محاضرات
18/09/2018

عاشوراء حركة عدل.. فهل نلتزمها؟

عاشوراء حركة عدل.. فهل نلتزمها؟

في عاشوراء الحسين(ع)، نتذكَّره ونتابع عقله وروحه وقلبه وحركته وروحانيَّته، وهو في ظهيرة يوم عاشوراء، والمنادي ينادي لقد حان وقت الصَّلاة، يتطلَّع الإمام الحسين(ع) ويقول: هذا أوَّل وقتها، ويقف ليصلّي بأصحابه، فتنطلق السهام عليه وهو يصلّي، فيستشهد أحد أصحابه وهو يدافع عنه. هذه الروحانيّة عاشها الحسين(ع) مع الله حتى في أشدّ ساعات الخطر وأقسى ساعات الألم، لأنَّ الحسين(ع) كجدّه وأبيه وأمّه وأخيه، باعوا أنفسهم لله سبحانه وتعالى.

كان أبوه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(ع) في أشدّ حالات الحرب في صفّين يصلّي وهو في قلب المعركة، فقال له أصحابه: يا أمير المؤمنين، المعركة على أشدّها وأنت تصلي، أفهذا وقت صلاة؟ فقال(ع): علامَ قاتلناهم؟! إننا نقاتلهم لأنهم لا يعيشون معنى الصّلاة وسرّها وانفتاحها على الله، وعلى كلّ ما يقرّب الإنسان إليه ويبعّده عن معاصيه، فهي روح المؤمن إلى الله، وهي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، فمن لا يصلّي لا علاقة له بالله، ولا علاقة لله به، لأنها هي التي تربط بين المسلم وبين ربّه.

الإمام الحسين(ع) في كربلاء يؤكِّد للناس الذين تجمّعوا حوله، أنّ الإسلام ليس مجرّد عاطفة، وأنّ الولاء ليس مجرّد حالة نفسية، وهكذا رأينا الإمام الحسين(ع) في كربلاء، يؤكّد للناس الذين تجمّعوا حوله، أنّ الإسلام ليس مجرّد عاطفة، وأنّ الولاء ليس مجرد حالة نفسية. الإسلام عقيدة وكلمة وموقف، ولذلك، فإن هؤلاء الذين ينسبون أنفسهم إلى الإسلام، ويعتبرون أنفسهم موالين للنبي(ص) ولأهل بيته، لا يعيشون الإسلام إذا كانت قلوبهم مع الحسين وسيوفهم عليه، لأنّ الإنسان المسلم هو الذي يتحرّك سيفه في خطّ مبادئه، وفي خطّ عقيدته، ولا يعيش الازدواجية بين ما هي الرسالة والعقيدة وبين ما هو العمل.

وهكذا، أيها الأحبة، عندما نلتقي بالحسين(ع)، فإننا نلتقي بمجتمع الحسين الصّغير آنذاك، مجتمع أصحابه وأهل بيته الذين باتوا ليلة عاشوراء بين راكعٍ وساجدٍ وتالٍ للقرآن ومبتهل له، كانوا يعيشون مع الله ويشهدونه على أنهم وقفوا هذا الموقف إخلاصاً له وقربةً له، فهم لا يفرِّقون بين سجودهم لله وركوعهم له وتلاوتهم للقرآن، وبين حركتهم في الجهاد في مواجهة القوم الذين عاشوا مع الشيطان وتركوا طاعة الرّحمن.

وهكذا، كان الحسين(ع) يؤكّد للعالم كله، أنَّ حركته الإسلاميّة هي حركة عدل. إنه يريد أن ينشر العدل في العالم، من أجل أن يعيش الناس في علاقتهم بالله في حالة عدل، فلا يظلموا ربهم بالشرك والمعصية، وأن يعيشوا مع أنفسهم في حالة عدل، فلا يظلموا أحداً في حقه.

كان الحسين(ع) يريد أن يقول لهم إن الله شرّع العدل في كلّ الرسالات، وهذا ما قاله الله سبحانه وتعالى في كتابه: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}(الحديد: 25). فالإنسان المسلم، إذا أراد أن يؤكّد صدقه في إسلامه، فعليه أن يكون الإنسان العادل؛ العادل في بيته مع زوجته ومع أولاده ومع أبيه وأمّه وإخوانه وأخواته، والعادل مع الناس الذين يتعاملون معه ويتعامل معهم، والعادل في حركة المسؤوليّة إذا تسلّم أية مسؤوليّة، سواء كانت صغيرة أو كبيرة.

إنّ الفرق بين مجتمع الحسين وجمهوره ومجتمع يزيد، هو أنَّ مجتمع يزيد لم يأخذ بأسباب العدل في قضيّة الحكم، وفي قضيّة الممارسة، وفي قضيّة المسؤوليّة، وفي قضيّة المعاملة، بينما نجد أصحاب الحسين(ع) وجمهوره ينطلقون من خلال العدل مع ربهم ومع أنفسهم ومع الناس كافّة

إنّ جمهور الحسين(ع) هو الجمهور الذي يتطلّع إلى الله، ويحسب حسابه في كلّ كلمة يقولها، وفي كلّ عمل يعمله، بينما أصحاب يزيد يعيشون مع أطماعهم وشهواتهم ومكاسبهم في هذا المجال...

أيها الأحبة، لقد قضينا مع الإمام الحسين(ع) أياماً، وربما نقضي أياماً أطول، كما يفعل الكثيرون في العالم الإسلامي في خطّ أهل البيت، الذين يحتفلون بالإمام الحسين(ع) في محرّم وصفر، ولكن المسألة هي أننا بعد انتهاء هذا الموسم، كيف نقدِّم حسابنا للحسين(ع)، ليسأل كلّ واحد منا نفسه، كيف يعيش مع إسلامه؟ كيف يعيش مع ربّه؟ كيف يخيّر نفسه بين الجنّة والنار؟ كيف يؤكِّد معنى الحرية انطلاقاً من كلمة عليّ(ع): "لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً"، وليؤكِّد العزة والكرامة، كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}[المنافقون: 8].

أيها الأحبّة، بعد عاشوراء، لا بدّ من أن نبدأ التفكير، في هل نحن جمهور الحسين(ع)؟ مَن نوالي؟ ومن نعارض؟ من نؤيّد؟ ومن نرفض؟ ما هو الخطّ الذي نتحرّك فيه؟ هل هو خطّ الإسلام أم خطّ الضّلال؟ "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا". {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۚ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ}(الحشر: 18-20)".

* خطبة الجمعة بتاريخ 11 محرَّم 1427 هـ/ الموافق: ١٠/٢/٢٠٠٦م

في عاشوراء الحسين(ع)، نتذكَّره ونتابع عقله وروحه وقلبه وحركته وروحانيَّته، وهو في ظهيرة يوم عاشوراء، والمنادي ينادي لقد حان وقت الصَّلاة، يتطلَّع الإمام الحسين(ع) ويقول: هذا أوَّل وقتها، ويقف ليصلّي بأصحابه، فتنطلق السهام عليه وهو يصلّي، فيستشهد أحد أصحابه وهو يدافع عنه. هذه الروحانيّة عاشها الحسين(ع) مع الله حتى في أشدّ ساعات الخطر وأقسى ساعات الألم، لأنَّ الحسين(ع) كجدّه وأبيه وأمّه وأخيه، باعوا أنفسهم لله سبحانه وتعالى.

كان أبوه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(ع) في أشدّ حالات الحرب في صفّين يصلّي وهو في قلب المعركة، فقال له أصحابه: يا أمير المؤمنين، المعركة على أشدّها وأنت تصلي، أفهذا وقت صلاة؟ فقال(ع): علامَ قاتلناهم؟! إننا نقاتلهم لأنهم لا يعيشون معنى الصّلاة وسرّها وانفتاحها على الله، وعلى كلّ ما يقرّب الإنسان إليه ويبعّده عن معاصيه، فهي روح المؤمن إلى الله، وهي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، فمن لا يصلّي لا علاقة له بالله، ولا علاقة لله به، لأنها هي التي تربط بين المسلم وبين ربّه.

الإمام الحسين(ع) في كربلاء يؤكِّد للناس الذين تجمّعوا حوله، أنّ الإسلام ليس مجرّد عاطفة، وأنّ الولاء ليس مجرّد حالة نفسية، وهكذا رأينا الإمام الحسين(ع) في كربلاء، يؤكّد للناس الذين تجمّعوا حوله، أنّ الإسلام ليس مجرّد عاطفة، وأنّ الولاء ليس مجرد حالة نفسية. الإسلام عقيدة وكلمة وموقف، ولذلك، فإن هؤلاء الذين ينسبون أنفسهم إلى الإسلام، ويعتبرون أنفسهم موالين للنبي(ص) ولأهل بيته، لا يعيشون الإسلام إذا كانت قلوبهم مع الحسين وسيوفهم عليه، لأنّ الإنسان المسلم هو الذي يتحرّك سيفه في خطّ مبادئه، وفي خطّ عقيدته، ولا يعيش الازدواجية بين ما هي الرسالة والعقيدة وبين ما هو العمل.

وهكذا، أيها الأحبة، عندما نلتقي بالحسين(ع)، فإننا نلتقي بمجتمع الحسين الصّغير آنذاك، مجتمع أصحابه وأهل بيته الذين باتوا ليلة عاشوراء بين راكعٍ وساجدٍ وتالٍ للقرآن ومبتهل له، كانوا يعيشون مع الله ويشهدونه على أنهم وقفوا هذا الموقف إخلاصاً له وقربةً له، فهم لا يفرِّقون بين سجودهم لله وركوعهم له وتلاوتهم للقرآن، وبين حركتهم في الجهاد في مواجهة القوم الذين عاشوا مع الشيطان وتركوا طاعة الرّحمن.

وهكذا، كان الحسين(ع) يؤكّد للعالم كله، أنَّ حركته الإسلاميّة هي حركة عدل. إنه يريد أن ينشر العدل في العالم، من أجل أن يعيش الناس في علاقتهم بالله في حالة عدل، فلا يظلموا ربهم بالشرك والمعصية، وأن يعيشوا مع أنفسهم في حالة عدل، فلا يظلموا أحداً في حقه.

كان الحسين(ع) يريد أن يقول لهم إن الله شرّع العدل في كلّ الرسالات، وهذا ما قاله الله سبحانه وتعالى في كتابه: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}(الحديد: 25). فالإنسان المسلم، إذا أراد أن يؤكّد صدقه في إسلامه، فعليه أن يكون الإنسان العادل؛ العادل في بيته مع زوجته ومع أولاده ومع أبيه وأمّه وإخوانه وأخواته، والعادل مع الناس الذين يتعاملون معه ويتعامل معهم، والعادل في حركة المسؤوليّة إذا تسلّم أية مسؤوليّة، سواء كانت صغيرة أو كبيرة.

إنّ الفرق بين مجتمع الحسين وجمهوره ومجتمع يزيد، هو أنَّ مجتمع يزيد لم يأخذ بأسباب العدل في قضيّة الحكم، وفي قضيّة الممارسة، وفي قضيّة المسؤوليّة، وفي قضيّة المعاملة، بينما نجد أصحاب الحسين(ع) وجمهوره ينطلقون من خلال العدل مع ربهم ومع أنفسهم ومع الناس كافّة

إنّ جمهور الحسين(ع) هو الجمهور الذي يتطلّع إلى الله، ويحسب حسابه في كلّ كلمة يقولها، وفي كلّ عمل يعمله، بينما أصحاب يزيد يعيشون مع أطماعهم وشهواتهم ومكاسبهم في هذا المجال...

أيها الأحبة، لقد قضينا مع الإمام الحسين(ع) أياماً، وربما نقضي أياماً أطول، كما يفعل الكثيرون في العالم الإسلامي في خطّ أهل البيت، الذين يحتفلون بالإمام الحسين(ع) في محرّم وصفر، ولكن المسألة هي أننا بعد انتهاء هذا الموسم، كيف نقدِّم حسابنا للحسين(ع)، ليسأل كلّ واحد منا نفسه، كيف يعيش مع إسلامه؟ كيف يعيش مع ربّه؟ كيف يخيّر نفسه بين الجنّة والنار؟ كيف يؤكِّد معنى الحرية انطلاقاً من كلمة عليّ(ع): "لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً"، وليؤكِّد العزة والكرامة، كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}[المنافقون: 8].

أيها الأحبّة، بعد عاشوراء، لا بدّ من أن نبدأ التفكير، في هل نحن جمهور الحسين(ع)؟ مَن نوالي؟ ومن نعارض؟ من نؤيّد؟ ومن نرفض؟ ما هو الخطّ الذي نتحرّك فيه؟ هل هو خطّ الإسلام أم خطّ الضّلال؟ "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا". {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۚ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ}(الحشر: 18-20)".

* خطبة الجمعة بتاريخ 11 محرَّم 1427 هـ/ الموافق: ١٠/٢/٢٠٠٦م
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية