بينَ الوفاءِ للسيّدِ وإنصافِهِ

بينَ الوفاءِ للسيّدِ وإنصافِهِ

هناك صنفان من النّاس يصعب الحديث عنهما: صنفٌ لا تسعفك سيرته وفقر صفاته وملكاته للكلام عنه بصدقٍ، وبعيدًا من المبالغة والتورية، وصنفٌ آخر هو من السموّ الفكريّ والروحيّ والأدبيّ، بحيث تتهيّب الحديث عنه خشية التّقصير في حقّه، وقد لا تطاوعك الكلمات في بيان مآثره.

وفي قمّة هذا الصّنف الثاني، يأتي أستاذنا الراحل السيّد محمد حسين فضل الله، فقد كان شخصيّة استثنائيّة قلّ ما تجود بها الأيّام.

وبكلمة مختصرة: إنّ السيّد فضل الله هو قائد حركة إصلاحيّة على الصعيدين الاجتماعي والديني. أمّا على الصعيد الاجتماعيّ، فقد سعى جاهدًا إلى النهوض بالإنسان، وعمل على إيقاظ الأمّة من كبوتها، وبذل فكره وجهده، وصرف عمره في بناء المؤسَّسات وإعداد مجتمعٍ رساليّ قويّ، لا تسقطه التحديات، ولا تضعف إرادته كلّ محاولات التركيع وسياسات التجويع.

وأمّا على الصّعيد الدّيني، فقد وعى السيّد مبكرًا أنّ التحجّر الفكريّ هو العقبة الكبرى أمام عمليّة التغير والتقدّم، فانطلق برؤية واضحة المعالم، مفادها أنّ حيويّة الإسلام وإحيائيّته، تحتاج إلى تجديد فهم النّصوص، وتحكيم مرجعيّة القرآن الكريم، وبثّ الرّوح في الفكر المقاصديّ.

وهذا المسار الإصلاحي التّجديدي ما كان سهلاً على الإطلاق، بل كان مكلفًا ومؤلمًا، لكنّ السيّد كان يعي جيّدًا أنّ من يحمل راية الإصلاح، يفترض به أن يكون مستعدًّا للتضحية، وأن يحمل روحًا استشهاديّة، بكلّ ما للكلمة من معنى.

وبعد مرور أحد عشر عامًا على الرحيل، فإنّي، وبكلّ صراحة، أحبّ أن أتوجَّه برسالتين؛ أولاهما إلى من اختلف مع السيد، وثانيتهما إلى من اتّفق معه:

أمّا رسالتي الأولى، فهي أنّ شخصيةً إصلاحيةً جدليةً تملك من الحضور ما تملكه شخصيّة السيّد فضل الله، لا يمكن تغييبها وإغفالها والاستمرار في تجاهلها، وأعتقد أنّ السّنوات الفائتة قد أثبتت أنّ الرّجل عَصِيٌّ على التّغييب، ولذا فقد آن الآوان لإنصافه ورفع الحُرْم عنه، وقراءة تجربته قراءةً واعيةً وموضوعيّةً ونقديّة.

وأما رسالتي الثّانية، فهي أنّ الوفاء للسيّد لا يكون بالاكتفاء بكلمات المديح الّتي نغدقها عليه، بل باستكمال مشروعه الفكريّ والثقافيّ والرّسالي، وبحفظ إرثه المؤسّسي وفق ذهنيّة المؤسّسة، كما أراد، لا وفق أيّ اعتبار آخر.

هناك صنفان من النّاس يصعب الحديث عنهما: صنفٌ لا تسعفك سيرته وفقر صفاته وملكاته للكلام عنه بصدقٍ، وبعيدًا من المبالغة والتورية، وصنفٌ آخر هو من السموّ الفكريّ والروحيّ والأدبيّ، بحيث تتهيّب الحديث عنه خشية التّقصير في حقّه، وقد لا تطاوعك الكلمات في بيان مآثره.

وفي قمّة هذا الصّنف الثاني، يأتي أستاذنا الراحل السيّد محمد حسين فضل الله، فقد كان شخصيّة استثنائيّة قلّ ما تجود بها الأيّام.

وبكلمة مختصرة: إنّ السيّد فضل الله هو قائد حركة إصلاحيّة على الصعيدين الاجتماعي والديني. أمّا على الصعيد الاجتماعيّ، فقد سعى جاهدًا إلى النهوض بالإنسان، وعمل على إيقاظ الأمّة من كبوتها، وبذل فكره وجهده، وصرف عمره في بناء المؤسَّسات وإعداد مجتمعٍ رساليّ قويّ، لا تسقطه التحديات، ولا تضعف إرادته كلّ محاولات التركيع وسياسات التجويع.

وأمّا على الصّعيد الدّيني، فقد وعى السيّد مبكرًا أنّ التحجّر الفكريّ هو العقبة الكبرى أمام عمليّة التغير والتقدّم، فانطلق برؤية واضحة المعالم، مفادها أنّ حيويّة الإسلام وإحيائيّته، تحتاج إلى تجديد فهم النّصوص، وتحكيم مرجعيّة القرآن الكريم، وبثّ الرّوح في الفكر المقاصديّ.

وهذا المسار الإصلاحي التّجديدي ما كان سهلاً على الإطلاق، بل كان مكلفًا ومؤلمًا، لكنّ السيّد كان يعي جيّدًا أنّ من يحمل راية الإصلاح، يفترض به أن يكون مستعدًّا للتضحية، وأن يحمل روحًا استشهاديّة، بكلّ ما للكلمة من معنى.

وبعد مرور أحد عشر عامًا على الرحيل، فإنّي، وبكلّ صراحة، أحبّ أن أتوجَّه برسالتين؛ أولاهما إلى من اختلف مع السيد، وثانيتهما إلى من اتّفق معه:

أمّا رسالتي الأولى، فهي أنّ شخصيةً إصلاحيةً جدليةً تملك من الحضور ما تملكه شخصيّة السيّد فضل الله، لا يمكن تغييبها وإغفالها والاستمرار في تجاهلها، وأعتقد أنّ السّنوات الفائتة قد أثبتت أنّ الرّجل عَصِيٌّ على التّغييب، ولذا فقد آن الآوان لإنصافه ورفع الحُرْم عنه، وقراءة تجربته قراءةً واعيةً وموضوعيّةً ونقديّة.

وأما رسالتي الثّانية، فهي أنّ الوفاء للسيّد لا يكون بالاكتفاء بكلمات المديح الّتي نغدقها عليه، بل باستكمال مشروعه الفكريّ والثقافيّ والرّسالي، وبحفظ إرثه المؤسّسي وفق ذهنيّة المؤسّسة، كما أراد، لا وفق أيّ اعتبار آخر.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية