كتابات
30/03/2021

علاقتنا بالزّمن بين الحاضر والماضي

علاقتنا بالزّمن بين الحاضر والماضي

كلمة الحداثة ربّما يتمثّلها البعض كعقدة، ولكن من الطبيعيّ أن نعيشها كخيار، يعني أنّ على الإنسان عندما يعيش عصره، أن يفكِّر في كلّ ما حوله، وفي كلّ مَنْ حوله، وفي كلّ ما في داخله كعناوين تعيش في هذا العصر، ولا تعيش في عصر سابق..

فلذلك، أنا لا أستطيع أن أفرض أجواء العصر السّابق وخصوصيّاته وظروفه على عصري، لأنَّ هذه الأمور المتحرّكة في الزمن لا يمكن أن تمدّها إلى زمنٍ آخر، إلّا إذا كانت تملك في عمقها بعض الثّبات الذي يمكن أن يُطِلّ على زمنٍ ثانٍ أو ثالث.. هناك بعض الأشياء التي لا يؤطِّرها الزّمن، فإنّك لا تستطيع أنْ تتحدَّث عنها كماضٍ، وإنِ انطلقتْ في الماضي.. إنَّها القِيَم الإنسانية الثّابتة التي لا يمكن أن تتحدَّث عنها كما فات. فالصّدق ليس شيئاً من الماضي، والأمانة ليست شيئاً من الماضي، وهكذا الحريّة والعدالة، هي أمورٌ طرِحت في الماضي، ولكن طُرِحَت في الماضي من خلال أنَّ هذا الماضي يمثّل منطلق طرحها من خلال وحي، أو من خلال فكر إنسان، وإلّا فهي ابنة الحياة.

فلا معنى للحداثة في مسألة الحريّة كمبدأ، وإنْ كان يمكن أن تتدخّل الحداثة في مفرداتها، وهكذا في مسألة العدالة. فنحن، إذاً، نعيش الحداثة كخيارٍ ينطلق من إحساسنا بحيويّة وجودنا في هذا الزّمن الّذي لا بدّ لنا فيه أن نتخلَّص من كثير من أثقال الزمن الماضي التي لم تعد تعني لنا شيئاً، لنكتشف ما يعني ذلك ممّا كان ماضياً، وما يعني لنا ممّا لا بدّ أن ننتجه في حياتنا الحاضرة، هذه نقطة.

والنقطة الثانية، أنا لا أميل كثيراً إلى نوع من أنواع الحالة النفسيّة التي يعيش فيها العالم عندما يتحدَّث عن بداية قرن ونهاية قرن.. الرّقم لا يمثّل شيئاً.. هَبْ لو أنّنا صرنا في السنة الألفين، إنَّ خمس سنواتٍ تفصلنا، هل يقتضي أن نُحدِث انقلاباً لحياتنا؟ ماذا يمثّل الرّقم؟ الدّقيقة التي تسبق بداية السنة الألفين، أو بداية السنة الألفين وواحد بعد الألفين، هي لا تختلف عن الدّقيقة التي تأتي بعد ذلك.

وإذا قيل إنَّ الرقم هو لمزيد من الإحساس بالعصر، فإنَّنا نقول، الإحساس بالعصر أو بحركته لا تحدّده حدود.. العصر نحن، العصر هو الإنسان، هو إنتاجك، حركتك، هو وعي الإنسان، الإنسان ككلّ. العصر ليس الزمن، الزّمن ليس شيئاً يشبه الوهم، الزّمن هو نحن.. هو ارتباطنا بالأشياء، وبطريقة علاقتنا بالأشياء..

لذلك، مسألة العصر هي مسألة الإنسان، والإنسان المعاصر هو الإنسان الّذي يتحرّك من خلال حاجات عصره، بإبداعاته في هذا العصر من خلال أهداف عصره.

لذلك، أريد أن أقول، إنَّ هذه العقدة أمام بداية قرن ونهاية آخر، وإنَّ الاحتفال بيوبيل فضّي أو يوبيل ذهبي، وهذا التوقّف عند الخامسة والعشرين، أو عند الخمسين سنة، هذه أمورٌ نعيشها لنعطيَ أنفسنا حالةً وهميّة بإحساسٍ بزمن نضعه حاجزاً بين زمنٍ وآخر.

لذلك، أنا لا أؤمن بأنَّ علينا أن نحدِّق بنهاية قرن، ليكون ما بعد القرن الحالي شيئاً آخر. إنَّ علينا أن نتحرّك في هذه الحياة، وأن نُبدِع في كلّ لحظة، وأن نُنتج في كلّ يوم، ونطوّر ما يمكن تطويره في كلّ وقت، إنْ كان ذلك في التسعينيّات، أو في السّنة الألفين، أو في الألفين بعد العشرة. إنَّ حركة الإنسان لا تتوقَّف أمام الزّمن، لأنَّ الزمن هو ظرفُ حركته.

ومن هنا، فالمسألة، مسألة الإنسان، ونحن ندعو إلى أن يتطوَّر الإنسان، ويعمل على تحسين ظروف الحياة في انفتاحه على آفاقٍ جديدة، وفي اكتشافه لآفاقٍ جديدة ومواقع جديدة.

* من كتاب "للإنسان والحياة".

كلمة الحداثة ربّما يتمثّلها البعض كعقدة، ولكن من الطبيعيّ أن نعيشها كخيار، يعني أنّ على الإنسان عندما يعيش عصره، أن يفكِّر في كلّ ما حوله، وفي كلّ مَنْ حوله، وفي كلّ ما في داخله كعناوين تعيش في هذا العصر، ولا تعيش في عصر سابق..

فلذلك، أنا لا أستطيع أن أفرض أجواء العصر السّابق وخصوصيّاته وظروفه على عصري، لأنَّ هذه الأمور المتحرّكة في الزمن لا يمكن أن تمدّها إلى زمنٍ آخر، إلّا إذا كانت تملك في عمقها بعض الثّبات الذي يمكن أن يُطِلّ على زمنٍ ثانٍ أو ثالث.. هناك بعض الأشياء التي لا يؤطِّرها الزّمن، فإنّك لا تستطيع أنْ تتحدَّث عنها كماضٍ، وإنِ انطلقتْ في الماضي.. إنَّها القِيَم الإنسانية الثّابتة التي لا يمكن أن تتحدَّث عنها كما فات. فالصّدق ليس شيئاً من الماضي، والأمانة ليست شيئاً من الماضي، وهكذا الحريّة والعدالة، هي أمورٌ طرِحت في الماضي، ولكن طُرِحَت في الماضي من خلال أنَّ هذا الماضي يمثّل منطلق طرحها من خلال وحي، أو من خلال فكر إنسان، وإلّا فهي ابنة الحياة.

فلا معنى للحداثة في مسألة الحريّة كمبدأ، وإنْ كان يمكن أن تتدخّل الحداثة في مفرداتها، وهكذا في مسألة العدالة. فنحن، إذاً، نعيش الحداثة كخيارٍ ينطلق من إحساسنا بحيويّة وجودنا في هذا الزّمن الّذي لا بدّ لنا فيه أن نتخلَّص من كثير من أثقال الزمن الماضي التي لم تعد تعني لنا شيئاً، لنكتشف ما يعني ذلك ممّا كان ماضياً، وما يعني لنا ممّا لا بدّ أن ننتجه في حياتنا الحاضرة، هذه نقطة.

والنقطة الثانية، أنا لا أميل كثيراً إلى نوع من أنواع الحالة النفسيّة التي يعيش فيها العالم عندما يتحدَّث عن بداية قرن ونهاية قرن.. الرّقم لا يمثّل شيئاً.. هَبْ لو أنّنا صرنا في السنة الألفين، إنَّ خمس سنواتٍ تفصلنا، هل يقتضي أن نُحدِث انقلاباً لحياتنا؟ ماذا يمثّل الرّقم؟ الدّقيقة التي تسبق بداية السنة الألفين، أو بداية السنة الألفين وواحد بعد الألفين، هي لا تختلف عن الدّقيقة التي تأتي بعد ذلك.

وإذا قيل إنَّ الرقم هو لمزيد من الإحساس بالعصر، فإنَّنا نقول، الإحساس بالعصر أو بحركته لا تحدّده حدود.. العصر نحن، العصر هو الإنسان، هو إنتاجك، حركتك، هو وعي الإنسان، الإنسان ككلّ. العصر ليس الزمن، الزّمن ليس شيئاً يشبه الوهم، الزّمن هو نحن.. هو ارتباطنا بالأشياء، وبطريقة علاقتنا بالأشياء..

لذلك، مسألة العصر هي مسألة الإنسان، والإنسان المعاصر هو الإنسان الّذي يتحرّك من خلال حاجات عصره، بإبداعاته في هذا العصر من خلال أهداف عصره.

لذلك، أريد أن أقول، إنَّ هذه العقدة أمام بداية قرن ونهاية آخر، وإنَّ الاحتفال بيوبيل فضّي أو يوبيل ذهبي، وهذا التوقّف عند الخامسة والعشرين، أو عند الخمسين سنة، هذه أمورٌ نعيشها لنعطيَ أنفسنا حالةً وهميّة بإحساسٍ بزمن نضعه حاجزاً بين زمنٍ وآخر.

لذلك، أنا لا أؤمن بأنَّ علينا أن نحدِّق بنهاية قرن، ليكون ما بعد القرن الحالي شيئاً آخر. إنَّ علينا أن نتحرّك في هذه الحياة، وأن نُبدِع في كلّ لحظة، وأن نُنتج في كلّ يوم، ونطوّر ما يمكن تطويره في كلّ وقت، إنْ كان ذلك في التسعينيّات، أو في السّنة الألفين، أو في الألفين بعد العشرة. إنَّ حركة الإنسان لا تتوقَّف أمام الزّمن، لأنَّ الزمن هو ظرفُ حركته.

ومن هنا، فالمسألة، مسألة الإنسان، ونحن ندعو إلى أن يتطوَّر الإنسان، ويعمل على تحسين ظروف الحياة في انفتاحه على آفاقٍ جديدة، وفي اكتشافه لآفاقٍ جديدة ومواقع جديدة.

* من كتاب "للإنسان والحياة".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية