كتاب "مدخل إلى سوسيولوجيا الثَّقافة"، من تأليف الباحثين الإنكليزيّين "ديفيد إنغليز" و"جون هيوسون"، ترجمة "لما نصير" عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السّياسات.
يتناول الكتاب العلاقة الجدليَّة بين الثَّقافة والمجتمع، وبخاصَّة في أوروبّا والمجتمع الأميركيّ، والبحث عن جذور العادات والمعتقدات والقيم، وتأثير ذلك في مجرى الحياة الاجتماعيَّة وتشكّلاتها، والّتي تعبِّر عنها اليوم الكثير من التقنيّات والأفلام والبرامج ومواقع التّواصل.
يحاول الباحثان توضيح دور الثَّقافة في رسم حدود العلاقات الاجتماعيَّة ومعالمها، واختلاف الثَّقافات ومكوّناتها وهويّاتها عن بعضها البعض، فليست الثَّقافة واحدة في كلِّ المجتمعات، فهناك ثقافات تنتجها وسائل إعلاميَّة وشركات البرامج التلفزيونيَّة، ولها أثر سلبيّ في مجمل الثَّقافة والمجتمع، إذ لم تتعامل هذه الوسائل مع الثَّقافة كما ينبغي، بل أفرغتها من مضامينها العميقة والطبيعيّة، وقدَّمتها للجماهير على أساس أنّها ثقافتهم.
ويلفت الباحثان إلى تميّز الثقافة الأميركيَّة عن الأوروبيَّة في فترةٍ من الفترات، فقضيّة الحريّة والتّعبير عنها من أبرز مصاديق هذه الثّقافة، والتي عملت على تحفيز التّفكير لدى الإنسان الأميركي، بيد أنَّ هذا التّفكير كان قاصراً، إذ لم يتعمَّق في الأمور الروحانيَّة والأخلاقيّة، وتحوّل إلى الانغماس في المادّيات، وبالتّالي، لم تبرز كفايةً مساهمات الأميركيّين في الآداب والفلسفة وعلم النّفس، كما الأوروبيّين.
ويشير الباحثان إلى العقليّة الماديّة الّتي تساهم في صناعة ثقافة جماهيريّة توازي بقية الصّناعات، إذ لا حياة فيها، فالجماهير تستهلك الثّقافة كأيِّ استهلاكٍ لمنتوجٍ ما، وما عليهم سوى اتّباع قوالب نمطيَّة محدَّدة تهدف إلى إنتاجٍ موحّد.
وهنا تكمن الخطورة على النَّماذج الثّقافيّة العليا، إذ تتلاشى شيئاً فشيئاً لصالح الثقافة الجماهيريّة المنحدرة، التي لا تحتاج إلى جهدٍ حقيقيّ لفهمها.
ويلاحظ الباحثان من خلال كتابهما، أنَّ الثَّقافة الجماهيريَّة في أميركا اليوم، أصبحت مقبولةً في الحياة الأميركيَّة، وليس هناك من يقف حائلاً في طريقها. وبات الحديث عن الثقافة الجماهيرية مقتصراً على بعض المناسبات، ومحصوراً ببعض المسائل، مثل تأثير التلفاز والسينما في العنف عند الشباب.
ويرسم الباحثان مشهداً للخريطة الثقافيَّة الأميركيّة الّتي تأخذ أشكالاً مختلفة، فهناك الثقافة الوطنيّة التي تعتمد على الإيمان بالدّيمقراطيّة، وهناك الثقافات المحليّة الّتي تدور في فلك الجيران والعائلة والأصدقاء، وهناك قيم ثقافيَّة على أساس عرقيّ أو طبقيّ.
كتابٌ يفتح الباب أمام دراسة الهويّة الثقافيّة لبعض المجتمعات وتأثيراتها في المجتمع بوجه عام، إذ طفت على السَّطح مؤخَّراً من خلال الأبحاث الأكاديميّة مسألة الثّقافة وعلاقتها بمجرى الحياة الاجتماعيّة والإنسانيَّة والعوامل التي تشكّلها وتتحكَّم بها.
ويوضح الكتاب أنَّ الدِّراسة السّوسيولوجيّة للثّقافة أمر في غاية الأهميَّة من أجل فهم الجماعات والمجتمعات، وما فيها من صراعاتٍ ثقافيّةٍ يستحيل فهمها ما لم يتمّ فهم أبعادها السّوسيولوجيّة.
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.
كتاب "مدخل إلى سوسيولوجيا الثَّقافة"، من تأليف الباحثين الإنكليزيّين "ديفيد إنغليز" و"جون هيوسون"، ترجمة "لما نصير" عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السّياسات.
يتناول الكتاب العلاقة الجدليَّة بين الثَّقافة والمجتمع، وبخاصَّة في أوروبّا والمجتمع الأميركيّ، والبحث عن جذور العادات والمعتقدات والقيم، وتأثير ذلك في مجرى الحياة الاجتماعيَّة وتشكّلاتها، والّتي تعبِّر عنها اليوم الكثير من التقنيّات والأفلام والبرامج ومواقع التّواصل.
يحاول الباحثان توضيح دور الثَّقافة في رسم حدود العلاقات الاجتماعيَّة ومعالمها، واختلاف الثَّقافات ومكوّناتها وهويّاتها عن بعضها البعض، فليست الثَّقافة واحدة في كلِّ المجتمعات، فهناك ثقافات تنتجها وسائل إعلاميَّة وشركات البرامج التلفزيونيَّة، ولها أثر سلبيّ في مجمل الثَّقافة والمجتمع، إذ لم تتعامل هذه الوسائل مع الثَّقافة كما ينبغي، بل أفرغتها من مضامينها العميقة والطبيعيّة، وقدَّمتها للجماهير على أساس أنّها ثقافتهم.
ويلفت الباحثان إلى تميّز الثقافة الأميركيَّة عن الأوروبيَّة في فترةٍ من الفترات، فقضيّة الحريّة والتّعبير عنها من أبرز مصاديق هذه الثّقافة، والتي عملت على تحفيز التّفكير لدى الإنسان الأميركي، بيد أنَّ هذا التّفكير كان قاصراً، إذ لم يتعمَّق في الأمور الروحانيَّة والأخلاقيّة، وتحوّل إلى الانغماس في المادّيات، وبالتّالي، لم تبرز كفايةً مساهمات الأميركيّين في الآداب والفلسفة وعلم النّفس، كما الأوروبيّين.
ويشير الباحثان إلى العقليّة الماديّة الّتي تساهم في صناعة ثقافة جماهيريّة توازي بقية الصّناعات، إذ لا حياة فيها، فالجماهير تستهلك الثّقافة كأيِّ استهلاكٍ لمنتوجٍ ما، وما عليهم سوى اتّباع قوالب نمطيَّة محدَّدة تهدف إلى إنتاجٍ موحّد.
وهنا تكمن الخطورة على النَّماذج الثّقافيّة العليا، إذ تتلاشى شيئاً فشيئاً لصالح الثقافة الجماهيريّة المنحدرة، التي لا تحتاج إلى جهدٍ حقيقيّ لفهمها.
ويلاحظ الباحثان من خلال كتابهما، أنَّ الثَّقافة الجماهيريَّة في أميركا اليوم، أصبحت مقبولةً في الحياة الأميركيَّة، وليس هناك من يقف حائلاً في طريقها. وبات الحديث عن الثقافة الجماهيرية مقتصراً على بعض المناسبات، ومحصوراً ببعض المسائل، مثل تأثير التلفاز والسينما في العنف عند الشباب.
ويرسم الباحثان مشهداً للخريطة الثقافيَّة الأميركيّة الّتي تأخذ أشكالاً مختلفة، فهناك الثقافة الوطنيّة التي تعتمد على الإيمان بالدّيمقراطيّة، وهناك الثقافات المحليّة الّتي تدور في فلك الجيران والعائلة والأصدقاء، وهناك قيم ثقافيَّة على أساس عرقيّ أو طبقيّ.
كتابٌ يفتح الباب أمام دراسة الهويّة الثقافيّة لبعض المجتمعات وتأثيراتها في المجتمع بوجه عام، إذ طفت على السَّطح مؤخَّراً من خلال الأبحاث الأكاديميّة مسألة الثّقافة وعلاقتها بمجرى الحياة الاجتماعيّة والإنسانيَّة والعوامل التي تشكّلها وتتحكَّم بها.
ويوضح الكتاب أنَّ الدِّراسة السّوسيولوجيّة للثّقافة أمر في غاية الأهميَّة من أجل فهم الجماعات والمجتمعات، وما فيها من صراعاتٍ ثقافيّةٍ يستحيل فهمها ما لم يتمّ فهم أبعادها السّوسيولوجيّة.
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.