كتاب "القرآن الكريم وعلومه في الموسوعات اليهوديّة"، صادر عن مركز
تفسيرٍ للدّراسات القرآنيّة في السّعوديّة، للباحث والصّحافي أحمد البهنسي،
المختصّ بالشّؤون الصّهيونيّة، والمترجم إلى اللّغة العربيّة في وكالة
أنباء الشّرق الأوسط.
تنطلق فكرة الكتاب من أهميَّة الالتزام بالردّ العلميّ والموضوعيّ على
ما تحاول الموسوعات الصّهيونيّة من خلاله تشويه صورة القرآن والإسلام،
بما يتناسب مع التوجّهات الصّهيونيّة الدينيّة والسّياسيّة.
فموضوع الردّ على هذه المقالات الموسوعيَّة الصهيونيَّة، هو من صميم
المسؤوليَّة الشرعيَّة والعلميَّة والأخلاقيَّة. ولعلّ الباحث في عمله
هذا، يريد لفت الانتباه إلى خطورة ما تبغي الموسوعات اليهوديّة تكريسه
من أفكار، وتزوير أحداث، لأجل تشويه الأسس الدّينيَّة الإسلاميَّة، كما
يريد الباحث تحفيز الهمم والطّاقات العربيَّة والإسلاميَّة، في سبيل مواجهة
تلك المحاولات، والوقوف في وجهها، عبر إيجاد مناخ علميّ وموضوعيّ ودراسات
إسلاميّة متخصِّصة، لجهة الردّ على الفرضيّات الاستشراقيّة الإسرائيليّة.
يتميّز الكتاب بأهميَّة موضوعه وعنوانه ومادَّته الغزيرة، لجهة ذكر
الموسوعات اليهوديَّة المطبوعة والإلكترونيّة، المتضمِّنة للمقالات حول
القرآن الكريم وعلومه المختلفة، ومن ثم تحليلها ونقدها والردّ على فرضيّاتها،
الَّتي تحاول الطّعن بأصالة القرآن ومصدره الإلهيّ.
يشير الكتاب إلى أنَّ المدرسة اليهوديَّة في الاستشراق، تكوَّنت حديثاً،
وتهتمّ بإجراء الدّراسات الدينيَّة المقارنة بين اليهوديّة والإسلام، والهدف
الأساس منها، ردّ القرآن الكريم إلى أصول توراتيّة بحتة...
إنَّها دراسات استشراقيَّة يهوديّة، يعضدها بعض الباحثين والجهات، من
أجل القول إنَّ القرآن متأثّر بوجوده إلى حدٍّ كبير بالتّوراة وغيرها من
كتب الدّيانات، وأنّه قد اقتبس منها، فيما الحقيقة، أنَّ هذه المقولة تعتبر
ـ في رأي الباحث ـ فهماً استشراقيّاً منفصلاً عن الواقع، ومتأثّراً بإيديولوجيّات
متحيّزة وغير موضوعيَّة.
يجهد الباحث في تأصيل المفردات اللّغويَّة القرآنيَّة، وعرض أصولها،
وتبيان أوجه الفرق بينها وبين ما تحاوله الدّراسات الاستشراقيَّة اليهوديَّة،
من تشويه المفردات العربيَّة اللّغويَّة الواردة في القرآن، أو القول إنّها
مأخوذة منها.. مع أنَّ المقاصد اللّغويَّة والمضمونيَّة للألفاظ القرآنيَّة،
بحسب الباحث، تمنع عمليَّة الاقتباس والتّأثّر القرآنيّ بالمصادر الدّينيَّة
اليهوديَّة.
يشتمل الكتاب على خمسة فصول تتَّسم بالتَّحليل والنَّقد لما جاء في
الموسوعات اليهوديّة حول جمع القرآن، وترتيب آياته، وردّ قصصه إلى مصادر
يهوديَّة، والرّؤية الخاطئة للموسوعات اليهوديَّة عن موقف القرآن الكريم
من اليهوديّة والمسيحيَّة.
اليهود، بحسب الباحث، اهتمّوا قبل تأسيس كيانهم، وبعد قيام هذا الكيان
في العام 1948، بالتعرّف إلى الدّين الإسلاميّ، ومحاولة تشويهه، وتقديمه
إلى العالم بشكل محرّف، وهو ما دفعهم إلى إعداد موسوعات بالعبريَّة والإنكليزيَّة
تطعن بالقرآن والإسلام.
الكاتب "البهنسي" نبَّه إلى أنَّ الموسوعات اليهوديَّة لم تتّسم بالموضوعيَّة
العلميّة، فمنطلقاتها معروفة وغير سليمة النيّات والأهداف، لذا، هي تدور
في فلك المطاعن الّتي ألصقها المستشرقون الغربيّون بالقرآن الكريم، بدون
الاستناد إلى حقائق علميّة موثوقة.
كتابٌ يفضح المحاولات اليهوديّة للطّعن بالقرآن الكريم وتشويه مفاهيمه
وأصوله، ضمن عمليَّة ممنهجة وبعيدة عن العلميَّة؛ إنَّه جزء من ممارسات
اليهود المتكرّرة في إطار مناهضة الدّين الإسلاميّ وتحريفه عبر العصور
المتقادمة.
فالحرب ضدَّ الإسلام ثقافيّاً وفكريّاً، لا تقلّ أهمّيةً، في نظرهم،
عن الآلة العسكريّة، فهل من يقوم بحركة مواجهة فكريّة وثقافيّة إسلاميّة،
تركّز على ردّ المزاعم والمطاعن الصّهيونيَّة الموهومة، والحفاظ على أصالة
القرآن الكريم مما يشنّ عليه!؟
إنَّ الآراء الواردة
في هذا المقال لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر
صاحبها.