عندما ندرس حركة السيّدة زينب (ع) في كربلاء، في أثناء المعركة، وبعد المعركة، فإنّنا نجد أنّها كانت تعيش صلابة الموقف، كأقوى ما تكون الصلابة.
كانت الإنسانة التي تعيش صلابة الموقف، وعندما كانت تتدخَّل بأسلوب عاطفي، فلكي تحتضن موقف الحسين (ع) في كبرياء الموقف.. إنساناً أكبر من الألم.
وبعد واقعة الطفّ، ينقل تاريخ السيرة الحسينيّة، أنّها وقفت بكلّ شموخ الإنسان القويّ الذي يشعر بأنّه لا يعيش حالة ذاتيّة، بل يعيش حالة رساليّة.
ولذلك، وقفت موقف القوّة إلى جانب موقف العبادة، ووضعت كفّيها تحت جسد الإمام الحسين ـــ كما تروي الرّواية ـــ وقالت: "اللَّهمَّ تَقَبَّلْ منّا هذا القربان"؛ إنّه قربان الرّسالة، وقربان القضيّة في كلّ تفاصيلها، لأنَّ الإنسان الذي يعيش إشراقة الرّسالة في قضيّته، لا يفقد إحساسه بالقضيّة، عندما يعيش في تفاصيل حركة القضيّة في ساحة الصّراع...
من خلال هذه اللّقطات الصغيرة، نستطيع أن نستوحي زينب (ع)؛ المرأة التي تنتصر على ضغط العاطفة على مشاعرها، فتملك أن توازن عاطفتها، حتّى لا تتحرَّك عاطفتها لإسقاط موقفها. وزينب الإنسانة القائدة التي إذا لم يكن لها في مسيرة السبي، من كربلاء إلى الكوفة إلى الشّام، لم يكن لها مَن تقوده من الرّجال، ولكنّها كانت تقود القضيّة.
وهناك فرق بين مَن يقود النّاس بدون قضيّة، وبين مَن يقود القضيّة ليفتح عقول الناس عليها. فالقيادة ليست حركة قوّة يسيطر فيها الإنسان على النّاس، ولكنّ القيادة حركة عقل ووعي وانفتاح على الواقع، من أجل أن تمنع الواقع من أن يسقط وينهار أمام ضغط الّذين يريدون أن يصادروه.
لو قتل الحسين (ع) في كربلاء وأغلق الملفّ، لما حدث هناك شيء. ولكنّ زينب (ع) التي كانت تتحرّك بكلّ دراسة للموقف، وبكلّ وعي وبكلّ صلابة، كانت تعطي القضيّة من عقلها ووعيها وإحساسها وقوّتها الشّيء الكثير.
ثمّ نتمثّل زينب المعارضة، الإنسانة المؤمنة المحجّبة العابدة الخاشعة، التي تقف في نادي الرّجال لتتحدّث بأقوى أساليب المعارضة السياسيّة، في موقع كانت المعارضة شيئاً غير معهود.
فنحن عندما نلاحظ تلك الفترة، نلاحظ أنَّ الناس كانوا لا يملكون أن يعارضوا الشّخص الأوّل في المجتمع.
عندما بويع ليزيد، وقف من يبايع وحمل سيفاً بيمينه، وصرّة من الدّراهم في شماله، وقال من بايع له هذا، ومن لم يبايع فله هذا، ولم يعترض أحد!
إنَّ هناك فرقاً بين معارضة في موقع لا يجرؤ الناس على أن ينبسوا أمامه ببنت شفة، وبين معارضة استهلاكيّة يمكن لك أن تتحدّث فيها بأيّ شيء.
نحن لا نريد فقط أنْ نتحدّث عن الموقف السياسي المعارض للسيّدة زينب (ع) عند ابن زياد، أو عند يزيد، لا نريد أن نتحدَّث عن هذا كموقف استهلاكيّ من مواقف المعارضة الاستهلاكية في البلاد التي تملك فيها حريّة الكلمة، ولكن إذا أردتم أن تعرفوا قيمة الكلمة القويّة المؤنّبة ليزيد ولابن زياد، تصوَّروا كثيراً من أنظمتنا العربيّة، أن يقف إنسان أمام ملك مطلق السّلطة، أو رئيس مطلق السّلطة في واقعنا العربي، أو واقعنا في العالَم الثّالث.. تصوَّروا كيف تكون المعارضة، حتّى تفهموا قيمة معارضة السيّد زينب (ع) في الواقع.
* في رحاب أهل البيت (ع)، ج2.

عندما ندرس حركة السيّدة زينب (ع) في كربلاء، في أثناء المعركة، وبعد المعركة، فإنّنا نجد أنّها كانت تعيش صلابة الموقف، كأقوى ما تكون الصلابة.
كانت الإنسانة التي تعيش صلابة الموقف، وعندما كانت تتدخَّل بأسلوب عاطفي، فلكي تحتضن موقف الحسين (ع) في كبرياء الموقف.. إنساناً أكبر من الألم.
وبعد واقعة الطفّ، ينقل تاريخ السيرة الحسينيّة، أنّها وقفت بكلّ شموخ الإنسان القويّ الذي يشعر بأنّه لا يعيش حالة ذاتيّة، بل يعيش حالة رساليّة.
ولذلك، وقفت موقف القوّة إلى جانب موقف العبادة، ووضعت كفّيها تحت جسد الإمام الحسين ـــ كما تروي الرّواية ـــ وقالت: "اللَّهمَّ تَقَبَّلْ منّا هذا القربان"؛ إنّه قربان الرّسالة، وقربان القضيّة في كلّ تفاصيلها، لأنَّ الإنسان الذي يعيش إشراقة الرّسالة في قضيّته، لا يفقد إحساسه بالقضيّة، عندما يعيش في تفاصيل حركة القضيّة في ساحة الصّراع...
من خلال هذه اللّقطات الصغيرة، نستطيع أن نستوحي زينب (ع)؛ المرأة التي تنتصر على ضغط العاطفة على مشاعرها، فتملك أن توازن عاطفتها، حتّى لا تتحرَّك عاطفتها لإسقاط موقفها. وزينب الإنسانة القائدة التي إذا لم يكن لها في مسيرة السبي، من كربلاء إلى الكوفة إلى الشّام، لم يكن لها مَن تقوده من الرّجال، ولكنّها كانت تقود القضيّة.
وهناك فرق بين مَن يقود النّاس بدون قضيّة، وبين مَن يقود القضيّة ليفتح عقول الناس عليها. فالقيادة ليست حركة قوّة يسيطر فيها الإنسان على النّاس، ولكنّ القيادة حركة عقل ووعي وانفتاح على الواقع، من أجل أن تمنع الواقع من أن يسقط وينهار أمام ضغط الّذين يريدون أن يصادروه.
لو قتل الحسين (ع) في كربلاء وأغلق الملفّ، لما حدث هناك شيء. ولكنّ زينب (ع) التي كانت تتحرّك بكلّ دراسة للموقف، وبكلّ وعي وبكلّ صلابة، كانت تعطي القضيّة من عقلها ووعيها وإحساسها وقوّتها الشّيء الكثير.
ثمّ نتمثّل زينب المعارضة، الإنسانة المؤمنة المحجّبة العابدة الخاشعة، التي تقف في نادي الرّجال لتتحدّث بأقوى أساليب المعارضة السياسيّة، في موقع كانت المعارضة شيئاً غير معهود.
فنحن عندما نلاحظ تلك الفترة، نلاحظ أنَّ الناس كانوا لا يملكون أن يعارضوا الشّخص الأوّل في المجتمع.
عندما بويع ليزيد، وقف من يبايع وحمل سيفاً بيمينه، وصرّة من الدّراهم في شماله، وقال من بايع له هذا، ومن لم يبايع فله هذا، ولم يعترض أحد!
إنَّ هناك فرقاً بين معارضة في موقع لا يجرؤ الناس على أن ينبسوا أمامه ببنت شفة، وبين معارضة استهلاكيّة يمكن لك أن تتحدّث فيها بأيّ شيء.
نحن لا نريد فقط أنْ نتحدّث عن الموقف السياسي المعارض للسيّدة زينب (ع) عند ابن زياد، أو عند يزيد، لا نريد أن نتحدَّث عن هذا كموقف استهلاكيّ من مواقف المعارضة الاستهلاكية في البلاد التي تملك فيها حريّة الكلمة، ولكن إذا أردتم أن تعرفوا قيمة الكلمة القويّة المؤنّبة ليزيد ولابن زياد، تصوَّروا كثيراً من أنظمتنا العربيّة، أن يقف إنسان أمام ملك مطلق السّلطة، أو رئيس مطلق السّلطة في واقعنا العربي، أو واقعنا في العالَم الثّالث.. تصوَّروا كيف تكون المعارضة، حتّى تفهموا قيمة معارضة السيّد زينب (ع) في الواقع.
* في رحاب أهل البيت (ع)، ج2.