[يرى البعض أنَّ تأمين كلّ احتياجات الولد ورغباته وعدم شعوره بالحرمان قد يؤدِّي إلى فساده، ولكن] ليس من الضَّروريّ أن يكون الاكتفاء المادّيّ سبب مفسدةٍ للولد في طبيعته، ولكنَّ المفسدة تتأتّى عادةً من الأجواء التي تحيط بالأسر الغنيَّة التي تدفعها إلى الإفراط في تدليل الولد، بحيث يجد كلّ ما يحبّه ويريده، فيفقد بالتالي الصلابة أمام تحدّيات الحياة وأمام مشاكلها.
هناك أحاديث شريفة تدعو المؤمنين إلى الخشونة، ومنها قوله (ص): "اخشوشنوا فإنَّ النِّعم لا تدوم".
ولكنّ هذه الأحاديث لا تعالج القضيَّة من الناحية النفسيَّة العقليَّة، بل تعالجها من ناحية إعداد الولد لتحدّيات الواقع الَّذي يمكن أن ينقلب فيه اليسر إلى عسر، وينقلب فيه الأمن إلى الخوف وما إلى ذلك. لهذا، فإنّ سلبيَّة الغنى تكمن في أنَّ أولاد النِّعم ينشأون ضعافاً لا يملكون التجربة في مواجهة مشاكل الحياة، ويفقدون الصَّلابة أمام آلامها وتحدّياتها ومخاوفها.
[أمَّا إذا كان على الأهل تأمين مستقبل الولد المادّي لتجنيبه العوز]، فعندما ندرس المسألة من ناحية شرعيَّة، لا نجد هناك إلزاماً شرعيّاً بتأمين الطّفل ماديّاً، ولكنَّنا عندما ندرس الحكم الشرعيّ، نرى أنَّ على الأب مسؤوليَّة الإنفاق على الولد إلى أن يستقلّ في إعالة نفسه، ويعمل ما يؤمِّن للولد قاعدة التحرّك الماديّ في مستقبله، ولكن هذا لا يعني أنَّ على الأب أن يهيّئ لولده رصيداً ماديّاً ينطلق منه هذا الأخير في تأمين مستقبله، بل ربّما يكون أمرٌ كهذا مخالفاً لمصلحة الولد، لأنّه سيصبح في هذه الحال اتّكالياً. الغرض من هذه المسؤوليَّة الأبويّة عن الولد في حالة حاجته إليه، أن يحضِّر الأب للولد الظروف الطبيعيَّة التي تجعله يستقلّ بنفسه، ثمّ قد تنقلب الأدوار، فيصبح الولد مسؤولاً عن رعاية أبيه وأُمّه عند كبرهما.
من ناحية شرعيَّة، يحرم على الإنسان أن يضيّع من يعول، فقد ورد في الحديث: "ملعون ملعون مَنْ ضيَّع من يعول"1، و"إنَّ عيالَ الرَّجلِ أسراؤه"2. بالتالي، يجب أنْ لا يترك الأب إعالة أولاده للمصادفات، ويفكّر أنّ الله يرزقهم دون تأمين الوسائل الطبيعيَّة. من هنا، يأتي واجب الأهل تأمين الولد بالإنفاق عليه، وتهيئة فرص العمل التي تمكِّنه من الاستقلال بنفسه.
* من كتاب "دنيا الطفل".
[1]من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج2، ص 68.
[2]مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص 217.
[يرى البعض أنَّ تأمين كلّ احتياجات الولد ورغباته وعدم شعوره بالحرمان قد يؤدِّي إلى فساده، ولكن] ليس من الضَّروريّ أن يكون الاكتفاء المادّيّ سبب مفسدةٍ للولد في طبيعته، ولكنَّ المفسدة تتأتّى عادةً من الأجواء التي تحيط بالأسر الغنيَّة التي تدفعها إلى الإفراط في تدليل الولد، بحيث يجد كلّ ما يحبّه ويريده، فيفقد بالتالي الصلابة أمام تحدّيات الحياة وأمام مشاكلها.
هناك أحاديث شريفة تدعو المؤمنين إلى الخشونة، ومنها قوله (ص): "اخشوشنوا فإنَّ النِّعم لا تدوم".
ولكنّ هذه الأحاديث لا تعالج القضيَّة من الناحية النفسيَّة العقليَّة، بل تعالجها من ناحية إعداد الولد لتحدّيات الواقع الَّذي يمكن أن ينقلب فيه اليسر إلى عسر، وينقلب فيه الأمن إلى الخوف وما إلى ذلك. لهذا، فإنّ سلبيَّة الغنى تكمن في أنَّ أولاد النِّعم ينشأون ضعافاً لا يملكون التجربة في مواجهة مشاكل الحياة، ويفقدون الصَّلابة أمام آلامها وتحدّياتها ومخاوفها.
[أمَّا إذا كان على الأهل تأمين مستقبل الولد المادّي لتجنيبه العوز]، فعندما ندرس المسألة من ناحية شرعيَّة، لا نجد هناك إلزاماً شرعيّاً بتأمين الطّفل ماديّاً، ولكنَّنا عندما ندرس الحكم الشرعيّ، نرى أنَّ على الأب مسؤوليَّة الإنفاق على الولد إلى أن يستقلّ في إعالة نفسه، ويعمل ما يؤمِّن للولد قاعدة التحرّك الماديّ في مستقبله، ولكن هذا لا يعني أنَّ على الأب أن يهيّئ لولده رصيداً ماديّاً ينطلق منه هذا الأخير في تأمين مستقبله، بل ربّما يكون أمرٌ كهذا مخالفاً لمصلحة الولد، لأنّه سيصبح في هذه الحال اتّكالياً. الغرض من هذه المسؤوليَّة الأبويّة عن الولد في حالة حاجته إليه، أن يحضِّر الأب للولد الظروف الطبيعيَّة التي تجعله يستقلّ بنفسه، ثمّ قد تنقلب الأدوار، فيصبح الولد مسؤولاً عن رعاية أبيه وأُمّه عند كبرهما.
من ناحية شرعيَّة، يحرم على الإنسان أن يضيّع من يعول، فقد ورد في الحديث: "ملعون ملعون مَنْ ضيَّع من يعول"1، و"إنَّ عيالَ الرَّجلِ أسراؤه"2. بالتالي، يجب أنْ لا يترك الأب إعالة أولاده للمصادفات، ويفكّر أنّ الله يرزقهم دون تأمين الوسائل الطبيعيَّة. من هنا، يأتي واجب الأهل تأمين الولد بالإنفاق عليه، وتهيئة فرص العمل التي تمكِّنه من الاستقلال بنفسه.
* من كتاب "دنيا الطفل".
[1]من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج2، ص 68.
[2]مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص 217.