محاضرات
08/04/2019

طموحات أمريكية إسرائيلية في منطقتنا

طموحات أمريكية إسرائيلية في منطقتنا

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ}.

في هذه الآيات، يريد الله سبحانه وتعالى أن يوجِّه المؤمنين إلى عدَّة نقاط في انتمائهم إلى الإسلام وفي حركتهم.

في الخطّ الأوّل، يريد الله للإنسان أن يتحسّس إيمانه، لا كانتماء نسبي، بل إنه يريد أن يتحسّس الإيمان في عقله وقلبه وشعوره، بحيث يشرق الله في عقله، فلا يكون في عقله أيّ مجال لظلمة الكفر، ولا يكون في قلبه أيّة ساحة للعداوة والبغضاء والأشياء الذميمة.

وفي الخطِّ الثاني، لا بدَّ لك من أن تحافظ على إسلامك، لا يكفي أن تكون مؤمناً في بداية حياتك، بل لا بدّ لك من أن تستمرّ على الإيمان في النهايات. المسألة هي في النهايات، أن تموت وأنت على طاعة الله.

وفي الخطّ الثالث: ما هي القاعدة لاجتماع النّاس؟ ما هو الحبل الذي يربطه بالآخر؛ هل العائلة، هل البلد، هل الوطن، هل العرق، هل القوميّة؟... هذه كلها خصوصيّات صحيح، ولكن ما يربطك بالآخر هو حبل الله؛ الله هو الذي خلقنا، وأوّل حبل امتدّ إلينا هو حبل الوجود، فكما تمسكنا في بداية وجودنا بحبل الله، وسرنا مع الله من نطفة إلى علقة وهكذا... حتى كسيت العظام لحماً، إلى أن تصبح طفلاً وشابّاً وشيخاً، فالله هو الذي يمسك حبل الوجود، وهذا حبل تكوينيّ إجباريّ، والله يريدنا أن نمسك بحبله باختيارنا، وهو حبل الإسلام، حبل القرآن.

وعلى ضوء هذا، لا بدَّ من أن نحدِّق بكلِّ الواقع الذي يحاول أن يتحدّانا. هناك كلمة لرسول الله (ص): "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها"، قالوا: أومِن قلّة يا رسول الله؟ قال: "بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنَّكم غثاء كغثاء السّيل...". نحن الآن كذلك، مشكلتنا أنّ بلادنا فيها ما يجعل الآخرين يطمعون، في بلادنا العربية والإسلامية البترول، وأكبر احتياطي في العالم موجود فيها، وعندنا ثروات طبيعيّة، وأسواقنا من أبرز الأسواق الاستهلاكيّة، وما أكثر المؤتمرات التي تعقد لذلك!

الاكتفاء الذّاتيّ ممنوع

ما هو ذنب الجمهوريّة الإسلاميّة الآن في إيران، ذنبها أنّها أرادت أن تكون مستقلة، وأنها تريد أن تحقق لشعبها الاكتفاء الذاتي، حتى لا يحتاج أن يطلب حاجاته من الآخرين، لأن الشعوب تستعبدها حاجاتها، وذنبها أنّها أطلقت صيحة التحرّر في العالم الإسلامي ليتحرّر المسلمون ويتّحدوا، وأنها أطلقت صيحة الحرية في عالم المستضعفين، هذا هو ذنبها، وإلا لماذا تحاصرها أميركا، ويتحرّك الكثيرون لتطويقها اقتصاديّاً؟!

المسألة أنّه لا يراد للعالم الإسلامي أن ينطلق على أساس إرادة الحريّة والتخطيط لسياسة الاكتفاء الذاتي. ونحن مسؤولون عن العالم الإسلاميّ، كلٌّ بحسب طاقاته، لا مجال لأيّ شعب، ولا سيّما في هذه المرحلة، لأن يسترخي، لأنّ النار عندما تنطلق، سوف تصل إلى معظم الساحات.

أمريكا في خدمة إسرائيل!

لذلك، إنَّ من يتحدَّث في هذا البلد عن ضرورة أن نفتح العلاقات مع أمريكا، وأن نطلب منها أن تأتي لترتِّب لنا أمورنا، عليهم أن يفهموا أنَّ أميركا بحزبها الديمقراطي وبحزبها الجمهوريّ وباللّوبي اليهودي.. هي الّتي تجرّ كلَّ شعبها إلى المعركة، وخصوصاً في أيّام الانتخابات، لتكون إسرائيلية مئة في المئة.

إننا عندما ندرس سياسة أمريكا في المنطقة، في كلّ مساعداتها لإسرائيل لتكون الأقوى، وفي كلّ ضغطها على الدول العربية لتقدّم التنازلات، نجد أن ليس لأمريكا أيّ سياسة أمريكية تتحرك من مصلحة الشعب الأميركي في المنطقة، بل هي سياسة إسرائيليّة. لهذا، عندما ينقل الناقلون أنّ هناك موفداً أميركياً يريد أن يأتي إلى المنطقة، فإننا نعرف أنه لن يأتي إلى المنطقة بخير، بل من أجل أن يرى هل يمكن أن تتنازل سوريا عن بعض شروطها، وهل يمكن أن يتنازل لبنان، ولن يبحث هل تتنازل إسرائيل، لأنّه ليس مطلوباً أن تتنازل إسرائيل، بل أن يتنازل العرب.

 

* من خطبة الجمعة ألقاها سماحته في مسجد بئر العبد، بتاريخ: 9 رجب 1416 هـ/ 1 كانون الأول – ديسمبر 1995م.

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ}.

في هذه الآيات، يريد الله سبحانه وتعالى أن يوجِّه المؤمنين إلى عدَّة نقاط في انتمائهم إلى الإسلام وفي حركتهم.

في الخطّ الأوّل، يريد الله للإنسان أن يتحسّس إيمانه، لا كانتماء نسبي، بل إنه يريد أن يتحسّس الإيمان في عقله وقلبه وشعوره، بحيث يشرق الله في عقله، فلا يكون في عقله أيّ مجال لظلمة الكفر، ولا يكون في قلبه أيّة ساحة للعداوة والبغضاء والأشياء الذميمة.

وفي الخطِّ الثاني، لا بدَّ لك من أن تحافظ على إسلامك، لا يكفي أن تكون مؤمناً في بداية حياتك، بل لا بدّ لك من أن تستمرّ على الإيمان في النهايات. المسألة هي في النهايات، أن تموت وأنت على طاعة الله.

وفي الخطّ الثالث: ما هي القاعدة لاجتماع النّاس؟ ما هو الحبل الذي يربطه بالآخر؛ هل العائلة، هل البلد، هل الوطن، هل العرق، هل القوميّة؟... هذه كلها خصوصيّات صحيح، ولكن ما يربطك بالآخر هو حبل الله؛ الله هو الذي خلقنا، وأوّل حبل امتدّ إلينا هو حبل الوجود، فكما تمسكنا في بداية وجودنا بحبل الله، وسرنا مع الله من نطفة إلى علقة وهكذا... حتى كسيت العظام لحماً، إلى أن تصبح طفلاً وشابّاً وشيخاً، فالله هو الذي يمسك حبل الوجود، وهذا حبل تكوينيّ إجباريّ، والله يريدنا أن نمسك بحبله باختيارنا، وهو حبل الإسلام، حبل القرآن.

وعلى ضوء هذا، لا بدَّ من أن نحدِّق بكلِّ الواقع الذي يحاول أن يتحدّانا. هناك كلمة لرسول الله (ص): "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها"، قالوا: أومِن قلّة يا رسول الله؟ قال: "بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنَّكم غثاء كغثاء السّيل...". نحن الآن كذلك، مشكلتنا أنّ بلادنا فيها ما يجعل الآخرين يطمعون، في بلادنا العربية والإسلامية البترول، وأكبر احتياطي في العالم موجود فيها، وعندنا ثروات طبيعيّة، وأسواقنا من أبرز الأسواق الاستهلاكيّة، وما أكثر المؤتمرات التي تعقد لذلك!

الاكتفاء الذّاتيّ ممنوع

ما هو ذنب الجمهوريّة الإسلاميّة الآن في إيران، ذنبها أنّها أرادت أن تكون مستقلة، وأنها تريد أن تحقق لشعبها الاكتفاء الذاتي، حتى لا يحتاج أن يطلب حاجاته من الآخرين، لأن الشعوب تستعبدها حاجاتها، وذنبها أنّها أطلقت صيحة التحرّر في العالم الإسلامي ليتحرّر المسلمون ويتّحدوا، وأنها أطلقت صيحة الحرية في عالم المستضعفين، هذا هو ذنبها، وإلا لماذا تحاصرها أميركا، ويتحرّك الكثيرون لتطويقها اقتصاديّاً؟!

المسألة أنّه لا يراد للعالم الإسلامي أن ينطلق على أساس إرادة الحريّة والتخطيط لسياسة الاكتفاء الذاتي. ونحن مسؤولون عن العالم الإسلاميّ، كلٌّ بحسب طاقاته، لا مجال لأيّ شعب، ولا سيّما في هذه المرحلة، لأن يسترخي، لأنّ النار عندما تنطلق، سوف تصل إلى معظم الساحات.

أمريكا في خدمة إسرائيل!

لذلك، إنَّ من يتحدَّث في هذا البلد عن ضرورة أن نفتح العلاقات مع أمريكا، وأن نطلب منها أن تأتي لترتِّب لنا أمورنا، عليهم أن يفهموا أنَّ أميركا بحزبها الديمقراطي وبحزبها الجمهوريّ وباللّوبي اليهودي.. هي الّتي تجرّ كلَّ شعبها إلى المعركة، وخصوصاً في أيّام الانتخابات، لتكون إسرائيلية مئة في المئة.

إننا عندما ندرس سياسة أمريكا في المنطقة، في كلّ مساعداتها لإسرائيل لتكون الأقوى، وفي كلّ ضغطها على الدول العربية لتقدّم التنازلات، نجد أن ليس لأمريكا أيّ سياسة أمريكية تتحرك من مصلحة الشعب الأميركي في المنطقة، بل هي سياسة إسرائيليّة. لهذا، عندما ينقل الناقلون أنّ هناك موفداً أميركياً يريد أن يأتي إلى المنطقة، فإننا نعرف أنه لن يأتي إلى المنطقة بخير، بل من أجل أن يرى هل يمكن أن تتنازل سوريا عن بعض شروطها، وهل يمكن أن يتنازل لبنان، ولن يبحث هل تتنازل إسرائيل، لأنّه ليس مطلوباً أن تتنازل إسرائيل، بل أن يتنازل العرب.

 

* من خطبة الجمعة ألقاها سماحته في مسجد بئر العبد، بتاريخ: 9 رجب 1416 هـ/ 1 كانون الأول – ديسمبر 1995م.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية