لم يكن الحسين (ع) يحتاج إلى موقع، بعد أنْ أعطاه جدُّه رسول الله الَّذي {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ}[النَّجم: 3 -4]، أعطاه أعلى المواقع، عندما قال (ص): "الحسنُ والحسينُ سيِّدا شبابِ أهلِ الجنَّة"، لا بنسبهما، وإن كان نسبهما عظيماً، ولكنَّهما سيِّدا شباب أهل الجنَّة بمحبَّتهما لله، وجهادهما في سبيله، وذوبانهما فيه. ومَنْ كان سيِّدَ شبابِ أهلِ الجنَّة، فهل يطمعُ في زاوية فيها كرسيّ يصنعه النَّاس في الأرض؟!
وقد قال (ع) في وصيَّته لأخيه محمّد بن الحنفيّة: "إنّي لم أخرجْ أشراً ولا بطراً، ولا ظالماً - فأنا أؤمن بالعدل كلِّه، لأنَّ معنى أن تحبَّ الله الَّذي هو القائم بالقسط، والَّذي أراد من خلال كلِّ الرِّسالات أن يقوم النَّاس بالقسط، معنى أن تحبَّه، أن لا تفكِّر في ظلم أحد، حتَّى أعدائك، لأنَّ العداوة لا تبرِّر لك أن تظلم عدوَّك، بأن تغمطه حقَّه. ربَّما كان للعداوة بعض الخطوط الَّتي قد تحركك في سلوك هنا أو هناك، لكن عندما يكون لعدوِّك حقٌّ عندك، فإنَّ عليك أن تعطي عدوَّك حقَّه كاملاً غير منقوص، لأنَّ العدلَ لا دينَ له، ولأنَّ الظّلمَ لا دينَ له، لأنَّ العدلَ ينطلقُ من الله، ولأنَّ العدلَ هو الَّذي يعطي إنسانيَّةَ الإنسانِ جوهرَها وعمقَها وامتدادَها وحيويَّتَها في أيِّ موقع من المواقع.
لذلك، يقول الحسين (ع)، لم أخرج لأظلم أحداً، حتَّى الَّذين يعارضونني، ومن الطبيعيّ لي أن لا أظلم الأمَّة، فأنا لم أخرج لأظلم الأمَّة بإثارة الفتنة فيها، وبإثارة الانقسام المتحرِّك في دائرة العصبيَّات في واقعها؛ إنَّني خرجْتُ من أجل أن لا يكون هناك ظلم. هذا ما أحمله في عقلي الَّذي لا يفكِّر إلَّا في الحقّ، وفي قلبي الَّذي لا ينبض إلَّا بالعدل، وفي حركتي الَّتي لا تنطلق إلَّا من جهة أن تتأصَّل إنسانيَّة الإنسان بكلِّ معانيها، ليعيش في الحياة في الخطِّ المستقيم.
- ولا مُفْسِداً - فأنا لا أريد إفساد السياسة، ولا إفساد الاجتماع، ولا إفساد الاقتصاد، ولا إفساد العلاقات الإنسانيَّة... لست مفسداً، لأنَّ ما أفكِّر فيه، هو ما كان الأنبياء يفكِّرون فيه، كما قال بعض الأنبياء: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ}[هود: 88].
- وإنَّما خَرجْتُ لطَلَبِ الإصْلاحِ في أمَّةِ جدِّي (ص) - هناك فسادٌ في الأمَّة، وهناك ارتباكٌ في الأمَّة، وهناكَ فسادٌ في وعي الأمَّةِ للقيمة في ما هي القيادة، وهناكَ فساد في حركة الأمَّة في العلاقات الاجتماعيَّة، وهناك فساد في الانحراف عن القانون... ولذلك، فإنَّني من خلال أنّي أحبّ هذه الأمَّة، ومن خلال أنّي أريد الخير لها، فقد خرجْتُ من أجل أن أثير في عقول النّاس كيف تتحرَّك في إنتاج الحقِّ لا إنتاج الباطل، وفي إنتاج الخيرِ لا إنتاج الشّرّ، وإثارة قلوبهم في كلِّ نبضاتها وخفقاتها، بإنتاج المحبَّة لا الحقد، وإنتاج الأخوَّة والصَّداقة لا البغضاء، لأنَّ الإنسان إنَّما يعيش بالحبّ؛ الحبّ هو الحياة، والبغض هو الموت.. العداوة هي التَّأخّر، والصَّداقة والأخوَّة هما التقدُّم... وهكذا، أريد أن أثير الواقع ليتوازن الواقع، حتَّى يكون كلّ إنسان في موقعه، ولا يتجاوز إنسان دوره، ولا يقفز الإنسان إلى مواقع لا يملك أن يملأها بما يملك من خبرة وتجربة، إنّي أريد أن أصلح ما فسد.
- أريدُ أن آمرَ بالمعروفِ - والمعروف هو كلّ ما يرفع مستوى الإنسان إلى الأعلى مما يرضاه الله - وأنهى عنِ المنكَرِ"، والمنكر هو كلّ ما يحطُّ بالإنسان إلى الأسفل مما لا يرضاه الله.
* من محاضرة عاشورائيَّة لسماحته، بتاريخ: 19/03/2002م.
لم يكن الحسين (ع) يحتاج إلى موقع، بعد أنْ أعطاه جدُّه رسول الله الَّذي {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ}[النَّجم: 3 -4]، أعطاه أعلى المواقع، عندما قال (ص): "الحسنُ والحسينُ سيِّدا شبابِ أهلِ الجنَّة"، لا بنسبهما، وإن كان نسبهما عظيماً، ولكنَّهما سيِّدا شباب أهل الجنَّة بمحبَّتهما لله، وجهادهما في سبيله، وذوبانهما فيه. ومَنْ كان سيِّدَ شبابِ أهلِ الجنَّة، فهل يطمعُ في زاوية فيها كرسيّ يصنعه النَّاس في الأرض؟!
وقد قال (ع) في وصيَّته لأخيه محمّد بن الحنفيّة: "إنّي لم أخرجْ أشراً ولا بطراً، ولا ظالماً - فأنا أؤمن بالعدل كلِّه، لأنَّ معنى أن تحبَّ الله الَّذي هو القائم بالقسط، والَّذي أراد من خلال كلِّ الرِّسالات أن يقوم النَّاس بالقسط، معنى أن تحبَّه، أن لا تفكِّر في ظلم أحد، حتَّى أعدائك، لأنَّ العداوة لا تبرِّر لك أن تظلم عدوَّك، بأن تغمطه حقَّه. ربَّما كان للعداوة بعض الخطوط الَّتي قد تحركك في سلوك هنا أو هناك، لكن عندما يكون لعدوِّك حقٌّ عندك، فإنَّ عليك أن تعطي عدوَّك حقَّه كاملاً غير منقوص، لأنَّ العدلَ لا دينَ له، ولأنَّ الظّلمَ لا دينَ له، لأنَّ العدلَ ينطلقُ من الله، ولأنَّ العدلَ هو الَّذي يعطي إنسانيَّةَ الإنسانِ جوهرَها وعمقَها وامتدادَها وحيويَّتَها في أيِّ موقع من المواقع.
لذلك، يقول الحسين (ع)، لم أخرج لأظلم أحداً، حتَّى الَّذين يعارضونني، ومن الطبيعيّ لي أن لا أظلم الأمَّة، فأنا لم أخرج لأظلم الأمَّة بإثارة الفتنة فيها، وبإثارة الانقسام المتحرِّك في دائرة العصبيَّات في واقعها؛ إنَّني خرجْتُ من أجل أن لا يكون هناك ظلم. هذا ما أحمله في عقلي الَّذي لا يفكِّر إلَّا في الحقّ، وفي قلبي الَّذي لا ينبض إلَّا بالعدل، وفي حركتي الَّتي لا تنطلق إلَّا من جهة أن تتأصَّل إنسانيَّة الإنسان بكلِّ معانيها، ليعيش في الحياة في الخطِّ المستقيم.
- ولا مُفْسِداً - فأنا لا أريد إفساد السياسة، ولا إفساد الاجتماع، ولا إفساد الاقتصاد، ولا إفساد العلاقات الإنسانيَّة... لست مفسداً، لأنَّ ما أفكِّر فيه، هو ما كان الأنبياء يفكِّرون فيه، كما قال بعض الأنبياء: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ}[هود: 88].
- وإنَّما خَرجْتُ لطَلَبِ الإصْلاحِ في أمَّةِ جدِّي (ص) - هناك فسادٌ في الأمَّة، وهناك ارتباكٌ في الأمَّة، وهناكَ فسادٌ في وعي الأمَّةِ للقيمة في ما هي القيادة، وهناكَ فساد في حركة الأمَّة في العلاقات الاجتماعيَّة، وهناك فساد في الانحراف عن القانون... ولذلك، فإنَّني من خلال أنّي أحبّ هذه الأمَّة، ومن خلال أنّي أريد الخير لها، فقد خرجْتُ من أجل أن أثير في عقول النّاس كيف تتحرَّك في إنتاج الحقِّ لا إنتاج الباطل، وفي إنتاج الخيرِ لا إنتاج الشّرّ، وإثارة قلوبهم في كلِّ نبضاتها وخفقاتها، بإنتاج المحبَّة لا الحقد، وإنتاج الأخوَّة والصَّداقة لا البغضاء، لأنَّ الإنسان إنَّما يعيش بالحبّ؛ الحبّ هو الحياة، والبغض هو الموت.. العداوة هي التَّأخّر، والصَّداقة والأخوَّة هما التقدُّم... وهكذا، أريد أن أثير الواقع ليتوازن الواقع، حتَّى يكون كلّ إنسان في موقعه، ولا يتجاوز إنسان دوره، ولا يقفز الإنسان إلى مواقع لا يملك أن يملأها بما يملك من خبرة وتجربة، إنّي أريد أن أصلح ما فسد.
- أريدُ أن آمرَ بالمعروفِ - والمعروف هو كلّ ما يرفع مستوى الإنسان إلى الأعلى مما يرضاه الله - وأنهى عنِ المنكَرِ"، والمنكر هو كلّ ما يحطُّ بالإنسان إلى الأسفل مما لا يرضاه الله.
* من محاضرة عاشورائيَّة لسماحته، بتاريخ: 19/03/2002م.