يريدُ الله تعالى للإنسان أن يقتلع بذرة الظّلم من داخل نفسه، بحيث لا يفكِّر في ظلم أحد، تماماً كما لا يسمح في أن يظلمه أحد؛ أن لا يظلمك النَّاس، وأن لا تظلم الناس، وهذا ما عبَّر عنه الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين (ع) في دعائه: "اللَّهمَّ ولا أُظلَمنَّ وأنت مطيقٌ للدَّفع عنِّي، ولا أَظلِمنَّ وأنت القادرُ على القبض منِّي"1.
إنَّه يستنفر قدرة الله على نفسه، ليتدخَّل سبحانه بقوَّته ليقهره حتَّى لا يظلم النَّاس. وفي دعاء آخر، يتحدَّث عن هذه المسألة على مستوى الشّعور والإحساس: "اللَّهمَّ فكما كرَّهت لي من أن أُظلَم، فقني مِنْ أن أَظلِم"2.
وهكذا نفهم أنَّ القيمة في الإسلام تتحرَّك من دائرتك لتدخل دائرة الآخرين، كما تتحرَّك من دائرة الآخرين لتدخل في دائرتك، فإذا كنت تكره شيئاً لنفسك فاكرهه لغيرك، وإذا كنت تحبّ شيئاً لنفسك فأحبَّه لغيرك، وذلك هو ميزان القيمة في نفسك.
وفي هذا الاتجاه، لا بدَّ لنا من أن نبني إنسانيَّتنا على أساس أن لا نعيش الظّلم في أنفسنا، ولا نعيشه في علاقاتنا بالآخرين، ولا في علاقاتنا بالبيئة الَّتي فيها مخلوقات تريد أن تعيش، وتريد أن تحسّ بالرَّاحة، وقد خلقها الله من أجل أن تكمل للحياة نظامها وحيويّتها وغناها في كلّ الأمور، ولذلك، فأنتَ لستَ حرّاً في أن تلوّث الهواء، ولستَ حرّاً في أن تلوّث الماء، ولست حرّاً في أن تلوِّث الأرض بما يرهق الإنسان والحيوان والنّبات وما إلى ذلك، لأنَّ لكلّ شيء من هؤلاء حقّاً عليك، فلا تظلم الأشياء حقَّها.
وفي هذا الاتجاه ـــ أيضاً ـــ لا بدَّ للإنسان أن يلاحق نفسه ويحاسبها في كلِّ حركة من حركات إنسانيَّته في الواقع. وابدأ من تفكيرك، فقد تظلم الناس في تفكيرك إذا حقَّقت في فكرك انطباعاً سيّئاً عن إنسان آخر، دون أن تستجمع لنفسك كلّ العناصر التي تبرّر لك انطباعاتك عنه، لأنَّ تشكيل الانطباعات عن الآخرين يعتمد على تجميع العناصر التي تؤكِّد هذا الانطباع أو ذاك، لأنّه حكم على الشَّخص في داخل نفسك.
فعندما تفكِّر - مثلاً – في أنَّ فلاناً شرير، وأنَّ فلاناً فاسق، وأنَّ فلاناً منحرف، وأنَّ فلاناً عميل، اسأل نفسك لماذا هذا الانطباع؛ هل رأيت منه ما يؤكِّد فسقه؟ هل رأيت منه ما يؤكِّد عمالته؟ هل رأيت منه ما يؤكّد انحرافه؟
إنَّك تقول أحياناً: "لقد سمعتُ"، وممّن ـــ يا ترى ـــ سمعتَ؟! وعلى أيِّ أساسٍ سمعت؟! وكيف سمعت؟! ولقد اختصر الله تعالى المسألة كلَّها في قوله: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}[الإسراء: 36].
فإذا اقتربت من الواقع، وأردت أن تعلن انطباعك للنَّاس في أن تحدّثهم عن فسق فلان، وعن انحراف فلان، وعن عمالة فلان، فإنَّ القضيَّة قد لا تصل إلى مستوى الجريمة ما دامت في داخل نفسك، لكنَّها إذا انطلقت على لسانك وفي سلوكك، فإنَّها تمثِّل تشويه صورة إنسان، وتدمير موقع إنسان، وذلك يمثِّل جريمة كبيرة عند الله ورسوله، لأنَّك لا يجوز لك أن تكسر مؤمناً، "فإنَّ مَنْ كسر مؤمناً فعليه جبرهُ"3. لذلك، فلا بدَّ للإنسان أن يكون دقيقاً.
* من كتاب "النَّدوة"، ج 2.
[1]من دعائه (ع) في مكارم الأخلاق.
[2]من دعائه (ع) إذا اعتدي عليه أو رأى من الظّالمين ما لا يحبّ.
[3]الكافي، الشّيخ الكليني، ج2، ص 45.
يريدُ الله تعالى للإنسان أن يقتلع بذرة الظّلم من داخل نفسه، بحيث لا يفكِّر في ظلم أحد، تماماً كما لا يسمح في أن يظلمه أحد؛ أن لا يظلمك النَّاس، وأن لا تظلم الناس، وهذا ما عبَّر عنه الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين (ع) في دعائه: "اللَّهمَّ ولا أُظلَمنَّ وأنت مطيقٌ للدَّفع عنِّي، ولا أَظلِمنَّ وأنت القادرُ على القبض منِّي"1.
إنَّه يستنفر قدرة الله على نفسه، ليتدخَّل سبحانه بقوَّته ليقهره حتَّى لا يظلم النَّاس. وفي دعاء آخر، يتحدَّث عن هذه المسألة على مستوى الشّعور والإحساس: "اللَّهمَّ فكما كرَّهت لي من أن أُظلَم، فقني مِنْ أن أَظلِم"2.
وهكذا نفهم أنَّ القيمة في الإسلام تتحرَّك من دائرتك لتدخل دائرة الآخرين، كما تتحرَّك من دائرة الآخرين لتدخل في دائرتك، فإذا كنت تكره شيئاً لنفسك فاكرهه لغيرك، وإذا كنت تحبّ شيئاً لنفسك فأحبَّه لغيرك، وذلك هو ميزان القيمة في نفسك.
وفي هذا الاتجاه، لا بدَّ لنا من أن نبني إنسانيَّتنا على أساس أن لا نعيش الظّلم في أنفسنا، ولا نعيشه في علاقاتنا بالآخرين، ولا في علاقاتنا بالبيئة الَّتي فيها مخلوقات تريد أن تعيش، وتريد أن تحسّ بالرَّاحة، وقد خلقها الله من أجل أن تكمل للحياة نظامها وحيويّتها وغناها في كلّ الأمور، ولذلك، فأنتَ لستَ حرّاً في أن تلوّث الهواء، ولستَ حرّاً في أن تلوّث الماء، ولست حرّاً في أن تلوِّث الأرض بما يرهق الإنسان والحيوان والنّبات وما إلى ذلك، لأنَّ لكلّ شيء من هؤلاء حقّاً عليك، فلا تظلم الأشياء حقَّها.
وفي هذا الاتجاه ـــ أيضاً ـــ لا بدَّ للإنسان أن يلاحق نفسه ويحاسبها في كلِّ حركة من حركات إنسانيَّته في الواقع. وابدأ من تفكيرك، فقد تظلم الناس في تفكيرك إذا حقَّقت في فكرك انطباعاً سيّئاً عن إنسان آخر، دون أن تستجمع لنفسك كلّ العناصر التي تبرّر لك انطباعاتك عنه، لأنَّ تشكيل الانطباعات عن الآخرين يعتمد على تجميع العناصر التي تؤكِّد هذا الانطباع أو ذاك، لأنّه حكم على الشَّخص في داخل نفسك.
فعندما تفكِّر - مثلاً – في أنَّ فلاناً شرير، وأنَّ فلاناً فاسق، وأنَّ فلاناً منحرف، وأنَّ فلاناً عميل، اسأل نفسك لماذا هذا الانطباع؛ هل رأيت منه ما يؤكِّد فسقه؟ هل رأيت منه ما يؤكِّد عمالته؟ هل رأيت منه ما يؤكّد انحرافه؟
إنَّك تقول أحياناً: "لقد سمعتُ"، وممّن ـــ يا ترى ـــ سمعتَ؟! وعلى أيِّ أساسٍ سمعت؟! وكيف سمعت؟! ولقد اختصر الله تعالى المسألة كلَّها في قوله: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}[الإسراء: 36].
فإذا اقتربت من الواقع، وأردت أن تعلن انطباعك للنَّاس في أن تحدّثهم عن فسق فلان، وعن انحراف فلان، وعن عمالة فلان، فإنَّ القضيَّة قد لا تصل إلى مستوى الجريمة ما دامت في داخل نفسك، لكنَّها إذا انطلقت على لسانك وفي سلوكك، فإنَّها تمثِّل تشويه صورة إنسان، وتدمير موقع إنسان، وذلك يمثِّل جريمة كبيرة عند الله ورسوله، لأنَّك لا يجوز لك أن تكسر مؤمناً، "فإنَّ مَنْ كسر مؤمناً فعليه جبرهُ"3. لذلك، فلا بدَّ للإنسان أن يكون دقيقاً.
* من كتاب "النَّدوة"، ج 2.
[1]من دعائه (ع) في مكارم الأخلاق.
[2]من دعائه (ع) إذا اعتدي عليه أو رأى من الظّالمين ما لا يحبّ.
[3]الكافي، الشّيخ الكليني، ج2، ص 45.