محاضرات
14/08/2023

بعضُ كلماتِ الإمامِ الجواد (ع) ووصاياه

بعضُ كلماتِ الإمامِ الجواد (ع) ووصاياه

من كلماتِ الإمامِ الجواد (ع)، ما قاله لرجلٍ استوصاه، قال له: "أوَتقبل؟ قال: نعم، قال: توسَّد الصَّبر - كن الإنسان الصَّابر على ما يواجهك من النَّوائب والمصائب والتحدّيات، ونحن نعرف أنَّ الصَّبر لا يعني الاستسلام من دون تفكير، ولكنَّ الصَّبر هو أن لا يسقط الإنسان أمام المشكلة، بل أن يتحمّل كلَّ مفاعيلها المؤلمة، لأنَّ هناك من النَّاس من يجزعون عند المصائب ويسقطون أمام المشاكل، لأنهم لا يتحمَّلون آلام المصيبة، ولا يتحمَّلون النتائج السلبيَّة للمشكلة، لذلك فهم لا يتماسكون، بل يسقطون أمامها.

أمَّا الإنسان الصَّابر، فهو الإنسان الذي يحكّم عقله، ليدرس المشكلة وليدرس المصيبة، وليخطّط كيف يواجهها، وكيف يحتويها، وكيف يتجاوزها بالإرادة الصَّلبة، فهذا ما يمكن أن يحقِّق له النَّجاح في الدنيا والآخرة.

- واعتنق الفقرَ - إذا جاءك الفقر، فلا تسقط نفسك أمامه، بأن تبذل نفسك لمن يذلّك، ولا تتنازل عن مبادئك وعزَّتك وكرامتك وحرَّيتك نتيجة المغريات التي يقدِّمها الآخرون في حالة فقرك، بل حاول أن تعتنق الفقر، وتعمل حتى تتجاوزه - وارفض الشَّهوات وخالف الهوى - لأنَّ الشَّهوات تنطلق من عمق الغرائز، وعلى الإنسان أن يجعل عقله أقوى من غريزته وأقوى من شهوته، لأنَّ الله لم يمنع الإنسان من شهوة، ولكنَّه أراد له أن لا تطغى شهوته على عقله، وأن لا يسقط مصيره أمام أهوائه...

 - واعلم أنَّك لن تخلو من عين الله - فالله يراقبك في كلِّ كلماتك، وفي كلِّ أعمالك، في خلوتك، في حياتك مع النَّاس، في بيتك، كيف تتعامل معهم، وكيف تقوم بمسؤوليَّاتك تجاههم، ويراقبك في عملك كيف تتقنه، وكيف تخلص له، ويراقبك في مواقفك، كيف تتَّخذها؛ هل تتَّخذها من خلال اقتناعك وإيمانك، أم تتَّخذها من خلال شهواتك ومطامعك؟ والله يراقبك حتى في حركة فكرك، وفي ما تنطلق به نيّتك ويراقبك في عواطفك؛ هل تتحرك مع الحقّ أم مع الباطل. وهكذا يراقبك الله في كلماتك، فقد قال تعالى: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ}[المجادلة: 7]، فهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور - فانظر كيف تكون"[1].

وهكذا ينطلق الإمام (ع) ليتحدَّث عن الإنسان في الحياة، كيف يتحرك بالمعروف؛ المعروف في الكلام والعمل، وفي الموقف. يقال "إنَّ للجنَّةِ باباً يقالُ له بابُ المعروف، لا يدخلُهُ إلَّا أهلُ المعروف"[2].

وقد قال لأِحد أصحابه عندما سأله عن مسألة القسم، بأنَّ الله يقسم في القرآن باللَّيل {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}[اللَّيل: 1]، ويقسم بالنَّهار {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ}[اللَّيل: 2]، وهكذا يقسم بالنَّجم {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ}[النَّجم: 1]، فقال (ع): "إنَّ لله أن يقسم من خلقه بما يشاء، وليس لخلقه أن يقسموا إلَّا به"[3]. فالإمام يوجِّه النَّاس إلى أنَّ القسم يمثِّل الإحساس بالعظمة لمن تقسم به، وعلى الإنسان أن لا يقسم إلَّا بالله، ليشعر بمعنى التوحيد لله، لأنَّه إذا أراد أن يؤكِّد شيئاً، فعليه أن لا ينظر إلَّا إلى الله، لأنَّ الأمور هي بيد الله سبحانه وتعالى لا بيد غيره، ولأنَّ الرقابة العليا هي رقابة الله على الإنسان، لا رقابة غيره...

 

[1]  بحار الأنوار، العلَّامة المجلسي، ج75، ص 358.

[2]  بحار الأنوار، ج50، ص 258.

[3]  بحار الأنوار، ج1، ص 286.

* من خطبة جمعة لسماحته، بتاريح: 1 ذو الحجة 1424هـ/ الموافق:  ٢٣ كتاون الثّاني ٢٠٠٤م.

من كلماتِ الإمامِ الجواد (ع)، ما قاله لرجلٍ استوصاه، قال له: "أوَتقبل؟ قال: نعم، قال: توسَّد الصَّبر - كن الإنسان الصَّابر على ما يواجهك من النَّوائب والمصائب والتحدّيات، ونحن نعرف أنَّ الصَّبر لا يعني الاستسلام من دون تفكير، ولكنَّ الصَّبر هو أن لا يسقط الإنسان أمام المشكلة، بل أن يتحمّل كلَّ مفاعيلها المؤلمة، لأنَّ هناك من النَّاس من يجزعون عند المصائب ويسقطون أمام المشاكل، لأنهم لا يتحمَّلون آلام المصيبة، ولا يتحمَّلون النتائج السلبيَّة للمشكلة، لذلك فهم لا يتماسكون، بل يسقطون أمامها.

أمَّا الإنسان الصَّابر، فهو الإنسان الذي يحكّم عقله، ليدرس المشكلة وليدرس المصيبة، وليخطّط كيف يواجهها، وكيف يحتويها، وكيف يتجاوزها بالإرادة الصَّلبة، فهذا ما يمكن أن يحقِّق له النَّجاح في الدنيا والآخرة.

- واعتنق الفقرَ - إذا جاءك الفقر، فلا تسقط نفسك أمامه، بأن تبذل نفسك لمن يذلّك، ولا تتنازل عن مبادئك وعزَّتك وكرامتك وحرَّيتك نتيجة المغريات التي يقدِّمها الآخرون في حالة فقرك، بل حاول أن تعتنق الفقر، وتعمل حتى تتجاوزه - وارفض الشَّهوات وخالف الهوى - لأنَّ الشَّهوات تنطلق من عمق الغرائز، وعلى الإنسان أن يجعل عقله أقوى من غريزته وأقوى من شهوته، لأنَّ الله لم يمنع الإنسان من شهوة، ولكنَّه أراد له أن لا تطغى شهوته على عقله، وأن لا يسقط مصيره أمام أهوائه...

 - واعلم أنَّك لن تخلو من عين الله - فالله يراقبك في كلِّ كلماتك، وفي كلِّ أعمالك، في خلوتك، في حياتك مع النَّاس، في بيتك، كيف تتعامل معهم، وكيف تقوم بمسؤوليَّاتك تجاههم، ويراقبك في عملك كيف تتقنه، وكيف تخلص له، ويراقبك في مواقفك، كيف تتَّخذها؛ هل تتَّخذها من خلال اقتناعك وإيمانك، أم تتَّخذها من خلال شهواتك ومطامعك؟ والله يراقبك حتى في حركة فكرك، وفي ما تنطلق به نيّتك ويراقبك في عواطفك؛ هل تتحرك مع الحقّ أم مع الباطل. وهكذا يراقبك الله في كلماتك، فقد قال تعالى: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ}[المجادلة: 7]، فهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور - فانظر كيف تكون"[1].

وهكذا ينطلق الإمام (ع) ليتحدَّث عن الإنسان في الحياة، كيف يتحرك بالمعروف؛ المعروف في الكلام والعمل، وفي الموقف. يقال "إنَّ للجنَّةِ باباً يقالُ له بابُ المعروف، لا يدخلُهُ إلَّا أهلُ المعروف"[2].

وقد قال لأِحد أصحابه عندما سأله عن مسألة القسم، بأنَّ الله يقسم في القرآن باللَّيل {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}[اللَّيل: 1]، ويقسم بالنَّهار {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ}[اللَّيل: 2]، وهكذا يقسم بالنَّجم {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ}[النَّجم: 1]، فقال (ع): "إنَّ لله أن يقسم من خلقه بما يشاء، وليس لخلقه أن يقسموا إلَّا به"[3]. فالإمام يوجِّه النَّاس إلى أنَّ القسم يمثِّل الإحساس بالعظمة لمن تقسم به، وعلى الإنسان أن لا يقسم إلَّا بالله، ليشعر بمعنى التوحيد لله، لأنَّه إذا أراد أن يؤكِّد شيئاً، فعليه أن لا ينظر إلَّا إلى الله، لأنَّ الأمور هي بيد الله سبحانه وتعالى لا بيد غيره، ولأنَّ الرقابة العليا هي رقابة الله على الإنسان، لا رقابة غيره...

 

[1]  بحار الأنوار، العلَّامة المجلسي، ج75، ص 358.

[2]  بحار الأنوار، ج50، ص 258.

[3]  بحار الأنوار، ج1، ص 286.

* من خطبة جمعة لسماحته، بتاريح: 1 ذو الحجة 1424هـ/ الموافق:  ٢٣ كتاون الثّاني ٢٠٠٤م.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية