هناك حديث ينقله الإمام عليّ (ع) في ما يُروى عنه عن رسول الله (ص): "أَكْيَسُ
الكيّسين (والكيّس هو العاقل) مَن حاسَبَ نفسه وعَمِلَ لِمَا بعد الموت" . يحاسب
نفسه ويجعل عمله للآخرة، فقال رجل: يا أمير المؤمنين، كيف يحاسب نفسه؟
أجاب (ع): "إذا أصبح ثمّ أمسى"، قبل أن ينام، النّهار انتهى، وأقفل الدكّان، ورجع
من عمله، وأراد أن ينام، قبل أن ينام، يأخذ ربع ساعة أو نصف ساعة، "إذا أصبح ثمّ
أمسى، رجع إلى نفسه وقال: يا نفسي، إنَّ هذا يوم مضى عليك لا يعود إليك أبداً..." ،
ليس هناك أيّ مجالٍ للعودة، ذهب اليوم، فما الذي عملت فيه؟ وهذا اليوم معناه قطعة
من العمر ذهبت، معناه يوم من عمري مات، كان هذا اليوم حيّاً في حياتي، ومات كما
ستموت بقيّة أيّامي؛ هل ذهب هذا اليوم في العمل كما ذهب في خطّ الزّمن؟
أيُّها المؤمن؛ تكلَّم مع نفسك، أَذَكَرْتَ الله في هذا اليوم وحمدته؟ هل كان في
هذا اليوم ذكر لله باللِّسان، وذكر بالموقف والوعي؟ هل حمدت الله على كلّ ما يوجب
حمده؟ أقضيت حوائج مؤمن فيه، أو نفَّسْتَ عنه كربه؟ أحفظته بعد الموت في مخلّفيه؟
هذا المؤمن كان جاراً، وذاك كان قريباً، مات وله أطفال.. يا نفس، هل رعيت أطفال
الجار المؤمن والقريب المؤمن، أم تركتهم من دون رعاية وهم بحاجة إلى مَن يرعاهم؟
أكففت غيبة أخ مؤمن؟ أم سكتَّ وقلت لا أريد أن أتعب نفسي بالدّفاع عن المؤمن؟
أَأَعَنْت مسلماً؟ ما الذي صنعت في هذا اليوم؟
"فإن ذكر أنَّه جرى منه خير، حمد الله وكبّره على توفيقه" أي شَكَرَه، "وإن ذكر
معصيةً أو تقصيراً، استغفر الله وعزم على ترك معاودته" .
المهمّ أن تحاسب نفسك، حتّى تستطيع أن تعرف نقاط الضّعف في نفسك تجاه الله، في ما
أراد الله منك من أوامره ونواهيه، وتجاه النّاس في ما لهم عليك من حقوق، وتجاه نفسك
في ما لنفسك عليك من حقوق، فإنَّ الله جعل لنفسك عليك حقّاً، أن لا تورِّطها بدخول
النّار، كما جعل الله للنَّاس عليك حقّاً، أن لا تظلمهم بالبغي والعدوان.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ
لِغَدٍ}[الحشر: 18]، وإذا نظرت ما قدَّمت لغد فلا تسترخ، ولكن اتَّقِ الله في ما
تستقبل من أمر، فقد يكون رصيدك جيِّداً الآن، ولكن عليك أن تحافظ على رصيدك في ما
تستقبل، حيث تستطيع أن تضمن لنفسك الرّبح في مستقبل حياتك قبل أن تموت، كما ضمنته
في الماضي.
لهذا، لا بدّ أن تتّقي الله فتحاسب نفسك، ولا بدّ أن تتّقي الله في ما تستقبل من
عمل {وَاتَّقُوا اللهَ} من جديد، {إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا
تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُولَٰئِكَ هُمُ
الْفَاسِقُونَ}[الحشر: 18 ـــ 19].
أيُّها المؤمنون، اذكروا ربّكم في الصّباح وفي المساء، وقد جعل الله لنا هذه
الصّلاة التي نصلّيها خمس مرّات في اليوم، لنتذكَّره دائماً، لنتذكَّره في الصّباح
قبل أن نبدأ العمل، ولنتذكَّره في وسط النَّهار بعد أن نستغرق في العمل، ولنتذكَّره
عند المساء بعد أن نتخفَّف من العمل. لنذكر الله قبل أن نبدأ اليوم ليكون يومنا
تقيّاً، ولنذكره في وسط اليوم ليكون يومنا تائباً، ولنذكره في آخر اليوم ليكون
يومنا واعياً تائباً نادماً، حتّى نذكر الله في كلِّ وقت، لنعيش بحزام روحيّ يلتفّ
على كلّ زماننا في ذكر الله.
*من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".
هناك حديث ينقله الإمام عليّ (ع) في ما يُروى عنه عن رسول الله (ص): "أَكْيَسُ
الكيّسين (والكيّس هو العاقل) مَن حاسَبَ نفسه وعَمِلَ لِمَا بعد الموت" . يحاسب
نفسه ويجعل عمله للآخرة، فقال رجل: يا أمير المؤمنين، كيف يحاسب نفسه؟
أجاب (ع): "إذا أصبح ثمّ أمسى"، قبل أن ينام، النّهار انتهى، وأقفل الدكّان، ورجع
من عمله، وأراد أن ينام، قبل أن ينام، يأخذ ربع ساعة أو نصف ساعة، "إذا أصبح ثمّ
أمسى، رجع إلى نفسه وقال: يا نفسي، إنَّ هذا يوم مضى عليك لا يعود إليك أبداً..." ،
ليس هناك أيّ مجالٍ للعودة، ذهب اليوم، فما الذي عملت فيه؟ وهذا اليوم معناه قطعة
من العمر ذهبت، معناه يوم من عمري مات، كان هذا اليوم حيّاً في حياتي، ومات كما
ستموت بقيّة أيّامي؛ هل ذهب هذا اليوم في العمل كما ذهب في خطّ الزّمن؟
أيُّها المؤمن؛ تكلَّم مع نفسك، أَذَكَرْتَ الله في هذا اليوم وحمدته؟ هل كان في
هذا اليوم ذكر لله باللِّسان، وذكر بالموقف والوعي؟ هل حمدت الله على كلّ ما يوجب
حمده؟ أقضيت حوائج مؤمن فيه، أو نفَّسْتَ عنه كربه؟ أحفظته بعد الموت في مخلّفيه؟
هذا المؤمن كان جاراً، وذاك كان قريباً، مات وله أطفال.. يا نفس، هل رعيت أطفال
الجار المؤمن والقريب المؤمن، أم تركتهم من دون رعاية وهم بحاجة إلى مَن يرعاهم؟
أكففت غيبة أخ مؤمن؟ أم سكتَّ وقلت لا أريد أن أتعب نفسي بالدّفاع عن المؤمن؟
أَأَعَنْت مسلماً؟ ما الذي صنعت في هذا اليوم؟
"فإن ذكر أنَّه جرى منه خير، حمد الله وكبّره على توفيقه" أي شَكَرَه، "وإن ذكر
معصيةً أو تقصيراً، استغفر الله وعزم على ترك معاودته" .
المهمّ أن تحاسب نفسك، حتّى تستطيع أن تعرف نقاط الضّعف في نفسك تجاه الله، في ما
أراد الله منك من أوامره ونواهيه، وتجاه النّاس في ما لهم عليك من حقوق، وتجاه نفسك
في ما لنفسك عليك من حقوق، فإنَّ الله جعل لنفسك عليك حقّاً، أن لا تورِّطها بدخول
النّار، كما جعل الله للنَّاس عليك حقّاً، أن لا تظلمهم بالبغي والعدوان.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ
لِغَدٍ}[الحشر: 18]، وإذا نظرت ما قدَّمت لغد فلا تسترخ، ولكن اتَّقِ الله في ما
تستقبل من أمر، فقد يكون رصيدك جيِّداً الآن، ولكن عليك أن تحافظ على رصيدك في ما
تستقبل، حيث تستطيع أن تضمن لنفسك الرّبح في مستقبل حياتك قبل أن تموت، كما ضمنته
في الماضي.
لهذا، لا بدّ أن تتّقي الله فتحاسب نفسك، ولا بدّ أن تتّقي الله في ما تستقبل من
عمل {وَاتَّقُوا اللهَ} من جديد، {إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا
تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُولَٰئِكَ هُمُ
الْفَاسِقُونَ}[الحشر: 18 ـــ 19].
أيُّها المؤمنون، اذكروا ربّكم في الصّباح وفي المساء، وقد جعل الله لنا هذه
الصّلاة التي نصلّيها خمس مرّات في اليوم، لنتذكَّره دائماً، لنتذكَّره في الصّباح
قبل أن نبدأ العمل، ولنتذكَّره في وسط النَّهار بعد أن نستغرق في العمل، ولنتذكَّره
عند المساء بعد أن نتخفَّف من العمل. لنذكر الله قبل أن نبدأ اليوم ليكون يومنا
تقيّاً، ولنذكره في وسط اليوم ليكون يومنا تائباً، ولنذكره في آخر اليوم ليكون
يومنا واعياً تائباً نادماً، حتّى نذكر الله في كلِّ وقت، لنعيش بحزام روحيّ يلتفّ
على كلّ زماننا في ذكر الله.
*من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".