كتابات
07/06/2021

عبادةُ التّفكّرِ خيرُ العباداتِ

عبادةُ التّفكّرِ خيرُ العباداتِ

[جاء عن رسول الله (ص): "تَفَكُّرَ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ قِيَام ليلة" .

أمّا مجالات هذا التَّفكير، فلا تنحصر في مجالٍ واحد، بل تتَّسع لتشمل الأمور الّتي تقرّب للإنسان معرفة الله، وتفتح آفاقه على الكون الواسع الفسيح، حيث يجد في كلّ ظاهرة من ظواهره دليلاً على عظمة الخالق ووجوده، فيعيش الإنسان في عبادة روحيّة صامتة، تحتضن في داخلها الصّفاء والسّموّ الرّوحيّ والفكريّ في ظلال الله.

وتمتدّ مجالات التّفكير لتتّسع لكلّ فكرٍ يفهم الإنسان من خلاله نفسه، ويتعرَّف أخطاءه، ويكتشف واقع الحياة ومسؤوليَّته العمليّة إزاء ذلك كلّه.

ويبدو لنا أنَّ هذا التّقييم للتّفكير ينطلق من المنطلقات القرآنيّة الّتي اعتبرت التّفكير الإنسانيّ في خلق السماوات والأرض، وفي نفسه وفي غير ذلك، الطّريق الأمثل للوصول إلى الله، ولإدراك الحقيقة في الكون والحياة، واكتشاف الإنسان نفسه من خلال ذلك كلّه.

أمّا اعتبار تفكير ساعة خيرًا من قيام ليلة، فربّما نستطيع أن نفهمه إذا عرفنا أنَّ دور العبادة هو الاتّصال بالله، والالتقاء بالمعاني الروحيّة الخيّرة التي ترتبط به، والانسجام مع هذه الصّلة الإلهيّة، في نطاق تلك المعاني في حياتنا العمليّة. ومن الطبيعي أنّ التفكير يستطيع أن يمنحنا هذا اللّقاء بالله، وبالمعاني الخيّرة بشكلٍ أعمق وأسلوب هادئ، ينساب في الدّاخل بعيداً من ضجيج الكلمات، ليلاحق الكلمات التي تحلّق في سماء المعرفة دون صوت.. وربّما أمكن لهذا التفكير أن يعطي العبادة التي نمارسها بعده معنى أعمق، حيث يتحوَّل الإحساس بكلمات العبادة وأفعالها، إلى إحساسٍ لا يطفو على سطح النّفس، وإنّما يتّصل بالينابيع التي تعيش في الأعماق وتهدرُ في حياة الإنسان من بعيد.

وقد وردت لدينا أحاديث كثيرة عن أئمّة أهل البيت (ع) تؤكّد هذا الاتجاه في اعتبار التفكير عبادة، وفي شمول التفكير للآفاق الواسعة التي عرضناها.

1 ـــ ففي حديث الإمام الصادق (ع): "أفْضَلُ الْعِبَادَةِ إدمانُ التَّفَكّرِ فِي الله وَفِي قُدْرَتِهِ" .

2 ـــ وفي حديث الإمام الرّضا (ع): "لَيْسَ الْعِبَادَةُ كَثْرَةَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، إِنَّمَا الْعِبَادَةُ التَّفَكُّرُ فِي أَمْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ" .

3 ـــ وفي حديث آخر للإمام الصادق (ع): "التفكُّر يدعو إلى البرِّ والعمل به" .

4 ـــ وفي حديثٍ ثالث عنه: جواباً عن سؤال: كيف يتفكَّر؟

قال: يمرّ بالدّار والخربة فيقول: أين بانوك؟ أين ساكنوك؟ ما لك لا تتكلّمين؟

وهكذا نجد أنّ الإسلام لا يريد من الإنسان العبادة التي يعلق فيها نفسه على الحركات والكلمات الخاصّة دون وعي، بل يحاول أن يربط الإنسان بالله من خلال الفكر الواعي العميق في الكون الواسع الفسيح، وفي أحداث الحياة وظواهرها وقضاياها، ليكتشف من خلال ذلك معنى الإيمان من خلال المعرفة، ويتعرَّف روعة العبادة من خلال الفكر.

ونحسب أنّ هذا الاتّجاه في إعطاء هذه القيمة لعبادة الفكر، وتفضيلها على العبادة المألوفة التي لا تعيش مع المعرفة، يعطينا الفكرة الصحيحة عن المضمون الإسلامي للحياة الذي يبتعد عن الشكل ليرتبط بالمضمون، ويرفض الصورة إذا كانت بعيدة من الجوهر.

*من كتاب مفاهيم إسلاميّة عامّة.

[جاء عن رسول الله (ص): "تَفَكُّرَ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ قِيَام ليلة" .

أمّا مجالات هذا التَّفكير، فلا تنحصر في مجالٍ واحد، بل تتَّسع لتشمل الأمور الّتي تقرّب للإنسان معرفة الله، وتفتح آفاقه على الكون الواسع الفسيح، حيث يجد في كلّ ظاهرة من ظواهره دليلاً على عظمة الخالق ووجوده، فيعيش الإنسان في عبادة روحيّة صامتة، تحتضن في داخلها الصّفاء والسّموّ الرّوحيّ والفكريّ في ظلال الله.

وتمتدّ مجالات التّفكير لتتّسع لكلّ فكرٍ يفهم الإنسان من خلاله نفسه، ويتعرَّف أخطاءه، ويكتشف واقع الحياة ومسؤوليَّته العمليّة إزاء ذلك كلّه.

ويبدو لنا أنَّ هذا التّقييم للتّفكير ينطلق من المنطلقات القرآنيّة الّتي اعتبرت التّفكير الإنسانيّ في خلق السماوات والأرض، وفي نفسه وفي غير ذلك، الطّريق الأمثل للوصول إلى الله، ولإدراك الحقيقة في الكون والحياة، واكتشاف الإنسان نفسه من خلال ذلك كلّه.

أمّا اعتبار تفكير ساعة خيرًا من قيام ليلة، فربّما نستطيع أن نفهمه إذا عرفنا أنَّ دور العبادة هو الاتّصال بالله، والالتقاء بالمعاني الروحيّة الخيّرة التي ترتبط به، والانسجام مع هذه الصّلة الإلهيّة، في نطاق تلك المعاني في حياتنا العمليّة. ومن الطبيعي أنّ التفكير يستطيع أن يمنحنا هذا اللّقاء بالله، وبالمعاني الخيّرة بشكلٍ أعمق وأسلوب هادئ، ينساب في الدّاخل بعيداً من ضجيج الكلمات، ليلاحق الكلمات التي تحلّق في سماء المعرفة دون صوت.. وربّما أمكن لهذا التفكير أن يعطي العبادة التي نمارسها بعده معنى أعمق، حيث يتحوَّل الإحساس بكلمات العبادة وأفعالها، إلى إحساسٍ لا يطفو على سطح النّفس، وإنّما يتّصل بالينابيع التي تعيش في الأعماق وتهدرُ في حياة الإنسان من بعيد.

وقد وردت لدينا أحاديث كثيرة عن أئمّة أهل البيت (ع) تؤكّد هذا الاتجاه في اعتبار التفكير عبادة، وفي شمول التفكير للآفاق الواسعة التي عرضناها.

1 ـــ ففي حديث الإمام الصادق (ع): "أفْضَلُ الْعِبَادَةِ إدمانُ التَّفَكّرِ فِي الله وَفِي قُدْرَتِهِ" .

2 ـــ وفي حديث الإمام الرّضا (ع): "لَيْسَ الْعِبَادَةُ كَثْرَةَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، إِنَّمَا الْعِبَادَةُ التَّفَكُّرُ فِي أَمْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ" .

3 ـــ وفي حديث آخر للإمام الصادق (ع): "التفكُّر يدعو إلى البرِّ والعمل به" .

4 ـــ وفي حديثٍ ثالث عنه: جواباً عن سؤال: كيف يتفكَّر؟

قال: يمرّ بالدّار والخربة فيقول: أين بانوك؟ أين ساكنوك؟ ما لك لا تتكلّمين؟

وهكذا نجد أنّ الإسلام لا يريد من الإنسان العبادة التي يعلق فيها نفسه على الحركات والكلمات الخاصّة دون وعي، بل يحاول أن يربط الإنسان بالله من خلال الفكر الواعي العميق في الكون الواسع الفسيح، وفي أحداث الحياة وظواهرها وقضاياها، ليكتشف من خلال ذلك معنى الإيمان من خلال المعرفة، ويتعرَّف روعة العبادة من خلال الفكر.

ونحسب أنّ هذا الاتّجاه في إعطاء هذه القيمة لعبادة الفكر، وتفضيلها على العبادة المألوفة التي لا تعيش مع المعرفة، يعطينا الفكرة الصحيحة عن المضمون الإسلامي للحياة الذي يبتعد عن الشكل ليرتبط بالمضمون، ويرفض الصورة إذا كانت بعيدة من الجوهر.

*من كتاب مفاهيم إسلاميّة عامّة.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية