المرجع الشيعي الأعلى محمد حسين فضل الله يطرح رؤيته لـ«المصري اليوم»:
لبنان لن يسقط والطائفية سر أزمته السياسية
يكتسب الحوار مع المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، مذاقاً خاصاً من واقع آرائه الجريئة والواضحة وثروته الثقافية والسياسية المتمثلة في عشرات الكتب التي ألفها أمثال: «من وحي القرآن» «24 مجلداً» و«خطاب المقاومة والنصر». و«المسائل الفقهية» و«تأملات إسلامية».. إلى جانب ما تتسم به مواقفه من دعم للإسلام وقضاياه دينياً وسياسياً ومادياً واجتماعياً.. وفضل الله من مواليد النجف في العراق، وبالتالي كانت بغداد ومشهد إعدام صدام حسين، فضلاً عن الأزمة اللبنانية المشتعلة بين الحكومة والمعارضة على رأس أسئلة حوارنا معه:
إسقاط المقاومة سياسياً
س: سماحة السيد، التقيت مؤخرًا بوفد يمثل رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة، وكذلك سعد الحريري وهاتفك السنيورة مرتين قبل ذلك، وطلب منك التدخل لحسم الأمور في لبنان... ما هي رؤيتك لما يحدث على الساحة اللبنانية الآن؟
ج: في متابعتي للوضع اللبناني المنفتح على أكثر من ثغرة، ومن خلال النظام الطائفي الذي يتميز بأنه يفتح في كل طائفة ثغرة على الخارج، اكتشفت أن الأزمة اللبنانية التي نعيشها الآن تمثل امتدادًا لحركة العدوان الإسرائيلي على لبنان الذي انطلق من تنفيذ خطة سياسية عسكرية أمريكية إسرائيلية حاولت أن تتذرّع بمسألة الجنديين الإسرائيليين اللذين اختطفا من قبل حزب الله، فالخطة في الأصل تستهدف ضرب المقاومة الإسلامية ونزع سلاحها من خلال العدوان الإسرائيلي، وبذلك يسقط ما تبقّى من مقاومة عربية سواء على مستوى الدول العربية أو على مستوي المنظمات العربية، ولكن المسألة هي أن (حساب الحقل لم ينطبق على حساب البيدر) فهُزم الجيش الإسرائيلي، ولم يستطع أن يحقق أي بند من بنود هذه الخطة بالرغم من أن أمريكا أعطته وقتًا كبيرًا لينتصر ويحقق شيئًا من الخطة، لكنه لم يحقق شيئاً...
ولذلك، فإن هذا الانتصار الكبير للمقاومة الإسلامية في لبنان عقّد الوضع الأمريكي إضافة إلى الوضع الإسرائيلي، وقد نتج عن هذا الوضع تدخلاً أمريكياً سافرًا في الأزمة اللبنانية تمثل في حركة السفير الأمريكي منضمًا إلى حركة السفير الفرنسي، لأن فرنسا تريد أن تستفيد من الوضع الأمريكي في استعادة نفوذها في لبنان.
ويعود سبب هذه الحركة التصعيدية إلى أن أمريكا تريد منع أي انتصار سياسي للمقاومة بعد الانتصار العسكري، وهذا ما يفسر كل هذا العناد والتصلب من قِبَل الحكومة أمام الاعتصام الجماهيري غير المسبوق، والذي لو حدث في أي بلدٍ لسقطت الحكومة ولسقط الحكم في هذا المجال، ولكن المسألة السياسية في لبنان تتحرك من خلال الخطة الأمريكية الموضوعة للمنطقة، لأنّ أمريكا تريد أن تجعل من الساحة اللبنانية ساحة لنفوذها ولتحريك الصراع ضد سوريا وإيران من خلال ذلك، ولكننا أخيرًا وبعد كل هذه التعقيدات نلاحظ أن هناك ضوءًا في نهاية النفق، لأننا نجد المبادرة العربية بدأت قدراً من القوة من خلال ما نسمعه من تصريحات المسؤولين المصريين والسعوديين.
مؤشرات إيجابية للحلّ
س: وما سر هذه القوة؟
ج: ربما لأنهم لاحظوا أن المعارضة لم تسقط ولم تضعف، وأنها مستمرة بالمستوى الذي يستطيع أن يجمد كل المؤسسات اللبنانية، فقد نجحت المعارضة في تعطيل المؤسسات الدستورية على صعيد رئاسة الجمهورية أو رئاسة مجلس النواب أو رئاسة الوزراء، على الرغم من هذا النوع من الاستعراض الرسمي لجلسات مجلس الوزراء، حين تعقد بعيدًا عن وجود طائفة كبرى، وهي الطائفة الإسلامية الشيعية كنتيجة لاستقالة وزرائها، وربما نلاحظ أيضًا أن هناك مناخًا جديدًا ظهر في التعامل مع فريق السلطة في مسألة مؤتمر باريس-3، الذي لم تعارضه المعارضة، بل رحّبت به، ولكنّها سجلت نقاطًا على الورقة الإصلاحية الاقتصادية، بصرف النظر عن مسألة انعقاد المؤتمر أم لا.. ولذا نرجو أن يتسع هذا الضوء في نهاية النفق، ليعرف كل اللبنانيين أن الطريق المسدود الذي وصلوا إليه لن يستطيع أحد أن يحقق أي مكسب فيه، لأنّ الهيكل قد يسقط على رؤوس الجميع.
بين الضغط والعجز
س: قلت لنا إن الاعتصامات باقية، وقد مر عليها أكثر من 50 يومًا الآن، ولكن لا الحكومة سقطت، ولا هناك شيء تغير على الساحة السياسية اللبنانية؟
ج: الاعتصامات لا تستهدف ـ كما سمعت من المسؤولين عنها ـ إسقاط الحكومة في الشارع بل هي تريد الضغط على الحكومة، تجويفاً لموقعها وشلاً لوظيفتها في الحكم، لذلك فإننا نلاحظ في اجتماعات الحكومة التي تناقش المعارضة في شرعيتها، تتمحور حول التعاطي مع ما فرضته المعارضة من عناوين كبيرة، ما جعلها عاجزة عن حلّ أيّة مشكلة، حتى إن الخطة الإصلاحية التي قدمتها لمؤتمر باريس-3 لم تكن، حسب قول الخبراء، ناضجة بالمستوى الذي يمكن أن تؤسّس حلاً للمشاكل المعقدة، لاسيما المشكلة الاقتصادية في لبنان.
الـدور الفرنسي
س: قلت لنا إن هناك دورًا فرنسيا واضحًا ضد لبنان، ولكن شيراك صرح مؤخرًا بأن مشكلة لبنان في تدخل الدول المجاورة له؟
ج: أتصور أن المشكلة الرئيسية في لبنان هي مع المجتمع الدولي الذي تسيطر عليه أمريكا، والذي حاول أن يحشد كثيرًا من القرارات، مثل قرار 1559 وغيره من القرارات بشكل يلفت النظر إلى أن القضية ليست قضية اهتمام في لبنان، ولكنها قضية ضغط على المقاومة اللبنانية الإسلامية وعلى الساحة اللبنانية التي يراد لها أن تكون ساحة للنفوذ الأمريكي، تنطلق منها لتضغط على سوريا وإيران، ونحن نعتقد أن فرنسا تقع على هامش الخط السياسي الأمريكي، ولا تقف في القلب.
لا سقوط للبنان
س: إلى أين يذهب لبنان.. وما رؤيتك لمستقبله؟
ج: لا أعتقد أن لبنان سيسقط، وكنت أقول دائماً إن لبنان معادلة وليس مجرد وطن، والدليل على ذلك أن لبنان عاش حربًا مدمرة استمرت 17 سنة ولم يسقط، وكنت أقول: إن ما يحكم لبنان 3 لاءات: لا تقسيم، لا انهيار، لا استقرار، وإنني أتصور أن لبنان يمثل «حاجة» في المنطقة، حاجة في تنوعه الطائفي، وحاجة في الحرية التي يملكها على المستوي الثقافي والسياسي في عالم لا يملك فيه الإنسان أي حرية سياسية أو اقتصادية، وإذا كان الرئيس الأمريكي قال إن الخطة الأمريكية هي التي أعطت لبنان الديمقراطية، فإننا ناقشناه وقلنا له: إن لبنان كان ديمقراطيا منذ الأربعينيات، والديمقراطية ليست هبة من الأمريكيين بل هي منطلقة من خلال الإنسان اللبناني الذي مارس الديمقراطية بشكل أو بآخر، بالرغم من هذا التنوع الطائفي.
