متفرقات
04/08/2020

أهل البيت (ع) تجسيد عمليّ لآيات القرآن

أهل البيت (ع) تجسيد عمليّ لآيات القرآن

إنّ للحديث عن أهل البيت والقرآن خصوصيّة مميّزة تختلف عن أيّ خصوصيّة لأيّ جهة إسلاميّة بعد النبيّ (ص)، وذلك من خلال الحديث المتواتر عن النبيّ محمّد (ص)، قال: «أيّها النّاس، إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا؛ كتاب الله، وعترتي أهل بيتي».

وقال (ص): «إني تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي؛ أحدهما أعظم من الآخر، وهو كتاب الله، حبل ممدود من الأرض إلى السماء، وعترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلّفوني، فيهما».

فقد نستوحي من هذا الحديث ـ بمختلف تعابيره ـ أنّ العلاقة بين الكتاب وبين أهل البيت (ع) ليست علاقة مقارنة بين موقع وموقع، ليتفرّد كلّ واحد منهما بذاتياته في دوره وحركيّته، بل العلاقة علاقة ارتباط عضويّ ينفتح فيه أحدهما على الآخر، لينطلق أهل البيت (ع) في عملية تفسير وتوضيح وتطبيق للقرآن، وتحريك لمفاهيمه في الواقع الإنساني في الحياة، من خلال الوعي الذي عاشوه في معانيه، وانفتحوا فيه على آياته، في خطّ العلم النبويّ الذي علّمه رسول الله (ص) للإمام عليّ (ع) الذي قال: «علّمني رسول الله ألف باب من العلم، يفتح لي من كلّ باب ألف باب». فقد استوعب عليّ (ع) علم القرآن وعلم السّنة بكلّ عقله وروحه، وتحرّك بها إلى الآفاق الواسعة التي تلتقي في ساحاتها كلّ مواقع المعرفة، في المشاكل الفكريّة والعمليّة التي تتمثّل فيها التحديات المتنوّعة الموجّهة إلى الإسلام وأهله.

وقد جاء في حديث سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت أمير المؤمنين (ع) يقول: «ما نزلت على رسول الله آية إلا أقرأنيها وأملاها عليّ، فكتبتها بخطّي، وعلّمني تأويلها وتفسيرها، وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وخاصّها وعامّها، ودعا الله لي أن يعلّمني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله، وعلماً أملاه عليّ وكتبته منذ دعا لي، وما ترك شيئاً علّمه الله من حلال ولا حرام، ولا أمر ولا نهي، كان أو يكون، من طاعة أو معصية، إلا علّمنيه وحفظته، فلم أنس حرفاً واحداً، ثم وضع يده على صدري، ودعا الله أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكمة ونوراً... لم أنس شيئاً، ولم يفتني شيء لم أكتبه».

وجاء في حديث آخر عن سليمان الأعمش عن أبيه، قال: قال عليّ (ع): «ما نزلت آية إلا وأنا أعلم فيمن أنزلت وأين أنزلت وعلى من نزلت، إنّ ربّي وهب لي قلباً وعقلاً ولساناً ناطقاً».

وجاء عن حفص بن قرط الجهني، عن الإمام الصّادق (ع)، قال: سمعته يقول: «كان عليّ (ع) صاحب حلال وحرام، وعلم بالقرآن، ونحن على منهاجه».

وهكذا، نجد في هذه المقارنة بين الكتاب والعترة، كيف تحفظ العترة القرآن من خلال ما تسلّمت من رسول الله (ص) علم القرآن كلّه، ومما ألهمها الله من وعي حركة العلم في ساحة المعرفة الإنسانيّة، مما يحتاجه الناس من شؤونهم العامّة والخاصّة في خطّ الإسلام.

وهكذا ينطلق الموقع القيادي من امتداد المعرفة بالقرآن كلّه، وعمق الانفتاح على حلاله وحرامه، وسعة الأفق في استخراج أسرار علم الكتاب منهم، حتّى جاء عن الإمام محمد باقر (ع)، مما رواه عليّ بن إبراهيم، بإسناده عن عمرو بن قيس عن أبي جعفر (ع)، قال: سمعته يقول: «إنَّ الله تبارك وتعالى لم يدع شيئاً تحتاج إليه الأمّة إلى يوم القيامة إلا أنزله في كتابه وبيّنه لرسوله، وجعل لكلّ شيء حدّاً، وجعل عليه دليلاً يدلّ عليه، وجعل على من تعدّى ذلك الحدّ حدّاً».

وفي ضوء ذلك، كانت قيمتهم أنهم كانوا ينطقون بالقرآن، ويتمثّلون معانيه، ويوضحون مفاهيمه، ويستخرجون حلاله وحرامه، ويستوحون آياته. وقد جاء عن الإمام أبي جعفر محمّد الباقر (ع) أنّه قال لأصحابه: «إذا حدّثتكم بشيء، فاسألوني من كتاب الله».

ثم قال في بعض حديثه: «إنَّ الله نهى عن القيل والقال وفساد المال وكثرة السّؤال»، فقيل له: يابن رسول الله، أين هذا من كتاب الله؟ قال: «إنَّ الله عزّ وجلّ يقول: {لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} ـ (النساء/ 114) ـوقال: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَامًا} ـ (النساء/ 5) ـوقال: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}» ـ (المائدة/ 101) ـ.

وقد تحدث القرآن عن أهل البيت (ع) في قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}[الأحزاب/ 33].

فقد تضافرت الروايات لدى المسلمين على أنها نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين (ع)، كما وردت أكثر من رواية في نزول العديد من الآيات في عليّ (ع)، ومنها قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[المائدة/ 55].

ومنها قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}[البقرة/ 207].

وهكذا، نجد كيف انفتح القرآن على العترة، وتحرّكت العترة في خطّ القرآن دعوةً وتفسيراً وتوضيحاً وعملاً، فهم التّجسيد الرّوحيّ والفكريّ والعمليّ لكلّ آياته ومعانيه ومناهجه وحركته في الحياة.

*من كتاب "في رحاب أهل البيت (ع)"، ج 1.

إنّ للحديث عن أهل البيت والقرآن خصوصيّة مميّزة تختلف عن أيّ خصوصيّة لأيّ جهة إسلاميّة بعد النبيّ (ص)، وذلك من خلال الحديث المتواتر عن النبيّ محمّد (ص)، قال: «أيّها النّاس، إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا؛ كتاب الله، وعترتي أهل بيتي».

وقال (ص): «إني تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي؛ أحدهما أعظم من الآخر، وهو كتاب الله، حبل ممدود من الأرض إلى السماء، وعترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلّفوني، فيهما».

فقد نستوحي من هذا الحديث ـ بمختلف تعابيره ـ أنّ العلاقة بين الكتاب وبين أهل البيت (ع) ليست علاقة مقارنة بين موقع وموقع، ليتفرّد كلّ واحد منهما بذاتياته في دوره وحركيّته، بل العلاقة علاقة ارتباط عضويّ ينفتح فيه أحدهما على الآخر، لينطلق أهل البيت (ع) في عملية تفسير وتوضيح وتطبيق للقرآن، وتحريك لمفاهيمه في الواقع الإنساني في الحياة، من خلال الوعي الذي عاشوه في معانيه، وانفتحوا فيه على آياته، في خطّ العلم النبويّ الذي علّمه رسول الله (ص) للإمام عليّ (ع) الذي قال: «علّمني رسول الله ألف باب من العلم، يفتح لي من كلّ باب ألف باب». فقد استوعب عليّ (ع) علم القرآن وعلم السّنة بكلّ عقله وروحه، وتحرّك بها إلى الآفاق الواسعة التي تلتقي في ساحاتها كلّ مواقع المعرفة، في المشاكل الفكريّة والعمليّة التي تتمثّل فيها التحديات المتنوّعة الموجّهة إلى الإسلام وأهله.

وقد جاء في حديث سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت أمير المؤمنين (ع) يقول: «ما نزلت على رسول الله آية إلا أقرأنيها وأملاها عليّ، فكتبتها بخطّي، وعلّمني تأويلها وتفسيرها، وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وخاصّها وعامّها، ودعا الله لي أن يعلّمني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله، وعلماً أملاه عليّ وكتبته منذ دعا لي، وما ترك شيئاً علّمه الله من حلال ولا حرام، ولا أمر ولا نهي، كان أو يكون، من طاعة أو معصية، إلا علّمنيه وحفظته، فلم أنس حرفاً واحداً، ثم وضع يده على صدري، ودعا الله أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكمة ونوراً... لم أنس شيئاً، ولم يفتني شيء لم أكتبه».

وجاء في حديث آخر عن سليمان الأعمش عن أبيه، قال: قال عليّ (ع): «ما نزلت آية إلا وأنا أعلم فيمن أنزلت وأين أنزلت وعلى من نزلت، إنّ ربّي وهب لي قلباً وعقلاً ولساناً ناطقاً».

وجاء عن حفص بن قرط الجهني، عن الإمام الصّادق (ع)، قال: سمعته يقول: «كان عليّ (ع) صاحب حلال وحرام، وعلم بالقرآن، ونحن على منهاجه».

وهكذا، نجد في هذه المقارنة بين الكتاب والعترة، كيف تحفظ العترة القرآن من خلال ما تسلّمت من رسول الله (ص) علم القرآن كلّه، ومما ألهمها الله من وعي حركة العلم في ساحة المعرفة الإنسانيّة، مما يحتاجه الناس من شؤونهم العامّة والخاصّة في خطّ الإسلام.

وهكذا ينطلق الموقع القيادي من امتداد المعرفة بالقرآن كلّه، وعمق الانفتاح على حلاله وحرامه، وسعة الأفق في استخراج أسرار علم الكتاب منهم، حتّى جاء عن الإمام محمد باقر (ع)، مما رواه عليّ بن إبراهيم، بإسناده عن عمرو بن قيس عن أبي جعفر (ع)، قال: سمعته يقول: «إنَّ الله تبارك وتعالى لم يدع شيئاً تحتاج إليه الأمّة إلى يوم القيامة إلا أنزله في كتابه وبيّنه لرسوله، وجعل لكلّ شيء حدّاً، وجعل عليه دليلاً يدلّ عليه، وجعل على من تعدّى ذلك الحدّ حدّاً».

وفي ضوء ذلك، كانت قيمتهم أنهم كانوا ينطقون بالقرآن، ويتمثّلون معانيه، ويوضحون مفاهيمه، ويستخرجون حلاله وحرامه، ويستوحون آياته. وقد جاء عن الإمام أبي جعفر محمّد الباقر (ع) أنّه قال لأصحابه: «إذا حدّثتكم بشيء، فاسألوني من كتاب الله».

ثم قال في بعض حديثه: «إنَّ الله نهى عن القيل والقال وفساد المال وكثرة السّؤال»، فقيل له: يابن رسول الله، أين هذا من كتاب الله؟ قال: «إنَّ الله عزّ وجلّ يقول: {لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} ـ (النساء/ 114) ـوقال: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَامًا} ـ (النساء/ 5) ـوقال: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}» ـ (المائدة/ 101) ـ.

وقد تحدث القرآن عن أهل البيت (ع) في قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}[الأحزاب/ 33].

فقد تضافرت الروايات لدى المسلمين على أنها نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين (ع)، كما وردت أكثر من رواية في نزول العديد من الآيات في عليّ (ع)، ومنها قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[المائدة/ 55].

ومنها قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}[البقرة/ 207].

وهكذا، نجد كيف انفتح القرآن على العترة، وتحرّكت العترة في خطّ القرآن دعوةً وتفسيراً وتوضيحاً وعملاً، فهم التّجسيد الرّوحيّ والفكريّ والعمليّ لكلّ آياته ومعانيه ومناهجه وحركته في الحياة.

*من كتاب "في رحاب أهل البيت (ع)"، ج 1.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية