قال تعالى وهو يحدِّثنا عن موقف النبيّ، وهو يردّ على المكذّبين والمعاندين
الذين كانوا ينسبون إليه الضّلال والافتراء على الله، ولا يوافقون على الدخول معه
في حوارٍ عاقل هادئ لإثبات خطئهم في ذلك، بل كانوا يتهرّبون من الحوار تارةً،
ويقطعونه في بعض مراحله أخرى:
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ
بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ}[هود: ٣٥].
{قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي...}[سبأ: ٥٠].
{وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ
مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ}[يونس: ٤١].
ففي هذه الآيات، نلمح أنّ نسبة الكافرين إليه الافتراء والضّلال وتكذيبه في رسالته،
كانت بعد حوارٍ طويلٍ أثار فيه النبيّ كلّ الأدلّة والبراهين على صحّة دعوته وسلامة
رسالته، كما نجد ذلك في أكثر من آية قرآنيّة، ولكنّهم لم يعطوا ذلك أذناً صاغيةً
تعي وتفكّر، بل أصرّوا على المضيّ في إلقاء التّهم الظّالمة بحقِّه، بغرض إثارته
واستدراجه إلى مقابلتهم شتماً بشتم، وقذفاً بقذف، لإخراجه بذلك عمّا يميّزه من قوّة
تتمثّل في هذا الهدوء الرّساليّ الوديع الذي يجسّد الروحانيّة والقوّة في آن معاً.
فلم يزده ذلك إلّا ثباتاً في موقفه، واكتفى بالحدّ الذي تقف عنده القضيّة. فإذا كان
هناك افتراءٌ، فهو الّذي يتحمّل جريمته فقط، ولكنّه يؤكِّد أنّهم أجرموا ـــ بشركهم
وكفرهم ـــ بحقّ أنفسهم، وبحقّ الأمّة والحياة، عندما يعلن براءته ممّا يجرمون...
ثمّ يقول للمكذِّبين الذين لم يستمعوا إليه بوعيٍ وإيمان: ماذا أفعل لكم بعد كلّ ما
قلت ودعوت وبيّنت؟ من أجل أن تهتدوا وتُرشدوا وتسيروا في الاتجاه السّليم؟!
لذلك، فإنّ على كلّ منّا أن يتحمّل مسؤوليّة عمله، كما يتحمّل كلّ منّا مسؤوليّة
رفضه لما يطرحه الآخر، ولنقف جميعاً أمام الله ليعرِّفنا مَن هو المحقّ ومَن هو
المبطل.
ولعلّ في هذا الأسلوب ما يوحي بقوّة موقف الرّسول، عند تأكيده للآخرين بطريقةٍ
يتحمَّل فيها المسؤوليَّة بقوّة واطمئنان، ما يوجب التّفكير العميق في صدقه وجدّيته
في الدَّعوة، كما يحملهم على التفكير في ما يسيرون عليه من خطأ وانحراف.
*من كتاب "الحوار في القرآن".
قال تعالى وهو يحدِّثنا عن موقف النبيّ، وهو يردّ على المكذّبين والمعاندين
الذين كانوا ينسبون إليه الضّلال والافتراء على الله، ولا يوافقون على الدخول معه
في حوارٍ عاقل هادئ لإثبات خطئهم في ذلك، بل كانوا يتهرّبون من الحوار تارةً،
ويقطعونه في بعض مراحله أخرى:
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ
بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ}[هود: ٣٥].
{قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي...}[سبأ: ٥٠].
{وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ
مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ}[يونس: ٤١].
ففي هذه الآيات، نلمح أنّ نسبة الكافرين إليه الافتراء والضّلال وتكذيبه في رسالته،
كانت بعد حوارٍ طويلٍ أثار فيه النبيّ كلّ الأدلّة والبراهين على صحّة دعوته وسلامة
رسالته، كما نجد ذلك في أكثر من آية قرآنيّة، ولكنّهم لم يعطوا ذلك أذناً صاغيةً
تعي وتفكّر، بل أصرّوا على المضيّ في إلقاء التّهم الظّالمة بحقِّه، بغرض إثارته
واستدراجه إلى مقابلتهم شتماً بشتم، وقذفاً بقذف، لإخراجه بذلك عمّا يميّزه من قوّة
تتمثّل في هذا الهدوء الرّساليّ الوديع الذي يجسّد الروحانيّة والقوّة في آن معاً.
فلم يزده ذلك إلّا ثباتاً في موقفه، واكتفى بالحدّ الذي تقف عنده القضيّة. فإذا كان
هناك افتراءٌ، فهو الّذي يتحمّل جريمته فقط، ولكنّه يؤكِّد أنّهم أجرموا ـــ بشركهم
وكفرهم ـــ بحقّ أنفسهم، وبحقّ الأمّة والحياة، عندما يعلن براءته ممّا يجرمون...
ثمّ يقول للمكذِّبين الذين لم يستمعوا إليه بوعيٍ وإيمان: ماذا أفعل لكم بعد كلّ ما
قلت ودعوت وبيّنت؟ من أجل أن تهتدوا وتُرشدوا وتسيروا في الاتجاه السّليم؟!
لذلك، فإنّ على كلّ منّا أن يتحمّل مسؤوليّة عمله، كما يتحمّل كلّ منّا مسؤوليّة
رفضه لما يطرحه الآخر، ولنقف جميعاً أمام الله ليعرِّفنا مَن هو المحقّ ومَن هو
المبطل.
ولعلّ في هذا الأسلوب ما يوحي بقوّة موقف الرّسول، عند تأكيده للآخرين بطريقةٍ
يتحمَّل فيها المسؤوليَّة بقوّة واطمئنان، ما يوجب التّفكير العميق في صدقه وجدّيته
في الدَّعوة، كما يحملهم على التفكير في ما يسيرون عليه من خطأ وانحراف.
*من كتاب "الحوار في القرآن".