محاضرات
07/08/2024

الدَّعْوَةُ إِلَى الخَيْرِ مَسْؤُولِيَّةُ المُسْلِمِين

الدَّعْوَةُ إِلَى الخَيْرِ مَسْؤُولِيَّةُ المُسْلِمِين

لم تكن ثورة الحسين (ع) مفصولةً عن رسالته القرآنيَّة، فالحسين (ع) هو صاحب رسالة قبل أن يكون قائد ثورة، وقيمة ثورته أنَّها كانت تتحرَّك في كلِّ خطوط الرّسالة، فأنت عندما تقرأ كلمات الحسين (ع) الَّتي أثارها عند خروجه، وعند وصوله إلى كربلاء، ترى القرآن أمامَك يختصره (ع) في عنوانٍ يجعلك تدخل إلى القرآن لتفتِّش فيه عن كلِّ مواقع هذا العنوان.
مثلاً، من بين الكلمات الَّتي قالها الإمام الحسين (ع): "إِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشِراً وَلَا بَطِراً، وَلَا مُفْسِداً وَلَا ظَالِماً، وَإِنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ الْإِصْلَاحِ فِي أُمَّةِ جَدِّي، أُرِيْدُ أَنْ آَمُرَ بِالمَعْرُوفِ وَأَنْهَى عَنِ المـُنْكَرِ". فقد أعطى (ع) عنوان الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر عنواناً لثورته ولحركته، بحيث إنَّ الحسين (ع) يقول إنَّ كلَّ ما قمْتُ به وكلَّ ما استهدفته، وكلَّ ما أدعو النَّاس إليه، تختصره كلمة "الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر"، وهي الكلمة الَّتي ركَّز القرآن عليها أساساً للرِّسالة... قال تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[آل عمران: 104].
وقد حملت هذه الآية ثلاثة عناوين؛ الدَّعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر.
الدَّعوةُ إلى الخيرِ
والدَّعوة إلى الخير هي مسؤوليَّة المسلمين بشكلٍ عام، على نحو الواجب الكفائيّ الَّذي إذا قام به البعض سقط عن الكلّ، وإذا لم يقم به البعض أثموا جميعاً.
والدَّعوة إلى الخير هي دعوة إلى الخير في العقيدة، والدَّعوة إلى الخير في الشَّريعة والعلاقات والمواقف، والدَّعوة إلى الخير في كلِّ منهج يتحرَّك به الإنسان في كلِّ مواقع الخير في العقيدة والحياة في جميع جوانبها، وهذه مسؤوليَّتنا جميعاً، يعني ليست مسؤوليَّتك كمؤمن ومسلم أن تعمل الخير فقط، بل أن تحمل الخيرَ رسالةً، وأن تدعو إلى الخير كلَّ النَّاس الَّذين تستطيع أن تؤثِّر فيهم. وهي دعوةٌ تشمل كلَّ مسلم ومسلمة، بحسب حاجة الخير إلى الانتشار والامتداد في النَّاس. فالخير ليس مجرَّد مسألة عمليَّة، بل هو، كما قلنا، مسألة ثقافيَّة، فقد تكون ثقافتك وفكرتك وعقيدتك فكرة خير، وقد تكون فكرةَ شرّ، وقد يكون الخيرُ مسألة عاطفيَّة، فقد تكون عاطفتك عاطفة الخير، وقد تكون عاطفة الشَّرّ، كما هو مسألة عمليَّة، وكما هو مسألة منهجيَّة في كلِّ المجالات.
{وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ - ليكون الخير عقيدةَ النَّاس وخطَّهم والمنهجَ الَّذي يسيرون عليه. ثمَّ - وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}. والمعروف هو كلّ ما أحبّه الله ورضيه وأمر به، والمنكر هو كلّ ما أبغضه الله وسخط عليه وعلى فاعله ونهى عنه. لذلك، كلمة "الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر" تختصر الشَّريعة كلَّها والسّلوك الإنسانيَّ كلَّه، ولذلك اختصر الله هذا المعنى بقوله: {وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، هذا سبيل الفلاح.
ثمَّ يتحدَّث {وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[آل عمران: 105]، يعني لا تكونوا من قبيل هؤلاء الَّذين ابتعدوا عن الخير وأخذوا بالشّرّ، وتركوا الأمر بالمعروف، ولم ينهوا عن المنكر، وانفتحوا على كلِّ الشّرور، وتركوا الوحدة الَّتي تربطهم بالله، وتفرَّقوا بعدما قامت عليهم البيِّنات من الله سبحانه.
هذه الآية الَّتي تمثِّل هذا المنهج.
* خطبة عاشورائيّة لسماحته، بتاريخ: 11/ 05/ 1997م.
لم تكن ثورة الحسين (ع) مفصولةً عن رسالته القرآنيَّة، فالحسين (ع) هو صاحب رسالة قبل أن يكون قائد ثورة، وقيمة ثورته أنَّها كانت تتحرَّك في كلِّ خطوط الرّسالة، فأنت عندما تقرأ كلمات الحسين (ع) الَّتي أثارها عند خروجه، وعند وصوله إلى كربلاء، ترى القرآن أمامَك يختصره (ع) في عنوانٍ يجعلك تدخل إلى القرآن لتفتِّش فيه عن كلِّ مواقع هذا العنوان.
مثلاً، من بين الكلمات الَّتي قالها الإمام الحسين (ع): "إِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشِراً وَلَا بَطِراً، وَلَا مُفْسِداً وَلَا ظَالِماً، وَإِنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ الْإِصْلَاحِ فِي أُمَّةِ جَدِّي، أُرِيْدُ أَنْ آَمُرَ بِالمَعْرُوفِ وَأَنْهَى عَنِ المـُنْكَرِ". فقد أعطى (ع) عنوان الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر عنواناً لثورته ولحركته، بحيث إنَّ الحسين (ع) يقول إنَّ كلَّ ما قمْتُ به وكلَّ ما استهدفته، وكلَّ ما أدعو النَّاس إليه، تختصره كلمة "الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر"، وهي الكلمة الَّتي ركَّز القرآن عليها أساساً للرِّسالة... قال تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[آل عمران: 104].
وقد حملت هذه الآية ثلاثة عناوين؛ الدَّعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر.
الدَّعوةُ إلى الخيرِ
والدَّعوة إلى الخير هي مسؤوليَّة المسلمين بشكلٍ عام، على نحو الواجب الكفائيّ الَّذي إذا قام به البعض سقط عن الكلّ، وإذا لم يقم به البعض أثموا جميعاً.
والدَّعوة إلى الخير هي دعوة إلى الخير في العقيدة، والدَّعوة إلى الخير في الشَّريعة والعلاقات والمواقف، والدَّعوة إلى الخير في كلِّ منهج يتحرَّك به الإنسان في كلِّ مواقع الخير في العقيدة والحياة في جميع جوانبها، وهذه مسؤوليَّتنا جميعاً، يعني ليست مسؤوليَّتك كمؤمن ومسلم أن تعمل الخير فقط، بل أن تحمل الخيرَ رسالةً، وأن تدعو إلى الخير كلَّ النَّاس الَّذين تستطيع أن تؤثِّر فيهم. وهي دعوةٌ تشمل كلَّ مسلم ومسلمة، بحسب حاجة الخير إلى الانتشار والامتداد في النَّاس. فالخير ليس مجرَّد مسألة عمليَّة، بل هو، كما قلنا، مسألة ثقافيَّة، فقد تكون ثقافتك وفكرتك وعقيدتك فكرة خير، وقد تكون فكرةَ شرّ، وقد يكون الخيرُ مسألة عاطفيَّة، فقد تكون عاطفتك عاطفة الخير، وقد تكون عاطفة الشَّرّ، كما هو مسألة عمليَّة، وكما هو مسألة منهجيَّة في كلِّ المجالات.
{وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ - ليكون الخير عقيدةَ النَّاس وخطَّهم والمنهجَ الَّذي يسيرون عليه. ثمَّ - وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}. والمعروف هو كلّ ما أحبّه الله ورضيه وأمر به، والمنكر هو كلّ ما أبغضه الله وسخط عليه وعلى فاعله ونهى عنه. لذلك، كلمة "الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر" تختصر الشَّريعة كلَّها والسّلوك الإنسانيَّ كلَّه، ولذلك اختصر الله هذا المعنى بقوله: {وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، هذا سبيل الفلاح.
ثمَّ يتحدَّث {وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[آل عمران: 105]، يعني لا تكونوا من قبيل هؤلاء الَّذين ابتعدوا عن الخير وأخذوا بالشّرّ، وتركوا الأمر بالمعروف، ولم ينهوا عن المنكر، وانفتحوا على كلِّ الشّرور، وتركوا الوحدة الَّتي تربطهم بالله، وتفرَّقوا بعدما قامت عليهم البيِّنات من الله سبحانه.
هذه الآية الَّتي تمثِّل هذا المنهج.
* خطبة عاشورائيّة لسماحته، بتاريخ: 11/ 05/ 1997م.
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية