السيد فضل الله للـ"ميدل إيست تايمز": مشكلة لبنان في النظام الطائفي الذي أريد له أن يكون مفتاح كل التجارب السياسية في المنطقة

السيد فضل الله للـ"ميدل إيست تايمز": مشكلة لبنان في النظام الطائفي الذي أريد له أن يكون مفتاح كل التجارب السياسية في المنطقة

السيد فضل الله للـ"ميدل إيست تايمز": مشكلة لبنان في النظام الطائفي

الذي أريد له أن يكون مفتاح كل التجارب السياسية في المنطقة


الأزمة اللبنانية، خلفياتها وآفاق الحلول، النظام الطائفي، الصراعات المذهبية في العالم العربي والإسلامي... أسئلة حملتها مجلة "الميدل إيست تايمز" لسماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وهذا نصّ الحوار:
 

س: ما هي خطورة الأزمة اللبنانية في رأيك؟

ج: خطورة الأزمة اللبنانية هي في مدى ارتباطها بالاستراتيجية الأمريكية في حركية أزمة المنطقة، فأمريكا تنظر إلى لبنان من جانبين:

الجانب الأول: وهو علاقة الوضع اللبناني بإسرائيل التي تمثّل، في نظر أمريكا، الدولة التي ترتبط بأمريكا ارتباطاً عضوياً، بحيث إن الأمريكيين مستعدون لأن يدخلوا حرباً عالمية ثالثة لحسابها، وهذا ما لاحظناه في تصريحات المرشحين للرئاسة الأمريكية، الذين عبروا عن ذلك بطريقة وبأخرى، كما عبّر الرؤساء الأمريكيون السابقون، وخصوصاً بالنسبة إلى وجود المقاومة الإسلامية في لبنان، والتي استطاعت أن تهزم بشكل وبآخر الجيش الإسرائيلي المتحالف مع الخط الأمريكي، لأن العدوان كان عدواناً إسرائيلياً أمريكياً، ولذلك فهي تعمل للضغط على المقاومة حتى تزيح عن إسرائيل هذا الخطر المستقبلي.
   

خطورة الأزمة اللبنانية هي في مدى ارتباطها بالاستراتيجية الأمريكية


في حركية أزمة المنطقة


الجانب الثاني: فيتمثّل بعملية توظيف جماعة من اللبنانيين الذين يملكون بعض التعقيدات السياسية ضد بعض الأوضاع العربية والإسلامية، ولاسيما إيران وسوريا، إضافةً إلى المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية، لذلك فإن أمريكا تعتبر لبنان ساحةً لإدارة الصراع مع الفئات التي تختلف مع سياستها في المنطقة، وهذا ما عبّرت عنه الوزيرة "رايس" عندما قالت إنّ لبنان هو أفضل الساحات لمشروع الشرق الأوسط الكبير، والذي عبر عنه الرئيس "بوش" بأن لبنان يرتبط بالأمن القومي الأمريكي. ولذلك فإن الأزمة اللبنانية مرتبطة عضوياً بأزمة المنطقة، لأن أمريكا تريد الضغط على سوريا وعلى إيران في مسألة احتلالها للعراق.
 

س: هل يعني ذلك أن لسوريا وإيران دوراً في ذلك أيضاً؟

ج: عندما تحاول أمريكا أن تضغط على سوريا وإيران، فإن ردّ الفعل سوف يكون في محاولة إيران وسوريا الضغط ضد السياسة الأمريكية في المنطقة، ولكن هناك نقطة لا بد لنا من أن نثيرها، وهي أنه ليس من الضروري أن تكون المعارضة اللبنانية خاضعةً خضوعاً مطلقاً لسوريا وإيران في حركتها السياسية الداخلية في لبنان.

س: ما هي في رأيكم الحلول الممكنة لمعالجة هذه الأزمة؟

ج: لا أعتقد أن هناك أية فرصة لمعالجة الأزمة اللبنانية التي وصلت إلى الطريق المسدود، حسب أكثر من تصريح دولي أو عربي، لأن الكثيرين من العرب ومن السياسيين اللبنانيين يخضعون لاستراتيجية السياسة الأمريكية. ولذلك، فإن المسألة تتبع الخط الأمريكي في تحريك الأزمة اللبنانية لإيجاد علاقات متوازنة بين أمريكا وسوريا وإيران.
    لو أنصف اللبنانيون أنفسهم وآمنوا بوطنهم وكانوا مخلصين لأوضاع الشعب اللبناني لأمكن أن يحلوا هذه الأزمة بنصف ساعة

س: منذ الاستقلال إلى اليوم، والأزمات تتوالى على لبنان، كيف يمكن أن نجد حلاً جذرياً لجميع الأزمات التي تحدث اليوم دون أن تظهر أزمة جديدة غداً؟

س: وهل هذا يعني أن المشاكل ستبقى ما دام النظام الطائفي هو القائم
؟

ج: أنا أعتقد أن النظام الطائفي هو النظام الذي أريد له أن يكون مفتاح كل التجارب السياسية في المنطقة، وقد كنت أقول في أيام الحرب، إن لبنان يمثل الرئة التي تتنفس فيها مشاكل المنطقة، ولكن الجميع يحافظون على أن يبقى لبنان كمعادلة سياسية تعمل الدول كلها على أن لا يسقط، وأنا أقول إنّ لبنان تحكمه لاءات ثلاث: لا تقسيم، لا انهيار، لا استقرار.

س: كيف تنظر إلى الانقسام المسيحي ـ المسيحي؟

    النظام الطائفي هو النظام الذي أريد له أن يكون مفتاح كل التجارب السياسية في المنطقة


ج: أنا أعتقد أن هذا الانقسام هو أمر طبيعي يقتضيه اختلاف الخطوط السياسية، لأن المسيحية بمعناها الإنجيلي، ليس لها أي علاقة بموضوع رئاسة الجمهورية والانتخابات النيابية أو حكومة الوحدة الوطنية، لكن المسألة هي أن المسيحية تمثّل عنواناً لفريق من السياسيين يختلف مع فريق آخر، كما هو الحال في أمريكا في مسألة الاختلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين، وكلاهما مسيحي، إلا أنهما يختلفان في الخطوط السياسية.

ج: في تصوّري، ليست هناك ظروف واقعية لحدوث أي خلل أمني في لبنان في مستوى الحرب الأهلية أو الفتنة المذهبية، سواء كانت سنية شيعية، أو مسيحية مسيحية، لأن المصالح الدولية والإقليمية واللبنانية الداخلية سوف تتأثر بأي حرب تحدث ضمن هذه الخطوط. ولذلك فليست هناك أية فرصة لأي حرب داخلية لبنانية، لأنها سوف تسقط الهيكل على رؤوس الجميع، سواء أمريكا أو إسرائيل أو الدول العربية، بالرغم مما تحدث عنه مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية "وولش"، بأن اللبنانيين سوف يواجهون صيفاً ساخناً، وأنا أتصور أن هذا يمثل تهويلاً على اللبنانيين ولا يمثل واقعاً، ولو أنصف اللبنانيون أنفسهم، وآمنوا بوطنهم، وكانوا مخلصين لأوضاع الشعب اللبناني، لأمكن أن يحلوا هذه الأزمة بنصف ساعة، لأن التفاصيل التي يدور عليها الخلاف ليست تفاصيل جوهرية أو حيوية، بل إنها تنطلق من خلال إيحاءات خارجية.

ولذلك، فإنني أتصور أن المشكلة هي أن اللبنانيين لا يعيشون الثقة تجاه بعضهم بعضاً، بمعنى أنه ليس هناك وحدة بين اللبنانيين بالمعنى السياسي، بل هناك لبنانان، فهناك لبنان المعارضة ولبنان الموالاة، باعتبار أن كل فريق ليس مستعداً لأن يتقدم خطوةً واحدة نحو الفريق الآخر، وهذا ما لاحظناه عندما أطلق الرئيس بري مسألة الحوار التي رفضتها الأكثرية بشكلٍ شامل، مع أن الحوار، مهما كانت أدواته، لا يمكن أن يشكل عنصراً سلبياً لأي فريق من الفرقاء، سواء كان الحوار قبل انتخاب رئيس الجمهورية أو بعده، لأن الحوار قد يقارب الذهنيات والخطوط التي يسير عليها هذا الفريق أو ذاك الفريق، ولكن المسألة هي أن الإيحاءات الخارجية أرادت لهم أن لا يعطوا المعارضة شيئاً في هذا المقام، حتى على مستوى القبول بالحوار معها.

س: يقولون إنّ المشكلة هي في النظام الطائفي؟

ج: النظام الطائفي هو المشكلة الاستراتيجية الأساس في كل مشاكل لبنان، لأنّه جعل لبنان يشبه الولايات غير المتحدة، بحيث أصبحت كل طائفة فيه تسعى لتأخذ بأسباب القوة لنفسها في قبال الطائفة الأخرى. وقد رأينا الكثير ممّن يتحدثون بلغة طائفية، فهناك من يتحدث عن حقوق السنّة وهناك من يتحدث عن حقوق الشيعة وهناك من يتحدث عن حقوق المسيحيين، حتى إنّ بعضهم يتحدث عن حقوق الكاثوليك والأرثوذكس والأرمن، ولا نجد من يتحدث عن لبنان الوطن وعن المواطنة في شخصية الإنسان اللبناني، بل إننا نلاحظ بالنسبة إلى قانون الانتخاب، أنّه بدءاً من أعلى سلطة دينية، يُثار الحديث عن أنّه كيف يمكن للمسلمين أن ينتخبوا المسيحيين، أو كيف يمكن للمسيحيين أن ينتخبوا المسلمين؟! وعليه، فإنّ الشخصية اللبنانية الوطنية ليست ملحوظة في تفكير هذا الفريق أو ذاك الفريق، سواء كان في موقع ديني أو في موقع سياسي، وهذا يعني أن هناك لبنان المسيحي ولبنان المسلم، وهناك لبنان السني ولبنان الشيعي، وليس هناك لبنان الوطن.
   

المسيحية بمعناها الإنجيلي ليس لها أي علاقة بموضوع رئاسة الجمهورية


أو الانتخابات النيابية وغيرها


وهكذا في أماكن أخرى في العالم، ولذلك أنا قلت مراراً إنّ المسيحية والإسلام في نظر النادي السياسي يمثلان طبلاً يدقّ عليه هذا أو ذاك ليجمع الناس من حوله، لأنّ الطائفية ليست ديناً، ولكنها عشائرية وقبلية تتحرك من خلال العصبيات لا من خلال القيم الدينية.
 

س: لماذا طغى إلى العلن الصراع السني الشيعي في لبنان؟

ج: أنا لا أعتقد أن هناك أية فرصة للصراع السني الشيعي، باعتبار أننا عندما ندرس الوضع السياسي، نلاحظ مثلاً أن المعارضة تضمّ سنةً وشيعةً ومسيحيين ودروزاً، وأن الموالاة أيضاً تضم جميع الطوائف، كما إن رئيس الوزراء لا يمثل الخط السني بالمعنى الديني، ولا رئيس مجلس النواب يمثل الخط الشيعي بالمعنى الديني، إنما المسألة هي مسألة سياسية تنطلق من خلال الطائفية السياسية، لا من الجانب الديني، ولكن بعض الذين لا يملكون امتداداً شعبياً، يحاولون إثارة العصبية المذهبية على أساس أن رئيس الوزراء يمثل عزّة السنة وكرامتهم، وهكذا عندما يتحدث عن رئاسة المجلس النيابي، أو يتحدث عن رئاسة هذا الحزب المسيحي أو ذاك الحزب المسيحي.

إن هناك عبادة للشخصية في لبنان، تنطلق من خلال العبودية الطائفية التي يعبد فيها كل جمهور رمزه الطائفي، باعتبار أن هذا أبو الطائفة، وذاك رمز الطائفة، وأن مواجهته تعني مواجهة الطائفة، بينما القضية ليست كذلك.
   

هناك عبادة للشخصية في لبنان تنطلق من خلال العبودية الطائفية


التي يعبد فيها كل جمهور رمزه الطائفي


س: هل ترى أن الصراع الذي يحدث في العراق هو صراع مذهبي؟

ج: ليس صراعاً مذهبياً، ذلك أن العشائر العراقية بكل أطيافها فيها السنة وفيها الشيعة، ولكن هناك بعض الحالات التي تنطلق من ردود فعل، فالسنة دخلوا الحكومة، ولكن عندما حصلت هناك بعض التعقيدات خرج البعض من الحكومة، والآن يريدون العودة إليها. فالحكومة في العراق ليست حكومةً شيعيةً، ولكنها حكومة ائتلافية فيها السنة وفيها الشيعة وفيها الأكراد. أما ما يحدث من صراع مذهبي، فذلك من خلال دخول القاعدة، والتي تدعمها بعض الدول العربية، الذين أعلنوا أنهم يحاربون المحتل ويحاربون الشيعة ويعتبرونهم من الرافضة. لذلك فإنّ حركة القاعدة في الجانب المذهبي، حيث تعتبر حربها ضد الشيعة حرباً مقدسة، هي التي قد تؤدي إلى بعض ردود الفعل، كما حدث عندما هدِّم مرقد الإمامين العسكريين في سامراء، فقد حدثت حال جنون شعبي، ولكن الواقع الذي نعيشه الآن، أن السنة والشيعة يلتقون بعلمائهم وسياسييهم وجماهيرهم.

 

س: هل ذلك يعني أنه لا يوجد صراع طائفي لا في العراق ولا في لبنان في رأيك؟

ج: لا يوجد في العراق ولا في لبنان صراع طائفي، وإنما هناك سياسيون يحاولون إثارة الحساسيات المذهبية، فنحن نلاحظ مثلاً أن المصاهرة بين السنة والشيعة في لبنان قد وصلت إلى مستوى كبير جداً.

س: كيف ترى طبيعة الصراع بين حكومة المالكي والحملة على الصدريين؟
   

لا يوجد في العراق ولا في لبنان صراع طائفي وإنما هناك سياسيون


يحاولون إثارة الحساسيات المذهبية


ج: هناك مسألة معقدة جداً، باعتبار أن المالكي يرى من وجهة نظره أنّ هناك فوضى تتحرك بها الميليشيات، وليست ميليشيا الصدر فقط، وإنما هناك ميليشيات أخرى أيضاً، ولكن جيش المهدي وُضع في الواجهة، وربما كانت هذه خطة أمريكية، بأنه لا بد من فرض القانون، وإنما طُرِحت المسألة على هذا الأساس، لأن الميليشيات الموجودة، كانت تعمل على نهب النفط، وكانوا يعتدون على الناس بمختلف الوسائل، كما لو لم تكن هناك حكومة. فالقضية المطروحة الآن هي قضية فرض القانون، ونحن نعرف أنّ أية حكومة في أية دولة محتلة، لا يمكن أن يمنحها الاحتلال الحرية، أو أن يسمح لها بالتحرك بشكل دقيق يمنع التعقيدات والمشاكل التي تحدث، فأمريكا تصنع الفتنة والفوضى الخلاّقة التي بشّر بها الرئيس الأمريكي، ولذلك فإنني أعتقد أن لأمريكا دوراً كبيراً فيما حدث ويحدث.

س: هل أنت مع جيش المهدي؟

ج: أنا مع المصالحة بين العراقيين، سواء كانوا في الدائرة الشيعية أو في الدائرة الإسلامية أو في الدائرة الوطنية.

 

س: كيف تصف لنا علاقتك بحزب الله؟

ج: هي علاقة طبيعية، ولكن ليس هناك تنسيق بالمعنى الذي نتداوله، بل إن لي خطاً سياسياً ينطلق من خلال الخط الإسلامي، وأنا انطلقت فيه منذ أكثر من عشرين سنة، أي قبل أن يولد حزب الله، وقبل أن تولد الأحزاب الأخرى. ولذلك ليست عندي ارتباطات عضوية مع الأحزاب والحركات، كما كان يقول الإعلام الغربي، بأني المرشد الروحي لحزب الله، فأنا لست جزءاً من أي تنظيم، بل أنا مرجعية دينية إسلامية مستقلة.

س: من، في رأيك، اغتال الشهيد عماد مغنية؟

    أنا مع المصالحة بين العراقيين، سواء كانوا في الدائرة الشيعية أو الإسلامية أو الوطنية


ج: إن الأنظار تتجه إلى إسرائيل، ولعل بعض التصريحات لبعض المسؤولين الإسرائيليين توحي بذلك.
 

س: ولمـاذا؟

ج: لأنه كان يمثّل العقل المدبّر والمفكّر في مواجهة العدوان الإسرائيلي، سواء في سنة 2000م أو في سنة 2006م.

س: هل أصدرتم فتوى ضد العمليات الاستشهادية؟

ج: نحن قلنا، عندما تكون هناك حالة حرب، فلا فرق بين الجندي الذي ينطلق في المعركة، وهو يعرف أنه سوف يستشهد، وبين الاستشهادي، فالعمليات الاستشهادية هي وسيلة من وسائل الحرب، ولكن لا يجوز القيام بها ضد المدنيين من دون حالة حرب، أما في حالات الحرب، فمن الطبيعي جداً القيام بها.
   

العمليات الاستشهادية هي وسيلة من وسائل الحرب


ولكن لا يجوز القيام بها ضد المدنيين من دون حالة حرب


س: الفلسطيني الذي يدخل إلى تل أبيب ويفجّر نفسه، هل هذا يعتبر جزءاً من الحرب؟

ج: عندما يكون في حالة حرب، وتكون الوسيلة الوحيدة لدفع العدوان الإسرائيلي عن الفلسطينيين هي هذه، فإنه يملك الحق في هذا الأسلوب، فهذا أسلوب من أساليب الحرب وليس شيئاً فوق العادة، ونحن نعرف أنّ هذا ليس ممّا تفرّد به المسلمون، بل إن البوذيين كانوا يمارسونه.
 

س: أصدرتم فتوى ضد الاقتتال الإسلامي الإسلامي، السني الشيعي؟

ج: نحن حرّمنا القتال الإسلامي الإسلامي، على قاعدة قول رسول الله(ص): "كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه".

س: ما هي رسالتك إلى الإدارة الأمريكية والشعب الأمريكي؟

ج: نحن نقول، إننا نحبّ صداقة الشعب الأمريكي، وليست عندنا مشكلة معه، وهناك في أمريكا الكثير من المسلمين الذين أرسلنا إليهم عدة رسائل، في أن لا يسيئوا إلى أمن البلد ولا إلى نظامه، وأن يعملوا مع الأمريكيين الأهليين في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. وقد كنت أول شخصية إسلامية أصدرت استنكاراً لما حدث في 11أيلول، وقلت إن هذا الأمر لا يقبله عقل ولا شرع ولا دين، ولاسيما أن الذين قتلوا هم من الأمريكيين ومن الشعوب الأخرى المتواجدة هناك. إن مشكلتنا هي مع الإدارة الأمريكية، وخصوصاً هذه الإدارة التي أثارت الحروب، فاحتلت العراق وأفغانستان، وهي تثير الفتن والمشاكل والمنازعات في المنطقة. ومع ذلك، فإننا لا نحارب أمريكا بهذه الطريقة، وإنما نحاربها سياسياً، بإثارة العالم ضد السياسيين الأمريكيين، لأننا نريد أن نعيش في سلام مع العالم كله، سواء العالم الأمريكي أو العالم الأوروبي أو الصيني أو الروسي.

    نحن نريد أن نكون أصدقاء العالم، ونحن ضد الإرهاب وضد التطرف، ولكن من يطلق عليَّ صاروخاً لا يمكن أن أقدم له ورداً


نحن نقرأ في القرآن الكريم، أن على المسلمين أن يستخدموا الأساليب التي تحوّل أعداءهم إلى أصدقاء، يقول تعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوةٌ كأنه وليٌ حميم} [فصّلت:34]. نحن نريد أن نكون أصدقاء العالم، ونحن ضد الإرهاب وضد التطرف، ولكن من يطلق عليَّ صاروخاً، لا يمكن أن أقدّم له ورداً، لأنه لا يفهم بلغة الورود.

س: سماحة السيد، في حال فوز الديمقراطيين في الانتخابات الأمريكية، هل سيكون هناك تغيير في السياسة الأمريكية؟

ج: بالنسبة إلى الإسرائيليين لا فرق بين الديمقراطيين والجمهوريين، كلهم إسرائيليون.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 16 ربيع الثاني 1429 هـ  الموافق: 22/04/2008 م

السيد فضل الله للـ"ميدل إيست تايمز": مشكلة لبنان في النظام الطائفي

الذي أريد له أن يكون مفتاح كل التجارب السياسية في المنطقة


الأزمة اللبنانية، خلفياتها وآفاق الحلول، النظام الطائفي، الصراعات المذهبية في العالم العربي والإسلامي... أسئلة حملتها مجلة "الميدل إيست تايمز" لسماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وهذا نصّ الحوار:
 

س: ما هي خطورة الأزمة اللبنانية في رأيك؟

ج: خطورة الأزمة اللبنانية هي في مدى ارتباطها بالاستراتيجية الأمريكية في حركية أزمة المنطقة، فأمريكا تنظر إلى لبنان من جانبين:

الجانب الأول: وهو علاقة الوضع اللبناني بإسرائيل التي تمثّل، في نظر أمريكا، الدولة التي ترتبط بأمريكا ارتباطاً عضوياً، بحيث إن الأمريكيين مستعدون لأن يدخلوا حرباً عالمية ثالثة لحسابها، وهذا ما لاحظناه في تصريحات المرشحين للرئاسة الأمريكية، الذين عبروا عن ذلك بطريقة وبأخرى، كما عبّر الرؤساء الأمريكيون السابقون، وخصوصاً بالنسبة إلى وجود المقاومة الإسلامية في لبنان، والتي استطاعت أن تهزم بشكل وبآخر الجيش الإسرائيلي المتحالف مع الخط الأمريكي، لأن العدوان كان عدواناً إسرائيلياً أمريكياً، ولذلك فهي تعمل للضغط على المقاومة حتى تزيح عن إسرائيل هذا الخطر المستقبلي.
   

خطورة الأزمة اللبنانية هي في مدى ارتباطها بالاستراتيجية الأمريكية


في حركية أزمة المنطقة


الجانب الثاني: فيتمثّل بعملية توظيف جماعة من اللبنانيين الذين يملكون بعض التعقيدات السياسية ضد بعض الأوضاع العربية والإسلامية، ولاسيما إيران وسوريا، إضافةً إلى المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية، لذلك فإن أمريكا تعتبر لبنان ساحةً لإدارة الصراع مع الفئات التي تختلف مع سياستها في المنطقة، وهذا ما عبّرت عنه الوزيرة "رايس" عندما قالت إنّ لبنان هو أفضل الساحات لمشروع الشرق الأوسط الكبير، والذي عبر عنه الرئيس "بوش" بأن لبنان يرتبط بالأمن القومي الأمريكي. ولذلك فإن الأزمة اللبنانية مرتبطة عضوياً بأزمة المنطقة، لأن أمريكا تريد الضغط على سوريا وعلى إيران في مسألة احتلالها للعراق.
 

س: هل يعني ذلك أن لسوريا وإيران دوراً في ذلك أيضاً؟

ج: عندما تحاول أمريكا أن تضغط على سوريا وإيران، فإن ردّ الفعل سوف يكون في محاولة إيران وسوريا الضغط ضد السياسة الأمريكية في المنطقة، ولكن هناك نقطة لا بد لنا من أن نثيرها، وهي أنه ليس من الضروري أن تكون المعارضة اللبنانية خاضعةً خضوعاً مطلقاً لسوريا وإيران في حركتها السياسية الداخلية في لبنان.

س: ما هي في رأيكم الحلول الممكنة لمعالجة هذه الأزمة؟

ج: لا أعتقد أن هناك أية فرصة لمعالجة الأزمة اللبنانية التي وصلت إلى الطريق المسدود، حسب أكثر من تصريح دولي أو عربي، لأن الكثيرين من العرب ومن السياسيين اللبنانيين يخضعون لاستراتيجية السياسة الأمريكية. ولذلك، فإن المسألة تتبع الخط الأمريكي في تحريك الأزمة اللبنانية لإيجاد علاقات متوازنة بين أمريكا وسوريا وإيران.
    لو أنصف اللبنانيون أنفسهم وآمنوا بوطنهم وكانوا مخلصين لأوضاع الشعب اللبناني لأمكن أن يحلوا هذه الأزمة بنصف ساعة

س: منذ الاستقلال إلى اليوم، والأزمات تتوالى على لبنان، كيف يمكن أن نجد حلاً جذرياً لجميع الأزمات التي تحدث اليوم دون أن تظهر أزمة جديدة غداً؟

س: وهل هذا يعني أن المشاكل ستبقى ما دام النظام الطائفي هو القائم
؟

ج: أنا أعتقد أن النظام الطائفي هو النظام الذي أريد له أن يكون مفتاح كل التجارب السياسية في المنطقة، وقد كنت أقول في أيام الحرب، إن لبنان يمثل الرئة التي تتنفس فيها مشاكل المنطقة، ولكن الجميع يحافظون على أن يبقى لبنان كمعادلة سياسية تعمل الدول كلها على أن لا يسقط، وأنا أقول إنّ لبنان تحكمه لاءات ثلاث: لا تقسيم، لا انهيار، لا استقرار.