تأكيد الوحدة
س: التقيت بنائب الأمين العام للجماعة الإسلامية، السيد إبراهيم المصري.. فما الذي كانت تهدف إليه هذه الزيارة؟
ج: إنني من الذين يحملون شعار، وقضية "الوحدة الإسلامية" منذ أول الخمسينيات، لذلك فإنني أحاول متابعة المسألة الإسلامية في قضايا الوحدة في أي موقع من المواقع، ومن الطبيعي أن الجماعة الإسلامية تمثل موقعًا إسلاميا وحدويا، لاسيما أن أمين عام الجامعة الإسلامية، الشيخ فيصل المولوي يتحرك مع اتحاد علماء الإسلام ويعمل وينادي بالوحدة الإسلامية، لذلك كنت أتحدث عن كيفية مواجهة الحركة السياسية المنطلقة من خطة دولية لإيجاد مشكلة مذهبية بين السنة والشيعة في لبنان، ولمنع ذلك من قِبَل النخب الإسلامية، والقومية، والوطنية في لبنان.
محاذير الحرب الأهلية
س: لا في الداخل يصنع لبنان السلام.. ولا بقوى خارجية.. فما الحل؟!
ج: الحل في لبنان نفسه، وأعتقد أن لبنان لن يسقط تحت تأثير المشكلة السياسية أمنياً، فهناك كثير من الضوابط الدولية التي تريد للبنان أن يبقى مستقرًا بالرغم من هذا الاختلال السياسي، لأن أي خلل أمني في لبنان على مستوى الحرب الأهلية التي عاشها لبنان سابقًا، سوف يترك تأثيره على أكثر من مسألة سواء بالنسبة للقوات الدولية التي سوف تهرب من لبنان عند حدوث أي مشكلة أمنية داخلية، إضافة إلى ما يؤدّي إليه هذا الهروب من تحريك الصراع العربي الإسرائيلي، من خلال حرب إسرائيلية جديدة، قد يتدخل فيها الفلسطينيون في لبنان، وربما تنفتح الحدود ليحارب الفلسطينيون من فلسطين من خلال لبنان، ولتلتقي المسألة الفلسطينية لبنانياً وفلسطينياً، وهذا يربك كل الوضع الأمريكي في المنطقة، ولذلك فإن أمريكا التي تعمل على اهتزاز الواقع السياسي في لبنان لا تريد أن يختل الاستقرار الأمني فيه، كما أن الدول الإقليمية لا تريد ذلك، واللبنانيون ليسوا على استعداد للدخول في حرب أهلية جديدة، لأن الحرب الأهلية لم تكن لبنانية في التخطيط والأهداف.
أدوار ومواقف
س: كنت ترى أنه على المعارضة أن تتكامل مع الحكم، وأن تعتبر نفسها حكومة الظل تدرس القضايا السياسية والاقتصادية والعسكرية.. أما زلت عند هذا الرأي؟
ج: أعتقد أن المعارضة في أي بلد لابد أن تكون لها خطة شاملة لكل أوضاع البلد الذي تتحرك فيه سياسياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً وثقافياً، ففي حالة انتصار المعارضة وإحكام قبضتها على السلطة الشرعية للبلاد تستطيع أن تتسلم الحكم من خلال خبرتها في قضايا الحكم كما تفعل الدول المتقدمة، والدروس واضحة في فرنسا وبريطانيا وأمريكا.
س: يشن جنبلاط هجوماً دائماً وعنيفاً على سوريا.. وهو يتخذ موقفاً إيجابياً من حزب الله الموالي لسوريا في نفس الوقت، ألا تري أن هناك شيئاً غامضاً في الأمر؟
س: الطريقة التي تدار بها المواقف تجاه هذا البلد لا تنطلق من خط يرتكز على أساس القضايا الاستراتيجية، بل تنطلق من حالات ومواقف شخصية.
س: ما الذي تتوقع أن تنتهي إليه الأزمة السورية اللبنانية؟
ج: سوريا ولبنان محكومان بأن يتفقا في المستقبل، لأن طبيعة الارتباط العضوي بين الشعبين وحال التواصل بين الواقع اللبناني والواقع السوري، يفرضان عليهما إن عاجلاً أو آجلاً أن يتلقيا عند قاعدة تمركز لصالح البلدين.
س: كيف ترى الدور المصري في لبنان؟
ج: يحاول أن يكون دوراً توفيقياً، ولكنه لم يستطع أن يصل إلى قوة الدور السعودي وتأثيره على فريق معين من اللبنانيين.
س: يردد الكثيرون ـ ومنهم وزير خارجية السودان ـ أن شعبية السيد حسن نصر الله وحزب الله تضاءلت عن الماضي؟
ج: لا أتصور أن هذا الكلام دقيق، لأن العالم العربي لا يزال يعيش المشكلة، ومسألة الهزيمة التي عاشها العرب في تاريخهم أمام إسرائيل، في مقابل النصر التي حققته المقاومة، أما المشاكل اللبنانية الداخلية فإنها لا تأخذ حجماً كبيراً في الساحات الشعبية، حتى على مستوى النخبة بالنسبة للعالم العربي.
صدام وبوش يستحقان الإعدام
س: أريد أن أعود بك إلى النجف الأشرف والعراق، حيث اهتمامك بمجريات الأمور هناك، وقد تابعت إعدام صدام حسين، فكيف ترى الأمر في العراق الآن، وماذا عن إعدام صدام حسين؟
ج: أعتقد عند الحديث عن صدام حسين، بأننا لا نجد أن هناك حاكماً عربياً استطاع أن يدمر شعبه، واستطاع أن يدمر العالم العربي والإسلامي كما دمره هو، لأنه كان في البداية أمريكياً، وكانت أمريكا هي التي تقود خطوات هذا الحاكم، وهي التي أدخلته في الحرب مع إيران، ليكون وكيلاً عنها في تدمير إيران، إضافة إلى تدمير العراق. والهدف هو حماية الكيان الغاصب، وقد جاء هذا العدوان في وقت كان العراق كدولة يعيش الاستقرار ويمتلك عناصر القوة في مواجهة إسرائيل، ولذلك كانت حرب العراق التي قادها صدام ضد الثورة الإسلامية، تنفيذاً للخطة الأمريكية، حيث شارك في هذه الحرب أكثر من بلد في الخليج من خلال تمويلها بأكثر من 30 مليار دولار لتدمير إيران اقتصادياً، ثم العراق تالياً، إضافة إلى مقتل أكثر من مليون مسلم عراقي وإيراني.
وقد عملت أمريكا على إقناع الخليجيين بأنها هي المنقذ لهم من الحاكم العراقي، فكان هناك إيحاء أصفر، ولم يكن أخضر أو أحمر للعراق بأن يحتل الكويت، ليكون احتلال الكويت هو المدخل الذي يُقنع الخليجيون بالحاجة إلى الاستعانة بقواعد عسكرية أمريكية لتحمي الخليج من سطوة هذا الطاغية، ثم كانت المأساة التي عاشها الشعب العراقي من خلال حرب الأسلحة الكيماوية، وقتل الأحرار، بمن فيهم رفاق صدام حسين، لهذا أعتقد أن صدام حسين أربك شعبه، وأربك العالم العربي والإسلامي، انطلاقاً من الخطة الأمريكية التي لم تستكمل بعد حرب الكويت، عندما أعلنت أنها لا تريد إسقاط النظام، ولا تريد إسقاط الحاكم في ذلك الوقت، حتى إذا جاء الوقت الذي انتهت فيه مهمته ووظيفته أسقطته بالطريقة التي استغلت فيها آلام الشعب العراقي من خلال حكمه، لذلك أقول إن صدام كان يستحق الإعدام نتيجة كل هذه الجرائم التي أعدم فيها مئات الألوف من العراقيين وغير العراقيين.
س: ولكن البعض يري أن التوقيت كان سيئاً؟
ج: هذا الكلام يمثل سذاجة سياسية عصبية ومذهبية، لأن القضية أكبر من أن تؤثر فيها مسألة التوقيت، أو بعض الأمور التي حدثت عند الإعدام، وأقول إذا كان صدام يستحق الإعدام، فإن الرئيس بوش يستحق أكثر من الإعدام مع كل إدارته.
س: كيف تري الدور الذي تلعبه إيران في المنطقة العربية؟
ج: الدور الإيراني كالدور الأمريكي، فالدور الإيراني هو رد فعل على الدور الأمريكي الذي يحاول أن يحاصر إيران ويضغط عليها ويثير العالم ضدها، لذلك أعتقد أنه عندما تمتنع أمريكا عن التدخل في العالم العربي، فإنه لن يبقي لإيران أي تدخل، وهي تؤكّد أنها سوف تعيش في سلام مع كل جيرانها بمن فيهم العراقيون.
حقّ "الأخوان"
س: كيف ترى فكر الإخوان المسلمين في مصر؟
ج: إننا نشجع كل خط إسلامي، ولكن تفاصيل التحرك في تاريخ الإخوان المسلمين في مصر، ربما ترسم بعض علامات الاستفهام في مرحلة عبد الناصر وما بعد ذلك، وهذا يحتاج إلى حديث طويل.
س: الآن الأخوان المسلمون يفكرون في تأسيس حزب سياسي، كيف تقرأون ذلك؟
ج: من حق كل تيار إسلامي أن يتحول إلى حزب سياسي ما دام يملك شعبية واسعة في هذا المقام، وإذا كان البعض يقول إن الحزب الإسلامي يعني أن الذين ينتمون إليه مسلمون، بما يشير إلى أنّ الآخرين ليسوا مسلمين، فإننا نقول إذا كان الذين ينتمون إلى الحزب الوطني هم الوطنيون، فهل معنى ذلك أنّ الذين لا ينتمون إليه هم غير وطنيين، فهذا المنطق ليس منطقاً صحيحاً، لأننا نؤمن بأن لكل تيار سياسي سواء كان إسلامياً أو قومياً أو وطنياً أو محلياً، الحق في أن يعبر عن نفسه طالما أنّه يملك قاعدة شعبية واسعة تؤمن بمبادئه.
أمريكا عدوّ المسلمين
س: هذا يعني أنهم وغيرهم وراء المذهبية وتضخيم مسألة «سنة وشيعة»؟
ج: الخطة الأمريكية تعمل على الاستفادة من حال التخلف التي يعيشها المسلمون في مسألة العصبية المذهبية التي يحاولون إثارتها بشكل أو بآخر، ولأنّ أيّ نوع من الإثارة، سواء كانت في الساحة الشيعية أو في الساحة السنية، ليس في مصلحة الإسلام تحريكه، لذلك على المسلمين أن يتذكروا أنه عندما سقط الاتحاد السوفيتي اجتمع حلف الأطلسي، وكان يبحث عن عدو جديد، قالت مارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا آنذاك، إن العدو هو الإسلام الذي يمثل خطراً على المصالح الغربية، وأكدها أمين عام حلف الأطلسي وصولاً لما نراه الآن في التحرك الأمريكي ضد الإرهاب الذي يحصر مسألة الإرهاب في الدائرة الإسلامية، ولكنه لا يتطلع إلى مواقع أخري في هذا المجال، وهناك نقول للمسلمين جميعاً: إن العدو الأساسي الآن هو أمريكا من خلال المحافظين الجدد الذين يريدون نقل العالم الإسلامي من حرب إلى حرب، ومن خلال اللوبي الصهيوني، وعلى المسلمين أن يفكروا في كيفية مواجهة المسألة الصهيونية، والمسألة الاستعمارية الأمريكية، وبعد ذلك يختلفون في أمورهم العقائدية.
إن كل الذين يثيرون العصبية السنية الشيعية متخلفون، ولا يملكون أي عقل إسلامي ثقافي ينفتح على الإسلام كله أو على المسلمين كلهم.
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 19 محرم 1428 هـ الموافق: 07/02/2007 م