رحب بتسلم ايطاليا قيادة القوات الدولية في الجنوب
فضل الله: خلاص اللبنانيين في إحلال نظام المواطنة بديلاً عن النظام الطائفي
مقابلة أجراها التلفزيون الإيطالي الرسمي مع العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله حول آفاق الأزمة المتفاقمة في لبنان... وهذا هو نص الحوار:
* سماحة السيد، هل ترون أن الوضع في لبنان يتجه نحو حرب أهلية كما هو الحال في العراق؟
- في دراستي للواقع في لبنان، لا أجد هناك أيّ فرصة لأيّ حرب أهلية، لأنّ الصراع في لبنان هو صراع سياسي. فالمعارضة للحكومة ليست معارضة شيعية لحكومة سنية، بل إنّ الحكومة في لبنان هي حكومة ائتلافية، والمعارضة تشمل كل الطوائف، كما أن الأكثرية تشمل الطوائف جمعاء. ولذلك ليست هناك عقدة مذهبية في هذا المجال، وإن حاول بعض الزعامات توظيف المسألة المذهبية في الصراع السياسي القائم والمتصل بوزن القوى السياسية في الحكومة وموقع لبنان في المنطقة. أما في العراق، فهناك صراع حول الوزن المرجح لكل طائفة في الحكم، أيكون للشيعة أم للسنة، وذلك فضلاً عن التدخل الأمريكي الفاعل في السياسة العراقية وما يولده من صراعات تؤدي إلى فوضى أمنية متصاعدة، ترى واشنطن أنها تحفظ مصالحها الاستراتيجية. ولذلك، أنا أستطيع أن أؤكد أنه لن تحدث حرب أهلية في لبنان، وربما يحدث بعض الأحداث الجزئية، كما حصل يومي الثلاثاء والخميس، ولكن الشعب اللبناني يملك مناعة ضد الحرب الأهلية.
* بالنسبة إلى الولايات المتحدة وأوروبا، تتصدر مسألة تسليم سلاح حزب الله الأولويات، على اعتبار أن لبنان بلد سيد حرّ لذلك، هل تعتقدون أن تسليم هذا السلاح من قبل حزب الله يمكن أن يحدث يوماً، وضمن شروط معينة؟
- إن مسألة سلاح حزب الله إنّما انطلقت من خلال المشكلة مع إسرائيل التي تهدد لبنان. فإسرائيل منذ أكثر من ربع قرن تتحرك للعدوان عليه بحجة هنا وحجة هناك، ولذلك كان عنوان هذا السلاح، عنوان مقاومة إسرائيل، على اعتبار أن الجيش اللبناني لا يملك القوة والإمكانات التي يستطيع من خلالها أن يقوم بدور الدفاع عن الوطن ضد إسرائيل. وميزة المقاومة أنها تمارس حرب العصابات ضد العدو الإسرائيلي، في حين لا يملك الجيش النظامي هذه الميزة. ولما كانت مهمة المقاومة موجهة ضد إسرائيل، ولا يوظف سلاحها في الداخل، بل هي موجهة ضد العدو الإسرائيلي وحده، فإن قضية المقاومة لا تعود قضية داخلية، وأعتقد أن معالجة هذه القضايا بالطريقة التي تحمي لبنان يمكن أن تتحرك من خلال الحوار بين اللبنانيين. وأتصور أن أمريكا والدول الأوروبية إذا قامت بتسليح الجيش اللبناني بالأسلحة التي من خلالها يستطيع أن يدافع بها عن بلده في وجه أي عدوان إسرائيلي، فلا تبقى حاجة لسلاح حزب الله أو أي سلاح آخر.
* كيف تقرأون واقع العلاقة بين إيران وحزب الله، وهل باستطاعتنا الكلام عن حزب الله كحركة وطنية مستقلة فعلاً؟
- بحسب المعلومات التي أملكها، فإن إيران لا تتعامل مع حزب الله على أساس أنه أداة لتنفيذ تعلمياتها وسياساتها، ويبدو انطلاقاً مما قيل لي إن القيادات الإيرانية تترك لحزب الله أن يتحرك على ضوء ما يراه مصلحة لبلده، وذلك بفعل ما يمتلكه من الخبرة والرشد السياسي، وبالتالي فإنه على رغم العلاقات القوية جداً التي تربط بين حزب الله وإيران، فإن المسألة لا تتصل بتعليمات تصدر بشكل يومي من إيران لحزب الله.
* لقد تسلمت ايطاليا قيادة القوات الدولية العاملة في الجنوب. ما هي نظرة حضرتكم لهذه المهمة التي تقوم بها ايطاليا؟
- الشعب اللبناني بعامة لا يحمل أي مشاعر سلبية بالنسبة إلى ايطاليا، بل إننا نعتقد أن الحكومة الإيطالية تتحرك في سياستها الشرق أوسطية في شكل متوازن، فنحن نقدر للشعب الإيطالي تظاهراته المليونية التي انطلقت تأييداً لقضايا العدالة في الشرق الأوسط، ولا سيما في رفضها لحرب العراق وفي تعاطفها مع الشعب الفلسطيني، لذلك نحن نحمل تقديراً للشعب الإيطالي ولحكومته، وقد كانت لي صداقات مع سفرائها في لبنان، ونحن نرحب بقيادة ايطاليا للقوات الدولية لأنّنا نعتقد أنها لن تتخطى مهماتها المحددة، ولن تتحرك بعيداً عن النظام العام الذي يرتكز على مساعدة الجيش اللبناني في حفظ الحدود، ولذلك فنحن نتصوّر بأن قيادة ايطاليا للقوات الدولية قد تستطيع أن تقوم بدور فاعل في لبنان.
* كيف تنظرون لمستقبل لبنان؟
- أنا لست متشائماً بالنسبة إلى مستقبل لبنان، لأنّني أعتقد أن الكثير من المشاكل التي يعيشها اللبنانيون هي مشاكل من الخارج وليست مشاكل داخلية. وأنا أتصوّر، من خلال معلوماتي، أن الأزمة اللبنانية المعقدة انطلقت من خلال السياسة الأمريكية التي تريد أن تجعل من لبنان ساحة للضغط على أكثر من دولة في المنطقة لتنفيذ مشاريعها، ومنها مشروع الشرق أوسط الجديد، وهذا الانطباع هو الذي تكون أيضاً لدى الكثيرين، بمن فيهم أصحاب المبادرة العربية، علماً أنّ النظام الطائفي في لبنان هو الذي يفسح في المجال للثغر التي ينفذ منها الخارج، باعتبار أن كل طائفة تحاول أن تستقوي بدولة هنا ودولة هناك. لكنني رغم ذلك لا أتصوّر أن الخلافات بين اللبنانيين قد تسمح بوجود أي اهتـزاز كبير أو أي حرب داخلية لبنانية. بالطبع لا أخفي قلقاً من التدخلات الخارجية، وخصوصاً أن الحرب الأهلية اللبنانية السابقة اندلعت بتخطيط من الوزير الأمريكي الأسبق، هنري كسنجر. ويبقى خلاص اللبنانيين في طرح مسألة المواطنة بديلاً من النظام الطائفي، وبذلك يتساوى اللبنانيون في الحقوق والواجبات، ولقد قلت في أيام الحرب وأكرر بأن هناك ثلاث لاءات تحكم لبنان: «لا تقسيم؛ لا انهيار؛ لا استقرار».
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 16 محرم 1428 هـ الموافق: 04/02/2007 م
رحب بتسلم ايطاليا قيادة القوات الدولية في الجنوب
فضل الله: خلاص اللبنانيين في إحلال نظام المواطنة بديلاً عن النظام الطائفي
مقابلة أجراها التلفزيون الإيطالي الرسمي مع العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله حول آفاق الأزمة المتفاقمة في لبنان... وهذا هو نص الحوار:
* سماحة السيد، هل ترون أن الوضع في لبنان يتجه نحو حرب أهلية كما هو الحال في العراق؟
- في دراستي للواقع في لبنان، لا أجد هناك أيّ فرصة لأيّ حرب أهلية، لأنّ الصراع في لبنان هو صراع سياسي. فالمعارضة للحكومة ليست معارضة شيعية لحكومة سنية، بل إنّ الحكومة في لبنان هي حكومة ائتلافية، والمعارضة تشمل كل الطوائف، كما أن الأكثرية تشمل الطوائف جمعاء. ولذلك ليست هناك عقدة مذهبية في هذا المجال، وإن حاول بعض الزعامات توظيف المسألة المذهبية في الصراع السياسي القائم والمتصل بوزن القوى السياسية في الحكومة وموقع لبنان في المنطقة. أما في العراق، فهناك صراع حول الوزن المرجح لكل طائفة في الحكم، أيكون للشيعة أم للسنة، وذلك فضلاً عن التدخل الأمريكي الفاعل في السياسة العراقية وما يولده من صراعات تؤدي إلى فوضى أمنية متصاعدة، ترى واشنطن أنها تحفظ مصالحها الاستراتيجية. ولذلك، أنا أستطيع أن أؤكد أنه لن تحدث حرب أهلية في لبنان، وربما يحدث بعض الأحداث الجزئية، كما حصل يومي الثلاثاء والخميس، ولكن الشعب اللبناني يملك مناعة ضد الحرب الأهلية.
* بالنسبة إلى الولايات المتحدة وأوروبا، تتصدر مسألة تسليم سلاح حزب الله الأولويات، على اعتبار أن لبنان بلد سيد حرّ لذلك، هل تعتقدون أن تسليم هذا السلاح من قبل حزب الله يمكن أن يحدث يوماً، وضمن شروط معينة؟
- إن مسألة سلاح حزب الله إنّما انطلقت من خلال المشكلة مع إسرائيل التي تهدد لبنان. فإسرائيل منذ أكثر من ربع قرن تتحرك للعدوان عليه بحجة هنا وحجة هناك، ولذلك كان عنوان هذا السلاح، عنوان مقاومة إسرائيل، على اعتبار أن الجيش اللبناني لا يملك القوة والإمكانات التي يستطيع من خلالها أن يقوم بدور الدفاع عن الوطن ضد إسرائيل. وميزة المقاومة أنها تمارس حرب العصابات ضد العدو الإسرائيلي، في حين لا يملك الجيش النظامي هذه الميزة. ولما كانت مهمة المقاومة موجهة ضد إسرائيل، ولا يوظف سلاحها في الداخل، بل هي موجهة ضد العدو الإسرائيلي وحده، فإن قضية المقاومة لا تعود قضية داخلية، وأعتقد أن معالجة هذه القضايا بالطريقة التي تحمي لبنان يمكن أن تتحرك من خلال الحوار بين اللبنانيين. وأتصور أن أمريكا والدول الأوروبية إذا قامت بتسليح الجيش اللبناني بالأسلحة التي من خلالها يستطيع أن يدافع بها عن بلده في وجه أي عدوان إسرائيلي، فلا تبقى حاجة لسلاح حزب الله أو أي سلاح آخر.
* كيف تقرأون واقع العلاقة بين إيران وحزب الله، وهل باستطاعتنا الكلام عن حزب الله كحركة وطنية مستقلة فعلاً؟
- بحسب المعلومات التي أملكها، فإن إيران لا تتعامل مع حزب الله على أساس أنه أداة لتنفيذ تعلمياتها وسياساتها، ويبدو انطلاقاً مما قيل لي إن القيادات الإيرانية تترك لحزب الله أن يتحرك على ضوء ما يراه مصلحة لبلده، وذلك بفعل ما يمتلكه من الخبرة والرشد السياسي، وبالتالي فإنه على رغم العلاقات القوية جداً التي تربط بين حزب الله وإيران، فإن المسألة لا تتصل بتعليمات تصدر بشكل يومي من إيران لحزب الله.
* لقد تسلمت ايطاليا قيادة القوات الدولية العاملة في الجنوب. ما هي نظرة حضرتكم لهذه المهمة التي تقوم بها ايطاليا؟
- الشعب اللبناني بعامة لا يحمل أي مشاعر سلبية بالنسبة إلى ايطاليا، بل إننا نعتقد أن الحكومة الإيطالية تتحرك في سياستها الشرق أوسطية في شكل متوازن، فنحن نقدر للشعب الإيطالي تظاهراته المليونية التي انطلقت تأييداً لقضايا العدالة في الشرق الأوسط، ولا سيما في رفضها لحرب العراق وفي تعاطفها مع الشعب الفلسطيني، لذلك نحن نحمل تقديراً للشعب الإيطالي ولحكومته، وقد كانت لي صداقات مع سفرائها في لبنان، ونحن نرحب بقيادة ايطاليا للقوات الدولية لأنّنا نعتقد أنها لن تتخطى مهماتها المحددة، ولن تتحرك بعيداً عن النظام العام الذي يرتكز على مساعدة الجيش اللبناني في حفظ الحدود، ولذلك فنحن نتصوّر بأن قيادة ايطاليا للقوات الدولية قد تستطيع أن تقوم بدور فاعل في لبنان.
* كيف تنظرون لمستقبل لبنان؟
- أنا لست متشائماً بالنسبة إلى مستقبل لبنان، لأنّني أعتقد أن الكثير من المشاكل التي يعيشها اللبنانيون هي مشاكل من الخارج وليست مشاكل داخلية. وأنا أتصوّر، من خلال معلوماتي، أن الأزمة اللبنانية المعقدة انطلقت من خلال السياسة الأمريكية التي تريد أن تجعل من لبنان ساحة للضغط على أكثر من دولة في المنطقة لتنفيذ مشاريعها، ومنها مشروع الشرق أوسط الجديد، وهذا الانطباع هو الذي تكون أيضاً لدى الكثيرين، بمن فيهم أصحاب المبادرة العربية، علماً أنّ النظام الطائفي في لبنان هو الذي يفسح في المجال للثغر التي ينفذ منها الخارج، باعتبار أن كل طائفة تحاول أن تستقوي بدولة هنا ودولة هناك. لكنني رغم ذلك لا أتصوّر أن الخلافات بين اللبنانيين قد تسمح بوجود أي اهتـزاز كبير أو أي حرب داخلية لبنانية. بالطبع لا أخفي قلقاً من التدخلات الخارجية، وخصوصاً أن الحرب الأهلية اللبنانية السابقة اندلعت بتخطيط من الوزير الأمريكي الأسبق، هنري كسنجر. ويبقى خلاص اللبنانيين في طرح مسألة المواطنة بديلاً من النظام الطائفي، وبذلك يتساوى اللبنانيون في الحقوق والواجبات، ولقد قلت في أيام الحرب وأكرر بأن هناك ثلاث لاءات تحكم لبنان: «لا تقسيم؛ لا انهيار؛ لا استقرار».
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 16 محرم 1428 هـ الموافق: 04/02/2007 م