س: كيف تنظر إلى الانقسام المسيحي ـ المسيحي؟

    النظام الطائفي هو النظام الذي أريد له أن يكون مفتاح كل التجارب السياسية في المنطقة


ج: أنا أعتقد أن هذا الانقسام هو أمر طبيعي يقتضيه اختلاف الخطوط السياسية، لأن المسيحية بمعناها الإنجيلي، ليس لها أي علاقة بموضوع رئاسة الجمهورية والانتخابات النيابية أو حكومة الوحدة الوطنية، لكن المسألة هي أن المسيحية تمثّل عنواناً لفريق من السياسيين يختلف مع فريق آخر، كما هو الحال في أمريكا في مسألة الاختلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين، وكلاهما مسيحي، إلا أنهما يختلفان في الخطوط السياسية.

ج: في تصوّري، ليست هناك ظروف واقعية لحدوث أي خلل أمني في لبنان في مستوى الحرب الأهلية أو الفتنة المذهبية، سواء كانت سنية شيعية، أو مسيحية مسيحية، لأن المصالح الدولية والإقليمية واللبنانية الداخلية سوف تتأثر بأي حرب تحدث ضمن هذه الخطوط. ولذلك فليست هناك أية فرصة لأي حرب داخلية لبنانية، لأنها سوف تسقط الهيكل على رؤوس الجميع، سواء أمريكا أو إسرائيل أو الدول العربية، بالرغم مما تحدث عنه مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية "وولش"، بأن اللبنانيين سوف يواجهون صيفاً ساخناً، وأنا أتصور أن هذا يمثل تهويلاً على اللبنانيين ولا يمثل واقعاً، ولو أنصف اللبنانيون أنفسهم، وآمنوا بوطنهم، وكانوا مخلصين لأوضاع الشعب اللبناني، لأمكن أن يحلوا هذه الأزمة بنصف ساعة، لأن التفاصيل التي يدور عليها الخلاف ليست تفاصيل جوهرية أو حيوية، بل إنها تنطلق من خلال إيحاءات خارجية.

ولذلك، فإنني أتصور أن المشكلة هي أن اللبنانيين لا يعيشون الثقة تجاه بعضهم بعضاً، بمعنى أنه ليس هناك وحدة بين اللبنانيين بالمعنى السياسي، بل هناك لبنانان، فهناك لبنان المعارضة ولبنان الموالاة، باعتبار أن كل فريق ليس مستعداً لأن يتقدم خطوةً واحدة نحو الفريق الآخر، وهذا ما لاحظناه عندما أطلق الرئيس بري مسألة الحوار التي رفضتها الأكثرية بشكلٍ شامل، مع أن الحوار، مهما كانت أدواته، لا يمكن أن يشكل عنصراً سلبياً لأي فريق من الفرقاء، سواء كان الحوار قبل انتخاب رئيس الجمهورية أو بعده، لأن الحوار قد يقارب الذهنيات والخطوط التي يسير عليها هذا الفريق أو ذاك الفريق، ولكن المسألة هي أن الإيحاءات الخارجية أرادت لهم أن لا يعطوا المعارضة شيئاً في هذا المقام، حتى على مستوى القبول بالحوار معها.

س: يقولون إنّ المشكلة هي في النظام الطائفي؟

ج: النظام الطائفي هو المشكلة الاستراتيجية الأساس في كل مشاكل لبنان، لأنّه جعل لبنان يشبه الولايات غير المتحدة، بحيث أصبحت كل طائفة فيه تسعى لتأخذ بأسباب القوة لنفسها في قبال الطائفة الأخرى. وقد رأينا الكثير ممّن يتحدثون بلغة طائفية، فهناك من يتحدث عن حقوق السنّة وهناك من يتحدث عن حقوق الشيعة وهناك من يتحدث عن حقوق المسيحيين، حتى إنّ بعضهم يتحدث عن حقوق الكاثوليك والأرثوذكس والأرمن، ولا نجد من يتحدث عن لبنان الوطن وعن المواطنة في شخصية الإنسان اللبناني، بل إننا نلاحظ بالنسبة إلى قانون الانتخاب، أنّه بدءاً من أعلى سلطة دينية، يُثار الحديث عن أنّه كيف يمكن للمسلمين أن ينتخبوا المسيحيين، أو كيف يمكن للمسيحيين أن ينتخبوا المسلمين؟! وعليه، فإنّ الشخصية اللبنانية الوطنية ليست ملحوظة في تفكير هذا الفريق أو ذاك الفريق، سواء كان في موقع ديني أو في موقع سياسي، وهذا يعني أن هناك لبنان المسيحي ولبنان المسلم، وهناك لبنان السني ولبنان الشيعي، وليس هناك لبنان الوطن.
   

المسيحية بمعناها الإنجيلي ليس لها أي علاقة بموضوع رئاسة الجمهورية


أو الانتخابات النيابية وغيرها


وهكذا في أماكن أخرى في العالم، ولذلك أنا قلت مراراً إنّ المسيحية والإسلام في نظر النادي السياسي يمثلان طبلاً يدقّ عليه هذا أو ذاك ليجمع الناس من حوله، لأنّ الطائفية ليست ديناً، ولكنها عشائرية وقبلية تتحرك من خلال العصبيات لا من خلال القيم الدينية.
 

س: لماذا طغى إلى العلن الصراع السني الشيعي في لبنان؟

ج: أنا لا أعتقد أن هناك أية فرصة للصراع السني الشيعي، باعتبار أننا عندما ندرس الوضع السياسي، نلاحظ مثلاً أن المعارضة تضمّ سنةً وشيعةً ومسيحيين ودروزاً، وأن الموالاة أيضاً تضم جميع الطوائف، كما إن رئيس الوزراء لا يمثل الخط السني بالمعنى الديني، ولا رئيس مجلس النواب يمثل الخط الشيعي بالمعنى الديني، إنما المسألة هي مسألة سياسية تنطلق من خلال الطائفية السياسية، لا من الجانب الديني، ولكن بعض الذين لا يملكون امتداداً شعبياً، يحاولون إثارة العصبية المذهبية على أساس أن رئيس الوزراء يمثل عزّة السنة وكرامتهم، وهكذا عندما يتحدث عن رئاسة المجلس النيابي، أو يتحدث عن رئاسة هذا الحزب المسيحي أو ذاك الحزب المسيحي.

إن هناك عبادة للشخصية في لبنان، تنطلق من خلال العبودية الطائفية التي يعبد فيها كل جمهور رمزه الطائفي، باعتبار أن هذا أبو الطائفة، وذاك رمز الطائفة، وأن مواجهته تعني مواجهة الطائفة، بينما القضية ليست كذلك.
   

هناك عبادة للشخصية في لبنان تنطلق من خلال العبودية الطائفية


التي يعبد فيها كل جمهور رمزه الطائفي


س: هل ترى أن الصراع الذي يحدث في العراق هو صراع مذهبي؟

ج: ليس صراعاً مذهبياً، ذلك أن العشائر العراقية بكل أطيافها فيها السنة وفيها الشيعة، ولكن هناك بعض الحالات التي تنطلق من ردود فعل، فالسنة دخلوا الحكومة، ولكن عندما حصلت هناك بعض التعقيدات خرج البعض من الحكومة، والآن يريدون العودة إليها. فالحكومة في العراق ليست حكومةً شيعيةً، ولكنها حكومة ائتلافية فيها السنة وفيها الشيعة وفيها الأكراد. أما ما يحدث من صراع مذهبي، فذلك من خلال دخول القاعدة، والتي تدعمها بعض الدول العربية، الذين أعلنوا أنهم يحاربون المحتل ويحاربون الشيعة ويعتبرونهم من الرافضة. لذلك فإنّ حركة القاعدة في الجانب المذهبي، حيث تعتبر حربها ضد الشيعة حرباً مقدسة، هي التي قد تؤدي إلى بعض ردود الفعل، كما حدث عندما هدِّم مرقد الإمامين العسكريين في سامراء، فقد حدثت حال جنون شعبي، ولكن الواقع الذي نعيشه الآن، أن السنة والشيعة يلتقون بعلمائهم وسياسييهم وجماهيرهم.

 

س: هل ذلك يعني أنه لا يوجد صراع طائفي لا في العراق ولا في لبنان في رأيك؟

ج: لا يوجد في العراق ولا في لبنان صراع طائفي، وإنما هناك سياسيون يحاولون إثارة الحساسيات المذهبية، فنحن نلاحظ مثلاً أن المصاهرة بين السنة والشيعة في لبنان قد وصلت إلى مستوى كبير جداً.

س: كيف ترى طبيعة الصراع بين حكومة المالكي والحملة على الصدريين؟
   

لا يوجد في العراق ولا في لبنان صراع طائفي وإنما هناك سياسيون


يحاولون إثارة الحساسيات المذهبية


ج: هناك مسألة معقدة جداً، باعتبار أن المالكي يرى من وجهة نظره أنّ هناك فوضى تتحرك بها الميليشيات، وليست ميليشيا الصدر فقط، وإنما هناك ميليشيات أخرى أيضاً، ولكن جيش المهدي وُضع في الواجهة، وربما كانت هذه خطة أمريكية، بأنه لا بد من فرض القانون، وإنما طُرِحت المسألة على هذا الأساس، لأن الميليشيات الموجودة، كانت تعمل على نهب النفط، وكانوا يعتدون على الناس بمختلف الوسائل، كما لو لم تكن هناك حكومة. فالقضية المطروحة الآن هي قضية فرض القانون، ونحن نعرف أنّ أية حكومة في أية دولة محتلة، لا يمكن أن يمنحها الاحتلال الحرية، أو أن يسمح لها بالتحرك بشكل دقيق يمنع التعقيدات والمشاكل التي تحدث، فأمريكا تصنع الفتنة والفوضى الخلاّقة التي بشّر بها الرئيس الأمريكي، ولذلك فإنني أعتقد أن لأمريكا دوراً كبيراً فيما حدث ويحدث.

س: هل أنت مع جيش المهدي؟

ج: أنا مع المصالحة بين العراقيين، سواء كانوا في الدائرة الشيعية أو في الدائرة الإسلامية أو في الدائرة الوطنية.

 

س: كيف تصف لنا علاقتك بحزب الله؟

ج: هي علاقة طبيعية، ولكن ليس هناك تنسيق بالمعنى الذي نتداوله، بل إن لي خطاً سياسياً ينطلق من خلال الخط الإسلامي، وأنا انطلقت فيه منذ أكثر من عشرين سنة، أي قبل أن يولد حزب الله، وقبل أن تولد الأحزاب الأخرى. ولذلك ليست عندي ارتباطات عضوية مع الأحزاب والحركات، كما كان يقول الإعلام الغربي، بأني المرشد الروحي لحزب الله، فأنا لست جزءاً من أي تنظيم، بل أنا مرجعية دينية إسلامية مستقلة.

س: من، في رأيك، اغتال الشهيد عماد مغنية؟

    أنا مع المصالحة بين العراقيين، سواء كانوا في الدائرة الشيعية أو الإسلامية أو الوطنية


ج: إن الأنظار تتجه إلى إسرائيل، ولعل بعض التصريحات لبعض المسؤولين الإسرائيليين توحي بذلك.
 

س: ولمـاذا؟

ج: لأنه كان يمثّل العقل المدبّر والمفكّر في مواجهة العدوان الإسرائيلي، سواء في سنة 2000م أو في سنة 2006م.

س: هل أصدرتم فتوى ضد العمليات الاستشهادية؟

ج: نحن قلنا، عندما تكون هناك حالة حرب، فلا فرق بين الجندي الذي ينطلق في المعركة، وهو يعرف أنه سوف يستشهد، وبين الاستشهادي، فالعمليات الاستشهادية هي وسيلة من وسائل الحرب، ولكن لا يجوز القيام بها ضد المدنيين من دون حالة حرب، أما في حالات الحرب، فمن الطبيعي جداً القيام بها.
   

العمليات الاستشهادية هي وسيلة من وسائل الحرب


ولكن لا يجوز القيام بها ضد المدنيين من دون حالة حرب


س: الفلسطيني الذي يدخل إلى تل أبيب ويفجّر نفسه، هل هذا يعتبر جزءاً من الحرب؟

ج: عندما يكون في حالة حرب، وتكون الوسيلة الوحيدة لدفع العدوان الإسرائيلي عن الفلسطينيين هي هذه، فإنه يملك الحق في هذا الأسلوب، فهذا أسلوب من أساليب الحرب وليس شيئاً فوق العادة، ونحن نعرف أنّ هذا ليس ممّا تفرّد به المسلمون، بل إن البوذيين كانوا يمارسونه.
 

س: أصدرتم فتوى ضد الاقتتال الإسلامي الإسلامي، السني الشيعي؟

ج: نحن حرّمنا القتال الإسلامي الإسلامي، على قاعدة قول رسول الله(ص): "كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه".

س: ما هي رسالتك إلى الإدارة الأمريكية والشعب الأمريكي؟

ج: نحن نقول، إننا نحبّ صداقة الشعب الأمريكي، وليست عندنا مشكلة معه، وهناك في أمريكا الكثير من المسلمين الذين أرسلنا إليهم عدة رسائل، في أن لا يسيئوا إلى أمن البلد ولا إلى نظامه، وأن يعملوا مع الأمريكيين الأهليين في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. وقد كنت أول شخصية إسلامية أصدرت استنكاراً لما حدث في 11أيلول، وقلت إن هذا الأمر لا يقبله عقل ولا شرع ولا دين، ولاسيما أن الذين قتلوا هم من الأمريكيين ومن الشعوب الأخرى المتواجدة هناك. إن مشكلتنا هي مع الإدارة الأمريكية، وخصوصاً هذه الإدارة التي أثارت الحروب، فاحتلت العراق وأفغانستان، وهي تثير الفتن والمشاكل والمنازعات في المنطقة. ومع ذلك، فإننا لا نحارب أمريكا بهذه الطريقة، وإنما نحاربها سياسياً، بإثارة العالم ضد السياسيين الأمريكيين، لأننا نريد أن نعيش في سلام مع العالم كله، سواء العالم الأمريكي أو العالم الأوروبي أو الصيني أو الروسي.

    نحن نريد أن نكون أصدقاء العالم، ونحن ضد الإرهاب وضد التطرف، ولكن من يطلق عليَّ صاروخاً لا يمكن أن أقدم له ورداً


نحن نقرأ في القرآن الكريم، أن على المسلمين أن يستخدموا الأساليب التي تحوّل أعداءهم إلى أصدقاء، يقول تعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوةٌ كأنه وليٌ حميم} [فصّلت:34]. نحن نريد أن نكون أصدقاء العالم، ونحن ضد الإرهاب وضد التطرف، ولكن من يطلق عليَّ صاروخاً، لا يمكن أن أقدّم له ورداً، لأنه لا يفهم بلغة الورود.

س: سماحة السيد، في حال فوز الديمقراطيين في الانتخابات الأمريكية، هل سيكون هناك تغيير في السياسة الأمريكية؟

ج: بالنسبة إلى الإسرائيليين لا فرق بين الديمقراطيين والجمهوريين، كلهم إسرائيليون.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 16 ربيع الثاني 1429 هـ  الموافق: 22/04/2008 م
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية