات واضحاً أنّ هناك خضوعاً أميركياً جديداً لكيان العدو، جرى تجسيده مؤخّراً في المناورات المشتركة، وفي دفع الحلف الأطلسيّ إلى التزام قواعد سبق للعدوّ أن حدّدها في مسألة التّعاون مع هذا الملفّ، وصولاً إلى الخطاب الأميركيّ التّهديديّ والمتصاعد ضدّ العالم الإسلاميّ، ومن بينها التّهديدات التي أطلقها "أوباما" مؤخّراً لإيران خلال جولته الآسيويّة، الأمر الذي يشير إلى أنّ الإدارة الديموقراطيّة عادت إلى القواعد السياسيّة الأميركيّة الثّابتة في تغليب مصالح العدوّ على المصالح الأميركيّة نفسها، تحت عنوان طمأنة إسرائيل وإقناعها تدريجيّاً بالسير في خطى العمليّة السياسيّة.
ونحن نعتقد أنّ هذا الانبطاح الأميركيّ أمام إسرائيل، ستكون له تداعياته الخطيرة على المنطقة العربيّة والإسلاميّة، وسيفسح في المجال أمام توتّرات جديدة قد تقود إلى عنف جديد ومتنقّل في أكثر من مكان، كما أنّ الاستراتيجيّة الجديدة للرّئيس الأميركيّ تجاه أفغانستان وباكستان، لها تداعياتها الأمنيّة المدمّرة في المنطقة، ولن تكون نتائجها في مصلحة الأميركيّين في نهاية المطاف، ولكنّها ستكشف تورّط الإدارة الجديدة أكثر، وسيرها على طريق سالفتها في مسألة العداء للمسلمين.
إنّنا أمام هذا الواقع، ندعو القيادة الإسلاميّة في إيران إلى اعتماد المواقف الحاسمة الّتي تصبّ في خدمة قضايا الأمّة، والّتي من شأنها تعزيز عوامل وعناصر القوّة فيها، وبالتّالي عدم الخضوع للشّروط الأميركيّة في الحوار والتّفاوض، وخصوصاً أنّه لا يستطيع أحدٌ أن يقدّم دليلاً على نزوع البرنامج النوويّ الإيرانيّ نحو التسلّح النوويّ.
وندعو الشّعب الإيرانيّ بكافّة فئاته وأطيافه إلى التّكاتف والتوحّد خلف قيادته، لإرسال رسالةٍ حاسمةٍ إلى المحاور الدّوليّة حول جدّيّة الموقف الإيرانيّ وتماسكه، وللتّأكيد أنّ ما يتّصل بالعنفوان الوطني والإسلاميّ غير قابل للمساومة.
وندعو قوى الممانعة في الأمّة إلى دعم إيران في هذا الموقف، لأنّ المسألة لا تتّصل بقوّة إيران فحسب، بل بقوّة الأمّة وتوحّدها خلف قضاياها، ولأنّ المحاور الدّوليّة الاستكباريّة إذا نجحت في ابتزازها وتهديداتها، فسوف تضاعف من حجم ضغوطها واعتداءاتها لتطاول مواقع العزّة والكرامة في الأمّة كلّها.
|