التوكّل على الله

التوكّل على الله

"التوكّل على الله تعالى" يعني الاعتماد عليه بالمطلق، في جميع المواقف والأحوال. وهو يعبِّر عن صدق النيّة وخلوصها، وحضور القلب وصفائه، وقوّة اليقين ورسوخه في شخصيّة المرء.

إذاً فالتوكّل يعطي الصّورة الحقيقيّة للمؤمن، ويجذِّر الإيمان في نفسه، هذا الإيمان الّذي يبعده عن كلّ ضعف وتأثّر بالأوهام والمخاوف، ويمنحه الاطمئنان والسّلام، فالتوكّل على الله تعالى لا يعني الخنوع والخمول والتّكاسل، بل هو دافع وحافز للإنسان ليتّكل على قدراته وطاقاته الّتي منحها الله تعالى له، ليرسم مسيرته في الحياة، ويتحمّل مسؤوليّاته الفرديّة والجماعيّة، ويلعب دوره الطّبيعيّ في عمارة الأرض.

إنّه قناعة وشعور ويقين يستند إلى صفاء الذّات، ورجاحة العقل، ونقاء القلب، وعزّة النّفس في ترفّعها عن استعطاف المخلوقين في كسب الأرزاق ودفع المضارّ...

وكثيرةٌ هي الآيات المباركة الّتي تحدّثت عن ميزة التوكّل، قال تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطّلاق:3]، وقال: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}[آل عمران: 159]، وغير ذلك من الآيات الشّريفة.

وقال الإمام الصّادق(ع): "من أُعطي ثلاثاً لم يمنع ثلاثاً: من أعطي الدّعاء أعطي الإجابة، ومن أعطي الشّكر أعطي الزّيادة، ومن أعطي التوكّل أعطي الكفاية".

فالتوكّل هو في حقيقته باعث نفسيّ ثابت، يرتكز على الثقة بالله والرّجوع إليه، باعتبار أنّه مالك كلّ شيء وبيده كلّ شيء، وهو على كل شيء قدير. والركون إلى الله في كلّ شيء، يعني الالتزام بما أمر من إعداد النّفس، والأخذ بأسباب العلم، ليكون التوكّل ناجحاً ومثمراً في تنمية إحساس المرء روحياً وعملياً.

وبالتالي، فالتوكّل يصل إليه النّاس بدرجات متفاوتة، فمنهم من يعرف حقيقته ويتفاعل معه بدرجة كبيرة، ومنهم بدرجة أقلّ، وهكذا.

كما يعطي التوكّل الإنسان قوّةً وثباتاً في مجابهته نوائب الدّهر ومكائده، فيمدّه بالصّبر والعزيمة، ويقوّي إرادته، ويعمل على تطويرها، ويرفع من مستوى حضور الإنسان وفهمه لما يجري معه.

لذا، فالتوكّل يؤدّي إلى الرّضا بقضاء الله وقدره في كلّ الظّروف والأحوال، من دون ضجر واعتراض على حكمه، وهذه منزلة عظيمة يحصل عليها المؤمنون المتوكّلون.

وفي معرض تفسيره للآية المباركة: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}، يقول سماحة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): "لأنّه الّذي يملك الأمر كلّه، فهو يملك النّاس كلّهم والحياة كلّها، ويملك ما يملكه الآخرون، لأنّه هو الّذي منحهم الملك والقدرة على تحريكه في كلّ مواقع الحركة، ما يجعل التوكّل عليه انطلاقاً من مواقع الثّقة الثّابتة الّتي لا مجال فيها لأيّ اهتزاز روحيّ، لأنّ الله هو الّذي تتحرّك الأشياء من موقع إرادته، فإذا أراد شيئاً كان، فلا يمنعه من تنفيذ إرادته مانع في الأرض...[تفسير من وحي القرآن، ج22، ص:288].

وفي تفسيره للآية المباركة: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ}، يقول سماحته: إنَّ المؤمن ينطلق في حياته من موقع العزم المرتكز على الفكر الذّاتيّ، والاستشارة لدراسة كلّ الجوانب المحيطة بالموضوع، حتّى إذا استكمل كلّ الأسباب الموضوعيّة للقرار، أعطى الموقف قوّة الإلزام من إرادته، وتحرّك نحو الهدف متوكّلاً على الله، غير خائف من الطّوارئ الّتي تعيش في أجواء الغيب المجهول، لأنّ الثّقة بالله تدفع الإنسان إلى الثّقة بالموقف، فإنّ الله قد تكفّل لعبده المتوكّل عليه بأن يكفيه ما أهمّه مما لم يحتسبه من أوضاع إذا أعدّ كلّ ما يحتسبه من أسباب ومؤثّرات، وذلك هو معنى التوكّل في ما يجمعه من واقعيّة النّظرة إلى السّاحة، وغيبيّة الاستسلام للمستقبل المجهول بالاعتماد على الله {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}، لأنهم يمثّلون في توكّلهم عليه قوّة الثّقة به والاعتماد عليه، وينطلقون من سنّته الحكيمة إلى الكون، فيما أراده من توفير الوسائل للحركة، من خلال ما أودعه في الحياة من ذلك كلّه، وبذلك يخلصون له بالإخلاص لسنّته، وبالإخلاص العميق لقدرته الّتي تحمي الإنسان من كلّ مفاجآت المجهول... [تفسير من وحي القرآن، ج6، ص:348].

إذاً التوكّل نتيجة من نتائج الإيمان، وثمرة من ثمار المعرفة والبصيرة النّافذة واليقين الرّاسخ. فهل نحيا التوكّل في حياتنا ممارسةً وسلوكاً واعياً وهادفاً؟!

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .


"التوكّل على الله تعالى" يعني الاعتماد عليه بالمطلق، في جميع المواقف والأحوال. وهو يعبِّر عن صدق النيّة وخلوصها، وحضور القلب وصفائه، وقوّة اليقين ورسوخه في شخصيّة المرء.

إذاً فالتوكّل يعطي الصّورة الحقيقيّة للمؤمن، ويجذِّر الإيمان في نفسه، هذا الإيمان الّذي يبعده عن كلّ ضعف وتأثّر بالأوهام والمخاوف، ويمنحه الاطمئنان والسّلام، فالتوكّل على الله تعالى لا يعني الخنوع والخمول والتّكاسل، بل هو دافع وحافز للإنسان ليتّكل على قدراته وطاقاته الّتي منحها الله تعالى له، ليرسم مسيرته في الحياة، ويتحمّل مسؤوليّاته الفرديّة والجماعيّة، ويلعب دوره الطّبيعيّ في عمارة الأرض.

إنّه قناعة وشعور ويقين يستند إلى صفاء الذّات، ورجاحة العقل، ونقاء القلب، وعزّة النّفس في ترفّعها عن استعطاف المخلوقين في كسب الأرزاق ودفع المضارّ...

وكثيرةٌ هي الآيات المباركة الّتي تحدّثت عن ميزة التوكّل، قال تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطّلاق:3]، وقال: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}[آل عمران: 159]، وغير ذلك من الآيات الشّريفة.

وقال الإمام الصّادق(ع): "من أُعطي ثلاثاً لم يمنع ثلاثاً: من أعطي الدّعاء أعطي الإجابة، ومن أعطي الشّكر أعطي الزّيادة، ومن أعطي التوكّل أعطي الكفاية".

فالتوكّل هو في حقيقته باعث نفسيّ ثابت، يرتكز على الثقة بالله والرّجوع إليه، باعتبار أنّه مالك كلّ شيء وبيده كلّ شيء، وهو على كل شيء قدير. والركون إلى الله في كلّ شيء، يعني الالتزام بما أمر من إعداد النّفس، والأخذ بأسباب العلم، ليكون التوكّل ناجحاً ومثمراً في تنمية إحساس المرء روحياً وعملياً.

وبالتالي، فالتوكّل يصل إليه النّاس بدرجات متفاوتة، فمنهم من يعرف حقيقته ويتفاعل معه بدرجة كبيرة، ومنهم بدرجة أقلّ، وهكذا.

كما يعطي التوكّل الإنسان قوّةً وثباتاً في مجابهته نوائب الدّهر ومكائده، فيمدّه بالصّبر والعزيمة، ويقوّي إرادته، ويعمل على تطويرها، ويرفع من مستوى حضور الإنسان وفهمه لما يجري معه.

لذا، فالتوكّل يؤدّي إلى الرّضا بقضاء الله وقدره في كلّ الظّروف والأحوال، من دون ضجر واعتراض على حكمه، وهذه منزلة عظيمة يحصل عليها المؤمنون المتوكّلون.

وفي معرض تفسيره للآية المباركة: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}، يقول سماحة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): "لأنّه الّذي يملك الأمر كلّه، فهو يملك النّاس كلّهم والحياة كلّها، ويملك ما يملكه الآخرون، لأنّه هو الّذي منحهم الملك والقدرة على تحريكه في كلّ مواقع الحركة، ما يجعل التوكّل عليه انطلاقاً من مواقع الثّقة الثّابتة الّتي لا مجال فيها لأيّ اهتزاز روحيّ، لأنّ الله هو الّذي تتحرّك الأشياء من موقع إرادته، فإذا أراد شيئاً كان، فلا يمنعه من تنفيذ إرادته مانع في الأرض...[تفسير من وحي القرآن، ج22، ص:288].

وفي تفسيره للآية المباركة: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ}، يقول سماحته: إنَّ المؤمن ينطلق في حياته من موقع العزم المرتكز على الفكر الذّاتيّ، والاستشارة لدراسة كلّ الجوانب المحيطة بالموضوع، حتّى إذا استكمل كلّ الأسباب الموضوعيّة للقرار، أعطى الموقف قوّة الإلزام من إرادته، وتحرّك نحو الهدف متوكّلاً على الله، غير خائف من الطّوارئ الّتي تعيش في أجواء الغيب المجهول، لأنّ الثّقة بالله تدفع الإنسان إلى الثّقة بالموقف، فإنّ الله قد تكفّل لعبده المتوكّل عليه بأن يكفيه ما أهمّه مما لم يحتسبه من أوضاع إذا أعدّ كلّ ما يحتسبه من أسباب ومؤثّرات، وذلك هو معنى التوكّل في ما يجمعه من واقعيّة النّظرة إلى السّاحة، وغيبيّة الاستسلام للمستقبل المجهول بالاعتماد على الله {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}، لأنهم يمثّلون في توكّلهم عليه قوّة الثّقة به والاعتماد عليه، وينطلقون من سنّته الحكيمة إلى الكون، فيما أراده من توفير الوسائل للحركة، من خلال ما أودعه في الحياة من ذلك كلّه، وبذلك يخلصون له بالإخلاص لسنّته، وبالإخلاص العميق لقدرته الّتي تحمي الإنسان من كلّ مفاجآت المجهول... [تفسير من وحي القرآن، ج6، ص:348].

إذاً التوكّل نتيجة من نتائج الإيمان، وثمرة من ثمار المعرفة والبصيرة النّافذة واليقين الرّاسخ. فهل نحيا التوكّل في حياتنا ممارسةً وسلوكاً واعياً وهادفاً؟!

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .


اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية