عاش الإمام الحسين (ع) كلَّ حياته مع الله، فلم يكن لغير الله في عقله أيُّ دور، ولم يكن لغير الله في عقله أيُّ عاطفة، ولم يكن لغير الله في حياته أيُّ تأثير، كان الله هو كلّ شيء عنده.
التَّربيةُ الرِّساليَّة
عاش الحسين (ع) مع جدِّه رسول الله الَّذي كان يتلقَّى كلَّ الاضطهاد والسّباب والاتَّهامات، وكلّ الضَّربات الَّتي كانت تنهال عليه من خلال الحجارة، وكان يقول: "إنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ عليَّ غضبٌ فَلَا أُبَالي". كانت كلُّ قصَّة رسول الله أن يرضى الله عنه، وليست هناك مشكلة في أن يرضى النَّاس أو لا يرضوا، لأنَّ الله هو الَّذي يضع، وهو الَّذي يرفع.
وعاش الحسين (ع) مع أبيه عليّ (ع) الَّذي كان يقول للنَّاس: "لَيْسَ أَمْرِي وأَمْرُكُمْ وَاحِداً، إِنِّي أُرِيدُكُمْ لِلَّهِ، وأَنْتُمْ تُرِيدُونَنِي لأَنْفُسِكُمْ"، وكان (ع) يناجي ربَّه، وهو يحدِّثه عن المنطلقات الَّتي انطلق بها في مسألة الخلافة: "اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ الَّذِي كَانَ مِنَّا مُنَافَسَةً فِي سُلْطَانٍ، وَلَا الْتِمَاسَ شَيْءٍ مِنْ فُضُولِ الْحُطَامِ، وَلَكِنْ لِنَرِدَ الْمَعَالِمَ مِنْ دِينِكَ، وَنُظْهِرَ الْإِصْلَاحَ فِي بِلَادِكَ، فَيَأْمَنَ الْمَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ، وَتُقَامَ الْمُعَطَّلَةُ مِنْ حُدُودِكَ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَنَابَ وَسَمِعَ وَأَجَابَ، لَمْ يَسْبِقْنِي إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ (ص) بِالصَّلَاةِ". كان عليّ (ع) يعيش مع الله بكلِّه، وقد كنتم تسمعون وتقرأون الآن كلماته في دعاء كميل: "فَهَبْني يا إلـهى وَسَيِّدِي وَمَوْلايَ وَرَبِّي، صَبَرْتُ عَلى عَذابِكَ، فَكَيْفَ أصْبِرُ عَلى فِراقِكَ، وَهَبْني صَبَرْتُ عَلى حَرِّ نارِكَ، فَكَيْفَ أصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ إلى كَرامَتِكَ؟". فهو يناجي ربَّه ليقول له إنَّه لا مشكلة عندي من حرِّ النَّار إذا ألقيتني في النَّار، ولا من العذاب إذا أنزلت بي العذاب، ولكن المشكلة هي أنّك إذا غضبت عليّ، فسأكون بعيداً عنك، وأنا، يا ربّ، لا أطيق الابتعاد عنك.
وتربَّى الحسين (ع) في أحضان فاطمة الزَّهراء (ع) سيِّدة نساء العالمين، الَّتي كانت تقوم اللَّيل كلِّه، وهي النَّحيلة الجسد والمريضة، كانت تقوم اللَّيل حتَّى تتورَّم قدماها، وكانت تدعو للمؤمنين والمؤمنات، وكان ولدها الحسن (ع) يقول لها: يا أمَّاه، لم لا تدعين لنفسك؟ فتقول: "يا بنيَّ، الجارُ ثمَّ الدَّار" {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا}[الإنسان: 8-9].
عاش الحسين (ع) مع هذه الثلَّة القدسيَّة الإلهيَّة الطيِّبة الَّتي انطلقت لتغرس في نفسه كلَّ الحبِّ لله، وكلَّ الذَّوبان في الله، وقد رأيناه في يوم عاشوراء، وهو يتلقَّى دم ولده عبدالله الرَّضيع بيديه، وهو يعيش الفرح الرّوحيّ، ويقول: "هَوَّنَ مَا نَزلَ بي أنَّهُ بِعَيْنِ الله"، وعندما استسلم للقاء الله، كانت آخر كلماته: "بِسْمِ اللهِ وَبِاللهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ".
وصدق الشَّاعر الَّذي نظم هذين البيتين بلسان حاله:
تركْتُ الخلقَ طرّاً في هواكا وأيتمْتُ العيالَ لكي أراكا
فلو قطَّعْتَني في الحبِّ إِرباً لما مالَ الفؤادُ إلى سواكا
* محاضرة عاشورائيَّة لسماحته، بتاريخ: 08/05/1997م.
عاش الإمام الحسين (ع) كلَّ حياته مع الله، فلم يكن لغير الله في عقله أيُّ دور، ولم يكن لغير الله في عقله أيُّ عاطفة، ولم يكن لغير الله في حياته أيُّ تأثير، كان الله هو كلّ شيء عنده.
التَّربيةُ الرِّساليَّة
عاش الحسين (ع) مع جدِّه رسول الله الَّذي كان يتلقَّى كلَّ الاضطهاد والسّباب والاتَّهامات، وكلّ الضَّربات الَّتي كانت تنهال عليه من خلال الحجارة، وكان يقول: "إنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ عليَّ غضبٌ فَلَا أُبَالي". كانت كلُّ قصَّة رسول الله أن يرضى الله عنه، وليست هناك مشكلة في أن يرضى النَّاس أو لا يرضوا، لأنَّ الله هو الَّذي يضع، وهو الَّذي يرفع.
وعاش الحسين (ع) مع أبيه عليّ (ع) الَّذي كان يقول للنَّاس: "لَيْسَ أَمْرِي وأَمْرُكُمْ وَاحِداً، إِنِّي أُرِيدُكُمْ لِلَّهِ، وأَنْتُمْ تُرِيدُونَنِي لأَنْفُسِكُمْ"، وكان (ع) يناجي ربَّه، وهو يحدِّثه عن المنطلقات الَّتي انطلق بها في مسألة الخلافة: "اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ الَّذِي كَانَ مِنَّا مُنَافَسَةً فِي سُلْطَانٍ، وَلَا الْتِمَاسَ شَيْءٍ مِنْ فُضُولِ الْحُطَامِ، وَلَكِنْ لِنَرِدَ الْمَعَالِمَ مِنْ دِينِكَ، وَنُظْهِرَ الْإِصْلَاحَ فِي بِلَادِكَ، فَيَأْمَنَ الْمَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ، وَتُقَامَ الْمُعَطَّلَةُ مِنْ حُدُودِكَ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَنَابَ وَسَمِعَ وَأَجَابَ، لَمْ يَسْبِقْنِي إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ (ص) بِالصَّلَاةِ". كان عليّ (ع) يعيش مع الله بكلِّه، وقد كنتم تسمعون وتقرأون الآن كلماته في دعاء كميل: "فَهَبْني يا إلـهى وَسَيِّدِي وَمَوْلايَ وَرَبِّي، صَبَرْتُ عَلى عَذابِكَ، فَكَيْفَ أصْبِرُ عَلى فِراقِكَ، وَهَبْني صَبَرْتُ عَلى حَرِّ نارِكَ، فَكَيْفَ أصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ إلى كَرامَتِكَ؟". فهو يناجي ربَّه ليقول له إنَّه لا مشكلة عندي من حرِّ النَّار إذا ألقيتني في النَّار، ولا من العذاب إذا أنزلت بي العذاب، ولكن المشكلة هي أنّك إذا غضبت عليّ، فسأكون بعيداً عنك، وأنا، يا ربّ، لا أطيق الابتعاد عنك.
وتربَّى الحسين (ع) في أحضان فاطمة الزَّهراء (ع) سيِّدة نساء العالمين، الَّتي كانت تقوم اللَّيل كلِّه، وهي النَّحيلة الجسد والمريضة، كانت تقوم اللَّيل حتَّى تتورَّم قدماها، وكانت تدعو للمؤمنين والمؤمنات، وكان ولدها الحسن (ع) يقول لها: يا أمَّاه، لم لا تدعين لنفسك؟ فتقول: "يا بنيَّ، الجارُ ثمَّ الدَّار" {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا}[الإنسان: 8-9].
عاش الحسين (ع) مع هذه الثلَّة القدسيَّة الإلهيَّة الطيِّبة الَّتي انطلقت لتغرس في نفسه كلَّ الحبِّ لله، وكلَّ الذَّوبان في الله، وقد رأيناه في يوم عاشوراء، وهو يتلقَّى دم ولده عبدالله الرَّضيع بيديه، وهو يعيش الفرح الرّوحيّ، ويقول: "هَوَّنَ مَا نَزلَ بي أنَّهُ بِعَيْنِ الله"، وعندما استسلم للقاء الله، كانت آخر كلماته: "بِسْمِ اللهِ وَبِاللهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ".
وصدق الشَّاعر الَّذي نظم هذين البيتين بلسان حاله:
تركْتُ الخلقَ طرّاً في هواكا وأيتمْتُ العيالَ لكي أراكا
فلو قطَّعْتَني في الحبِّ إِرباً لما مالَ الفؤادُ إلى سواكا
* محاضرة عاشورائيَّة لسماحته، بتاريخ: 08/05/1997م.