بعد ظهر يوم الجمعة من يوم الثّامن من آذار-مارس 1985م (16جمادى الثّانية -1405هـ)، كانت مجزرة بئر العبد المروّعة الّتي حاولت المخابرات المركزيّة الأميركيّة من خلالها اغتيال سماحة العلّامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله (رض)، باعتباره يشكِّل الخطر الكبير على مصالحها في المنطقة، من خلال دوره في احتضان وتوجيه حركة المقاومة المتنامية ضدّ العدوّ الصهيونيّ والاستكبار الأمريكيّ، غير أنّ أمريكا باتّباعها هذا الأسلوب الوحشيّ، فتحت باب الصّراع في المنطقة على مصراعيه، ما ولّد حالةً من النّهوض الإسلاميّ العارم، انطلق في المواجهة استناداً إلى شرعيّة الدّفاع عن الذات وقضايا الأمّة. وفي ردّه عن سؤال وجِّه إليه من قبل المراسل البريطانيّ كيفن تولز، حول الأسباب الّتي دفعت إلى محاولة اغتياله، قال سماحته (رض):
"لقد قرأنا بعض الوقائع في مذكّرات ولیم کالیسي، مدير المخابرات الأمريكيّة آنذاك، والتي سجّلها الصّحفي بوب ووورد في كتابه "الحجاب"، وينقل فيه أنَّ كايسي التقى مع أحد الأمراء العرب، وتحدّث بأنَّ "الشيخ فضل الله"، حسب اصطلاحهم، "أصبح مزعجاً للسياسة الأمريكيّة، وأنّ عليه أن يرحل. وعلى هذا الأساس، سلّم هذا الأمير لكايسي مبلغ ثلاثة ملايين دولار أمريكيّ لتغطية عمليّة اغتيالي، لأنَّ الكونغرس الأمريكيّ لا يدفع مالاً في هذا المجال.
وهكذا اتَّفقوا مع مخابرات الجيش اللّبناني آنذاك، ووظّفوا بعض الشّباب ودرّبوهم تدربياً دقيقاً جدّاً، وهيّأوا الظّروف من أجل اغتيالي، وكانوا يراقبونتي مدّة سنة عندما أذهب إلى المسجد في يوم الجمعة، حتّى إنّ الصّحافة كانت ذلك اليوم تلحّ في طلب أيّ تصريح مني، كأنها تريد أن تبيّن آخر كلماتي قبل التّفجير.
وساروا معي إلى مسجد الإمام الرّضا (ع) في بئر العبد، وفجأةً، دوّى بعد الصَّلاة انفجار السيّارة المفخَّخة، وكان هناك قبل ذلك شيء يلفت النَّظر، وهو أنَّ امرأة مؤمنة صعدت إلى المسجد، والمسجد في الطّابق الأوّل، وطلبت أن تتحدّث معي، واعتذرت منها لأني كنت متعباً، ولكنّها أصرّت، وعندما بدأت الحديث، وقع التّفجير، بحيث لو لم أستجب لهذه المرأة، لكنت في قلب التّفجير.
فالمسألة كانت مسألة أمريكيّة من جهة الثأر لما حدث للأمريكيّين من متفجّرة المارينز حينها، لأنهم كانوا يتّهمونني بأنّني وراء ذلك، ولكنّهم فشلوا في هذا الموضوع...".
لقد أرادت أمريكا القضاء على السيّد وإسكات صوته المدوّي في وجه الاحتلال الصّهيونيّ والاستكبار الأمريكيّ، ولكنّه نجا بعناية الله من الانفجار، لتستمرَّ المسيرة بعد ذلك شامخةً، لا الموت يرهبها، ولا الجراح تدميها.
يذكر أنَّ مجزرة بئر العبد راح ضحيتها أكثر من ثمانين شهيداً من الرّجال والنّساء والأطفال والأجنّة.
* من كتيّب "كي لا ننسى مجزرة بئر العبد"
بتصّرف من محرِّر موقع بيّنات.
بعد ظهر يوم الجمعة من يوم الثّامن من آذار-مارس 1985م (16جمادى الثّانية -1405هـ)، كانت مجزرة بئر العبد المروّعة الّتي حاولت المخابرات المركزيّة الأميركيّة من خلالها اغتيال سماحة العلّامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله (رض)، باعتباره يشكِّل الخطر الكبير على مصالحها في المنطقة، من خلال دوره في احتضان وتوجيه حركة المقاومة المتنامية ضدّ العدوّ الصهيونيّ والاستكبار الأمريكيّ، غير أنّ أمريكا باتّباعها هذا الأسلوب الوحشيّ، فتحت باب الصّراع في المنطقة على مصراعيه، ما ولّد حالةً من النّهوض الإسلاميّ العارم، انطلق في المواجهة استناداً إلى شرعيّة الدّفاع عن الذات وقضايا الأمّة. وفي ردّه عن سؤال وجِّه إليه من قبل المراسل البريطانيّ كيفن تولز، حول الأسباب الّتي دفعت إلى محاولة اغتياله، قال سماحته (رض):
"لقد قرأنا بعض الوقائع في مذكّرات ولیم کالیسي، مدير المخابرات الأمريكيّة آنذاك، والتي سجّلها الصّحفي بوب ووورد في كتابه "الحجاب"، وينقل فيه أنَّ كايسي التقى مع أحد الأمراء العرب، وتحدّث بأنَّ "الشيخ فضل الله"، حسب اصطلاحهم، "أصبح مزعجاً للسياسة الأمريكيّة، وأنّ عليه أن يرحل. وعلى هذا الأساس، سلّم هذا الأمير لكايسي مبلغ ثلاثة ملايين دولار أمريكيّ لتغطية عمليّة اغتيالي، لأنَّ الكونغرس الأمريكيّ لا يدفع مالاً في هذا المجال.
وهكذا اتَّفقوا مع مخابرات الجيش اللّبناني آنذاك، ووظّفوا بعض الشّباب ودرّبوهم تدربياً دقيقاً جدّاً، وهيّأوا الظّروف من أجل اغتيالي، وكانوا يراقبونتي مدّة سنة عندما أذهب إلى المسجد في يوم الجمعة، حتّى إنّ الصّحافة كانت ذلك اليوم تلحّ في طلب أيّ تصريح مني، كأنها تريد أن تبيّن آخر كلماتي قبل التّفجير.
وساروا معي إلى مسجد الإمام الرّضا (ع) في بئر العبد، وفجأةً، دوّى بعد الصَّلاة انفجار السيّارة المفخَّخة، وكان هناك قبل ذلك شيء يلفت النَّظر، وهو أنَّ امرأة مؤمنة صعدت إلى المسجد، والمسجد في الطّابق الأوّل، وطلبت أن تتحدّث معي، واعتذرت منها لأني كنت متعباً، ولكنّها أصرّت، وعندما بدأت الحديث، وقع التّفجير، بحيث لو لم أستجب لهذه المرأة، لكنت في قلب التّفجير.
فالمسألة كانت مسألة أمريكيّة من جهة الثأر لما حدث للأمريكيّين من متفجّرة المارينز حينها، لأنهم كانوا يتّهمونني بأنّني وراء ذلك، ولكنّهم فشلوا في هذا الموضوع...".
لقد أرادت أمريكا القضاء على السيّد وإسكات صوته المدوّي في وجه الاحتلال الصّهيونيّ والاستكبار الأمريكيّ، ولكنّه نجا بعناية الله من الانفجار، لتستمرَّ المسيرة بعد ذلك شامخةً، لا الموت يرهبها، ولا الجراح تدميها.
يذكر أنَّ مجزرة بئر العبد راح ضحيتها أكثر من ثمانين شهيداً من الرّجال والنّساء والأطفال والأجنّة.
* من كتيّب "كي لا ننسى مجزرة بئر العبد"
بتصّرف من محرِّر موقع بيّنات.