المرجع فضل الله: تعالوا إلى أخلاقيَّة الإسلام ونظامه

المرجع فضل الله: تعالوا إلى أخلاقيَّة الإسلام ونظامه

بالعودة أرشيف خطب الجمعة لسماحة المرجع السيِّد محمّد حسين فضل الله(رض)، نسترجع خطبته الدِّينيّة الّتي ألقاها من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بتاريخ 22/6/2001/ الموافق 30 ربيع الأوَّل العام 1422ه، والّتي تضمَّنت الحديث عن احترام إنسانيّة الإنسان، وما يعنيه ذلك، مشيراً إلى نداء الله لنا لاجتناب الظنّ والتجسّس، بالنّظر إلى تناقضهما مع أبسط قواعد الأخلاق والإيمان، ولما لهما من آثار سلبيّة ومدمّرة على الوضع الاجتماعيّ العام :

"يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {يا أيّها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظنّ إنّ بعض الظنّ إثم ولا تجسّسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحبّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه}.

في القرآن الكريم نوعان من النّداء، فهناك نوع ينادي به الله سبحانه الناس بعنوان "يا أيها الناس"، وهناك نداء بعنوان "يا أيها الذين آمنوا"، وفي هذا النداء الثاني، يريد الله تعالى أن يبيّن للإنسان أنه يخاطبه من خلال إيمانه، ليعرف أنّ ما يطلبه منه في هذا النداء، هو من خصوصيات الإيمان التي لا بدّ للمؤمن من أن يلتزم بها، بحيث إنه لو لم يلتزم بها، لخرج عن خط الإيمان، لأن الإيمان ليس مجرد كلمة، ولكنه التزامٌ وموقفٌ وعملٌ.

وعلى ضوء هذا، فإن هذه الآية تخاطب المؤمنين من موقع إيمانهم فيما تنهاهم عنه، وقد ركّزت على نقاط ثلاث تتصل بعلاقة المجتمع ببعضه البعض، لأنّ الله تعالى يريد للمجتمع بكل أفراده أن يركّز علاقاته على أساس احترام الإنسان للإنسان الآخر؛ إذا كنت تحترم إنسانيّتك وتريد من الآخرين أن يحترموها، فعليك أن تحترم إنسانيّة الآخر في كلّ المواقع في الحياة، لأنّ كلّ إنسان يريد أن يحمي نفسه من الآخر، وهذا أمر طبيعي، فإذا كنت تطلب من الناس الذين تعيش معهم أن لا يعتدوا عليك، فعليك أن لا تعتدي أنت عليهم أيضاً، لأنّه لا بدّ من أن تعامل الناس كما تحبّ أن يعاملوك، وبهذا يمكن للمجتمع أن يجد توازنه وأمنه، لأنَّ المجتمع إذا لم يحرز في أفراده عنصر الاحترام الاجتماعي والإنساني، فسوف يتحوَّل إلى ساحة للحقد والبغضاء والتنازع، وبذلك يختلّ نظام المجتمع".

ويشير سماحته إلى العديد من الشَّواهد من القرآن الكريم، والتي تعلمنا ما ينبغي أن نكون عليه من أوضاع تعيد إلى المجتمع صحته وسلامته وأمانه، وحتى يكون مجتمعاً صحياً أخلاقياً وإيمانياً وإنسانيّاً:

"تعالوا لنرى ما هي العناوين التي طرحها الله تعالى في هذه الآية الكريمة، فيما أراد للناس أن ينطلقوا به في العلاقة مع الإنسان الآخر: {يا أيّها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظنّ إن بعض الظنّ إثم}. هذه الآية تعالج الانطباعات التي يحملها الإنسان تجاه الإنسان الآخر؛ هل هو طيّب أم خبيث، خيّر أم شرّير؟! ربما تواجه في تجربتك مع الإنسان الآخر بعض المظاهر السلبيّة بشكل جزئي، فتحمل انطباعاً عنه نتيجة هذه الجزئيّة السلبيّة أو هذا المظهر الطارئ، أنّه خبيث أو فاسق أو عميل، وما إلى ذلك من الكلمات التي نتداولها. الله تعالى يريد لك عندما تحمل انطباعاً عن شخص وتحكم عليه بحكم سلبيّ، في نفسك أو في المجتمع، أن تملك كلّ عناصر الحكم والحيثيات، لأنّ مسألة أن تحكم على شخص حكماً عادلاً، يعني أنه لا بدَّ من أن تجمّع كلّ الحيثيات والأدلة التي تدعم هذا الحكم، لأنّ الحكم هو تدخّل في كرامة إنسان وفي حياته..

فالله تعالى يريد لنا أن نجتنب كثيراً من الظن، فيما نحمله من انطباعات وأحكام، لأن بعض الظن إثم، لكي نحكم على أساس اليقين عندما تتجمّع كل عناصر الحكم، والإمام عليّ(ع) يقول: "ضع أمر أخيك على أحسنه، ولا تظنَّنّ بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً"، وهذا هو الّذي يمثّل القاعدة الإنسانيّة الحضاريّة الموجودة في العالم: "المتّهم بريء حتى تثبت إدانته".

وبذلك، يشعر الإنسان بالأمن والطمأنينة، عندما يلتزم المجتمع بهذه القاعدة، فلا يحكم على إنسان إلا بعد أن تتوفّر كل حيثيات العدالة في الحكم، لأن المجتمع عند ذلك مجتمع مؤمن لا يحمّل ذمّته، وبذلك يكون المجتمع عادلاً في تحقيق انطباعاته وحكمه على الناس.. أما إذا شعر كل واحد منا بأنّ الآخرين يمكن أن يحكموا عليه على أساس الظنّ والتهمة، من دون أن تقدّم دفاعك، فإنّ الظلم سوف يتفشَّى في المجتمع. والله تعالى في آية ثانية يقول: {ولا تقفُ - تتّبع - ما ليس لك به علمٌ إنَّ السَّمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسؤولاً}، فكّر عند ذلك في الموقف بين يدي الله، عندما يسألك عن حكمك على فلان على أيّ أساس كان وما هو دليلك؟!

وما أقوله لنفسي ولكم: كلّ شيء تجد فيه الدّفاع والعذر أمام الله تعالى فتكلّم به، أمّا إذا كنت لا تستطيع أن تقدِّم جوابك ودفاعك، فوفّر على نفسك أمام الله تعالى هذا الموقف، وهذه هي علامة الإنسان المؤمن الّذي لا يقدّم رِجلاً ولا يؤخِّر أخرى حتى يعلم أنَّ في ذلك لله رضى.

والعنوان الثاني: {ولا تجسّسوا}، والتجسّس هو أن تحاول أن تنفذ إلى خفايا علاقات الإنسان وأوضاعه وحياته، مما يخفيه عن النّاس. وكلّ واحد منا عنده منطقة خاصّة لا يحبّ أن يتطلع عليها أحد، في أيّ جانب من الجوانب. فالله تعالى يريد لك أن تحترم حريّة الآخر في إخفاء أسراره وأوضاعه الخاصّة في البيت ورسائله وعلاقاته ومصالحه وحاجاته، كما تريد للآخرين أن يحترموا المنطقة الخفيّة التي تخفيها أنت عن النّاس.. وهذه المسألة تحتاج إلى أن تعيش إنسانيّتك، فلا تكون وحشاً، بل إنساناً يحترم إنسانيّة الآخر.

وعلى هذا الأساس، فالأصل في التجسّس هو الحرمة، ولكن قد تفرض المصلحة أن تتجسّس لحفظ الأمّة عندما نواجه العدوّ الذي يتجسّس علينا، كما عشنا هذه الحالة ونعيشها مع إسرائيل وأمريكا وغيرهما، وذلك لكي نحمي الأمّة مما يخططون لها، وهذه المسألة تحتاج إلى شروط دقيقة، وقد تطوّر التجسّس حتى وصل إلى مستوى التنصّت، فيتنصتون على مكالمات الإنسان ويسجّلونها لكي يبتزوه بها أو يهددوه، قد تفرض بعض الحالات أن يتنصّت الإنسان لكي يحمي واقعه مما يكيد به الأعداء، ولكن هذا يحتاج إلى تقوى، والمشكلة في كثير من الناس أنهم لا يعيشون التقوى، حتى على مستوى الأجهزة الرسميّة والحزبيّة والشخصيّة".

ويلفت سماحته إلى سلبيّات الغيبة، متطرّقاً إلى شواهد من واقعنا المعاصر، داعياً إلى العودة إلى أخلاقيّة الإسلام ونظامه:

"العنوان الثّالث: {ولا يغتبْ بعضكُم بعضاً}، والغيبة في هذه الأيام عملنا وشغلنا، من مشايخ وسياسيّين وما إلى ذلك، والغيبة طعام كلاب أهل النّار، والغيبة أشدّ من الزنى، لأن الإنسان إذا زنى واستغفر الله فقد يغفرها الله، أمّا الغيبة، فإن الله تعالى لا يغفرها حتى يغفرها صاحبها. وفي الغيبة ثلاثة عناصر سلبيّة في المجتمع: أوّلاً أنها تُسقط كرامة الإنسان الذي تغتابه. ثانياً: كثرة الغيبة تعطي انطباعاً سيئاً عن المجتمع المسلم بأنه مجتمع فاسد، وثالثاً: أنها توجد العداوة مع الإنسان الذي تغتابه والذي تشهّر به وتسقط كرامته.

وقد أعطى الله تعالى تعريفاً للغيبة: {أيحبّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه}، والمؤمن أخوك، وكرامة المؤمن كلحمه، والغائب كالميت، لأنه لا يستطيع أن يدافع عن نفسه. ويذكر العلماء بعض المستثنيات للغيبة، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو النّصيحة، ولكن المبدأ أنَّ الغيبة حرام.

هذا نداء الله تعالى إلينا من موقع إيماننا، وهذه العناصر هي عناصر السّلامة الاجتماعية، فتعالوا إلى أخلاقيّة الإسلام ونظامه، لنعيش في الدّنيا بسلام، ولننطلق إلى رحاب الله وجنّته، عندما ينطلق النّداء: {ادْخُلُوها بسلامٍ آمنين}".

بالعودة أرشيف خطب الجمعة لسماحة المرجع السيِّد محمّد حسين فضل الله(رض)، نسترجع خطبته الدِّينيّة الّتي ألقاها من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بتاريخ 22/6/2001/ الموافق 30 ربيع الأوَّل العام 1422ه، والّتي تضمَّنت الحديث عن احترام إنسانيّة الإنسان، وما يعنيه ذلك، مشيراً إلى نداء الله لنا لاجتناب الظنّ والتجسّس، بالنّظر إلى تناقضهما مع أبسط قواعد الأخلاق والإيمان، ولما لهما من آثار سلبيّة ومدمّرة على الوضع الاجتماعيّ العام :

"يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {يا أيّها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظنّ إنّ بعض الظنّ إثم ولا تجسّسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحبّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه}.

في القرآن الكريم نوعان من النّداء، فهناك نوع ينادي به الله سبحانه الناس بعنوان "يا أيها الناس"، وهناك نداء بعنوان "يا أيها الذين آمنوا"، وفي هذا النداء الثاني، يريد الله تعالى أن يبيّن للإنسان أنه يخاطبه من خلال إيمانه، ليعرف أنّ ما يطلبه منه في هذا النداء، هو من خصوصيات الإيمان التي لا بدّ للمؤمن من أن يلتزم بها، بحيث إنه لو لم يلتزم بها، لخرج عن خط الإيمان، لأن الإيمان ليس مجرد كلمة، ولكنه التزامٌ وموقفٌ وعملٌ.

وعلى ضوء هذا، فإن هذه الآية تخاطب المؤمنين من موقع إيمانهم فيما تنهاهم عنه، وقد ركّزت على نقاط ثلاث تتصل بعلاقة المجتمع ببعضه البعض، لأنّ الله تعالى يريد للمجتمع بكل أفراده أن يركّز علاقاته على أساس احترام الإنسان للإنسان الآخر؛ إذا كنت تحترم إنسانيّتك وتريد من الآخرين أن يحترموها، فعليك أن تحترم إنسانيّة الآخر في كلّ المواقع في الحياة، لأنّ كلّ إنسان يريد أن يحمي نفسه من الآخر، وهذا أمر طبيعي، فإذا كنت تطلب من الناس الذين تعيش معهم أن لا يعتدوا عليك، فعليك أن لا تعتدي أنت عليهم أيضاً، لأنّه لا بدّ من أن تعامل الناس كما تحبّ أن يعاملوك، وبهذا يمكن للمجتمع أن يجد توازنه وأمنه، لأنَّ المجتمع إذا لم يحرز في أفراده عنصر الاحترام الاجتماعي والإنساني، فسوف يتحوَّل إلى ساحة للحقد والبغضاء والتنازع، وبذلك يختلّ نظام المجتمع".

ويشير سماحته إلى العديد من الشَّواهد من القرآن الكريم، والتي تعلمنا ما ينبغي أن نكون عليه من أوضاع تعيد إلى المجتمع صحته وسلامته وأمانه، وحتى يكون مجتمعاً صحياً أخلاقياً وإيمانياً وإنسانيّاً:

"تعالوا لنرى ما هي العناوين التي طرحها الله تعالى في هذه الآية الكريمة، فيما أراد للناس أن ينطلقوا به في العلاقة مع الإنسان الآخر: {يا أيّها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظنّ إن بعض الظنّ إثم}. هذه الآية تعالج الانطباعات التي يحملها الإنسان تجاه الإنسان الآخر؛ هل هو طيّب أم خبيث، خيّر أم شرّير؟! ربما تواجه في تجربتك مع الإنسان الآخر بعض المظاهر السلبيّة بشكل جزئي، فتحمل انطباعاً عنه نتيجة هذه الجزئيّة السلبيّة أو هذا المظهر الطارئ، أنّه خبيث أو فاسق أو عميل، وما إلى ذلك من الكلمات التي نتداولها. الله تعالى يريد لك عندما تحمل انطباعاً عن شخص وتحكم عليه بحكم سلبيّ، في نفسك أو في المجتمع، أن تملك كلّ عناصر الحكم والحيثيات، لأنّ مسألة أن تحكم على شخص حكماً عادلاً، يعني أنه لا بدَّ من أن تجمّع كلّ الحيثيات والأدلة التي تدعم هذا الحكم، لأنّ الحكم هو تدخّل في كرامة إنسان وفي حياته..

فالله تعالى يريد لنا أن نجتنب كثيراً من الظن، فيما نحمله من انطباعات وأحكام، لأن بعض الظن إثم، لكي نحكم على أساس اليقين عندما تتجمّع كل عناصر الحكم، والإمام عليّ(ع) يقول: "ضع أمر أخيك على أحسنه، ولا تظنَّنّ بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً"، وهذا هو الّذي يمثّل القاعدة الإنسانيّة الحضاريّة الموجودة في العالم: "المتّهم بريء حتى تثبت إدانته".

وبذلك، يشعر الإنسان بالأمن والطمأنينة، عندما يلتزم المجتمع بهذه القاعدة، فلا يحكم على إنسان إلا بعد أن تتوفّر كل حيثيات العدالة في الحكم، لأن المجتمع عند ذلك مجتمع مؤمن لا يحمّل ذمّته، وبذلك يكون المجتمع عادلاً في تحقيق انطباعاته وحكمه على الناس.. أما إذا شعر كل واحد منا بأنّ الآخرين يمكن أن يحكموا عليه على أساس الظنّ والتهمة، من دون أن تقدّم دفاعك، فإنّ الظلم سوف يتفشَّى في المجتمع. والله تعالى في آية ثانية يقول: {ولا تقفُ - تتّبع - ما ليس لك به علمٌ إنَّ السَّمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسؤولاً}، فكّر عند ذلك في الموقف بين يدي الله، عندما يسألك عن حكمك على فلان على أيّ أساس كان وما هو دليلك؟!

وما أقوله لنفسي ولكم: كلّ شيء تجد فيه الدّفاع والعذر أمام الله تعالى فتكلّم به، أمّا إذا كنت لا تستطيع أن تقدِّم جوابك ودفاعك، فوفّر على نفسك أمام الله تعالى هذا الموقف، وهذه هي علامة الإنسان المؤمن الّذي لا يقدّم رِجلاً ولا يؤخِّر أخرى حتى يعلم أنَّ في ذلك لله رضى.

والعنوان الثاني: {ولا تجسّسوا}، والتجسّس هو أن تحاول أن تنفذ إلى خفايا علاقات الإنسان وأوضاعه وحياته، مما يخفيه عن النّاس. وكلّ واحد منا عنده منطقة خاصّة لا يحبّ أن يتطلع عليها أحد، في أيّ جانب من الجوانب. فالله تعالى يريد لك أن تحترم حريّة الآخر في إخفاء أسراره وأوضاعه الخاصّة في البيت ورسائله وعلاقاته ومصالحه وحاجاته، كما تريد للآخرين أن يحترموا المنطقة الخفيّة التي تخفيها أنت عن النّاس.. وهذه المسألة تحتاج إلى أن تعيش إنسانيّتك، فلا تكون وحشاً، بل إنساناً يحترم إنسانيّة الآخر.

وعلى هذا الأساس، فالأصل في التجسّس هو الحرمة، ولكن قد تفرض المصلحة أن تتجسّس لحفظ الأمّة عندما نواجه العدوّ الذي يتجسّس علينا، كما عشنا هذه الحالة ونعيشها مع إسرائيل وأمريكا وغيرهما، وذلك لكي نحمي الأمّة مما يخططون لها، وهذه المسألة تحتاج إلى شروط دقيقة، وقد تطوّر التجسّس حتى وصل إلى مستوى التنصّت، فيتنصتون على مكالمات الإنسان ويسجّلونها لكي يبتزوه بها أو يهددوه، قد تفرض بعض الحالات أن يتنصّت الإنسان لكي يحمي واقعه مما يكيد به الأعداء، ولكن هذا يحتاج إلى تقوى، والمشكلة في كثير من الناس أنهم لا يعيشون التقوى، حتى على مستوى الأجهزة الرسميّة والحزبيّة والشخصيّة".

ويلفت سماحته إلى سلبيّات الغيبة، متطرّقاً إلى شواهد من واقعنا المعاصر، داعياً إلى العودة إلى أخلاقيّة الإسلام ونظامه:

"العنوان الثّالث: {ولا يغتبْ بعضكُم بعضاً}، والغيبة في هذه الأيام عملنا وشغلنا، من مشايخ وسياسيّين وما إلى ذلك، والغيبة طعام كلاب أهل النّار، والغيبة أشدّ من الزنى، لأن الإنسان إذا زنى واستغفر الله فقد يغفرها الله، أمّا الغيبة، فإن الله تعالى لا يغفرها حتى يغفرها صاحبها. وفي الغيبة ثلاثة عناصر سلبيّة في المجتمع: أوّلاً أنها تُسقط كرامة الإنسان الذي تغتابه. ثانياً: كثرة الغيبة تعطي انطباعاً سيئاً عن المجتمع المسلم بأنه مجتمع فاسد، وثالثاً: أنها توجد العداوة مع الإنسان الذي تغتابه والذي تشهّر به وتسقط كرامته.

وقد أعطى الله تعالى تعريفاً للغيبة: {أيحبّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه}، والمؤمن أخوك، وكرامة المؤمن كلحمه، والغائب كالميت، لأنه لا يستطيع أن يدافع عن نفسه. ويذكر العلماء بعض المستثنيات للغيبة، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو النّصيحة، ولكن المبدأ أنَّ الغيبة حرام.

هذا نداء الله تعالى إلينا من موقع إيماننا، وهذه العناصر هي عناصر السّلامة الاجتماعية، فتعالوا إلى أخلاقيّة الإسلام ونظامه، لنعيش في الدّنيا بسلام، ولننطلق إلى رحاب الله وجنّته، عندما ينطلق النّداء: {ادْخُلُوها بسلامٍ آمنين}".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية