محاضرات
20/08/2024

تقوى الله والابتعادُ عنِ العصبيَّة في خطِّ المسؤوليَّةِ الإيمانيَّة

تقوى الله والابتعادُ عنِ العصبيَّة في خطِّ المسؤوليَّةِ الإيمانيَّة

يقول تعالى في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}، فماذا يفرض ذلك؟ يفرض على مجتمع الإيمان، مجتمع الإسلام، مجتمع المجاهدين، مجتمع العاملين في سبيل الله، مجتمع الوعَّاظ المرشدين، أن لا يكونَ مجتمع الغيبة، ومجتمع النَّميمة، ومجتمع الفتنة، ومجتمع الحقد والعداوة والبغضاء، أن لا يكون مجتمعُهم المجتمعَ الَّذي يقول ما لا علم له به، والَّذي يحكم بالباطل، والَّذي لا يجتنب الكثيرَ من الظَّنِّ، أن يكون مجتمعُهُم المجتمعَ الَّذي يحبُّ بعضه بعضاً، "مَثَلُ المُؤْمِنينَ - وهذا كلام رسول الله (ص) - في تَوادِّهم، وتَرَاحُمِهِم، وتعاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ، إذا اشتكَى منْهُ عُضْوٌ، تدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ والْحُمَّى".
مجتمع المؤمنين ليس مجتمع العصبيَّة، إذا كنت منتمياً إلى جهة، فلا تحبس نفسك في داخل جماعتك، ولكن قل لنفسك إنَّ موقعك هو موقع الإسلام، ولذا ينبغي أن يكون كلّ المسلمين جماعتك؛ أن يكون الخيِّرون منهم جماعتَك لتتعاون معهم، وأن يكون الشّرّيرون منهم جماعتك لتهديهم إلى الخير.
الانفتاحُ على المسلمين
هكذا ينبغي أن يكون مجتمعنا؛ أن نتَّقي الله حقَّ تقاته، أن نخاف الله أكثر مما نخاف من الآخرين، لأنَّ الله هو مالك الأمر كلِّه {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}[النّازعات: 40 – 41].
لذلك، أيُّها الأحبَّة، علينا أن نعمل على أن لا نعيش العصبيَّة العائليَّة، ولا العصبيَّة الذَّاتيَّة، ولا العصبيَّة الحزبيَّة أو الحركيَّة أو التَّنظيميَّة، علينا أن ننطلق من أجل الانفتاح الإسلاميّ؛ كلّ مسلم هو أخونا في الإسلام حتَّى لو لم يكن من داخلنا، وكلّ مؤمن هو أخونا في الإيمان حتَّى لو لم يكن من جماعتنا، وهذه هي الفكرة الَّتي انطلق بها الإمام الخميني (رض).
لذلك، لا بدَّ لنا، أيُّها الأحبَّة، أن نقف عند هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}. لا تحاولْ أن تستغرق في ذاتك وفي موقعك، ولكن حاول أن تستغرق في إيمانك، في تقواك، في مراقبة ربِّك لك، في مواجهتك لربِّك في يوم القيامة، لأنَّ القضيَّة هي أنَّ المحاسِب دقيقٌ دقيق، النَّاس تنظر إلى ظاهر أعمالنا، ولكنَّ الله ينظر إلى قلوبنا "إِنَّ الله لا يَنْظُرُ إِلى أَجْسامِكْم، وَلا إِلى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وأعْمَالِكُمْ"، "يَحْشُرُ النَّاسَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، "إنَّما الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى"، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}، كما يجب أن يُتَّقى، وكما ينبغي أن يُتَّقى في مواقع عظمته.
الموتُ على الإسلام
ثمَّ يقول الله لنا: {وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، حافظوا على إيمانكم في خطِّ السَّير، لأنَّ الإنسان قد يبدأ مسلماً وينتهي كافراً، قد يكون في الصَّباح تقيّاً، ويغدو في المساء فاسقاً، من خلال المتغيِّرات والتَّعقيدات والعصبيَّات والمشاكل وما إلى ذلك. لذلك، يقول الله احرصوا على أن تموتوا وأنتم مسلمون، أن تكون آخر كلمة تقولونها هي كلمة الإسلام، أن يكون آخر موقف تقفونه هو موقف الإسلام، وأن تكون آخر روح تعيشونها هي روح الإسلام {وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}. وكانت هذه هي دعوات المسلمين، فنرى أنَّ يوسف (ع)، عندما كان يشكر ربَّه على ما آتاه من العلم، وما علَّمه من تأويل الأحاديث، يقول: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}[يوسف: 101].
وعلى الإنسان أن يفكِّر دائماً أنَّه عندما يأتيه الموت، أن يبقى عقله مفتوحاً على الله وعلى الإسلام، لا مفتوحاً على الشَّيطان وعلى خطِّه، {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}. هذا دعاء إبراهيم (ع)، وإبراهيم شيخ الأنبياء وخليل الله، يقول في دعائه: {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ}[الشّعراء: 87]، لا تجعلني، يا ربّ، أعمل الأعمال الَّتي تجعلني غداً في خزيٍ أمامك، {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}[الشّعراء: 88 - 89]، سليم من الخبث، سليم من الحقد، سليم من البغضاء، سليم من كلِّ الأفكار الَّتي تسيء إلى النَّاس، سليم من كلِّ العصبيَّات المقيتة، سليم منفتح على الله، وعلى رضا الله، حيث يسمع في نهاية المطاف، وهو يلفظ أنفاسه نفساً نفساً، من يهمس بأذنه: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}[الفجر: 27-30].
* من محاضرة عاشورائيَّة لسماحته، بتاريخ: 09/05/1997م.
يقول تعالى في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}، فماذا يفرض ذلك؟ يفرض على مجتمع الإيمان، مجتمع الإسلام، مجتمع المجاهدين، مجتمع العاملين في سبيل الله، مجتمع الوعَّاظ المرشدين، أن لا يكونَ مجتمع الغيبة، ومجتمع النَّميمة، ومجتمع الفتنة، ومجتمع الحقد والعداوة والبغضاء، أن لا يكون مجتمعُهم المجتمعَ الَّذي يقول ما لا علم له به، والَّذي يحكم بالباطل، والَّذي لا يجتنب الكثيرَ من الظَّنِّ، أن يكون مجتمعُهُم المجتمعَ الَّذي يحبُّ بعضه بعضاً، "مَثَلُ المُؤْمِنينَ - وهذا كلام رسول الله (ص) - في تَوادِّهم، وتَرَاحُمِهِم، وتعاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ، إذا اشتكَى منْهُ عُضْوٌ، تدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ والْحُمَّى".
مجتمع المؤمنين ليس مجتمع العصبيَّة، إذا كنت منتمياً إلى جهة، فلا تحبس نفسك في داخل جماعتك، ولكن قل لنفسك إنَّ موقعك هو موقع الإسلام، ولذا ينبغي أن يكون كلّ المسلمين جماعتك؛ أن يكون الخيِّرون منهم جماعتَك لتتعاون معهم، وأن يكون الشّرّيرون منهم جماعتك لتهديهم إلى الخير.
الانفتاحُ على المسلمين
هكذا ينبغي أن يكون مجتمعنا؛ أن نتَّقي الله حقَّ تقاته، أن نخاف الله أكثر مما نخاف من الآخرين، لأنَّ الله هو مالك الأمر كلِّه {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}[النّازعات: 40 – 41].
لذلك، أيُّها الأحبَّة، علينا أن نعمل على أن لا نعيش العصبيَّة العائليَّة، ولا العصبيَّة الذَّاتيَّة، ولا العصبيَّة الحزبيَّة أو الحركيَّة أو التَّنظيميَّة، علينا أن ننطلق من أجل الانفتاح الإسلاميّ؛ كلّ مسلم هو أخونا في الإسلام حتَّى لو لم يكن من داخلنا، وكلّ مؤمن هو أخونا في الإيمان حتَّى لو لم يكن من جماعتنا، وهذه هي الفكرة الَّتي انطلق بها الإمام الخميني (رض).
لذلك، لا بدَّ لنا، أيُّها الأحبَّة، أن نقف عند هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}. لا تحاولْ أن تستغرق في ذاتك وفي موقعك، ولكن حاول أن تستغرق في إيمانك، في تقواك، في مراقبة ربِّك لك، في مواجهتك لربِّك في يوم القيامة، لأنَّ القضيَّة هي أنَّ المحاسِب دقيقٌ دقيق، النَّاس تنظر إلى ظاهر أعمالنا، ولكنَّ الله ينظر إلى قلوبنا "إِنَّ الله لا يَنْظُرُ إِلى أَجْسامِكْم، وَلا إِلى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وأعْمَالِكُمْ"، "يَحْشُرُ النَّاسَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، "إنَّما الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى"، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}، كما يجب أن يُتَّقى، وكما ينبغي أن يُتَّقى في مواقع عظمته.
الموتُ على الإسلام
ثمَّ يقول الله لنا: {وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، حافظوا على إيمانكم في خطِّ السَّير، لأنَّ الإنسان قد يبدأ مسلماً وينتهي كافراً، قد يكون في الصَّباح تقيّاً، ويغدو في المساء فاسقاً، من خلال المتغيِّرات والتَّعقيدات والعصبيَّات والمشاكل وما إلى ذلك. لذلك، يقول الله احرصوا على أن تموتوا وأنتم مسلمون، أن تكون آخر كلمة تقولونها هي كلمة الإسلام، أن يكون آخر موقف تقفونه هو موقف الإسلام، وأن تكون آخر روح تعيشونها هي روح الإسلام {وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}. وكانت هذه هي دعوات المسلمين، فنرى أنَّ يوسف (ع)، عندما كان يشكر ربَّه على ما آتاه من العلم، وما علَّمه من تأويل الأحاديث، يقول: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}[يوسف: 101].
وعلى الإنسان أن يفكِّر دائماً أنَّه عندما يأتيه الموت، أن يبقى عقله مفتوحاً على الله وعلى الإسلام، لا مفتوحاً على الشَّيطان وعلى خطِّه، {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}. هذا دعاء إبراهيم (ع)، وإبراهيم شيخ الأنبياء وخليل الله، يقول في دعائه: {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ}[الشّعراء: 87]، لا تجعلني، يا ربّ، أعمل الأعمال الَّتي تجعلني غداً في خزيٍ أمامك، {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}[الشّعراء: 88 - 89]، سليم من الخبث، سليم من الحقد، سليم من البغضاء، سليم من كلِّ الأفكار الَّتي تسيء إلى النَّاس، سليم من كلِّ العصبيَّات المقيتة، سليم منفتح على الله، وعلى رضا الله، حيث يسمع في نهاية المطاف، وهو يلفظ أنفاسه نفساً نفساً، من يهمس بأذنه: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}[الفجر: 27-30].
* من محاضرة عاشورائيَّة لسماحته، بتاريخ: 09/05/1997م.
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية